عليكم أنفسكم
{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} [105:5]
في سيبويه [127:1]: «وإذا قال: عليك زيدًا، فكأنه قال له: ائت زيدًا، ألا ترى أن للمأمور اسمين: اسمًا للمخاطبة مجرورًا، واسمه الفاعل المضمر في النية؛ كما كان اسم فاعل مضمر في النية حين قال: على، فإذا قلت: عليك فله اسمان: مجرور ومرفوع، ولا يحسن أن تقول: عليك وأخيك...».
وفي المقتضب [211:3]: «واعلم أنك إذا قلت: عليك زيدًا ففي عليك اسمان:
أحدهما: المرفوع الفاعل، والآخر: هذه "الكاف" المخفوضة. تقول: عليكم أنفسكم أجمعون زيدًا، فتجعل قولك: (أجمعون) للفاعل، وتجعل قولك: (أنفسكم) "للكاف"، وإن شئت أجريتهما جميعًا على "الكاف"، فخفضته، وإن شئت أكمدت ورفعتهما».
وفي التسهيل [213]: «وعليك وعلى وعليه بمعنى الزم وأولني، وليلزم، ويقيس على هذه الكسائي وعلى قرقار الأخفش (وافق سيبويه على القياس على فعال».
في معاني القرآن للفراء[ 322:1-323]: (عليكم أنفسكم) هذا أمر من الله عز وجل. والعرب تأمر من الصفات بعليك، وعندك، ودونك، وإليك، يريدون: تأخر، كما تقول: وراءك وراءك، فهذه الحروف كثيرة، وزعم الكسائي أنه سمع: بيكما البعير فخذاه، فأجاز ذلك في كل الصفات التي قد تفرد، ولم يجزه في "اللام"، ولا في "الباء" ولا في "الكاف".. قال الفراء: وسمعت بعض بني سليم يقول في كلامه: كما أنتني ومكانكني، يريد: انتظرني في مكانك
ولا تقدر من ما نصبته هذه الحروب قبلها.
الصفات: يريد بها الظروف والجار المجرور.
وفي البحر [36:4-37]: (عليكم) من كلم الإغراء، وهو معدود في أسماء الأفعال، فإن أن الفعل متعديًا كان اسمه متعديًا، وإن كان لازمًا كان لازمًا. و(عليكم) اسم لقولك: الزم فهو متعد، فلذلك نصب المفعول به، والتقدير هنا: عليكم إصلاح أنفسكم، أو هداية أنفسكم. وإذا كان المغرى به مخاطبًا جاز أن يؤتى بالضمير منفصلاً، فتقول: عليك إياك، أو يؤتى بالنفس بدل الضمير، فتقول: عليك نفسك.
وحكى الزمخشري عن نافع أنه قرأ: (عليكم أنفسكم) بالرفع، وهي قراءة شاذة تخرج على وجهين:
أحدهما: أن يرفع على أنه مبتدأ و(عليكم) الخبر، والمعنى على الإغراء.
والوجه الثاني: أن يكون توكيدًا للضمير المستكن في (عليكم) ولم يؤكد بمضمر منفصل، إذ قد جاء ذلك قليلاًن ويكون مفعول (عليكم) محذوفًا والتقدير: هدايتكم».
الكشاف [685:1-686]