عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:11 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (65) إلى الآية (70) ]

{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}

قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65)}

قوله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (21- وقوله تعالى: {مما علمت رشدا} [66].
قرأ ابن عامر: {رشدا} بضمتين.
وقرأ أبو عمرو: {رشدا} بفتحتين.
وقرأ الباقون: {رشدا} بإسكان الشين وضم الراء فقال قوم: هما لغتان الرشد والرشد مثل الحزن والحزن وقال آخرون: الرشد الصلاح كقوله: {فإن آنستم منهم رشدا} والرشد في الدين.
وحدثني أحمد عن علي عن أبي عبيد قال: الاختيار {رشدًا} هاهنا، لأنها رأس آية كقوله في {قل أوحى إلي}: {فتحروا رشدًا} ليوافق رءوس الآي من قبل ومن بعد.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/400]
فأما قراءة ابن عامر فإنه أتبع الضم الضم مثل السُّحْتُ والسُّحُت والبُخْلُ والبُخُلُ، والعرب تقول: طعنت فلانًا فألقيته على قُطْره وقُطُره، وعلى قتره وعلى قتره، وعلى شزنه وعلى شزنه، كل ذلك على ناحيته وجنبه. وأقطار الأرض وأقتارها وأشزانها: نواحيها. والقطر في غير هذا العود الذي يتبخر به، أنشدني ابن عرفة رضي الله عنه.
كأن المدام وصوب الغمام = وريح الخزامى ونشر القطر
تعل به برد أنفاسها = إذا غرد الطائر المستحر
وإنما خص وقت السحر، لأن الأفواه تتغير في ذلك الوقت فسرق شاعر هذا فقال:
كأن المدام وصوب الغمام = وريح الخزامى وذوب العسل
تعل به برد أنيابها = إذا النجم فوق السماء اعتدل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/401]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله تعالى: مما علمت رشدا [الكهف/ 66] في التثقيل والتخفيف.
فقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي: مما علمت رشدا مضمومة الراء خفيفة الشين.
وقرأ ابن عامر: (مما علّمت رشدا)، مضمومة الراء والشين،
[الحجة للقراء السبعة: 5/154]
هكذا في كتابي عن أحمد بن يوسف عن ابن ذكوان، ورأيت في كتاب موسى بن موسى عن ابن ذكوان: رشدا: خفيفة، وقال هشام بن عمار بإسناده عن ابن عامر رشدا خفيفة.
وقرأ أبو عمرو (رشدا)، مفتوحة الراء والشين.
قال: رشدا ورشدا لغتان، وكلّ واحد منهما بمعنى الآخر، وقد أجرت العرب كلّ واحد منهما مجرى الآخر، فقالوا: وثن ووثن، وأسد وأسد وخشبة وخشب، وبدنة وبدن، فجمعوا فعلا على فعل، ولما كان فعل يجري عندهم مجرى فعل جمعوا أيضا فعلا على فعل، كما جمعوا فعلا عليه. وذلك قوله: والفلك التي تجري في البحر [البقرة/ 164]، وفي أخرى: في الفلك المشحون [الشعراء/ 119] [يس/ 41]، فهذا يدلّك على أنهما عندهم يجريان جميعا مجرى واحدا، وعلى هذا أيضا جمعوا فعلا وفعلا، على فعلانٍ، فقالوا: قاعٌ وقيعان. وتاج وتيجان، وقالوا: حوت وحيتان، ونون ونينان، وقد قيل: إن القراءة ب رشدا أرجح، لأنهم اتفقوا في قوله: فأولئك تحروا رشدا [الجن/ 14] على الفتح، والتي في الكهف رأس آية مثل ما وقع الاتفاق على فتحه، وتحريك عينه، فوجب أن يكون هذا أيضا مثله، من حيث اجتمعا في أن كل واحد في رأس آية. فأما انتصاب رشدا، فيجوز أن ينتصب على أنه مفعول له، ويكون متعلقا بأتّبع، وكأنّه: هل أتّبعك للرشد، أو لطلب الرّشد على أن تعلمني، فيكون على حالا من قوله: أتبعك، ويجوز أن يكون للرشد مفعولا به تقديره: هل أتبعك على أن تعلّمني رشدا مما علمته، ويكون العلم
[الحجة للقراء السبعة: 5/155]
الذي يتعدّى إلى مفعول واحد يتعدّى بتضعيف العين إلى مفعولين، كقوله: وعلم آدم الأسماء كلها [البقرة/ 31] تقديره: هل أتّبعك على أن تعلّمني رشدا مما علمته. فحذفت الراجع من الصلة إلى الموصول، ويكون على هذا كلّ واحد من الفعلين قد استوفى مفعوليه اللذين يقتضيهما الفعلان، ومعنى: علّمني رشدا: علّمني أمرا ذا رشد، أو علما ذا رشد). [الحجة للقراء السبعة: 5/156]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن ممّا علمت رشدا}
قرأ أبو عمرو {ممّا علمت رشدا} بفتح الرّاء والشين وقرأ الباقون {رشدا} بإسكان الشين وضم الرّاء وهما لغتان مثل الحزن والحزن وقال آخرون الرشد الصّلاح كقوله {فإن آنستم منهم رشدا} والرشد في الدّين وأجود الوجهين الرشد بضم الرّاء وإنّما قلت ذلك لتوفيق ما بينه وبين ما قبله وما بعده من أواخر الآي وذلك أن الآي قبلها وبعدها أتت بسكون الحرف الأوسط من الكلمة وهو قوله {وعلمناه من لدنا علما} {معي صبرا}
[حجة القراءات: 422]
67 - و72 {ما لم تحط به خبرا} فكان الوجه فيما توسط أن يجري بلفظ ما تقدم وما تأخّر إذ كان في سياقه فكان أولى من مخالفة ما بينها ليأتلف رؤوس الآيات على نظام واحد). [حجة القراءات: 423]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (35- قوله: {مما علمت رشدًا} قرأه أبو عمرو بفتح الراء والشين، وقرأ الباقون بضم الراء، وإسكان الشين، وهما لغتان: الرشد والرَّشَد، والعُدم العَدَم، وقد تقدم ذكر ذلك في الأعراف، ويقوي الفتح إجماعهم على الفتح في قوله: {تحروا رشدا} «الجن 14»، فإن أعملت {هل أتبعك} في {رشدا} كان مفعولًا من أجله، أي: هل أتبعك الرشد على أن تُعلمني مما علمت، والعلم ههنا بمعنى التعريف الذي يتعدّى إلى مفعول،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/66]
وإن نصبته بـ «تعلمني» كان مفعولًا به، ويكون {تعلمني} هو الذي يتعدى إلى مفعول واحد، بمعنى «تعرفني» فلما شددته تعدّى إلى مفعولين، كقوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} «البقرة 31» فلولا أنه بمعنى «عرفت» لتعدّى بالتشديد إلى ثلاثة مفعولين؛ لأنه في الأصل إذا لم يكن بمعنى «عرفت» يتعدى إلى مفعولين، وإذا شدد ازداد في التعدي إلى مفعول ثالث، والمعنى أن تعلمني أمرًا ذا رشد وعلما ذا رشد مما علمته، والضم الاختيار؛ لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/67]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (27- {مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا} [آية/ 66] بفتح الراء والشين:
قرأها أبو عمرو ويعقوب.
وقرأ الباقون {رُشْدًا} بضم الراء وإسكان الشين.
والوجه أن رُشْدًا ورَشَدًا لغتان كبُخْلٍ وبَخَلٍ، والقراءة بفتح الراء والشين أرجح؛ لأنهم اتفقوا على الفتح في قوله {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا}؛ لأنه رأس آية، وكذلك هذا رأس آية، فينبغي أن يكون مثله). [الموضح: 789]

قوله تعالى: {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (معي صبرا (67) في ثلاثة مواضع.
فتحهن حفص وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/118]

قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)}

قوله تعالى: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ستجدني إن شاء اللّه (69)
فتح الياء نافع وحده). [معاني القراءات وعللها: 2/118]

قوله تعالى: {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فلا تسألني عن شيءٍ (70)
قرأ نافع وابن عامر (فلا تسألنّي) مثقلة، وروى ابن أخرم لابن عامر (فلا تسألنّ) بغير ياء.
وقرأ الباقون (فلا تسألني عن شيءٍ) ساكنة اللام، بياء في الوصل والوقف، والياء ثابتة في الكهف في جميع المصاحف.
قال أبو منصور: من قرأ (فلا تسألنّي) فالتشديد للتأكيد، والياء في موضع النصب، ومن كسر النون اكتفى بكسرتها من الياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/114]
ومن قرأ (فلا تسألني) بنون خفيفة فهي النون التي تدل على المفعول المضمر مع الياء، كقولك: (لا تقتلني) ). [معاني القراءات وعللها: 2/115]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (23- وقوله تعالى: {فلا تسئلني} [70].
قرأ ابن عامر: {تسألني}.
والباقون: {تسئلن} وقد ذكرت علته في (هود) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/403]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: (فلا تسألن عن شيء) [الكهف/ 70].
فقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: فلا تسألني ساكنة اللام.
وقرأ نافع: (تسألني) مفتوحة اللام مشدّدة النون.
وقرأ ابن عامر: (فلا تسألنّ عن شيء) اللام متحركة بغير ياء
[الحجة للقراء السبعة: 5/157]
مكسورة النون. وقال هشام عنه: (تسألني) بتاء مشدّدة النون.
قول ابن كثير ومن تبعه عدّوا فيه السؤال إلى المفعول الذي هو المتكلم مثل: لا تضربنّي، ولا تظلمنّي، ونحو ذلك.
وقول نافع: (تسألنّي) مفتوحة اللام، ففتحة اللام لأنه لما ألحق الفعل الثقيلة بنى الفعل معها على الفتح. فإن أثبت الياء، كما أثبت من تقدّم ذكره، فقد عدّاه إلى المفعول به كما عدّاه من تقدّم. فإن فتح النون عدّى الفعل في المعنى، وليس في اللفظ بمتعد.
وقول ابن عامر: (فلا تسألنّ) ألحق الثقيلة، وعدّى الفعل إلى المفعول به في اللفظ، والكسرة في النون تدلّ على إرادة المفعول به، وحذف الياء من اللفظ.
ورواية هشام (تسألنّي) بياء، مشدّدة النون، تعدّى الفعل فيه إلى المفعول به، وبيّن إثبات علامته غير محذوف منها الياء). [الحجة للقراء السبعة: 5/158]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا} 70
قرأ العجمي عن ابن عامر (فلا تسألن عن شيء) بفتح النّون والتّشديد وقرأ نافع وابن عامر {فلا تسألني} بكسر النّون والتّشديد وقرأ الباقون {فلا تسألني} ساكنة اللّام وقد بيّنت في سورة هود). [حجة القراءات: 423]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (36- قوله: {فلا تسألني} قرأه نافع وابن عامر بفتح اللام، وتشديد النون وكسرها، وقرأ الباقون بإسكان اللام، وتخفيف النون، وكسرها، وكلهم أثبت الياء في الوصل والوقف، إلا ما روي عن ابن ذكوان من طريق الأخفش وغيره أنه حذف الياء في الوصف والوقف، والمشهور عنه إثبات الياء في الحالين كالجماعة.
وحجة من شدد النون أنه جعلها النون المشددة، التي تدخل في الأمر والنهي والشرط للتأكيد، فيبنى الفعل معها على الفتح، وحُذفت النون التي تدخل مع الياء في اسم المفعول المضمر، لاجتماع النونات، وبقيت النون المشددة مكسورة الياء التي بعدها، وأصلها {تسألني}.
37- وحجة من خفف أنه لم يُلحق الفعل نونا للتأكيد في النهي، وجزم الفعل للنهي ويثبت النون مع الياء.
38- وحجة من حذف الياء أنه استغنى بالكسرة عن الياء.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/67]
39- وحجة من أثبتها أنه الأصل، وأنه اتبع خط المصحف، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/68]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (28- {فَلَا تَسْأَلَنِّي} [آية/ 70] بفتح اللام وتشديد النون:
قرأها نافع وابن عامر.
والوجه أن الفعل قد أُلحق النون الثقيلة، وبُني معها على الفتح، وهكذا الحكم فيما قبل النون الثقيلة.
وقرأ الباقون {فَلَا تَسْأَلْنِي} بإسكان اللام وتخفيف النون.
والوجه أن الفعل مجزوم بلا التي للنهي، فسكنت اللام للجزم، وكل القراء أثبتوا الياء، إلا ما رُوي عن ابن عامر قرأ بغير ياء، والصحيح عنه إثبات الياء.
[الموضح: 789]
ووجه حذف الياء التخفيف بحذفها والاستغناء عنها بالكسرة، وقد سبق مثله). [الموضح: 790]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس