عرض مشاركة واحدة
  #119  
قديم 7 صفر 1439هـ/27-10-2017م, 03:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تحذير الصحابة رضي الله عنهم من القول في القرآن بغير علم
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (تحذير الصحابة رضي الله عنهم من القول في القرآن بغير علم
وقد عقلَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الوصايا النبوية الجليلة؛ فكانوا أشدّ الناس تعظيماً لكلام الله جلّ وعلا؛ وأحسنهم اتّباعاً لهداه، وأشدّهم حذراً من المراء في القرآن، والقول فيه بغير علم، وأبعدهم عن الاعتماد في فهمه وتفسيره على الرأي المجرّد والهوى، وأبصرهم بعاقبة المخالفين للهدي النبوي في هذا الأمر العظيم، وأعظمهم نصحاً للأمة في التحذير مما حُذّروا منه، وقد روي عنهم من الآثار في هذا الباب ما يدلّ دلالة بيّنة على ذلك، ومن تلك الآثار:

1. ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم من طرق متعددة يشدّ بعضها بعضاً أنّه سُئل عن آية من كتاب الله عز وجل فقال: « أيَّة أرض تقلني، أو أيَّة سماء تظلني، أو أين أذهب، وكيف أصنع إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله بها؟! ». رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق ابن أبي مليكة عن أبي بكر، وهو وإن لم يلقه إلا أنّ هذه المقولة قد رويت عن أبي بكر من طرق أخرى:
- فقال الشعبي: كان أبو بكرٍ يقول: «أي سماءٍ تظلني، وأي أرضٍ تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم » رواه ابن أبي شيبة.
- وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: قال أبو بكر الصديق: « أي أرض تقلني، وأي سماء تظلني، إذا قلت على الله ما لا أعلم » رواه مالك في الموطأ.
- ورواه أيضا ابن جرير الطبري من طريق إبراهيم النخعي عن أبي معمر الأزدي - وهو تابعي ثقة - عن أبي بكر.
فهذا الأثر رواه جماعة من ثقات التابعين عن أبي بكر رضي الله عنه.
2. وقال الزهري: حدثني أنس بن مالك، قال: قرأ عمر بن الخطاب: {فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا} فقال: كل هذا قد علمنا به فما الأب؟ ثم قال: هذا لعمر الله التكلف، اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب، وما أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه). رواه الطبراني في مسند الشاميين بهذا اللفظ، وأصله في صحيح البخاري.
3. وقال العوام بن حوشب: حدثنا إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التميمي قال: خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد؟ فأرسل إلى ابن عباس فقال: «كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد؛ وقبلتها واحدة؟»
فقال ابن عباس: «يا أمير المؤمنين، إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه، وعلمنا فيم نزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأي، فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا».
قال: فزبره عمر وانتهره، فانصرف ابن عباس، ونظر عمر فيما قال فعرفه، فأرسل إليه، فقال: «أعد علي ما قلت»
فأعاده عليه، فعرف عمر قوله وأعجبه). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وسعيد بن منصور في سننه، والبيهقي في شعب الإيمان، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، ورجاله ثقات إلا أنّه أعلّ بالانقطاع بين إبراهيم وعمر، ولعلّه سمعه من ابن عباس.
وقد روى عبد الرزاق في مصنفه نحو هذا الخبر من طريق علي بن بَذِيمة الجزري، عن يزيد بن الأصم العامري، عن ابن عباس، قال: قدم على عمر رجل، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ منهم القرآن كذا وكذا، فقال ابن عباس: فقلت: والله ما أحب أن يتسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة!
قال: فزبرني عمر ثم قال: «مه»
قال: فانطلقت إلى أهلي مكتئبا حزينا، فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل منزلة، فلا أراني إلا قد سقطت من نفسه.
قال: فرجعت إلى منزلي، فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، وما هو إلا الذي تقبَّلني به عمر!
قال: فبينا أنا على ذلك أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين.
قال: خرجت فإذا هو قائم ينتظرني.
قال: فأخذ بيدي ثم خلا بي، فقال: «ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفا؟»
قال: فقلت: يا أمير المؤمنين إن كنت أسأت، فإني أستغفر الله وأتوب إليه، وأنزل حيث أحببت.
قال: «لتحدّثني بالذي كرهت مما قال الرجل»
فقلت: يا أمير المؤمنين متى ما تسارعوا هذه المسارعة يحيفوا، ومتى ما يحيفوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا.
فقال عمر: «لله أبوك، لقد كنت أكاتمها الناس حتى جئت بها»
وقد علّقه الإمام أحمد في رسالته إلى المتوكّل.
وهذا الخبر رجاله ثقات، وإسناده متّصل، ويزيد بن الأصمّ هو ابن خالة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
4. وروى مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (القرآن كلام الله؛ فمن قال فليعلم ما يقول؛ فإنما يقول على الله عزَّ وجلَّ). رواه البيهقي في شعب الإيمان، وفي رواية أخرجها في كتاب الأسماء والصفات له: «إن القرآن كلام الله تعالى؛ فمن كذب على القرآن فإنما يكذب على الله عز وجل ».
5. وروى إسماعيل بن أبي خالد، عن زبيد اليامي قال: قال عبد الله بن مسعود: « إن للقرآن منارا كمنار الطريق؛ فما عرفتم منه فتمسكوا به، وما شُبّه عليكم فكلوه إلى عالمه » رواه أبو عبيد والمستغفري في فضائل القرآن.
6. وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن معاذ بن جبل أنه قال: (إن للقرآن منارا كمنار الطريق لا يكاد يخفى على أحد، فما عرفتم فتمسّكوا به، وما أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه). رواه وكيع في الزهد، وأبو داوود في الزهد، والطبراني في الأوسط، وأبو نعيم في الحلية، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله.
7. وروى إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر الأحمسي، قال: قال حذيفة: « إن أقرأ الناس المنافق الذي لا يدع واوا ، ولا ألفاً، يلفت كما تلفت البقر ألسنتها، لا يجاوز ترقوته » رواه ابن شيبة في مصنفه، والفريابي في "صفة النفاق"، ولفظه: « إن من أقرأ الناس المنافق الذي لا يترك واوا ولا ألفا يلفته كما تلفت البقرةُ الخلا بلسانها ».
8. وقال يعقوب بن إبراهيم: حدثنا ابن عُلَيَّة، عن أيوب، عن ابن أبي مُلَيْكَة؛ أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها). رواه ابن جرير.
9. وقال ابن جريج: أخبرنا عبد الله ابن أبي مليكة قال: دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان على عبد الله بن عباس ؛ فقال له ابن فيروز: يا ابن عباس ، قول الله: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة} الآية.
فقال ابن عباس: من أنت؟
قال: أنا عبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان.
فقال ابن عباس: {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون}.
فقال له ابن فيروز: أسألك يا ابن عباس.
فقال ابن عباس: «أياماً سماها الله تعالى لا أدري ما هي، أكره أن أقول فيها ما لا أعلم»
قال ابن أبي مليكة: فضرب الدهر حتى دخلتُ على سعيد بن المسيب فسُئل عنها فلم يدر ما يقول فيها.
قال: فقلت له: ألا أخبرك ما حضرتُ من ابن عباس؟ فأخبرته؛ فقال ابن المسيب للسائل: (هذا ابن عباس قد اتَّقى أن يقول فيها وهو أعلم مني). رواه عبد الرزاق في تفسيره، ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن من طريق أيوب عن ابن أبي مليكة بلفظ مقارب.
10. وروى عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: « لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فإن ذلك يوقع الشك في قلوبكم ». رواه أبو عبيد في فضائل القرآن وابن أبي شيبة في مصنفه من طريقين عنه). [طرق التفسير:329 - 334]

رد مع اقتباس