عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:44 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس
[ من الآية (34) إلى الآية (36) ]

{ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) }

قوله تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34)}

قوله تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أمّن لا يهدّي إلّا أن يهدى (35)
قرأ ابن كثير وابن عامر (أمّن لا يهدّي) بفتح الياء والهاء وتشديد الدال - وكان أبو عمرو يشم الهاء الفتحة.
وقرأ نافع (يهدّى -) بفتح الياء وسكون الهاء، وتشديد الدال، وقرأ أبو بكر عن عاصم في رواية يحيى " يهدّي) بكسر الياء والهاء وتشديد الدال.
وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم (يهدّي) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال.
وكذلك قرأ الحضرمي.
وقرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وتخفيف الدال.
قال أبو منصور: أما من قرأ (أمّن يهدّى) بفتح الياء وسكون الهاء وتشديد الدال فإن القراءة وإن رويت فاللفظ بها ممتنع عند النحويين غير سائغة؛ لاجتماع
[معاني القراءات وعللها: 2/44]
الساكنين، والعرب لا تكاد تجمع بينهما، وقد حكى سيبويه أنها لغة، وأن مثلها قد يتكلم به.
ومن قرأ (أمّن لا يهدّي) بفتح الياء والهاء وتشديد الدال فهو جيد، والأصل فيها (يهتدي)، فأدغمت التاء في الدال، فطرحت فتحتها على الهاء.
والذين جمعوا بين ساكنين الأصل عندهم أيضًا (يهتدي)، فأدغمت التاء في الدال، وتركت الهاء ساكنة كما كانت في الأصل، فاجتمع ساكنان.
ومن قرأ (أمّن لا يهدّي) بكسر الهاء فهذه القراءة في الجودة كفتح الهاء، وإنما كسر الهاء [... ] لالتقاء الساكنين). [معاني القراءات وعللها: 2/45]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {أمن لا يهدي إلا أن يهدى} [35].
قرأ حمزة والكسائي {أمن لا يهدي} بإسكان الهاء، خفيفة الدال، من هدى يهدي هداية.
وقرأ نافع في رواية ورش، وابن كثير وأبو عمرو {أمن لا يهدي} بفتح الهاء وتشديد الدال، أرادوا يهتدي فنقلوا فتحة التاء إلى الهاء فأدغموا التاء في الدال، واحتجوا بقراءة عبد الله: {أمن لا يهتدي إلا أن يهدى} وهذا هو الصحيح في المعنى؛ لأن الله وبخهم لعبادة من لا يحسن التنقل من موقع إلى موضع حتى يُنقل، ولا يهتدي إلا حتى أن يُهدي.
وقرأ عاصم في رواية يحيى عن أبي بكر {أمن لا يهدي} بكسر الياء والهاء، أراد: يهتدي أيضًا فأدغم التاء في الدال، فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقاء الساكنين، وكسر الياء لمجاورة الهاء، كما قيل في رمى رمى وفي منتن منتن.
وروى حفص عن عاصم {يهدي} بفتح الياء وكسر الهاء وتفسيره كتفسير الأول.
وروى قالون عن نافع {أمن لا يهدي} بإسكان الهاء وتشديد الدال، وهو رديء؛ لأنه جمع بين ساكنين وليس أحدهما حرف لين.
قال الأخفش: العرب تقول: فلان يحتجم ويُحَجَّمُ ويَحْجِمُ ويَحْجُمُ ويَحِجِّمُ فأما ما روى اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان يسكن الهاء ويشمها الفتحة فترجمة غلط؛ لأن السكون ضد الحركة وهما لا يجتمعان فكأن أبا عمرو أخفى الفتحة فتوهم من سمعه أنه أسكن ولم يُسكن). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/268]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله سبحانه: أم من لا يهدي [يونس/ 35].
فقرأ ابن كثير وابن عامر: يهدي* مفتوحة الياء والهاء، مشدّدة الدال.
وقرأ نافع وأبو عمرو: يهدي* بإسكان الهاء وتشديد الدال، غير أن أبا عمرو كان يشمّ الهاء شيئا من الفتح،
[الحجة للقراء السبعة: 4/274]
وروى ورش عن نافع: يهدي* بفتح الهاء مثل ابن كثير.
وقرأ حمزة والكسائي: يهدي* ساكنة الهاء خفيفة الدال.
وقرأ عاصم في رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم: يهدي* مكسورة الياء والهاء، مشدّدة الدال.
وروى حفص عن عاصم والكسائي عن أبي بكر عنه، وحسين عن أبي بكر عنه: يهدي* بفتح الياء وكسر الهاء.
قال أبو علي: من قرأ: لا يهدي* فقد نسبهم إلى غاية الذهاب عن الحقّ والزّيغ عنه في معادلتهم الآلهة بالقديم سبحانه، ألا ترى أن المعنى: أفمن يهدي غيره إلى طريق التوحيد والحقّ أحقّ أن يتّبع، أم من لا يهتدي هو، إلّا أن يهدى؟ والمعنى: أفمن يهدي غيره، فحذف المفعول الثابت في نحو قوله: فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه [البقرة/ 213].
فإن قلت: إن هذه التي اتخذوها لا تهتدي، وإن هديت، لأنّها موات من حجارة وأوثان ونحو ذلك.
قيل: إنّه كذلك، ولكنّ الكلام نزّل على أنّها إن هديت اهتدت، وإن لم تكن في الحقيقة كذلك، لأنهم لما اتخذوها آلهة عبّر عنها كما يعبّر عن الذي تجب له العبادة، ألا ترى أنه من قال: ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا
[الحجة للقراء السبعة: 4/275]
يستطيعون [النحل/ 73]، وكما قال: إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم [الأعراف/ 194].
وإنّما هي موات، ألا ترى أنّه قال: فادعوهم فليستجيبوا لكم ألهم أرجل يمشون بها.. [الأعراف/ 194 - 195].
وكذلك قوله: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم [فاطر/ 14] فأجري عليها اللفظ بحسب
ما أجري على من يعلم فإلا... على هذا بمنزلة
حتى، كأنه قال: أم من لا يهتدي حتّى يهدى، أي: أم من لا يعلم حتى يعلّم، ومن لا يستدلّ على شيء حتى يدلّ عليه، وإن كان لو دلّ أو أعلم لم يعلم ولم يستدلّ.
وقراءة حمزة والكسائي: أم من لا يهدي فإن المعنى فيه: أم من لا يهدي غيره، لكن يهدى، أي: لا يعلم شيئا ولا يعرفه، لكن يهدى، أي: لا هداية له، ولو هدي أيضا لم
يهتد، إلا أن اللفظ جرى عليه، كما ذكرناه فيما تقدم.
فأمّا يهدّي ويهدّي ويهدي وتهدي، فمعانيها كلها: يفتعل، وإن اختلفت ألفاظها، فالجميع أدغموا التاء في الدال لمقاربتها لها. ألا ترى أن التاء والدال والطاء من حيّز واحد. واختلفوا
[الحجة للقراء السبعة: 4/276]
في تحريك الهاء، فمن قال: يهدي* ألقى حركة الحرف المدغم وهي الفتحة على الهاء، كما ألقاها على ما قبل المدغم في: معدّ وممدّ، وفي عدّ وفرّ وعضّ، ألا ترى أن الفاءات متحركة بحركة العينات، وكذلك يهدي*، لأنها في كلمة كما أن ممدّ ونحوه في كلمة، فمن قال: يهدي فحرّك الهاء بالكسر، فلأن الكلمة عنده أشبهت المنفصلة، نحو: ضربّ بكر، فإذا أشبهت المنفصلة، بدلالة الإظهار في نحو: اقتتلوا، لم تلق الحركة على ما قبل المدغم، كما أن المنفصل من نحو: قرم مالك، واسم موسى، لا يلقى على الساكن منه حركة المدغم، فلمّا لم يجز إلقاء الحركة على الساكن ترك الهاء على سكونها، فالتقت مع الحرف المدغم وهما ساكنان فحرّك الأول من الساكنين بالكسر لالتقاء الساكنين.
فإن قلت: فقد قالوا: عبشمس، فألقوا حركة المدغم في المنفصل على الأول منهما، وأجري المنفصل مجرى المتصل.
فذلك إنّما جاء في هذا الحرف وحده، ولم يعلم غيره، وشذّ ذلك، لأن الأعلام قد جاء فيها، وجاز ما لم يجز
[الحجة للقراء السبعة: 4/277]
في غيرها، ولم يجيء، ألا ترى أن فيها مثل: موهب، ومورق وتهلل وحيوة، فكذلك جاء هذا في عبشمس.
ويدلّك على أن إلقاء الحركة ليس بأصل في هذا الباب تحريكهم الساكن فيه بالضم، وإتباعهم الحرف الساكن ما قبله من الحركة، وذلك ما حكاه عن الخليل وهارون أنّ ناسا من العرب يقولون: مردفين [الأنعام/ 9]، ولست تجد هذا في ممدّ ونحوه.
فأمّا من قال: يهدي* بسكون الهاء، فقد قلنا في الجواز في جمع الساكنين في هذا النحو فيما تقدم، ويقوّيه ما أنشده من قوله:
ومسحيّ مرّ عقاب كاسر وأمّا من أشمّ في هذا ولم يسكن، فالإشمام في حكم التحريك.
[الحجة للقراء السبعة: 4/278]
وأمّا من قال: يهدي بكسر الياء، فإنه يفتعل وأتبع الياء ما بعدها من الكسر.
فإن قلت: إنّ الياء التي للمضارعة لا تكسر، ألا ترى أن من قال: تعلم، لم يقل: يعلم.
قيل: لم تكسر الياء في يهدّي من حيث كسرت النون من نعلم والتاء في تعلم، ولا كما كسرت حروف المضارعة فيما لحقت أوله همزة الوصل، ولا ما كان ينبغي أن تلحقه همزة الوصل نحو: تتغافل، ولكن لمعنى آخر، كما لم تكسر الياء في ييجل من حيث كسرت التاء في تعلم، ولو كسرت في ييجل من حيث كسرت النون في نعلم، لم تكسر في ييجل لأن من يقول نعلم: لا يقول: يعلم، ولكن كسرت الياء من ييجل، لتنقلب الواو ياء، فكذلك كسرت في قوله: يهدي للإتباع، لا من حيث كسر: أنت تهتدي، وأنت تعلم، كما كسرت في ييجل لتنقلب الواو إلى الياء.
وقد كسروا الياء في ييبا، فقالوا: أنت تيبا وهو ييبا، فحرّكوا بالكسر، والحركة في أنت تيبا، والكسرة فيه من حيث كسر أنت تعلم، وذلك أنّ المضارع لمّا كان على وزن يفعل نزّل الماضي كأنّه على فعل، فقالوا: أنت تيبا، كما قالوا:
[الحجة للقراء السبعة: 4/279]
أنت تعلم وكما قالوا: هما يشأيان بالياء، وهو من الشأو، لمّا كان المضارع على يفعل، نزّل الماضي كأنّه على فعل، وإذا كان على فعل لزم انقلاب الواو التي هي لام إلى الياء، فجاء المضارع بالياء في يشأيان على هذا التنزيل، كما جاء تيبا، على أن الماضي منه على فعل، وكسرت الياء في ييبا كما كسرت الحروف الأخر التي للمضارعة على وجه الشذوذ، وإن لم يكسروا الياء في غير هذا الحرف، ففي هذا بعض الإيناس بقول من قال: يهدي فكسر الياء، وإن كانت جهتا إيجاب الكسر فيهما مختلفتين). [الحجة للقراء السبعة: 4/280]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أم من لا يهدي إلّا أن يهدى}
قرأ نافع (أمن لا يهدي) بإسكان الهاء وتشديد الدّال الأصل يهتدي فأدغمت التّاء في الدّال وتركت الهاء ساكنة كما كانت
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وورش (أمن لا يهدي) بفتح التّاء والهاء وتشديد الدّال والأصل يهتدي فأدغموا التّاء في الدّال وطرحوا فتحتها على الهاء واحتجّوا بقراءة عبد الله (أمن
[حجة القراءات: 331]
لا يهتدي) وكان ابن عبّاس يقول إن محمّد صلى الله عليه دعا قومه إلى دين الله وأرشدهم إلى طاعته فعصوه وهو أحق أن يتبع أم من لا يهتدي إلّا أن يهدى أي يرشده غيره
قرأ حمزة والكسائيّ (أمن لا يهدي) ساكنة الهاء خفيفة الدّال وحجتهما في ذلك أن يهدي في معنى يهتدي تقول هديت غيري وهديت أنا على معنى اهتديت قال الفراء العرب تقول هدى واهتدى بمعنى واحد وهما جميعًا في أهل الحجاز وسمع أعرابي فصيح يقول إن السهم لا يهدي إلّا بثلاث قذذ أي لا يهتدي
قرأ عاصم في رواية أبي بكر {أم من لا يهدي} بكسر الياء والهاء أراد يهتدي فأدغم التّاء في الدّال فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وكسر الياء لمجاورة الهاء وأتبع الكسرة الكسرة
وقرأ حفص {أم من لا يهدي} يفتح الياء وكسر الهاء في الجودة كفتح الهاء في الجودة والهاء مكسورة لالتقاء الساكنين). [حجة القراءات: 332]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {أمن لا يهدي} قرأ ابن كثير وابن عامر وورش بفتح الياء والهاء، وتشديد الدال، وكذلك قرأ أبو عمرو وقالون، غير أنهما اختلسا فتحة الهاء، وقرأ حمزة والكسائي بفتح الياء، وإسكان الهاء والتخفيف، وقرأ حفص بفتح الياء، وكسر الهاء، والتشديد، وكذلك قرأ أبو بكر، غير أنه كسر الياء مع كسر الهاء.
وحجة من شدده أنه بناه على «اهتدى يهتدي»، ثم أدغم التاء في الدال، بعد أن ألقى حركتها على الهاء، ففتحها، وفي هذه القراءة مبالغة في ذم الكفار، وآلهتهم أنها لا تهتدي في أنفسها، إلا أن تهدى، وهذه غاية النقص والضعف، والمعنى: أفمن يهدي غيره إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهتدي في نفسه إلا أن يُهدى، فهي إذا كانت لا تهتدي إلى نفع أنفسها أحرى أن لا تهدي أحدًا إلى شيء، وإنما جاز أن يخبر عنها بأنها تهتدي إذا هديت، وهي موات، لأنهم عبدوها فأقاموها مقام من يعقل، فعبر عنها كما يُعبر عمن يعقل، على مذهبهم فيها، أي: لو كانت ممن يعقل لم تهتد إلا أن تهدى، وهي في المعنى لا تهتدي وإن هديت؛ لأنها حجارة.
15- وحجة من أسكن الهاء وخفف أنه بناه على «هدى يهدي غيره» فالمفعول مضمر قام مفام الفاعل، ومعنى {إلا أن يهدي}، أي: إلا أن يهدى فلا يهتدي.
16- وحجة من كسر الهاء أنه لما أدغم الياء في الدال لم يلق حركة التاء على الهاء، وشبهه بالحرفين المنفصلين اللذين أدغم الاول في الثاني ولا تُلقى حركة الأول على ما قبله، بل تحذف، نحو إدغام أبي عمرو: {يجعل
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/518]
لكم} «الأنفال 29»، و{يقول له} «البقرة 117» وشبهه، فبقيت الهاء ساكنة، وأول المدغم ساكن، فكسر الهاء لالتقاء الساكنين.
17- وحجة من كسر الياء مع كسر الهاء أنه لما كسر الهاء، لالتقاء الساكنين، على ما ذكرنا، أتبع حركة الياء الهاء، وحركة الدال، ليعمل اللسان في ثلاث كسرات عملًا واحدا.
18- وحجة من اختلس الحركة في الهاء أنه لما ألقى حركة التاء على الهاء اختلسها، ولم يُشبعها، إذ ليست بأصل على الهاء، وليبين أنها حركة لغير الهاء، ولم يمكنه إبقاء الهاء ساكنة لسكون أول المدغم، فلم يكن بد من إلقاء حركة التاء، فاختلسها لتخلص الهاء من السكون، وليدل أنها ليست بأصل في الهاء، فتوسَّط حالة بين حالتين، كالذي يُقرأ في الحروف الممالة بين اللفظين، فأما ما روي عن قالون وعن أبي عمرو، من إسكان الهاء، فهو بعيد ضعيف، لا يجوز إلا في شعر نادر، والمشهور عنهما الاختلاس وإخفاء الحركة، والإخفاء مثل الاختلاس في العلة المذكورة، والقراءة فيه على معنى «يهتدي» أحب إلي، لتمكن معناها، ولأن الجماعة عليه، ولأنه أبلغ في ذم آلهتهم، وقد تقدم ذكر «كلمات» في موضعين في هذه السورة، و{يحشرهم} «45» الثاني في هذه السورة، وذكرنا {ولكن الناس} «44» و«الآن» في موضعين في هذه السورة «51، 91»، كله قد مضى بحجته، فأغنى ذلك عن إعادته). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/519]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {أَمَّن لاَّ يَهِدِّي} [آية/ 35] بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال:
قرأها عاصم- ص- ويعقوب.
[الموضح: 623]
والوجه أن أصله يهتدي، فأرادوا إدغام التاء في الدال لمقاربتها لها من جهة أنهما من حيز واحد في المخرج، فأسكنوا التاء فأدغموها في الدال فبقي يهدي بسكون الهاء وتشديد الدال، فالتقى ساكنان الهاء والتاء الساكنة المدغمة في الدال فحرك الهاء بالكسر لالتقاء الساكنين فبقي {يَهِدِّي}.
وروى- ياش- عن عاصم {يِهِدِّي} بكسر الياء والهاء جميعًا.
والوجه أنه لما انتهت الصنعة إلى {يَهِدِّي} بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال، وهو الذي ذكرنا وجهه في القراءة التي تقدمت، اتبع الياء كسرة الهاء طلبًا للتجانس.
وقرأ ابن كثير ونافع- ش- وابن عامر {يَهَدِّي} بفتح الياء والهاء وتشديد الدال.
والوجه أن أصله يهتدي على ما سبق، فنقلوا حركة التاء إلى الهاء، وأدغموا التاء في الدال، فبقي يهدي بفتح الهاء.
وإنما فعلوا ذلك لأنهم ينقلون حركة الحرف الذي يراد إدغامه إلى ما قبله إن كان ساكنًا، ألا ترى أنهم فعلوا ذلك في معد وممدٍ.
وقرأ أبو عمرو {يَهْدِّي} بفتح الياء وإسكان الهاء وتشديد الدال، وكذلك روى- ن- و- يل- عن نافع، إلا أن الرواية عن أبي عمرو باختلاس فتحة الهاء.
[الموضح: 624]
والوجه في إسكان الهاء أن الأصل: يهتدي على ما سبق، فأسكنوا التاء إرادة الإدغام، فأدغمت التاء في الدال، فتركت الهاء على حالها من السكون، ولم تحرك، وفي ذلك جمع بين ساكنين، إلا انه لما كان الثاني مدغمًا، وكان يرتفع اللسان عنه مع المدغم فيه ارتفاعة واحدة، صار في حكم المتحرك، وقد سبق ذلك في سورة النساء.
وأما اختلاس أبي عمرو الفتحة فهو في حكم الفتحة، وقد ذكرنا علة فتحة الهاء.
وقرأ حمزة والكسائي {يَهْدِّي} بفتح الياء وسكون الهاء وتخفيف الدال.
والوجه أنه مضارع هدى يهدي هداية، وهو على وزن يفعل، وليس على يفتعل، والمعنى أم من لا يهدي غيره إلا أن يهدى، فحذف المفعول به.
ويجوز أن يكون بمعنى يهتدي أيضًا، فإن هدى قد جاء لازمًا بمعنى اهتدى). [الموضح: 625]

قوله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس