عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:13 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ليسوا سواء مّن أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ...}
ذكر أمّه ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبنيّ على أخرى يراد؛ لأن سواء لا بدّ لها من اثنين فما زاد.
ورفع الأمة على وجهين:
أحدهما: أنك تكرّه على سواء كأنك قلت: لا تستوي أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان في الكلام دليل عليه، قال الشاعر:

عصيت إليها القلب إني لأمرها * سميع فما أدري أرشد طلابها
ولم يقل: أم غيّ، ولا: أم لا؛ لأن الكلام معروف والمعنى. وقال الآخر:
أراك فلا أدري أهمّ هممته * وذو الهمّ قدماً خاشع متضائل
وقال الآخر:
وما أدري إذا يمّمت وجها * أريد الخير أيّهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه * أم الشرّ الذي لا يأتليني
ومنه قول الله تبارك وتعالى: {أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما} ولم يذكر الذي هو ضدّه؛ لأنّ قوله: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} دليل على ما أضمر من ذلك.
وقوله: {يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون} السجود في هذا الموضع اسم للصلاة لا للسجود؛ لأن التلاوة لا تكون في السجود ولا في الركوع). [معاني القرآن: 1/230-231]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ليسوا سوءاً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ}: العرب تجوّز في كلامهم مثل هذا أن يقولوا: أكلوني البراغيث، قال أبو عبيدة: سمعتها من أبي عمرو والهذلي في منطقه، وكان وجه الكلام أن يقول: أكلني البراغيث.
وفي القرآن: {عموا وصمّوا كثيرٌ منهم}: وقد يجوز أن يجعله كلامين، فكأنك قلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب}، ثم قلت: {أمّةٌ قائمةٌ}، ومعنى {قائمة}: مستقيمة.
{آناء اللّيل}: ساعات الليل، واحدها (إنيٌ)، تقديرها: (جثىٌ)، والجميع (أجثاء)، قال أبو أثيلة:
حلوٌ ومرٌّ كعطف القدح مرّته... في كل إنيٍ قضاه الليل ينتعل). [مجاز القرآن: 1/101-102]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ليسوا سواء مّن أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون}
قال: {ليسوا سواء مّن أهل الكتاب} لأنه قد ذكرهم ثم فسره فقال: {مّن أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} ولم يقل "وأمّةٌ على خلاف هذه الأمّة" لأنه قد ذكر كل هذا قبل. وقال تعالى: {مّن أهل الكتاب} فهذا قد دل على أمة خلاف هذه.
قال تعالى: {آناء اللّيل} وواحد "الآناء" مقصور "إنى" فاعلم وقال بعضهم: "إني" كما ترى و"إنوٌ" وهو ساعات الليل. قال الشاعر:
السّالك الثّغر مخشيّاً موارده = في كلّ إنيٍ قضاه اللّيل ينتعل
قال: وسمعته "يختعل"). [معاني القرآن: 1/180-181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({آناء الليل}: ساعاته واحدها أنى وأني). [غريب القرآن وتفسيره: 109]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({أمّةٌ قائمةٌ} أي: مواظبة على أمر اللّه). [تفسير غريب القرآن: 108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وقال: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} أي: عاملةٌ غيرُ تاركة). [تأويل مشكل القرآن: 182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وقال الله عز وجلّ: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}. فذكر أمّة واحدة ولم يذكر بعدها أخرى.
وسواء تأتي للمعادلة بين اثنين فما زاد). [تأويل مشكل القرآن: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمّة قائمة يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون}
{ليسوا سواء}
وهذا وقف التمام، أي: ليس الذين ذكرنا من أهل الكتاب سواء.
قال أبو عبيدة: {ليسوا سواء} جمع ليس، وهو متقدم كما قال القائل: أكلوني البراغيث وكما قال: عموا وصمّوا كثير منهم.
وهذا ليس كما قال لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى، فأخبر اللّه أنهم غير متساوين فقال {ليسوا سواء}.
ثم أنبأ بافتراقهم فقال: {من أهل الكتاب أمّة قائمة}.
قال أهل اللغة: معنى قائمة: مستقيمة، ولم يبينوا حقيقة هذا وذكر الأخفش المعنى أمة قائمة، أي: ذو أمة قائمة والأمة الطريقة من أممت الشيء إذا قصدته.
فالمعنى واللّه أعلم: من أهل الكتاب أمّة قائمة، أي: ذوو طريقة قائمة.
قال النابغة الذبياني:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة... وهل يأتمن ذو أمة وهو طائع
أي: هل يأتمن ذو طريقة من طرائق الدين وهو طائع.
فإنما المعنى إنّه لا يستوي الذين قتلوا الأنبياء بغير حق والذين يتلون آيات اللّه آناء الليل وهم ذوو طريقة مستقيمة.
ومعنى {آناء الليل}: ساعات الليل، قال أهل اللغة واحد آناء الليل إني وآناء مثل، نحى وأنحاء وأنشد أهل اللغة في ذلك قول الشاعر:
حلو ومرّ كطعم القدح مرته... بكل إني حداه الليل ينتعل
قالوا واحدها إني مثل معي وأمعاء، وحكى الأخفش (إنو).
وقوله عزّ وجلّ: {وهم يسجدون}معناه: وهم يصلون لأن التلاوة ليست في السجود، وإنما ذكرت الصلاة بالسجود لأن السجود نهاية ما فيها من التواضع والخشوع والتضرع.
ومعنى {يتلون} في اللغة: يتبعون بعض الشيء بعضا، وقد استتلاك الشيء إذا جعلك تتبعه قال الشاعر:
قد جعلت دلوى تستليني... ولا أحب تبع القرين
إن لم يرد سماحتي وليني
وقال بعض أهل اللغة: المعنى منهم أمة قائمة وامة على غير ذلك، وأنشد في ذلك قول الشاعر:
عصائي إليها القلب أني لأمره... سميع فيما أدري أرشد طلابها
ولم يقل أم هو في غي لأن في الكلام دليلا عليه، قال: والعرب تضمر هذا إذا عرفت مثل هذا - عرفت المعنى.
وهذا الذي قال خطأ فاحش في مثل هذا المكان، لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى في هذه القصة بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه، ويقتلون الأنبياء بغير حق، فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن منهم المؤمنين الذين هم أمّة قائمة، فما الحاجة إلى أن يقال غير قائمة وإنما المبدوء به ههنا ما كان من فعل أكثرهم من الكفر والمشاقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر من كان مباينا هؤلاء وذكر في التفسير أن هذا يعني به عبد اللّه بن سلام وأصحابه:
{يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين}). [معاني القرآن: 1/458-460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم أخبر عز وجل أنهم ليسوا مستوين وأن منهم من قد آمن فقال سبحانه: {ليسوا سواء} أي: ليس يستوي منهم من آمن ومن كفر.
ثم قال عز وجل: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل} قائمة: قال مجاهد: أي عادلة.
{يتلون آيات الله آناء الليل} قال الحسن والضحاك: ساعاته
والواحد إني ويقال إنو ويقال إنى). [معاني القرآن: 1/462-463]

تفسير قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({يؤمنون باللّه واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصّالحين}
ومعنى {ويأمرون بالمعروف} ههنا أي: يأمرون باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -
{وينهون عن المنكر}: عن الإقامة على مشاقته - صلى الله عليه وسلم -). [معاني القرآن: 1/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} الأمر بالمعروف ههنا الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم
{وينهون عن المنكر} أي: ينهون عن مخالفته صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 1/463]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه واللّه عليم بالمتّقين}
قرئت بالياء والتاء وكلاهما صواب - كما قال اللّه عزّ وجلّ: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} - فالخطاب لسائر الخلق ومن قال {فلن تكفروه} فهو لهؤلاء المذكورين وسائر الخلق داخل معهم في ذلك.
وموضع {يفعلوا} جزم بالشرط، وهو {ما} والجواب {فلن يكفروه} ). [معاني القرآن: 1/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين}
من قرأ {وما يفعلوا من خير فلن يكفروه} فهو عنده لهؤلاء المذكورين ويكون من فعل الخير بمنزلتهم
ومن قرأ {وما تفعلوا من خير فلن تكفروه} بالتاء فهو عام). [معاني القرآن: 1/463-464]

رد مع اقتباس