عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10 رمضان 1438هـ/4-06-2017م, 11:02 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

القابض الباسط

قالَ أبو إسحاق إِبراهيمُ بنُ السَّرِيِّ الزجَّاجُ (ت:311هـ):
(القابض الباسط
الأدب في هذين الاسمين أن يذكرا معا لأن تمام القدرة بذكرهما معا ألا ترى أنك إذا قلت إلى فلان قبض أمري وبسطه دلا بمجموعها أنك تريد أن جميع أمرك إليه.
وتقول ليس إليك من أمري بسط ولا قبض ولا حل ولا عقد أراد ليس إليك منه شيء
وقال الشاعر:
متى لا متى أدركتم لا أبالكم .... بأيديكم اللذات بسطي أو قبضي
). [تفسير أسماء الله الحسنى: ؟؟]

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (القابض
القابض اسم الفاعل من قبض يقبض فهو قابض، والمفعول مقبوض وذلك على ضروب، فأما في هذه الآية التي ذكر فيها هذا الحرف في سورة البقرة في قوله عز وجل: {والله يقبض ويبسط} فقالوا: تأويله: يقتر على من يشاء ويتوسع على من يشاء على حسب ما يرى من المصلحة لعباده. فالقبض هاهنا: التقتير والتضييق والبسط: التوسعة في الرزق والإكثار منه. فالله عز وجل القابض الباسط يقتر على من يشاء ويوسع على من يشاء.
ومخرج ذلك من اللغة أن أصل القبض ضم الشيء المنبسط من أطرافه فيقبضه القابض إليه أولاً أولاً حتى يجوزه ويجمعه. والبسط: نشر الشيء المجتمع أو المنضم أو المطوي. فمن قبض رزقه فقد ضيق عليه، ومن بسط رزقه فقد فسح له فيه ووسع عليه، ومن ذلك قيل فلان قبيض أي بخيل شديد كأنه لا يبسط كفه بخير إلى أحد، ولا يسمع بذلك، وفلان باسط الكف، وباسط الجاه وإنما يراد به السخاء وبذله ماله وجاهه.
ويقال: «قبض فلان كفه فهو قابضها» إذا ضم أصابعه، وبسطها إذا فتحها لبطش أو عمل أو غير ذلك فهو قابض وباسط.
والقبض: مصدر قبض الشيء يقبضه.
والقبض: السرعة، ويقال أيضًا: «رجل قبيض وقباضة» إذا كان سريعًا شديد السوق للإبل. وأنشد لرؤبة:
قباضة بين العنيف واللبق = مقتدر الضيعة وهواه الشفق
وقال الراجز أنشداه ابن السكيت:
كيف تراها والحداة تقبض
أي: تسوق سوقًا سريعًا.
وقال آخر:
أتتك عير تحمل المشيا = ماء من الطثرة أحوذيا
يعجل ذا القباضة الوحيا = أن يرفع المئزر عنه شيا
يعني ماء ملحًا يسلح من يشربه فلا يلبثه أن يرفع مئزره.
ويقال: شربت مشوًا ومشيًا، وهو الدواء الذي يسهل.
والقبض أيضًا: قبض المتاع، والقبض أيضًا: قبض المال وأصله من القبضة وهو ما حواه الكف. ومنه قوله عز وجل حكاية عن السامري: {فقبضت قبضة من أثر الرسول} هذا أصله، ثم يستعمل فيما حواه الرجل وحازه، فيقال: «قبضت من فلان المال» وإن لم يكن بيده. ومنه قيل قد قبضت الضيعة من فلان والثياب والعبيد وما أشبه ذلك.
وقد يقول القائل: «قبضت مالي على فلان» وإ، كان لم يتول ذلك وإنما تولاه صاحبه لأنه قد حصل له. ومنه قوله عز وجل: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة}. أي: كلها ملكه يوم القيامة، وإن كنت في كل وقت له وهو مالكها، وإنما قصد يوم القيامة لأنه اليوم الذي لا يملك أحد فيه شيئًا سواه، وتزول الممالك كلها إلا ملكه وهو مثل قوله: {مالك يوم الدين} وقوله: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}). [اشتقاق أسماء الله: 97-99]

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الباسط
الباسط: الفاعل من بسط يبسط فهو باسط، فالله عز وجل كما ذكرنا باسط رزق من أراد من عباده أن يوسع عليه ومقتر على من أراد كما يرى في ذلك من المصلحة لهم، وهو كما قال عز وجل: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء} فهذه الآية قد بينت لك معنى الباسط وبينت أيضًا أنه عز وجل إنما يقبض ويبسط على حسب ما يراه عز وجل من المصلحة لعباده.
والباسط أيضًا: باسط الشيء الذي ليس بمفروش يبسطه ويفرشه كما بسط الله الأرض للأنام وبث فيها أقواتهم.
والبسط: الطول والفضل، ولابسطة أيضًا: امتداد القامة وتمامها وكمالها كما قال الله عز وجل: {إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم}.
والبسط: مصدر بسطت الشيء أبسطه بسطًا فأنا باسط وهو مبسوط وبسيط.
والباسط: اسم الشيء المبسوط بكسر الواو، والباسط أيضًا بكسر الأول جمع بسيط ومنه قوله عز وجل: {وجعلنا الأرض بساطا} أي فراشًا ومهادًا ولم يجعلها حزنة لا يمكنهم التصرف فيها، فقولهم: بسيط وبساط كقولهم كريم وكرام، وظريف وظراف، يقال: رجل بسيط الوجه إذا لم يكن كزا عبوسًا. وقال الأعشى يذم رجلاً بقيض الوجه والعبوس:
يزيد يغض الطرف دوني كأنما = زوى بين عينيه على المحاجم
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى = ولا تلقني إلا وأنفك راغم
والبساط بفتح الباء: الأرض المستوية الملساء، والبسط بكسر الباء من النوق: التي معها ولدها. وقال أبو النجم العجلي:
من كل عجزاء سقوط البرقع = بلهاء لم تحفظ ولم تضيع
يدفع عنها الجوع كل مدفع = خمسون بسطًا في خلايا أربع
والبسطة بسطة الإنسان: وهو امتداد يديه فوق قامته، والبسط: جمع بساط.
ويقال: بسطته فانبسط كما يقال زجرته فانزجر، ونشرته فانتشر، والفعل لقبول المفعول من الفاعل الفعل ومطاوعته له، ومثل ذلك «كسرته فانكسر»، «وزجرته فانزجر»، «وعقدته فانعقد».
وقالوا: «طردته فذهب» ولم يقولوا: «فانطرد»، ولا يستعمل في كل شيء إلا فيما سمع، ولا يجوز أن يقال على هذا: «رميته فانرمى» ولا «ضربته فانضرب» ولكن فيما سمع.
يا لا إله إلا هو
هذا كلام محمول على المعنى لا على لفظ النداء. والمنادي مضمر مقدر في النية وذلك على وجهين، أحدهما: أن يكون التقدير «يا هؤلاء الله لا إله إلا هو» والدليل على ذلك أن النداء لا يقع إلا على اسم لأنه مما تختص به الأسماء، فلا ينادي فعل ولا حرف ولا جملة، ولا يقال: «يا قام» ولا «يا يقوم» ولا «يا محمد منطلق» إلا على إضمار المنادي على تقدير قولك: «يا هؤلاء محمد منطلق»، فكذلك قولنا: «يا لا إله إلا هو» جملة والنداء لا يتصل بها لأن النداء إنما يتصل بالأسماء الدالة على المسميات، فتقديره كما ذكرت لك «يا هؤلاء الله لا إله إلا هو» وفي قوله هو دليل على أنه أراد الله ليعود الضمير عليه، وهذا بين واضح.
ومثله مما أضمر فيه المنادى قوله عز وجل: {ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء} تأويله: «ألا يا هؤلاء اسجدوا» فأما من قرأ «ألا يسجدوا»، فإنه أخرجه عن هذا التأويل وجعل الياء من بناء الفعل دليل الاستقبال وتقديره أن لا يسجدوا فأدغم النون في اللام ونصب الفعل بأن. وحذف النون من يسجدوا علامة للنصب.
ونظير الأول قول الشاعر أنشده سيبويه:
يا لعنة الله والأقوام كلهم = والصالحين على سمعان من جار
قال سيبويه: «يا» لغير اللعنة لأنه لو كان للعنة لنصبها لأنه لو كان، يصير نداء مضافًا ولكن تقديره «يا هؤلاء لعنة الله والأقوام على سمعان»، وأنشد أيضًا:
يا لعنة الله على أهل الرقم =
والوجه الآخر: أن يكون التقدير: «يا هؤلاء لا إله إلا هو»، والمذهب الأول هو الصحيح، وهذا فيه بعد وتعسف ولكنه جائز لأنه قد علم أنه لا يرفع قولنا: «لا إله إلا هو» على غير الله، والأول أوضح وأبين). [اشتقاق أسماء الله: 99-102]

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (21-22- القابض الباسط: قد يحسن في مثل هذين الاسمين أن يقرن أحدهما في الذكر بالآخر، وأن يوصل به ليكون ذلك أنبأ عن القدرة، وأدل على الحكمة. كقوله تعالى: {والله يقبض ويبسط، وإليه ترجعون} [البقرة: 245]. وإذا ذكرت القابض مفردا عن الباسط كنت كأنك قد قصرت بالصفة على المنع والحرمان، وإذا أوصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين منبئًا عن وجه الحكمة فيهما فالقابض الباسط هو الذي يوسع الرزق ويقتره، ويبسطه بجوده ورحمته، ويقبضه بحكمته على النظر لعبده كقوله: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء} [الشورى: 27] فإذا زاده لم يزده سرفًا وخرقًا، وإذا نقصه لم ينقصه عدما ولا بخلاً، وقيل: القابض هو الذي يقبض الأرواح بالموت الذي كتبه على العباد). [شأن الدعاء: 57]

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): (ومن أسماء الله عزّ وجلّ: القريب والقويّ القابض والقديم القاضي.
قال الله عزّ وجلّ: {إنه قريبٌ مجيبٌ}.
وقال: {وهو القويّ}.
وقال: {والله يقبض ويبسط}، {ويقضي بالحقّ}
وفي حديث أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر في أسماء الله القويّ والقابض والقريب والقديم). [التوحيد: 2/171]

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): (ومن أسماء الله عزّ وجلّ: الباسط، صفةٌ له.
قول الله عزّ وجلّ: {بل يداه مبسوطتان}.
وقال عزّ وجلّ: {الله يقبض ويبسط.
وقال {ولو بسط الله الرّزق لعباده}.
وقال: {يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده}.
236 - أخبرنا عبد الرّحمن بن يحيى بن منده، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعودٍ، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، جميعًا عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى الأشعريّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد الله مبسوطةٌ، وقال أبو معاوية: يد الله بسطان لمسيء اللّيل ليتوب بالنّهار، ولمسيء النّهار ليتوب باللّيل، حتّى تطلع الشّمس من مغربها.
237 - أخبرنا أحمد بن محمّد بن إبراهيم الورّاق، حدثنا أحمد بن يحيى بن إبراهيم المؤدّب، قال: حدثنا حجّاج بن منهالٍ، حدثنا حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ، وثابتٍ، وقتادة، عن أنس بن مالكٍ، أنّه قال: غلى السّعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكوا إليه، فقال: إنّ الله هو القابض الباسط الرّازق، وذكر الحديث). [التوحيد: 2/93-94]

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376هـ): ("القابض الباسط" يقبض الأرزاق والأرواح، ويبسط الأرزاق والقلوب، وذلك تبع لحكمته ورحمته). [تيسير الكريم المنان: 948]


رد مع اقتباس