عرض مشاركة واحدة
  #115  
قديم 7 صفر 1439هـ/27-10-2017م, 02:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

أنواع التفسير بالرأي
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (أنواع التفسير بالرأي
اشتهر التعبير عن هذا الطريق عند جماعة من أهل التفسير باسم التفسير بالرأي، وقسّموه إلى قسمين:
القسم الأول: التفسير بالرأي المحمود، ويعنون به الاجتهاد المشروع المعتبر، على ما تقدّم وصفه.
والقسم الثاني: التفسير بالرأي المذموم ويعنون به تفاسير أهل البدع الذين يفسّرون القرآن بآرائهم المجرّدة، وبما يوافق أهواءهم ومذاهبهم.
وهذا التقسيم وإن بدا واضحاً من جهة التنظير المجرّد إلا أنَّ تنزيلَه على أحوال المفسّرين من أهل العلم يثير إشكالات لا بدّ من تبيينها، ومن ذلك:
1. أن المشتهر عند جماعة من السلف التحذير من التفسير بالرأي، ولا يعنون بذلك الاجتهاد في موارد الاجتهاد في التفسير على ما سبق شرحه؛ إذ كان كثير منهم أهل اجتهاد في التفسير مع تحذيرهم من التفسير بالرأي.
وإنما كانوا يعنون به القول في القرآن بالرأي المجرّد، والإعراض عن آثار من سلف، فإنّ من كان مقصّراً في تحصيل أقوال من مضى من الصحابة والتابعين في التفسير، واعتمد على رأيه ونظره مع ضعف أهليّته في الحديث وعلوم اللغة أوقعَه نظرُه ورأيه في أخطاء، إذ كان مثله كمثل السائر بغير نور ولا عدّة، ولا سيّما إذا صاحب ذلك الاجتهاد في غير موارد الاجتهاد، وإرادة الانتصار لمذهب أو رأي.
2. أن أهل الرأي المعروفين من أهل العراق أتباع حماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن وزفر بن الهذيل وغيرهم كان لهم اجتهاد في التفسير فمنه ما أحسنوا فيه وأصابوا، ومنه ما أخطأوا فيه وردّ عليهم من السلف من بيّن خطأهم مما يُعدّ من التفسير بالرأي المذموم كإنكارهم عليهم بدعة الإرجاء وما تأوّلوه من النصوص فيها، وأقوالهم فيما خالفوا فيه الأحاديث الصحيحة التي لم يكن لهم من العناية بجمعها ودراستها ما لأهل الحديث المعروفين به.
وهؤلاء الفقهاء من أهل الرأي كانوا معروفين بالعلم والالتزام بالسنة ولهم نصيب من العلم بالحديث والتفقّه فيه إلا أن منهم من وقع في أخطاء في جُمل من الاعتقاد، ومنهم من رجع عنها، ومنهم من امتحن فيها، ووقوعهم في تلك الأخطاء لم يخرجهم من دائرة السنة، ولا دائرة السلف؛ إذ كانوا في عامّة أمورهم من أهل السنة.
فاجتهادهم في التفسير في غير الأبواب التي أخطأوا فيها يقع منه صواب كثير جارٍ على أصول الاجتهاد المعروفة عند السلف، وإن أُخذ على بعضهم ضعف الآلة في الحديث وعلومه وإكثار الاعتماد على النظر والقياس والتعليل.
ومن كان ضعيف المعرفة بالحديث كثير الاعتماد على النظر لم يُستغرب وقوعه في أخطاء يؤدّيه إليها نظره وقياسه، ولذلك أمثلة كثيرة.
والمقصود أن تصنيف هؤلاء من أهل الرأي المذموم لا يصحّ؛ لأنهم جماعة من الأئمة المعروفين بالعلم والفقه في الدين.
ولا يصحّ إطلاق القول في تصنيفهم بأنّهم من أهل الرأي المحمود لما في ذلك من تزكية آرائهم التي أخطأوا فيها، وأنكرها عليهم السلف الصالح.
ولا يصحّ القول بتميّزهم عن السلف في التفسير بالرأي لاشتراكهم في كثير من موارد الاجتهاد، وتناولهم المسائل التي تناولها بقيّة الأئمة واتّفاقهم في كثير من المسائل، وما اختلفوا فيه كان له أسباب كثيرة لا تُقصر على اعتمادهم على النظر والقياس.
ولأجل هذا الالتباس عدلت عن الاعتماد على اسم الرأي في تسمية هذا الطريق من طرق التفسير إلى اختيار اسم الاجتهاد لأنه الأقرب إلى استعمال السلف، وما أصاب فيه من يُسمّون أهل الرأي المحمود فهو داخل في الاجتهاد المعتبر المشروع، وما أنكره عليهم السلف فلا يعدّ من الاجتهاد المعتبر.
والمراد بالاجتهاد اجتهاد الرأي، كما روي ذلك عن جماعة من الصحابة إلا أن لفظ الاجتهاد مع بيان موارده يدلّ على أن اعتماد صاحبه ليس على مجرّد نظره ورأيه، وإنما هو اجتهاد منضبط بحدود وآداب، وله موارد ودلالات). [طرق التفسير:318 - 320]


رد مع اقتباس