عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 03:20 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة يونس

[ من الآية (11) إلى الآية (14) ]

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) }

قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لقضي إليهم أجلهم)
[معاني القراءات وعللها: 2/39]
قرأ ابن عامر والحضرمي (لقضى) بفتح القاف، و(أجلهم) نصبًا، وقرأ الباقون (لقضي) بضم القاف، (أجلهم) رفعًا.
قال أبو منصور: من قرأ (لقضى) فمعناه: لقضى اللّه أجلهم، أي: أمضاه.
ومن قرأ (لقضي) فهو على ما لم يسم فاعله، ولذلك رفع (أجلهم) ). [معاني القراءات وعللها: 2/40]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (4- وقوله تعالى: {لقضي إليهم أجلهم} [11].
قرأ ابن عامر وحده: {لقضي إليهم أجلهم} بفتح القاف، أي: لقضى الله إليهم أجلهم، وحجته: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم} [11].
وقرأ الباقون {لقضي إليهم أجلهم ....} على ما لم يُسم فاعله، وكلا القراءتين حسنة، ومثلها قوله {فيمسك التى قضى عليها الموت} و{قضى عليها الموت} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/261]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح القاف وضمّها من قوله جل وعزّ: لقضي إليهم أجلهم [يونس/ 11].
فقرأ ابن عامر وحده: لقضى إليهم بفتح القاف، أجلهم* نصبا.
وقرأ الباقون: لقضي إليهم بضمّ القاف، أجلهم رفعا.
قال أبو علي: اللام في قوله سبحانه: لقضي جواب لو* من قوله: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي [يونس/ 11]، فالمعنى والله أعلم: ولو يعجّل الله للناس دعاء الشرّ، أي ما يدعون به من الشرّ على أنفسهم في حال ضجر وبطر استعجالهم إياه بدعاء الخير، فأضيف المصدر إلى المفعول، وحذف الفاعل [كقوله
[الحجة للقراء السبعة: 4/253]
من دعاء الخير [فصلت/ 49] في حذف ضمير الفاعل] والتقدير:
ولو يعجّل الله للناس الشرّ استعجالا مثل استعجالهم بالخير، لقضي إليهم أجلهم.
قال أبو عبيدة: لقضي إليهم أجلهم: لفرغ من أجلهم، وأنشد لأبي ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما... داود أو صنع السّوابغ تبّع
ومثل ما أنشده أبو عبيدة من قوله: قضاهما داود، قول الآخر:
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها... بوائق في أكمامها لم تفتّق
[الحجة للقراء السبعة: 4/254]
فالتقدير في قوله: لقضي إليهم أجلهم أي: لفرغ من أجلهم ومدّتهم المضروبة للحياة، وإذا انتهت مدّتهم المضروبة للحياة، هلكوا. وهذا قريب من قوله تعالى:
ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير، وكان الإنسان عجولا [الإسراء/ 11].
وقالوا للميّت: مقضّ، كأنّه قضى إذا مات، وقضّى: فعّل، التقدير فيه: استوفى أجله، وفرغ منه؛ قال ذو الرّمّة:
إذا الشخص فيها هزّه الآل أغمضت... عليه كإغماض المقضّي هجولها
المعنى: أغمضت هجول هذه البلاد على الشخص الذي فيها، فلم ير لغرقه في الآل، كإغماض المقضّي، وهو الميّت، لعينه، وهذا في المعنى كقوله:
ترى قورها يغرقن في الآل مرّة... وآونة يخرجن من غامر ضحل
[الحجة للقراء السبعة: 4/255]
فأما قوله سبحانه: لقضي إليهم أجلهم [يونس/ 11] وما يتعلّق به هذا الجارّ، فإنه لمّا كان معنى قضى: فرغ، وكان قولهم: فرغ، قد يتعدّى بهذا الحرف في قوله:
ألان فقد فرغت إلى نمير... فهذا حين صرت لهم عذابا
وفي التنزيل: سنفرغ لكم أيها الثقلان [الرحمن/ 31] أمكن أن يكون الفعل يتعدى باللام كما تعدى بإلى، كما أن أوحى في قوله: وأوحينا إليه [يوسف/ 15] قد تعدى بإلى، واللام في قوله: بأن ربك أوحى لها [الزلزلة/ 5]، فلمّا كان معنى قضي فرغ، وفرغ تعلّق بها إلى، كذلك تعلّق بقضى.
ووجه قراءة ابن عامر: لقضى إليهم أجلهم على إسناد الفعل إلى الفاعل؛ فلأن الذكر قد تقدم في قوله ولو يعجل
[الحجة للقراء السبعة: 4/256]
الله للناس الشر [يونس/ 10]. فقال: لقضى* على هذا، ومن حجّته في ذلك قوله سبحانه: ثم قضى أجلا، وأجل مسمى عنده [الأنعام/ 2]، فهذا الأجل الذي في هذه الآية هو الأجل المضروب للمحيا، كما أن الأجل في قوله: لقضى إليهم أجلهم كذلك.
فكما أسند الفعل بالأجل المضروب للحياة إلى الفاعل في قوله: ثم قضى أجلا عند الجميع؛ كذلك أسنده ابن عامر في قوله: لقضى إليهم أجلهم إلى الفاعل، ولم يسنده إلى الفعل المبنيّ للمفعول، ويدلّ على أنّ الأجل في قوله ثم قضى أجلا أجل المحيا، وأن قوله: وأجل مسمى عنده أجل البعث، يبين ذلك قوله: ثم أنتم تمترون [الأنعام/ 2]، أي: أنتم أيها المشركون تشكّون في البعث، فلا تصدّقون به، وقوله: ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده [الأنعام/ 2] في المعنى كقوله: فأحياكم ثم يميتكم [الحج/ 66].
ومن قرأ لقضي فبنى الفعل للمفعول به، فلأنّه في المعنى كقول من بنى الفعل للفاعل). [الحجة للقراء السبعة: 4/257]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم}
قرأ ابن عامر {لقضي إليهم} بفتح القاف والضّاد أجلهم ذهب أي لقضى الله إليهم أجلهم وحجته قوله {ولو يعجل الله للنّاس الشّرّ استعجالهم} وقرأ الباقون {لقضي إليهم أجلهم} على ما لم يسم فاعله). [حجة القراءات: 328]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (5- {لَقَضى إلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ} [آية/ 11] بفتح القاف والضاد من {قَضَى}، ونصب {أَجَلَهُمْ}:
قرأها ابن عامر ويعقوب.
والوجه أنه فعل مبني للفاعل، وقد أسند إلى الله تعالى، وذكره قد تقدم في قوله سبحانه {ولَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ} أي لقضى الله إليهم أجلهم، ونصب {أَجَلَهُمْ} على أنه مفعول به.
وقرأ الباقون {لَقُضِيَ} بضم القاف وكسر الضاد {أَجَلُهُمْ} بالرفع.
والوجه أن الفعل مبني للمفعول به؛ لأنه معلوم أن القاضي هو الله عز وجل، فسواء بني الفعل للفاعل أم للمفعول به؛ إذ المعنى واحد). [الموضح: 616]

قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)}

قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك ابن شعيب قال: سمعت يحيى بن الحارث يقرأ: [لِنَظُّرَ كيف تَعْمَلون] بنون واحدة. قال: فقلت له: ما سمعت أحدًا يقرؤها، قال: هكذا رأيتها في الإمام: مصحف عثمان. أيوب عن يحيى عن ابن عامر: [لِنَظُّرَ] بنون واحدة مثله.
قال أبو الفتح: ظاهر هذا أنه أدغم نون ننظر في الظاء، وهذا لا يُعرف في اللغة، ويشبه أن تكون مخفاة؛ فظنها القراء مدغمة على عادتهم في تحصيل كثير من الإخفاء إلى أن يظنوه مدغمًا؛ وذلك أن النون لا تُدغم إلا في ستة أحرف، ويجمعها قولك: يَرْمُلون). [المحتسب: 1/309]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس