عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م, 01:02 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

فصل في الوقف على هاء الكناية وميم الجمع
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (فصل في الوقف على هاء الكناية وميم الجمع
4- اعلم أن الهاء حرف خفي، فكأن حركة ما قبل الهاء على الهاء، إذا كانت حركة الهاء مثل ما قبلها، فإذا وقفت على هاء الكتابة، وهي مضمومة، وقبلها ضمة أو واو، وقفت بالإسكان لا غير؛ لأنها لما كانت حركتها بمنزلة ما قبلها، كأنها موقوف عليها، وكأن ما قبلها هو آخر الكلمة، فاستغني بها عن الروم، وكذلك إذا كانت الهاء مكسورة، وقبلها كسرة أو ياء، تقف عليها بالسكون، ولا تقف بالروم؛ لأن الحركة التي قبلها، كأنها عليها، وكأنها موقوف عليها، لخفاء الهاء والياء كالكسرة والواو كالضمة في ذلك، وتقف على ما عدا هذين الأصلين، مما قبل الهاء فتحة أو ساكن غير الياء والواو، بالروم أو الإشمام، كسائر الحروف؛ لأنها لما خالفت حركة ما قبلها حركتها، ولم يستغن في الروم بحركة ما قبلها عن روم حركتها؛ لأنها مخالفة لحركتها، فحسن في ذلك الروم وكذلك الإشمام في المضمومة، فتقف على: «عليه، وأنسانيه، ولأهله» بالإسكان لا غير في قراءة الجماعة، الذين كسروا الهاء، وتقف على ذلك كله بالروم أو بالإشمام، في قراءة من ضم الهاء، فافهمه.
5- وأما ميم الجمع فالقياس يوجب جواز الروم والإشمام فيها، في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/127]
الوقف على قراءة من ضمها لغير التقاء الساكنين، لأنها كسائر الحروف، وقد سووا في جواز الروم في الحركات، التي هي إعراب، أو هي بناء لساكن لازم، نحو: «يقول، وقيل» فميم الجمع كسائر الحروف المتحركة، يلزم فيها ما يلزم في الحروف المتحركة بحركة إعراب، أو بحركة بناء ساكن لازم، وما علمت أن أحدًا نص عليها بمنع ولا إيجاب، غير أنهم أطلقوا الروم والإشمام، في كل مرفوع أو مخفوض أو مضموم، لساكن قبله، أو مكسرو لساكن قبله، فالميم من جملة الحروف، فمن كان مذهبه فيها في الوصل الضم، وجب عليه أن يروم أو يشم في الوقف، وأيضًا فإن الروم والإشمام إذا دخلا الكلام، ليبين بهما ما كانت حركة الحرف الموقوف عليه في الوصل، فذلك واجب في الميم، لأن بالروم والإشمام يُعلم: أنها كانت في الوصل مضمومة، ولو وقف عليها بالإسكان لم يُعلم: هل كانت في الوصل ساكنة أو مضمومة، ففي الروم والإشمام بيان ما كانت حركة الميم عليه في الوصل، وبيان إن كانت ساكنة أو متحركة، وليست صلتها بواو بمانع من الروم والإشمام فيها، كما أنه ليس صلة هاء الكناية بواو في: «قدره، وأنشره» بمانع فيها من الروم والإشمام في الوقف عليها، وليس كون حركة ما قبل الميم كحركتها بمانع من الروم والإشمام فيها، كما كان ذلك مانعًا في الهاء، إذا كان حركة ما قبلها كحركتها؛ لأن الميم ليست بحرف خفي كالهاء، ولو كانت الميم كالهاء لم يجز الإشمام والروم في «يقوم ويحكم» وليس كون الميم من الشفتين بمانع فيها من الروم والإشمام، كما لم تمنع في «يقوم، ويحكم» وشبهه، وكما لم يمنع ذلك في الياء والواو، وهما من الشفتين، والإسكان فيها حسن، وهو الأصل.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/128]
«فصل في وقف البزي على «ما» التي للاستفهام التي دخل عليها حرف جر».
6- اعلم أن «ما» التي للاستفهام، إذا دخل عليها حرف جر حذفت ألفها، للفرق بين الاستفهام والخبر، فتقول في الاستفهام «عم تسأل يا هذا» وفي الخبر «عما تسأل أسأل أنا» وتقول في الاستفهام: «لم تؤذونني» وتقول في الخبر: «لما آذيتني آذيتك» فتحذف الألف في الاستفهام للفرق، فإذا وقفت على الميم من «ما» في الاستفهام، وجب أن تحذف الفتحة، وهي دالة على الألف المحذوفة، فكره ذلك بعض العرب، فأدخل «هاء» في الوقف، لتثبت الفتحة ولا تحذف، فيكون في الكلام ما يدل على الألف المحذوفة، ولئلا يُخل بالكلمة على قلة حروفها، فتحذف منها حرفا وحركة، وهي على حرفين، فتبقى على حرف واحد ساكن، ولتظهر الحركة، فيقوى الاسم، وتدل الحركة على المحذوف منه، وخص الوقف بذلك لأن الوصل تكون الميم فيه متحركة، وهي قراءة البزي عن ابن كثير، يقول في الوقف: «عمه، وبمه، وفيمه» وشبهه، فيأتي بها لبيان حركة الميم، وهذه الهاء هي هاء السكت في: «كتابيه، وحسابيه» وشبهه، أتى بها لبيان حركة الياء، لأنها اسم على حرف واحد متحرك. فإذا سكن في الوقف ضعف كون اسم الميم على حرف ساكن،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/129]
فأتى بالهاء لتقوية الاسم ببقاء حركته في الوقف، فتدل الحركة على الألف المحذوفة، وتقوى الميم بالحركة عليها، ومثله عند البصريين «أنا» الاسم منه الهمزة والنون، وجيء بالألف لبيان حركة النون في الوقف، فلذلك أكثر القراء على حذف الألف في الوصل؛ إذ هي غير أصلة، إنما جيء بها للوقف. ومن أثبتها في الوصل فعلى لغة من رأى أن «أنا» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين، وقد رأى بعض نحويي البصرة أن من أثبت الألف في «أنا» في الوصل فقد لحن، كما رأى من أثبت هاء السكت في «كتابيه» ونحوه في الوصل فقد لحن، فهذه الهاء في الوقف في «عمه، وفيمه» هاء السكت.
7- وحجة من لم يأت بالهاء في ذلك، أنه اتبع خط المصحف، ولا هاء فيه، وأيضًا فإن الوقف عارض، والسكون في الميم عارض، فلم يعتد بذلك، فأبقى الميم على سكونها، وأيضًا فإن ما وقع من ذلك في القرآن، لا يحسن الوقف عليه؛ إذ ليس بكلام تام ولا صالح، ولا قطع. وأيضًا فإن جماعة القراء على ترك الهاء في الوقف إلا البزي، والإجماع حجة. فإنه
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/130]
يلزم من أدخل في هذا هاء، في الوقف لبيان الحركة، أن يدخلها في الوقف على ياء الإضافة حيث وقعت؛ لأنها تسكن في الوقف، وهي الاسم، فيبقى الاسم على حرف واحد ساكن، وترك الهاء في ذلك إجماع من القاء، وهو جائز في الكلام وهو الاختيار.
8- ومما تفرد به البزي في الوقف أيضًا أنه كان يقف على: {هيهات} الثاني «المؤمنون 36» بالهاء، وروي أنه يقف عليهما بالهاء، وبالأول قرأت، وحجته في ذلك أنه أجراها على الهاء التي تدل على التأنيث في «التوراة، وكمشكاة» ألا ترى أنها في الوصل بالتاء كالتوراة، وحسن عنده ذلك، لانفتاح التاء، وبنائها على الفتح، بإجماع من القراء، وذهب القراء إلى أن التاء في «هيهات» دلت على تأنيث الكلمة كقولهم: «همت، ثمت، جلست»
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/131]
وكقولهم: «ربت رجل رأيت» فدخلت التاء لتأنيث الكلمة، وقد قال قطرب هي بمنزلة «مرضاة، ومرماة» فجعلها هاء تأنيث، وإن لم يكن لها مذكر.
9- فإن قيل: فلم خص البزي الثانية بالوقف عليها دون الأولى في روايته؟
فالجواب على ما قاله القراء: أنه جعلهما جميعًا ككلمة واحدة، نحو «اثنتي عشرة» فوقف على الثاني بالهاء، كما وقف على عشرة، ولا يحسن عنده الوقف على الأولى؛ لأنها كاسم واحد.
10- وحجة من وقف بالتاء أنه اتبع خط المصحف، وأن من العرب من يخفضه وينونه كـ «غرفات، وملكوت» ولا يحسن على هذا فيه إلا الوقف بالتاء، وأيضًا فإن الوقف بالتاء إجماع من القراء غير البزي، وقد قال الأخفش: هي بمنزلة قولك: كان من الأمر كيت وكيت، وهذا لا يوقف عليه إلا بالتاء وأيضًا فإن سيبويه قال: «هيهات» اسم بمنزلة الأصوات، وفتح التاء عنده تدل على أنه اسم واحد، وكسرتها إذا كسرت تدل على أنه جمع، لم ينطق بواحده. وأيضًا فإن التاء لا يحسن حذفها، فهي أصلية، والتاء الأصلية لا يوقف عليها إلا بالتاء في جميع الكلام، ومعنى «هيهات» غير منون البعد، وإذا نونت فمعناها:
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/132]
بعد، وفتحت للبناء والسكون اللذين قبلها، واختير لها الفتح للألف، والفتحة التي قبلها، وفيها لغات: كسر التاء والتنوين، والكسر بغير تنوين، وكذلك الضم والفتح بتنوين وبغير تنوين، وهي عند سيبويه ظرف غير متمكن، فلذلك بُني، فإذا قلت: هيهات منزلك، فمعناه: في البعد منزلك، وإذا نونت فمعناه: في بعدٍ منزلك. ومن العرب من يبدل من الهاء الأولى همزة فيقول: أيهات، ومنهم من يقول: أيهان، بالنون والهمزة، وقد تقدم الكلام في الوقف على هاء التأنيث وعلى الحركة العارضة، إذا فارقها ما تحركت من أجله، وأن الوقف على ذلك بالسكون لا غير، إلا أن تقف على هاء التأنيث بالتاء فيحسن الروم والإشمام، فكل هذا مذكور في باب الروم والإشمام بعلله). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/133]


رد مع اقتباس