عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 04:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الرّحمن (1) علّم القرآن (2) خلق الإنسان (3) علّمه البيان (4) الشّمس والقمر بحسبانٍ (5) والنّجم والشّجر يسجدان (6) والسّماء رفعها ووضع الميزان (7) ألّا تطغوا في الميزان (8) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان (9) والأرض وضعها للأنام (10) فيها فاكهةٌ والنّخل ذات الأكمام (11) والحبّ ذو العصف والرّيحان (12) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (13) }
يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه: أنّه أنزل على عباده القرآن ويسّر حفظه وفهمه على من رحمه، فقال: {الرّحمن. علّم القرآن. خلق الإنسان. علّمه البيان} قال الحسن: يعني: النّطق. وقال الضّحّاك، وقتادة، وغيرهما: يعني الخير والشّرّ. وقول الحسن هاهنا أحسن وأقوى؛ لأنّ السّياق في تعليمه تعالى القرآن، وهو أداء تلاوته، وإنّما يكون ذلك بتيسير النّطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللّسان والشّفتين، على اختلاف مخارجها وأنواعها). [تفسير ابن كثير: 7/ 489]

تفسير قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الشّمس والقمر بحسبانٍ} أي: يجريان متعاقبين بحسابٍ مقنّن لا يختلف ولا يضطرب، {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} [يس: 40]، وقال تعالى: {فالق الإصباح وجعل اللّيل سكنًا والشّمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم} [الأنعام: 96].
وعن عكرمة أنّه قال: لو جعل اللّه نور جميع أبصار الإنس والجنّ والدّوابّ والطّير في عيني عبدٍ، ثمّ كشف حجابًا واحدًا من سبعين حجابًا دون الشّمس، لما استطاع أن ينظر إليها. ونور الشّمس جزءٌ من سبعين جزءًا من نور الكرسيّ، ونور الكرسيّ جزءٌ من سبعين جزءًا من نور العرش، ونور العرش جزءٌ من سبعين جزءًا من نور السّتر. فانظر ماذا أعطى اللّه عبده من النّور في عينيه وقت النّظر إلى وجه ربّه الكريم عيانًا. رواه ابن أبي حاتمٍ). [تفسير ابن كثير: 7/ 489]

تفسير قوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {والنّجم والشّجر يسجدان} قال ابن جريرٍ: اختلف المفسّرون في معنى قوله: {والنّجم} بعد إجماعهم على أنّ الشّجر ما قام على ساقٍ، فروى عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قال: النّجم ما انبسط على وجه الأرض -يعني من النّبات. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، وسفيان الثّوريّ. وقد اختاره ابن جريرٍ رحمه اللّه.
وقال مجاهدٌ: النّجم الّذي في السّماء. وكذا قال الحسن وقتادة. وهذا القول هو الأظهر واللّه أعلم؛ لقوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يسجد له من في السّموات ومن في الأرض والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشّجر والدّوابّ وكثيرٌ من النّاس} الآية [الحجّ: 18]).[تفسير ابن كثير: 7/ 489]

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {والسّماء رفعها ووضع الميزان} يعني: العدل، كما قال: {لقد أرسلنا رسلنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم النّاس بالقسط} [الحديد: 25]، وهكذا قال هاهنا: {ألا تطغوا في الميزان} أي: خلق السموات والأرض بالحقّ والعدل، لتكون الأشياء كلّها بالحقّ والعدل؛ ولهذا قال: {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} أي: لا تبخسوا الوزن، بل زنوا بالحقّ والقسط، كما قال [تعالى] {وزنوا بالقسطاس المستقيم} [الشّعراء: 182]). [تفسير ابن كثير: 7/ 490]

تفسير قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {والأرض وضعها للأنام} أي: كما رفع السّماء وضع الأرض ومهّدها، وأرساها بالجبال الرّاسيات الشّامخات، لتستقرّ لما على وجهها من الأنام، وهم: الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألسنتهم، في سائر أقطارها وأرجائها. قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وقتادة وابن زيدٍ: الأنام: الخلق). [تفسير ابن كثير: 7/ 490]

تفسير قوله تعالى: {فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({فيها فاكهةٌ} أي: مختلفة الألوان والطّعوم والرّوائح، {والنّخل ذات الأكمام} أفرده بالذّكر لشرفه ونفعه، رطبًا ويابسًا. والأكمام -قال ابن جريج عن ابن عبّاسٍ: هي أوعية الطّلع. وهكذا قال غير واحدٍ من المفسّرين، وهو الّذي يطلع فيه القنو ثمّ ينشقّ عن العنقود، فيكون بسرًا ثمّ رطبًا، ثمّ ينضج ويتناهى ينعه واستواؤه.
قال ابن أبي حاتمٍ ذكر عن عمرو بن عليٍّ الصّيرفيّ: حدّثنا أبو قتيبة، حدّثنا يونس بن الحارث الطّائفيّ، عن الشّعبيّ قال: كتب قيصر إلى عمر بن الخطّاب: أخبرك أنّ رسلي أتتني من قبلك، فزعمت أنّ قبلكم شجرةً ليست بخليقةٍ لشيءٍ من الخير، تخرج مثل آذان الحمير، ثمّ تشقّق مثل اللّؤلؤ، ثمّ تخضرّ فتكون مثل الزّمرّد الأخضر، ثمّ تحمرّ فتكون كالياقوت الأحمر، ثمّ تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل، ثمّ تيبس فتكون عصمةً للمقيم وزادًا للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشّجرة إلّا من شجر الجنّة. فكتب إليه عمر بن الخطّاب من عمر أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الرّوم، إنّ رسلك قد صدقوك، هذه الشّجرة عندنا، وهي الشّجرة الّتي أنبتها اللّه على مريم حين نفست بعيسى ابنها، فاتّق اللّه ولا تتّخذ عيسى إلهًا من دون اللّه، فإنّ {مثل عيسى عند اللّه كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثمّ قال له كن فيكون. الحقّ من ربّك فلا تكن من الممترين} [آل عمران: 59، 60].
وقيل: الأكمام رفاتها، وهو: اللّيف الّذي على عنق النّخلة. وهو قول الحسن وقتادة). [تفسير ابن كثير: 7/ 490]

تفسير قوله تعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({والحبّ ذو العصف والرّيحان} قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {والحبّ ذو العصف} يعني: التبن.
وقال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: {العصف} ورق الزرع الأخضر الذي قطع رؤوسه، فهو يسمّى العصف إذا يبس. وكذا قال قتادة، والضّحّاك، وأبو مالكٍ: عصفه: تبنه.
وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وغير واحدٍ: {والرّيحان} يعني: الورق.
وقال الحسن: هو ريحانكم هذا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {والرّيحان} خضر الزّرع.
ومعنى هذا -واللّه أعلم- أنّ الحبّ كالقمح والشّعير ونحوهما له في حال نباته عصفٌ، وهو: ما على السّنبلة، وريحانٌ، وهو: الورق الملتفّ على ساقها.
وقيل: العصف: الورق أوّل ما ينبت الزّرع بقلًا. والرّيحان: الورق، يعني: إذا أدجن وانعقد فيه الحبّ. كما قال زيد بن عمرو بن نفيلٍ في قصيدته المشهورة.
وقولا له: من ينبت الحبّ في الثّرى = فيصبح منه البقل يهتزّ رابيا?
ويخرج منه حبّه في رؤوسه? = ففي ذاك آياتٌ لمن كان واعيا
). [تفسير ابن كثير: 7/ 490-491]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان} أي: فبأيّ الآلاء -يا معشر الثّقلين، من الإنس والجنّ- تكذّبان؟ قاله مجاهدٌ، وغير واحدٍ. ويدلّ عليه السّياق بعده، أي: النّعم ظاهرةٌ عليكم وأنتم مغمورون بها، لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها، فنحن نقول كما قالت الجنّ المؤمنون: "اللّهمّ، ولا بشيءٍ من آلائك ربّنا نكذّب، فلك الحمد". وكان ابن عبّاسٍ يقول: "لا بأيّها يا ربّ". أي: لا نكذّب بشيءٍ منها.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن إسحاق، حدّثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أسماء بنت أبي بكرٍ قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وهو يقرأ، وهو يصلّي نحو الرّكن قبل أن يصدع بما يؤمر، والمشركون يستمعون {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}).[تفسير ابن كثير: 7/ 491]

رد مع اقتباس