عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 7 صفر 1440هـ/17-10-2018م, 11:09 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة المائدة
[ من الآية (48) إلى الآية (50) ]

{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}

قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}

قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)}

قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (أفحكم الجاهليّة يبغون... (50)
قرأ ابن عامر وحده (تبغون) بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء فهي المخاطبة، ومن قرأ بالياء فللغيبة). [معاني القراءات وعللها: 1/332]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وكلّهم قرأ أفحكم الجاهلية يبغون [المائدة/ 50] بالياء إلّا ابن عامر فإنّه قرأ: تبغون بالتاء.
[قال أبو علي]: من قرأ بالياء فلأنّ قبله غيبة لقوله: وإن كثيرا من الناس لفاسقون [المائدة/ 49].
والتاء على قوله: قل لهم: أفحكم الجاهلية تبغون والياء أكثر في القراءة، زعموا، وهي أوجه لمجرى الكلام على ظاهره،
[الحجة للقراء السبعة: 3/228]
واستقامته عليه من غير تقدير إضمار، ونحو هذا الإضمار لا ينكر لكثرته وإن كان الأوّل أظهر). [الحجة للقراء السبعة: 3/229]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة يحيى وإبراهيم والسلمي: [أَفَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ] بالياء ورفع الميم.
[المحتسب: 1/210]
قال ابن مجاهد: وهو خطأ.
قال: وقال الأعرج: لا أعرف في العربية [أفحكمُ]، وقرأ: {أفحكمَ} نصبًا.
وقرأ الأعمش: [أفَحكَمَ الجاهلية] بفتح الحاء والكاف والميم.
قال أبو الفتح: قول ابن مجاهد إنه خطأ فيه سرف؛ لكنه وجه غيره أقوى منه، وهو جائز في الشعر، قال أبو النجم:
قد أصبحَتْ أَمُّ الخيار تدَّعي ... عليَّ ذنبًا كلُّه لم أصنع
أي: لم أصنعه، فحذف الهاء. نعم، ولو نصب فقال: "كلَّه" لم ينكسر الوزن، فهذا يؤنسك بأنه ليس للضرروة مطلقة؛ بل لأن له وجهًا من القياس، وهو تشبيه عائد الخبر بعائد الحال أو الصفة، وهو إلى الحال أقرب؛ لأنها ضرب من الخبر، فالصفة كقولهم: الناس رجلان: رجل أكرمت ورجل أهنت؛ أي: أكرمته وأهنته، والحال كقولهم: مررت بهند يضرب زيد؛ أي: يضربها زيد، فحذف عائد الحال وهو في الصفة أمثل؛ لشبه الصفة بالصلة في نحو قولهم: أكرمت الذي أهنت؛ أي: أهنته، ومررت بالتي لقيتُ؛ أي: لقيتها، فغير بعيد أن يكون قوله: [أَفَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ] يراد به يبغونه، ثم يُحْذَف الضمير، وهذا وإن كانت فيه صنعة فإن ليس بخطأ.
وفيه من بَعْدِ هذا شيئان نذكرهما:
الأول: وهو أن قوله: "كله لم أصنع" وإن كان قد حذف منه الضمير، فإنه قد خلفه وأُعيض منه ما يقوم مقامه في اللفظ؛ لأنه يعاقبه ولا يجتمع معه، وهو حرف الإطلاق؛ أعني: الياء في "أصنعي"، فلما حضر ما يعاقب الهاء فلا يجتمع معها صارت لذلك كأنها حاضرة غير محذوفة، فهذا وجه.
والثاني: أن هناك همزة استفهام، فهو أشد لتسليط الفعل، ألا ترى أنك تقول: زيد ضربته فيختار الرفع، فإذا جاء همزة الاستفهام اخترت النصب ألبتة، فقلت: أزيدًا ضربته، فنصبته بفعل مضمر يكون هذا الظاهر تفسيرًا له.
فإذا قلت: [أفحكمَ الجاهلية تبغون] ولم تُعد ضميرًا ولا عوضت منه ما يعاقبه، وحرف الاستفهام
[المحتسب: 1/211]
الذي يختار معه النصب والضمير ملفوظ به موجود معك، فتكاد الحال تختلف على فساد الرفع، وبإزاء هذا أنه لو نصب فقال: "كلَّه لم أصنع" لما كَسَر وزنًا، فهذا يؤنسك بالرفع في القراءة.
وإن شئت لم تجعل قوله [يبغون] خبرًا؛ بل تجعله صفة خبر موصوف محذوف، فكأنه قال: أفحكمُ الجاهلية حكمٌ يبغونه، ثم حذف الموصوف الذي هو حكم، وأقام الجملة التي هي صفته مقامه؛ أعني: يبغون، كما قال الله سبحانه: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} أي: قوم يحرفون، فحُذف الموصوف وأُقيمت الصفة مقامه، وعليه قوله:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
أي: فمنهما تارة أموت فيها، فحذف تارة وأقام الجملة التي هي صفتها نائبة عنها فصار أموت فيها، ثم حذف حرف الجر فصار التقدير أموتها، ثم حذف الضمير فصار أموت. ومثله في الحذف من هذا الضرب؛ بل هو أطول منه:
تروَّحي يا خيرَةَ الفَسيلِ ... تروَّحي أجدرَ أن تقيلي
أصله: ائتي مكانًا أجدر بأن تقيلي فيه، فحذف الفعل الذي هو "ائتي" لدلالة تروحي عليه، فصار مكانًا أجدر بأن تقيلي فيه، ثم حذف الموصوف الذي هو مكانًا فصار تقديره أجدر بأن تقيلي فيه، ثم حذف الباء أيضًا تخفيفًا فصار أجدر أن تقيلي فيه، ثم حذف حرف الجر فصار أجدر أن تقيليه، ثم حذف العائد المنصوب فصار أجدر أن تقيلي. ففيه إذن خمسة أعمال؛ وهي: حذف الفعل الناصب، ثم حذف الموصوف، ثم حذف الباء، ثم حذف "في"، ثم حذف الهاء، فتلك خمسة أعمال.
وهناك وجه سادس؛ وهو أن أصله: ائتي مكانًا أجدر بأن تقيلي فيه من غيره، كما تقول: مررت برجل أحسن من فلان، وأنت أكرمُ عليَّ من غيرك. فإذا جاز في الكلام توالي هذه الحذوف ولم يكن معيبًا ولا مَشِينًا ولا مُستكرَهًا كان حذف الهاء من قوله تعالى: [أَفَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ]، والمراد به حكمٌ يبغونه، ثم حذف الموصوف وعائده أسوغ وأسهل وأسير. وأما قوله:
[المحتسب: 1/212]
[أَفَحَكَمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ] فيمن قرأه كذلك، فأمره ظاهر في إعرابه، غير أن [حَكَمًا] هنا ليس مقصودًا به قصد حاكم بعينه؛ وإنما هو بمعنى الشِّياع والجنس؛ أي: أفحكامَ الجاهلية يبغون؟ وجاز للمضاف أن يقع جنسًا كما جاء عنهم في الحديث من قولهم: منعت العراق قَفِيزها ودرهمها، ومنعت مصر إردبها، وله نظائر.
ثم يرجع المعنى من بعد إلى أن معناه معنى: [أَفَحُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ]؛ لأنه ليس المراد والْمَبْغيّ هنا نفس الحكام، فإنما المبغي نفس الحُكْم، فهو إذن على حذف المضاف؛ أي: أفحُكمَ حَكَمِ الجاهلية يبغون؟ وهذا هو الأول في المعنى، فاعرف ذلك). [المحتسب: 1/213]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({أفحكم الجاهليّة يبغون}
قرأ ابن عامر (أفحكم الجاهليّة تبغون) بالتّاء أي قل لهم يا محمّد (أفحكم الجاهليّة تبغون) يا كفرة
وقرأ الباقون بالياء أي أيطلب هؤلاء اليهود حكم عبدة الأوثان وحجتهم ما تقدم وهو قوله قبلها {فإن تولّوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم} ). [حجة القراءات: 228]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (16- قوله: {يبغون} قرأه ابن عامر بالتاء، على الخطاب، على معنى: قل لهم يا محمد أفحكم الجاهلية تبغون، وقرأ الباقون بالياء، ردوه على قوله: {وإن كثيرًا من الناس لفاسقون} «49» وعلى قوله: {إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم} «49» وهو الاختيار، لارتباط بعض الكلام ببعض، ولمطابقة آخره مع أوله، ولأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/411]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (10- {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [آية/ 50]:-
بالتاء فوقه نقطتان، قرأها ابن عامر وحده.
والمعنى: قل لهم أفحكم الجاهلية تبغون. وقرأ الباقون {يَبْغُونَ} بالياء.
[الموضح: 442]
ووجهه: أن الكلام على الغيبة؛ لأن ما قبله إخبار عن الغيب، وهو قوله {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}، وهذه القراءة أكثر وأوجه لجري الكلام على ظاهره من غير إضمار). [الموضح: 443]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس