الموضوع: مسائل في السحر
عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 11:17 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

تحريم إتيان الكُهَّان

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (سَبَبُ إِيرَادِ هَذِهِ المسْأَلَةِ أَنَّ بَعْضَ مَنِ ابْتُلِيَ بالسِّحْرِ قَدْ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ لإِتْيَانِ الكُهَّانِ وَسُؤَالِهِمْ عَمَّن سَحَرَهُ وَمَوْضِعِ السِّحْرِ وَغَرَضِهِ.
وَقَدْ تَبَيَّنَ مِن وَقَائِعِ الأَحْوَالِ أَنَّ الكُهَّانَ إِخْوانُ الشَّيَاطِينِ، يَكْذِبُونَ وَيَمْكُرُونَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونُ، وَلا يَزِيدُونَ مَن يَأْتِيهِمْ إِلا خَبَالاً، وَلا يُسْتَفَادُ مِنْهُمْ هُدًى وَلا شِفَاءٌ،وَكَمْ مِن مَخْذُولٍ أَتَاهُمْ فَلَمْ يَسْتَفِدْ إِلاَّ حَيْرَةً وَضَلالاً، وَفَسَادًا فِي أَحْوَالِهِ ازْدَادَ بهِ إِلَى شَقَائِهِ شَقَاءً، وَلَوْ أَنَّهُ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ لَكَفَاهُ، وَلَوِ اسْتَهْدَاهُ لَهَدَاهُ، وَلَكِنَّ المخْذُولَ مَنْ خَذَلَهُ اللهُ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103)} [البقرة: 103].
فَالحَذَرَ الحَذَرَ.. مَا ابْتَلاكَ اللهُ تَعَالَى لِتَلْجَأَ إِلَى أَعْدَائِهِ، وَتطْلُبَ مِنْهُمْ مَا يُحِبُّ أَنْ تَسْأَلَهُ إِيَّاهُ، وَإِنَّمَا ابْتَلاكَ لِتَلْجَأَ إِلَيْهِ، وَتُؤْمِنَ بهِ وَتَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَتَتُوبَ إِلَيْهِ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي سَلَّطَ عَلَيْكَ البَلاءَ بسَبَبهِ؛ فَإِذَا فَقِهْتَ ذَلِكَ عَرَفْتَ المَخْرَجَ مِنْ بَلائِكَ، وَإِنَّمَا يَتَخَبَّطُ فِي الظُّلُمَاتِ مَن لَمْ يَكُنْ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ).

حديث عائشة بنت أبي بكر
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ؛ فَقَالَ: (( لَيْسُوا بِشَيءٍ )).
فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ يُخْبرُونَا بأَشْيَاءَ تَكُونُ حَقًّا.
قال: (( تِلْكَ كَلِمَةُ حَقٍّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقْذِفُهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ فَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ))). [مصنف عبد الرزاق:11/208]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِالكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَيْسُوا بِشَيْءٍ )).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَالحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ))). [صحيح البخاري:]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا الحديثُ رواه ابنُ وَهْبٍ وعبدُ الرزاقِ وأحمدُ والبخاريُّ ومسلمٌ والطحاويُّ وابنُ مَنْدَهْ وابنُ حِبَّانَ كلُّهم من طرقٍ عن عروةَ بنِ الزُّبير به).

حديث آخر عن عائشة
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ (ت:256هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )) ).[صحيح البخاري: كتاب بدء الخلق/ باب ذكر الملائكة]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا الحديثُ رواه ابنُ وهبٍ والبخاريُّ وابنُ مندَهْ من طرقٍ عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ الأسديِّ يتيمِ عروةَ عن عروةَ بنِ الزبيرِ عن عائشةَ مرفوعاً).

حديث معاوية بن الحكم
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الكُهَّانَ، قَالَ: ((فَلا تَأْتِهِمْ)) ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/391]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا الحديثُ له مخرجانِ مشهورانِ:
أحدُهما: من طريقِ هلالِ بنِ أبي ميمونةَ عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن معاويةَ بنِ الحكمِ رضي اللهُ عنه، رواه أبو داودَ الطيالسيُّ وابنُ أبي شَيبةَ وعبدُ الرزَّاقِ وأحمدُ ومسلمٌ وأبو عوانةَ وابنُ الجارُودِ وأبو داودَ السِّجِسْتَانِيُّ والنَّسائيُّ والطبرانيُّ في الكبيرِ والبيهقيُّ والبَغَوِيُّ في شرحِ السنَّةِ، رواه بعضُهم مطولاً في حديثِ معاويةَ المشهورِ في تكلمِه في الصلاةِ وذكرِ الطيرةِ والكَهانةِ والخَطِّ، ورواه بعضُهم مقتصراً على ذِكرِ الكُهَّانِ كما فعلَ ابنُ أبي شيبةَ.
والمخرجُ الآخرُ: من طريقِ الزهريِّ عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، عن معاويةَ بنِ الحكمِ، رواه أبو داودَ الطيالسيُّ وعبدُ الرزاقِ وأحمدُ ومسلمٌ وابنُ أبي عاصمٍ والطبرانيُّ في الكبيرِ، وأبو نُعيمٍ في معرفةِ الصحابةِ والبيهقيُّ.
وله طرقٌ أخرى عن أبي سلمةَ).

حديث صفية بنت أبي عُبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قالَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ القُشَيْرِيُّ النَّيسَابُورِيُّ (ت:261هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )) ). [صحيح مسلم: ]

حديث عِمران بن الحُصين
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَبْدِ الخَالِقِ البَزَّارُ (ت:292هـ): (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ العَطَّارُ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ، أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ، أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ، أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ )).
وَهَذَا الحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ بَعْضُ كَلامِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، فَأَمَّا بِجَمِيعِ كَلامِهِ وَلَفْظِهِ فَلا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلاَّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقاً عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إِلاَّ هَذَا الطَّرِيقَ، وَأَبُو حَمْزَةَ العَطَّارُ بَصْرِيُّ لا بَأْسَ بِهِ). [مسند البزار: 169 الزوائد]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ورواه الدُّولابيُّ والطبرانيُّ في الكبيرِ من حديثِ أبي حمزةَ العطارِ عن الحسنِ، عن عمرانِ بن الحُصينِ، دونَ قولِه: (ومَن عقَد..)إلخ. والحديثُ صححه الألبانيُّ في السلسلةِ الصحيحةِ).

حديث ابن عباس
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ت: 360هـ): (حَدَّثَنا العَبَّاسُ بنُ حَمَّادِ بنِ فَضَالةَ الصَّيرَفِيُّ، قالَ: نا يَحْيَى بنُ الفَضْلِ الخِرَقِيُّ، قَالَ: نا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، قالَ: نا زَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ، عَن سَلَمَةَ بنِ وَهْرَامَ، عَن عِكْرِمَةَ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَسَحَّرَ أو تُسُحِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أو تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ)) ). [المعجم الأوسط: 4/393 ]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (رواه البزارُ وأبو يعلى والطبرانيُّ من طرقٍ عن أبي عامرٍ العَقَدِيِّ، عن زَمعةَ بنِ صالحٍ، عن سلمةَ بنِ وهرامَ به، وزمعةُ وسلمةُ ضعيفانِ، وقد صحح الألبانيُّ هذا الحديثَ لغيرِه).

حديث جابر بن عبد الله
قالَ عَلِيُّ بنُ أَبي بَكْرِ بنِ سُلَيمَانَ الهَيْثَمِيُّ (ت:807هـ): (عَنْ جَابرِ بنِ عَبدِ اللهِ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ))صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ البَزَّارُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلا عُقْبَةَ بنِ سِنَانٍ، وَهُو ضَعِيفٌ). [مجمع الزوائد:5/202]
-قَالَ مُحَمَّد نَاصِر الدِّينِ الأَلْبَانِيُّ: (ت:1420هـ): ( (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَه بما يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بمَا أُنزِلَ عَلَى محمَّدٍ). أخرجه البزارُ في "مسندِه " (3/ 400/3045): حدثنا عقبةُ بنُ سنانٍ: ثنا غسانُ بنُ مُضَرَ، ثنا سعيدُ بنُ يزيدَ، عن أبي نضْرَةَ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم... فذكَرَه. وقال: "لا نعلمُه يُرْوَى عن جابرٍ إلا من هذا الوجهِ، ولم نسمَعْ أحداً يحدثُ به عن غَسَّانَ إلا عقبةُ".
قلت: قال الحافظُ في "مختصرِ الزوائدِ" (1/647/1171):"قال الشيخُ- يعني الهيثميَّ-: وهو ثقةٌ".
قلت: وهذا هو الصوابُ، خلافاً لقولِ الهيثميِّ الآخرِ في "مَجمعِ الزوائدِ" (5/117): (رواه البزارُ، ورجالُه رجالُ الصحيحِ، خلا عقبةَ بنَ سِنانٍ، وهو ضعيفٌ). وقد كنتُ شككتُ في هذا التضعيفِ في "غايةِ المَرامِ " (174/285) لأسبابٍ كنت ذكرتُها هناك، فمن شاءَ راجَعها، وخلاصتُها أنه لا وجهَ لهذا التضعيفِ؛ لأنه ليسَ فيمن يسمى بـ (عقبةَ بنَ سنانٍ) مضعفٌ؛ فإنهم ثلاثة، أحدُهم: مجهولُ الحالِ، وهو أعلى من هذا طبقةً، والآخرانِ: ثقتانِ، أحدُهما: (عقبةُ بنُ سِنانِ بنِ عُقبةَ الهَدَادِيُّ البصريُّ) روى عن غسانَ بنِ مُضَرَ؛ فهو هذا، وقد قال فيه أبو حاتمٍ: " صدوقٌ ".
وبقيةُ رجالِ الإسنادِ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ؛ غيرَ غسَّانَ بنِ مُضَرَ؛ وهو ثقةٌ من شيوخِ النسائيِّ. وقد وهِم الهيثميُّ في عدمِ استثنائِه إياه مع عقبةَ بنِ سنانٍ، في قولِه المتقدمِ. فالإسنادُ جيدٌ؛ كما قال المنذريُّ في "الترغيبِ " (4/52/7)، وتبِعه الحافظُ في "الفتحِ " (10/217).
وللحديثِ شواهدُ كثيرةٌ يزدادُ بها قوةً، خرجتُ بعضَها في (إرواءِ الغليلِ:7/68-70)، و(غايةِ المرامِ:72 1-173/284)، و(آدابِ الزفافِ:105-107).
(فائدةٌ): قال ابنُ الأثيرِ في (النهايةِ): (الكاهنُ: الذي يَتعاطى الخبرَ عن الكائناتِ في مستقبلِ الزمانِ ويدَّعي معرفةَ الأسرارِ، وقد كان في العربِ كهنةٌ كشِقٍّ وسَطِيحٍ وغيرِهما، فمنهم من كانَ يزعُمُ أن له تابعاً من الجنِّ ورَئِيًّا يُلقي إليه الأخبارَ، ومنهم من يزعُم أنه يعرِفُ الأمورَ بمقدماتِ أسبابٍ يستدلُّ بها على مواقعِها من كلامِ من يسألُه، أو من فِعلِه، أو حالِه، وهذا يخصُّونه بالعرَّافِ، كالذي يدَّعي معرفةَ الشيءِ المسروقِ، ومكانَ الضالةِ ونحوَهما. والحديثُ الذي فيه: "من أتَى كاهنًا... " قد يَشتمِلُ على إتيانِ الكاهنِ، والعرافِ، والمنجِّمِ ".
قلت: فإذا عرفتَ هذا؛ فمن (الكَهَانةِ) ما كان يُعرفُ بـ (التنويمِ المغناطيسيِّ)،ثم بـ (استحضارِ الأرواحِ)، وما عليه اليومَ كثيرٌ من الناسِ - وفيهم بعضُ المسلمينَ الطيبين- ممن اتخذوا ذلك مهنةً يعتاشون منها، ألا وهو القراءةُ على الممسوسِ من الجنيِّ، ومكالمتُهم إيَّاه، وأنه يحدثُهم عن سببِ تلبسِه بالإنسيِّ؛ حبًّا به أو بغضاً! وقد يزعُمون أنهم يسألونه عن دينِه، فإذا أخبرهم بأنه مسلم صدقوه في كلِّ ما ينبئُهم به! وذلك منتهى الغفلةِ والضلالِ؛ أن يصدقَه وهو لا يعرفُه ولا يراه، فكن حذراً منهم أيها الأخُ المسلمُ! ولا تأتِهِم ولا تصدِّقْهم " وإلا صدَقَ فيك هذا الحديثُ الصحيحُ وما في معناه). [السلسلة الصحيحة: ]

أثر عبد الله بن مسعود
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ ابنُ أبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ (ت:235هـ): (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَوَكِيعٌ، قَالا: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَنْ مَشَى إِلَى سَاحِرٍ، أَوْ كَاهِنٍ، أَوْ عَرَّافٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ). [مصنف ابن أبي شيبة: 7/392]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَسَأَلَهُ وَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ).
عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ). [تفسير عبد الرزاق: 2/408]
- قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (ورواه ابنُ وهبٍوأبو داودَ الطيالسيُّ والبزارُ وأبو يعلى والدارقطنيُّ في العِلَلِ والبيهقيُّ كلُّهم من طرقٍ عن هُبيرةَ بن يَرِيمَ الشِّبَامِيِّ، عن ابن مسعودٍ موقوفاً، وهُبيرةُ مختلفٌ فيه، وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في التقريبِ: لا بأسَ به.
ورواه الطبرانيُّ في الكبيرِ من طريقِ عبدِ العزيزِ بنِ مسلمٍ عن الأعمشِ عن إبراهيمَ عن علقمةَ عن عبدِ اللهِ به.
ورواه في الأوسطِ من طريقِ سعيدِ بنِ عامرٍ عن شعبةَ عن سلمةَ بنِ كُهيلٍ عن أبي الزعراءِ عن ابنِ مسعودٍ به.
ورواه عبدُ الرزاقِ من حديثِ معمرٍ عن قتادةَ عن ابنِ مسعودٍ وفيه انقطاعٌ.
ورواه البزارُ من طريقِ أبي معاويةَ عن الأعمشِ عن إبراهيمَ عن همامِ بنِ الحارثِ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ بلفظِ: (من أتى كاهناً أو ساحراً فصدقه بما يقولُ فقد كفَرَ بما أُنزلَ على محمدٍ)
وفي البابِ عن أبي هريرةَ وأنسٍ وواثلةَبنِ الأسقعِ).

رد مع اقتباس