عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 07:04 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فانطلقا حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمرًا (71) قال ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرًا (72) قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرًا (73)}
يقول تعالى مخبرًا عن موسى وصاحبه، وهو الخضر، أنّهما انطلقا لمّا توافقا واصطحبا، واشترط عليه ألّا يسأله عن شيءٍ أنكره حتّى يكون هو الّذي يبتدئه من تلقاء نفسه بشرحه وبيانه، فركبا في السّفينة. وقد تقدّم في الحديث كيف ركبا في السّفينة، وأنّهم عرفوا الخضر، فحملوهما بغير نولٍ -يعني بغير أجرةٍ-تكرمةً للخضر. فلمّا استقلّت بهم السّفينة في البحر، ولجّجت أي: دخلت اللّجّة، قام الخضر فخرقها، واستخرج لوحًا من ألواحها ثمّ رقعها. فلم يملك موسى، عليه السّلام، نفسه أن قال منكرًا عليه: {أخرقتها لتغرق أهلها}. وهذه اللّام لام العاقبة لا لام التّعليل، كما قال الشّاعر لدوا للموت وابنوا للخراب
{لقد جئت شيئًا إمرًا} قال مجاهدٌ: منكرًا. وقال قتادة: عجبًا.
فعندها قال له الخضر مذكّرًا بما تقدّم من الشّرط: {ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرًا} يعني وهذا الصّنيع فعلته قصدًا، وهو من الأمور الّتي اشترطت معك ألّا تنكر عليّ فيها، لأنّك لم تحط بها خبرًا، ولها داخلٌ هو مصلحةٌ ولم تعلمه أنت). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 182-183]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال} أي موسى: {لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرًا} أي: لا تضيّق عليّ وتشدد عليّ؛ ولهذا تقدّم في الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "كانت الأولى من موسى نسيانًا"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 183]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فانطلقا حتّى إذا لقيا غلامًا فقتله قال أقتلت نفسًا زكيّةً بغير نفسٍ لقد جئت شيئًا نكرًا (74) قال ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرًا (75) قال إن سألتك عن شيءٍ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرًا (76)}
يقول تعالى: {فانطلقا} أي: بعد ذلك، {حتّى إذا لقيا غلامًا فقتله} وقد تقدّم أنّه كان يلعب مع الغلمان في قريةٍ من القرى، وأنّه عمد إليه من بينهم، وكان أحسنهم وأجملهم وأوضأهم فقتله، فروي أنّه احتزّ رأسه، وقيل: رضخه بحجرٍ. وفي روايةٍ: اقتطفه بيده. واللّه أعلم.
فلمّا شاهد موسى، عليه السّلام، هذا أنكره أشدّ من الأوّل، وبادر فقال: {أقتلت نفسًا زكيّةً} أي صغيرةً لم تعمل الحنث، ولا حملت إثمًا بعد، فقتلته؟! {بغير نفسٍ} أي: بغير مستندٍ لقتله {لقد جئت شيئًا نكرًا} أي: ظاهر النّكارة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 183]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرًا} فأكّد أيضًا في التّذكار بالشّرط الأوّل؛ فلهذا قال له موسى: {إن سألتك عن شيءٍ بعدها} أي: إن اعترضت عليك بشيءٍ بعد هذه المرّة {فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرًا} أي: قد أعذرت إليّ مرّةً بعد مرّةٍ.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا عبد اللّه بن زيادٍ، حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن حمزة الزّيّات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن أبيّ بن كعبٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا ذكر أحدًا فدعا له، بدأ بنفسه، فقال ذات يومٍ: "رحمة اللّه علينا وعلى موسى، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب ولكنّه قال إن سألتك عن شيءٍ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرًا" [مثقّلةً]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 183]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقضّ فأقامه قال لو شئت لاتّخذت عليه أجرًا (77) قال هذا فراق بيني وبينك سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرًا (78)}.
يقول تعالى مخبرًا عنهما: إنّهما انطلقا بعد المرّتين الأوليين {حتّى إذا أتيا أهل قريةٍ} روى ابن جريرٍ عن ابن سيرين أنّها الأيلة وفي الحديث: "حتّى إذا أتيا أهل قريةٍ لئامًا" أي: بخلاء {فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقضّ} إسناد الإرادة هاهنا إلى الجدار على سبيل الاستعارة، فإنّ الإرادة في المحدثات بمعنى الميل. والانقضاض هو: السّقوط.
وقوله: {فأقامه} أي: فردّه إلى حالة الاستقامة وقد تقدّم في الحديث أنّه ردّه بيديه، ودعمه حتّى ردّ ميله. وهذا خارقٌ فعند ذلك قال موسى له {لو شئت لاتّخذت عليه أجرًا} أي: لأجل أنّهم لم يضيّفونا كان ينبغي ألّا تعمل لهم مجّانًا).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 183-184]

رد مع اقتباس