عرض مشاركة واحدة
  #121  
قديم 7 صفر 1439هـ/27-10-2017م, 03:24 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الفرق بين القول في القرآن بغير علم وبين الاجتهاد في التفسير
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الفرق بين القول في القرآن بغير علم وبين الاجتهاد في التفسير
ينبغي أن يفرّق بين القول في القرآن بغير علم وبين الاجتهاد المشروع في التفسير؛ فالاجتهاد القائم على أصول صحيحة وفي موارده الصحيحة لا حرج فيه؛ بل قد يجب في بعض الأحوال على بعض أهل العلم لاقتضاء الحال جواباً لا بدّ من الاجتهاد فيه.

وإنما المراد بالقول في القرآن بغير علم ما كان عن تخرّص أو تكلّف أو مخالفة للسنة الصحيحة أو الإجماع.
ولذلك فإنّ من اعتمد في تفسيره على مجرّد الرأي فهو مخطئ وإن أصاب القول الصحيح مصادفة، لأنه أخطأ في سلوك السبيل الصحيح إليه، ومن اجتهد اجتهاداً مشروعاً فهو مأجور وإن أخطأ؛ وخطؤه مغفور، لأنه سلك سبيل الاجتهاد الصحيح.


فالعالم بالتفسير إذا سُئل كان بين أربع حالات:

-
إما أن يخبر بما يعلمه، وهذا هو الواجب في حقّه.

- وإما أن يكتم ما يعلمه، وهذه كبيرة من الكبائر.
- وإما أن يقول في القرآن بغير علم وهذه كبيرة أيضاً.
- وإما أن يكون لا علم له بما سُئل عنه فالواجب عليه الإمساك عن الجواب حتى يعلم ما يقول.
وقد روى الطبراني في الكبير من طريق جويبر عن الضحاك بن مزاحم الهلالي قال: خرج نافع بن الأزرق و ونجدة بن عويمر في نفر من رؤوس الخوارج لينقرون عن العلم ويطلبونه حتى قدموا مكة فإذا هم بعبد الله بن عباس قاعدا قريبا من زمزم وعليه رداء أحمر وقميص وإذا ناس قيام يسألونه عن التفسير، يقولون : يا ابن عباس ما تقول في كذا وكذا؟ فيقول: هو كذا وكذا.
فقال له نافع بن الأزرق: ما أجرأك يا ابن عباس على ما تجريه منذ اليوم!!
فقال له ابن عباس: ثكلتك أمك يا نافع و عدمتك ألا أخبرك من هو أجرأ مني؟
قال: من هو يا ابن عباس؟
قال: رجل تكلم بما ليس له به علم ورجل كتم علما عنده.
قال: صدقت يا ابن عباس أتيتك لأسألك).
جويبر ضعيف الحديث، والضحاك لم يلق ابن عباس، وإنما أخذ عن بعض أصحابه.
وهذه العبارة صحيحة سديدة، لأنّ الذي يسأل عن علم فيكتمه أجرأ على ارتكاب الإثم ممن يُسأل فيجيب بما يعلم.
وقريب من جواب ابن عباس جواب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه؛ لما قال عمر للصحابة رضي الله عنهم في مجلسه في الحجّ: يا أصحاب محمد أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكر الفتنة ؟ فقال حذيفة : أنا فقال عمر : إنك لجريء قال : (أجرأ مني من كتم علما). رواه الطبراني بهذا اللفظ، وأصل الخبر في الصحيحين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر جملة من الآثار في تحرج السلف من القول في القرآن بغير علم: (فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف، محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه؛ ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه؛ لقوله تعالى: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ}، ولما جاء في الحديث المروي من طرق: " من سئل عن علم فكَتَمَه أَُلْجِم يوم القيامة بلجام من نار)ا.هـ). [طرق التفسير:336 - 338]


رد مع اقتباس