عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {إذا جاء نصر اللّه والفتح * ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجًا * فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابًا}
قرأ ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: (إذا جاء النّصر والفتح).
وسأل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما جمعًا من الصحابة والأشياخ وبالحضرة ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهم، عن معنى هذه السورة وسببها، فقالوا كلّهم: «مقتضى ظاهر ألفاظها أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر عند الفتوح التي فتحت عليه - مكة وغيرها - بأن يسبّح ربّه، ويحمده، ويستغفره». فقال لابن عبّاسٍ: «فما تقول أنت يا ابن عبّاسٍ؟» فقال: «هو أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أعلمه اللّه تعالى بقربه إذا رأى هذه الأشياء». فقال عمر رضي اللّه عنه: «ما أعلم منها إلاّ ما ذكرت».
وهذا المنزع الذي ذكره ابن عبّاسٍ ذكره ابن مسعودٍ وأصحابه، ومجاهدٌ وأصحابه، وقتادة، والضّحّاك، وروت معناه عائشة رضي اللّه عنها عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا فتحت مكة وأسلم العرب جعل يكثر أن يقول: «سبحان اللّه وبحمده، اللّهمّ إنّي أستغفرك». يتأوّل القرآن في هذه السورة، وقال لها مرّةً: «ما أراه إلاّ حضور أجلي».
وتأوّله عمر والعبّاس رضي اللّه عنهما بحضرة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فصدّقهما.
و(النّصر) الذي رآه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غلبته لقريشٍ وهوازن، وغير ذلك.
و(الفتح) هو فتح مكة، والطائف، ومدن الحجاز، وكثيرٍ من اليمن). [المحرر الوجيز: 8/ 703-704]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(دخول الناس في دين اللّه أفواجًا) كان من فتح مكة إلى موت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال أبو عمر بن عبد البرّ رحمه اللّه في كتابه (الاستيعاب في الصحابة) في باب أبي خراشٍ الهذليّ: لم يمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفي العرب رجلٌ كافرٌ، بل دخل الكلّ في الإسلام بعد حنينٍ والطائف، منهم من قدم، ومنهم من قدم وافده، ثمّ كان بعده صلّى اللّه عليه وسلّم من الرّدّة ما كان، ورجعوا كلّهم إلى الدّين.
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه: والمراد - واللّه أعلم - العرب عبدة الأوثان، وأمّا نصارى بني تغلب فما أراهم أسلموا قطّ في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لكن أعطوا الجزية.
و(الأفواج): الجماعة إثر الجماعة، وكما قال تعالى: {كلّما ألقي فيها فوجٌ}.
وقال مقاتلٌ: المراد بالناس أهل اليمن، وفد منهم سبعمائة رجلٍ. وقاله عكرمة، وقال الجمهور: المراد جميع وفود العرب؛ لأنّهم قالوا: إذ فتح الحرم لمحمّدٍ، وقد حماه اللّه تعالى من الحبشة وغيرهم، فليس لكم به يدان.
وذكر جابر بن عبد اللّه فرقة الصحابة فبكى، وقال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «دخل النّاس في الدّين أفواجًا، وسيخرجون منه أفواجًا» ). [المحرر الوجيز: 8/ 704]

تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إنّه كان توّابًا} بعقبٍ {واستغفره} ترجيةٌ عظيمةٌ للمستغفرين، جعلنا اللّه تعالى منهم.
وحكى النّقّاش عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أنّ النصر هو صلح الحدييبّة، وأن الفتح هو فتح مكّة.
وقال ابن عمر: «نزلت هذه السورة على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمنًى في وسط أيام التّشريق، في حجّة الوداع، وعاش بعدها ثمانين يومًا أو نحوها، صلّى اللّه عليه وسلّم»). [المحرر الوجيز: 8/ 705]


رد مع اقتباس