عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 30 جمادى الأولى 1435هـ/31-03-2014م, 02:39 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فلمّا فصل طالوت بالجنود قال إنّ اللّه مبتليكم بنهرٍ فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنّه منّي إلا من اغترف غرفةً بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلمّا جاوزه هو والّذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الّذين يظنّون أنّهم ملاقو اللّه كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين (249)}
يقول تعالى مخبرًا عن طالوت ملك بني إسرائيل حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملأ بني إسرائيل وكان جيشه يومئذٍ فيما ذكره السّدّيّ ثمانين ألفًا فاللّه أعلم، أنّه قال: {إنّ اللّه مبتليكم بنهر} قال ابن عبّاسٍ وغيره: «وهو نهرٌ بين الأردنّ وفلسطين» يعني: نهر الشّريعة المشهور {فمن شرب منه فليس منّي} أي: فلا يصحبني اليوم في هذا الوجه {ومن لم يطعمه فإنّه منّي إلا من اغترف غرفةً بيده} أي: فلا بأس عليه قال اللّه تعالى: {فشربوا منه إلا قليلا منهم} قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: «من اغترف منه بيده روي، ومن شرب منه لم يرو». وكذا رواه السّدّيّ عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ. وكذا قال قتادة وابن شوذبٍ.
وقال السّدّيّ: «كان الجيش ثمانين ألفًا فشرب ستّةٌ وسبعون ألفًا وتبقّى معه أربعة آلافٍ» كذا قال.
وقد روى ابن جريرٍ من طريق إسرائيل وسفيان الثّوريّ ومسعر بن كدامٍ عن أبي إسحاق السّبيعيّ، عن البراء بن عازبٍ قال: «كنّا نتحدّث أنّ أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم الّذين كانوا يوم بدرٍ ثلاثمائةٍ وبضعة عشر على عدّة أصحاب طالوت الّذين جازوا معه النّهر، وما جازه معه إلّا مؤمنٌ». ورواه البخاريّ عن عبد اللّه بن رجاءٍ عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن البراء قال: «كنّا -أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم-نتحدّث أنّ عدّة أصحاب بدرٍ على عدّة أصحاب طالوت، الّذين جازوا معه النّهر، ولم يجاوز معه إلّا مؤمنٌ بضعة عشر وثلاثمائةٍ».
ثمّ رواه من حديث سفيان الثّوريّ وزهيرٍ، عن أبي إسحاق عن البراء بنحوه ولهذا قال تعالى: {فلمّا جاوزه هو والّذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده} أي: استقلّوا أنفسهم عن لقاء عدوّهم لكثرتهم فشجّعهم علماؤهم وهم العالمون بأنّ وعد اللّه حقٌّ فإنّ النّصر من عند اللّه ليس عن كثرة عددٍ ولا عددٍ. ولهذا قالوا: {كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين} ). [تفسير ابن كثير: 1/ 668]


تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربّنا أفرغ علينا صبرًا وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (250) فهزموهم بإذن اللّه وقتل داود جالوت وآتاه اللّه الملك والحكمة وعلّمه ممّا يشاء ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكنّ اللّه ذو فضلٍ على العالمين (251) تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وإنّك لمن المرسلين (252)}
أي: لمّا واجه حزب الإيمان -وهم قليلٌ-من أصحاب طالوت لعدوّهم أصحاب جالوت -وهم عددٌ كثيرٌ- {قالوا ربّنا أفرغ علينا صبرًا} أي: أنزل علينا صبرًا من عندك {وثبّت أقدامنا} أي: في لقاء الأعداء وجنّبنا الفرار والعجز {وانصرنا على القوم الكافرين} ). [تفسير ابن كثير: 1/ 669]

تفسير قوله تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فهزموهم بإذن اللّه} أي: غلبوهم وقهروهم بنصر اللّه لهم {وقتل داود جالوت} ذكروا في الإسرائيليّات: أنّه قتله بمقلاعٍ كان في يده رماه به فأصابه فقتله، وكان طالوت قد وعده إن قتل جالوت أن يزوّجه ابنته ويشاطره نعمته ويشركه في أمره فوفى له ثمّ آل الملك إلى داود عليه السّلام مع ما منحه اللّه به من النّبوّة العظيمة؛ ولهذا قال تعالى: {وآتاه اللّه الملك} الّذي كان بيد طالوت {والحكمة} أي: النّبوّة بعد شمويل {وعلّمه ممّا يشاء} أي: ممّا يشاء اللّه من العلم الّذي اختصّه به صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال تعالى: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض} أي: لولاه يدفع عن قومٍ بآخرين، كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا كما قال: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} الآية [الحجّ:40].
وقال ابن جريرٍ، رحمه اللّه: حدّثني أبو حميدٍ الحمصيّ أحمد بن المغيرة حدّثنا يحيى بن سعيدٍ حدّثنا حفص بن سليمان عن محمّد بن سوقة عن وبرة بن عبد الرّحمن عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه ليدفع بالمسلم الصالحٍ عن مائة أهل بيتٍ من جيرانه البلاء»، ثمّ قرأ ابن عمر: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض} وهذا إسنادٌ ضعيفٌ فإنّ يحيى بن سعيدٍ هذا هو أبو زكريّا العطّار الحمصيّ وهو ضعيفٌ جدًّا.
ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو حميدٍ الحمصيّ حدّثنا يحيى بن سعيدٍ حدّثنا عثمان بن عبد الرّحمن عن محمّد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه ليصلح بصلاح الرّجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويراتٍ حوله، ولا يزالون في حفظ اللّه عزّ وجلّ ما دام فيهم». وهذا أيضًا غريبٌ ضعيفٌ لما تقدّم أيضًا. وقال أبو بكر بن مردويه: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم أخبرنا عليّ بن إسماعيل بن حمّادٍ أخبرنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ أخبرنا زيد بن الحباب، حدّثني حمّاد بن زيدٍ عن أيّوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان –رفع الحديث-قال: «لا يزال فيكم سبعةٌ بهم تنصرون وبهم تمطرون وبهم ترزقون حتّى يأتي أمر اللّه».
وقال ابن مردويه أيضًا: وحدّثنا محمّد بن أحمد حدّثنا محمّد بن جرير بن يزيد، حدّثنا أبو معاذٍ نهار بن عثمان اللّيثيّ أخبرنا زيد بن الحباب أخبرني عمر البزّار، عن عنبسة الخواصّ، عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصّنعانيّ عن عبادة بن الصّامت قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الأبدال في أمّتي ثلاثون بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون وبهم تنصرون» قال قتادة: «إنّي لأرجو أن يكون الحسن منهم».
وقوله: {ولكنّ اللّه ذو فضلٍ على العالمين} أي: منٌّ عليهم ورحمةٌ بهم، يدفع عنهم ببعضهم بعضًا وله الحكم والحكمة والحجّة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله). [تفسير ابن كثير: 1/ 669-670]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وإنّك لمن المرسلين} أي: هذه آيات اللّه الّتي قصصناها عليك من أمر الّذين ذكرناهم بالحقّ أي: بالواقع الّذي كان عليه الأمر، المطابق لما بأيدي أهل الكتاب من الحقّ الّذي يعلمه علماء بني إسرائيل {وإنّك} يا محمّد {لمن المرسلين} وهذا توكيد وتوطئة للقسم). [تفسير ابن كثير: 1/ 670]


رد مع اقتباس