عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 6 رجب 1434هـ/15-05-2013م, 04:02 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)}
....

تفسير قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48)}
....

تفسير قوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)}
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المغازي وذكر قوما من أصحابه كانوا غزاة فقتلوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ليتني غودرت مع أصحاب نحص الجبل)).
والنحص: أصل الجبل وسفحه. وقوله: ((غودرت)) يعني ليتني تركت معهم شهيدا مثلهم. وكل متروك في مكان فقد غودر فيه.
ومنه قوله عز وجل: {مال هذا الكتب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي لا يترك شيئا.
وكذلك أغدرت الشيء تركته، إنما هو أفعلت من ذلك قال الراجز:
هل لك والعارض منك عائض في هجمة يغدر منها القابــض
قال الأصمعي: القابض هو السائق السريع السوق.
يقال: قبض يقبض قبضا: إذا فعل ذلك.
وقوله: يغدر منها يقول: لا يقدر على ضبطها كلها من كثرتها ونشاطها حتى يغدر بعضها أي يتركه). [غريب الحديث: 1/423-425]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث ابن عمر حين سأله رجل عن عثمان فقال: أنشدك الله هل تعلم أنه فر يوم أحد وغاب عن بدر وعن بيعة الرضوان؟ فقال ابن عمر: أما فراره يوم أحد فإن الله تعالى يقول: {ولقد عفا الله عنهم} وأما غيبته عن بدر فإنه كانت عنده بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة وذكر عذره في ذلك كله ثم قال: اذهب بهذه تلآن معك.
حدثناه أبو النضر عن شيبان عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن ابن عمر.
قال الأموي: قوله: تلآن، يريد: الآن، وهي لغة معروفة، يزيدون التاء في
الآن وفي حين فيقولون: تلآن وتحين قال: ومنه قول الله تبارك وتعالى: {ولات حين مناص}، قال: إنما هي: ولا حين مناص قال: وأنشدنا الأموي لأبي وجزة السعدي:

العاطفون تحين ما من عاطف.......والمطعمون زمان ما من مطعم
وكان الكسائي والأحمر وغيرهما من أصحابنا يذهبون إلى أن الرواية العاطفونة فيقولون: جعل الهاء صلة وهو في وسط الكلام، وهذا ليس يوجد إلا على السكت، فحدثت به الأموي فأنكره، وهو عندي على ما قال الأموي، ولا حجة لمن احتج بالكتاب في قوله: {ولات} لأن التاء منفصلة من حين، لأنهم قد كتبوا مثلها منفصلا أيضا
مما لا ينبغي أن يفصل كقوله عز وجل: {يا ويلتنا مال هذا الكتاب}، فاللام في الكتب منفصلة من هذا، وقد وصلوا في غير موضع وصل فكتبوا: «ويكأنه» وربما زادوا الحرف ونقصوا، وكذلك زادوا ياء في قوله تعالى: {أولي الأيدي والأبصار}، فالأيدي في التفسير عن سعيد بن جبير أولو القوة في الدين والبصر.
فالأيد: القوة بلا ياء والأبصار: العقول وكذلك كتبوه في موضع آخر: (داود ذا الأيد) ). [غريب الحديث: 5/277-279] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وفي خطبة المأمون يوم الفطر بعد التكبير الأوّل

إنّ يومكم هذا يومُ عِيدٍ وسُنَّة وابتهال ورغبة، يومٌ خَتَم الله به صيامَ شهر رمضان وافتتح به حجَّ بيته الحَرَام، فجعله خاتمةَ الشهر وأوّلَ أيام شهور الحجّ، وجعله مُعقِّبًا لمفروض صيامكم ومنتفَل قيامكم، أحل فيه الطعامَ لكم وحَرم فيه الصيامَ عليكم؛ فاطلبوا إلى الله حوائجكَم استغفروه لتفريطكم، فإنه يُقال: لا كبيرَ مع استغفار، ولا صغير مع إصرار. ثم التكبير والتحميد وذكر النبيّ عليه السلام والوصية بالتقوى. ثم قال: فاتقوا الله عبادَ الله وبادروا الأمرَ الذي اعتدَلَ فيه يقينُكم، ولم يتحضِر الشكُ فيه أحدًا منكم، وهو الموت المكتوبُ عليكم، فإنه لا تُستقالُ بعده عَثْرةٌ، ولا تُحْظَر قبله توبة. واعلموا أنه لا شيءَ قبله إلا دونَه ولا شيءَ بعده إلا فوقَه. ولا من على جَزَعه وعَلَزه وكُرَبه، ولا يُعين على القبر وظُلْمته وضِيقه ووَحْشته وهَوْل مَطْلَعه ومسألة ملائكته، إلا العملُ الصالحُ الذي أمر اللّه به. فمن زَلَّت عند الموت قَدَمُه، فقد ظهرت ندامتُه، وفاتته استقالتُه، ودعا من الرَّجْعة إلى ما لا يجاب إليه، وبذَلَ من الفِدْية ما لا يُقْبَلُ منه. فالله اللَّه عبادَ اللهّ! وكونوا قومًا سألوا الرَّجْعةَ فأعْطُوها إذ مُنِعَهَا الذين طَلَبوها فإنه ليس يتمنَى متقدون قبلكم إلا هذا المهلَ المبسوطَ لكم.
واحذَرُوا ما حذَّركم الله، واتَقوا اليومَ الذي جمَعُكم الله فيه لوَضْع مَوَازينكم، ونَشْر صُحُفكم الحافِظةِ لأعمالكم.
فلينظُرْ عبدٌ ما يَضَعُ في زاده مما يثقل به، وما يًمِلُ في صحيفته الحافِظة لما عليه وله؛ فقد حَكَى الله لكم ما قال مفرطون عندها إذ طال إعراضُهم عنها، قال: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمينَ مُشْفِقِينَ مما فيه}! الآية. وقال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْم الْقِيَامَةِ}. ولستُ أنهاكم عن الدنيا بأعظمَ مما نهتْكم الدنيا عن نفسها، فإنه كل ما لها ينهَى عنها، وكل ما فيها يدعو إلى غيرها. وأعظمُ ما رأته أعينكم من عجائبها فمُّ كتاب اللّه لها ونَهْيُ اللّه عنها، فإنه يقول: {فَلَا تَغُرنًكُمُ الحَيَاة الدنْيَا وَلاَ يَغُرنكُمْ بِالله الغَرُورُ} وقال: {إنمَا الْحَيَاةُ الدُنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} الآية. فانتفعوا بمعرفتكم بها وبإخبار الله عنها، واعلَموا أنّ قومًا من عباد اللهّ أدركتُهم عِصمةُ اللّه فحذِروا مَصَارِعَها، وجانَبُوا خدائعها، وآثروا طاعةَ الله فيها، فأدركوا الجنَّة بما تركوا منها). [عيون الأخبار: 5/255-256]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مقام الأوزاعيّ بين يدي المنصور
ذكره عبدُ الله بن المبارك عن رجل من أهل الشأم قال: دخلتُ عليه فقال: ما الذي بَطأ بك عني؟ قلتُ: يا أميرَ المؤمنين وما الذي تريد مني؟ فقال: الاقتباسُ منك. قلتُ: انظر ما تقول، فإن مكحولاً حدًثني عن عطية بن بَشيرٍ أنّ رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ بلَغه عن اللّه نصيحةٌ في دينه فهي رحمة من الله سِيقَتْ إليه، فإن قَبِلَها من الله بشكرٍ وإلا كانتْ حُجّةً من الله عليه، ليزداد إثمًا، وليَزْدادَ الله عليه غضبًا، وإن بلغه شيء من الحق فرضِيَ فله الرضا، وإن سَخِط فله السخط، ومن كرهَه فقد كره الله، لأن الله هو الحق المبين "، فلا تجهَلَن.
قال: وكيف أجهل؟ قال: تسمع ولا تعمل بما تسمَعُ.
قال الأوزاعي: فسل علي الربيعُ السيفَ وقال: تقول لأمير المؤمنين هذا! فانتهرَه المنصور وقال: أمسِكْ. ثم كلمه الأوزاعي، وكان في كلامه أن قال: إنك قد أصبحت من هذهِ الخلافة بالذي أصبحت به، والله سَائَلُكَ عن صغيرها وكبيرها وفتيلها ونقيرها، ولقد حدثني عُروةُ بن رُوَيْم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما مِنْ راعٍ يبيتُ غاشًّا لِرعيته إلا حًرّمَ الله عليه رائحةَ الجنةِ " فحقيق على الوالي أن يكون لرعيته ناظرًا، ولمَا استطاع من عَوراتهم ساتِرًا، وبالقِسط فيما بينهم قائمًا، لا يتخوْف محسنُهم منه رهَقًا ولا مسيئهم عدوانًا؛ فقد كانت بيد رسول الله؛ جرب يستَاكُ بها ويردعُ عنه المنافقينَ، فأتاه جبريلُ فقال: " يا محمدُ ما هذه الجريدةُ بيدكَ! إقذِفْها تملأ قلوبَهم رُعبًا!. فكيف مَنْ سفكَ دماءهم وشَققَ أبشارهم وأنهبَ أموالهم! يا أمير المؤمنين إنْ المغفورَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر دعا إلى القِصاص من نفسه بخدش خدشه أعرابيًا يتعمده، فهبط جبريل فقال: (يا محمد إن الله لم يبعَثْكَ جبارًا تكسِرُ قرونَ أمَتك). واعلم كل ما في يدك لا يعدِلُ ضربةً منِ شراب الجنة ولا ثمرةً من ثمارها؛ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ((لَقَاب قوس أحدكم من الجنة أو قُذَة خيْرٌ له من الدنيا بأسرها)). إن الدنيا تنقطِعُ ويزولُ نعيمها، ولو بقي الملكُ لمن قبلكَ لم يصِل إليكَ.
يا أمير المؤمنين، ولو أنّ ثوبًا من ثيابَ أهل النار عُلًقَ بين السماء والأرض لأذاهم فكيف مَنْ يتَقمصُه! ولو أن ذَنُوبًا من صديد أهل النار صُبَّ على ماء الأرض لآجنَه فكيف بمن يتجرعهُ، ولو أنَ حَلقةً من سلاسل جهنم وُضِعَتْ على جبل لذاب فكيف مَنْ سُلِكَ فيها ويُرَدُّ فضلُها على عاتقه! وقد قال عمر بن الخطاب: (لا يُقَوَم أمرَ الناس لا حَصيفُ العقدة، بعيدُ الغِرة، لا يَطَّلِعُ الناسُ منه على عَورةٍ، ولا يُحنِقُ في الحق على برةٍ، ولا تأخُذُهُ في الله لومةُ لائم).

واعلم أن السلطان أربعة: أمير يَظْلِفُ نفسَه وعمفالَه، فذلك له أجرُ المجاهد في سبيل الله وصلاتُه سبعونَ ألفَ صلاةٍ ويدُ الله بالرحمة على رأسه تُرفرفُ؛ وأمير رتَعَ ورتَع عُمَالُه، فذاك حمِلُ أثقالَه وأثقالاً مع أثقاله؛ وأمير يَظلِف نَفسَه ويرتَعُ عُمَّالُه، فذاكَ الذي باع آخرتَه بدنيا غيره؛ وأمير يرتَعُ ويَظْلِفُ عُمالَهُ، فذاكَ شر الأكياس.
واعلم يا أمير المؤمنين أنك قد ابتُلِيتَ بأمر عظيم عُرِضَ على السَّمواتِ والأرض والجِبال فأبينَ أن يحملنه وأشفَقَن منه؛ وقد جاء عن جَدَكَ في تفسير قول اللّه عز وجل: {لا يُغَادِرُ صغِيرَة ولا كَبِيرَة إلا أحصاها} أنْ الصغيرة التبسمُ، والكبيرةَ الضحكُ.
وقال: فما ظنكم بالكلام وما عملته الأيدي! فاعيذك بالله أن يُخيل إليك أن قرابتك برسول اللّه صلى الله عليه وسلم تنفع مع المخالفة لأمره؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد استوهبا أنفسكما من الله إني لا أغني عنكما من الله شيئًا)). وكان جدك الأكبر سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إمارةً؛ فقال: ((أي عمٌ نفسٌ تُحِييها خيرٌ لك من إمارة لا تُحصِيها))، نظرًا لعمه وشفقة عليه أن يليَ فيجورَعن سنته جناحَ بعوضة، فلا يستطيعَ له نفعًا ولا عنه دفعًا. هذه نصيحتي إن قبلتَها فلنفسك عملتَ، وإن رددتها فنفسك بَخسْتَ، واللّه الموفق للخير والمعينُ عليه.
قال: بلى! نقبلها ونشكرُ عليها، وبالله نستعينُ). [عيون الأخبار: 6/338-341]

رد مع اقتباس