عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2 ربيع الأول 1440هـ/10-11-2018م, 10:40 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفجر

[ من الآية (21) إلى الآية (30) ]
{كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}

قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21)}
قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)}
قوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)}
قوله تعالى: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24)}
قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحدٌ (25) ولا يوثق وثاقه أحدٌ (26).
قرأ الكسائي والحضرمي (لا يعذّب عذابه أحدٌ (25) ولا يوثق وثاقه أحدٌ (26).
وكذلك روى المفضل عن عاصم.
وقرأ الباقون " لا يعذّب.... ولا يوثق " بالكسر.
قال أبو منصور: من قرأ بالفتح فالمعنى: لا يعذب عذاب هذا الكافر وعذاب هذا الصنف من الكفار أحد، وكذلك لا يوثق وثاقه أحد.
ومن قرأ (لا يعذّب... ولا يوثق) فالمعنى لا يتولى يوم القيامة عذاب الله أحد، الملك يومئذ للّه.
وقيل: لا يعذب أحد في الدنيا كعذابه في الآخرة.
وحدثنا السعدي، قال: حدثنا القيراطي، قال: حدثنا على بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي، قال: كنت أعلم ولد الجنيد بن عبد الرحمن، وهو والٍ
[معاني القراءات وعللها: 3/145]
على خراسان، فدخل عليه ابنه فقرأ عليه: (لا يعذّب عذابه أحدٌ).
فقال: لحنت يا غلام؟
فقال: هكذا علمني معلمي قال: فدعاني فقلت: هكذا حدثني عكرمة عن ابن عباس.
قال علي بن الحسين بن واقد: من قرأ (لا يعذّب) فمعناه: لا يعذب بعذاب الله أحد.
ومن قرأ (لا يعذّب) فمعناه ما جاء في الحديث:
"أشد الناس عذابًا من قتل نبيًّا أو قتله نبيٌّ".
قال: فيومئذ لا يعذب بعذاب هذا أحد في الدنيا). [معاني القراءات وعللها: 3/146] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد} [25].
قرأ الكسائي وحده: {لا يعذب} بفتح الذال {ولا يوثق} بالفتح ذهب إلى أن رسول الله قرأها كذلك. ومعناه لا يعذب عذاب النار أحد.
وقرأ الباقون: {لا يعذب} {ولا يؤثق} بكسر الذال، والتاء، قالوا: المعنى لا يعذب في الدنيا عذاب الله في الآخرة.
وقيل لأبي عمرو بن العلاء: لم تركت هذه القراءة يعني الفتح وقد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لأني أتهم الواحد الشاذ إذا أتى بخلاف ما عليه الكافة يعني أنه قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح من وجه واحد، والكسر عنه من وجوه.
وحدثني ابن مجاهد قال: حدثنا محمد بن سنان عن عثمان عن شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بن أبي بكرة عن أمه عن رسول الله؛ قال: {لا يعذب عذابه ... ولا يوثق وثاقه} [25، 26] بالكسر. فأما فتح الواو في وثاق فإنه إجماع.
وسمعت ابن مجاهد يقول: روي أبو زيد عن العرب وثاق ووثاق، فأما القراءة فلا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/480] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ الكسائي: لا يعذب [الفجر/ 25] ولا يوثق [الفجر/ 26] بفتح الذال والثاء. المفضل عن عاصم مثله.
وقرأ الباقون: لا يعذب ولا يوثق بكسر الذال والثاء.
وجه قول الكسائي: لا يعذب عذابه أحد أن المعنى: لا يعذّب أحد تعذيبه، فوضع العذاب موضع التعذيب كما وضع العطاء موضع الإعطاء في قوله:
وبعد عطائك المائة الرتاعا فالمصدر الذي هو عذاب مضاف إلى المفعول به، مثل: من دعاء الخير [فصّلت/ 49]، والمفعول به الإنسان المتقدّم ذكره في قوله: يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى [الفجر/ 23] والوثاق أيضا في موضع الإيثاق، مثل العذاب في موضع التعذيب، قال:
أتيت بعبد اللّه في القدّ موثقا فألّا سعيدا ذا الخيانة والغدر
[الحجة للقراء السبعة: 6/411]
فأما من قرأ: فيومئذ لا يعذب عذابه [الفجر/ 25] فقد قيل:
إن المعنى فيه لا يتولى عذاب اللّه يومئذ أحد، والأمر يومئذ أمره لا أمر لغيره، وقيل: إن المعنى: فيومئذ لا يعذّب أحد في الدنيا مثل عذاب اللّه في الآخرة، وكأن الذي حمل قائل هذا القول على أن قاله أنه إن حمله على ظاهره، كان المعنى: لا يعذّب أحد في الآخرة مثل عذاب اللّه، معلوم أنه لا يعذّب أحد في الآخرة مثل عذاب اللّه، إنما المعذّب اللّه تعالى، فعدل عن الظاهر لذلك، ولو قيل: إن المعنى: فيومئذ لا يعذّب أحد تعذيبا مثل تعذيب هذا الكافر المتقدم ذكره، فأضيف المصدر إلى المفعول به، كما أضيف إليه في القراءة الأخرى، ولم يذكر الفاعل كما لم يذكر في نحو قوله: من دعاء الخير [فصّلت/ 49] لكان المعنى في القراءتين سواء، والذي يراد بأحد:
الملائكة الذين يتولّون تعذيب أهل النار، ويكون ذلك كقوله: يوم يسحبون في النار على وجوههم [القمر/ 48]، وقوله: وقال الذين في النار لخزنة جهنم [غافر/ 49]، وقوله: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم [الانفعال/ 50] وقوله: مقامع من حديد [الحج/ 21] وقوله: ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه [إبراهيم/ 16] والأشبه أن يكون هذا القول أولى، والفاعلة بهم الملائكة). [الحجة للقراء السبعة: 6/412] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد} 25، 26
قرأ الكسائي {فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد} بفتح الذّال {ولا يوثق} بفتح الثّاء المعنى لا يعذب أحد يوم القيامة كما يعذب الكافر
وقرأ الباقون لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق بكسر الذّال والثاء المعنى لا يعذب عذاب الله أحد ولا يوثق وثاق الله أحد أي لا يعذب أحد في الدّنيا مثل عذاب الله في الآخرة قال الحسن قد علم الله أن في الدّنيا عذابا ووثاقا فقال فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد في الدّنيا ولا يوثق وثاقه أحد في الدّنيا
قال الزّجاج من قرأ {يعذب} فالمعنى لا يتولّى يوم القيامة عذاب الله أحد الملك يومئذٍ له وحده). [حجة القراءات: 763] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («4» قَوْلُهُ: {لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ} قَرَأَ ذَلِكَ الْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَضَافَ الْفِعْلَيْنِ إِلَى الْكَافِرِ الْمُعَذَّبِ الْمُوثَقِ، وَرَفَعَ «أَحَدًا»، لأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَالْهَاءُ فِي {عَذَابَهُ} لِلْكَافِرِ، وَكَذَلِكَ [هِيَ] فِي {وَثَاقَهُ}، وَهُوَ الإِنْسَانُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ} «23» وَالتَّقْدِيرُ: لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ مِثْلَ تَعْذِيبِهِ، وَلاَ يُوثِقُ أَحَدٌ مِثْلَ إِيثَاقِهِ، فَأَقَامَ «الْعَذَابَ» مَقَامَ التَّعْذِيبِ، و«الْوَثَاقَ» مَقَامَ الإِيثَاقِ، كَمَا اسْتَعْمَلُوا الْعَطَاءَ فِي مَوْضِعِ الإِعْطَاءِ. وَالْعَذَابُ وَالْوَثَاقُ اسْمَانِ وَقَعَا
مَوْقِعَ مَصْدَرَيْنِ، وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا كَعَذَابِ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَقْرَأُ بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ
بِكَسْرِ الذَّالِ وَالثَّاءِ مِنْ {يُعَذِّبُ، وَيُوثِقُ}، أَضَافُوا الْفِعْلَ إِلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَالْهَاءُ فِي {عَذَابَهُ وَوَثَاقَهُ} لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ تَعْذِيبِ اللَّهِ لِلْكَافِرِينَ وَلاَ يُوثِقُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ إِيثَاقِ اللَّهِ لِلْكَافِرِينَ، و{أَحَدٌ} فَاعِلٌ.
وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ تَعْذِيبِ الْكَافِرِ، وَلاَ يُوثِقُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ إِيثَاقِ الْكَافِرِ، فَتَكُونُ كَالْقِرَاءَةِ الأُولَى عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، لإِضَافَةِ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/373]
الْعَذَابِ إِلَى الْكَافِرِ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/374] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- (لا يُعَذَّبُ) [آيَةُ/25] (وَلا يُوثَقُ) [آيَةُ/26] بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ فِيهِمَا.
قَرَأَهُمَا الْكِسَائِيُّ ويَعْقُوبُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَعْنَى لا يُعَذَّبُ أَحَدٌ تَعْذِيبَهُ، وَلا يُوثَقُ إِيثَاقَهُ، فَجَعَلَ الْعَذَابَ وَالْوَثَاقَ مَكَانَ التَّعْذِيبِ وَالإِيثَاقِ، كَمَا وَضَعَ النَّبَاتَ مَوْضِعَ الإِنْبَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} وَهُمَا هَاهُنَا مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي
[الموضح: 1370]
أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَهُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ {يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}، وَالْمَعْنَى لا يُعَذَّبُ مِثْلُ مَا يُعَذَّبُ هَذَا الإِنْسَانُ أَحَدٌ، وَأَرَادَ بِهِ الْكَافِرَ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لا يُعَذِّبُ} وَ{لا يُوثِقُ} بِكَسْرِ الذَّالِ وَالثَّاءِ فِيهِمَا.
وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَعْنَى لا يُعَذِّبُ أَحَدٌ عَذَابَ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ لا يَتَوَلَّى عَذَابَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ أَمْرُهُ.
وَالثَّانِي أَنَّ الْمَعْنَى لا يُعَذِّبُ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ عَذَابِ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ، وَالْمَصْدَرُ عَلَى هَذَا مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ مَا يُعَّذَبُ هَذَا الْكَافِرُ، فَالْمَصْدَرُ عَلَى هَذَا مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ الأُولَى). [الموضح: 1371] (م)

قوله تعالى: {وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحدٌ (25) ولا يوثق وثاقه أحدٌ (26).
قرأ الكسائي والحضرمي (لا يعذّب عذابه أحدٌ (25) ولا يوثق وثاقه أحدٌ (26).
وكذلك روى المفضل عن عاصم.
وقرأ الباقون " لا يعذّب.... ولا يوثق " بالكسر.
قال أبو منصور: من قرأ بالفتح فالمعنى: لا يعذب عذاب هذا الكافر وعذاب هذا الصنف من الكفار أحد، وكذلك لا يوثق وثاقه أحد.
ومن قرأ (لا يعذّب... ولا يوثق) فالمعنى لا يتولى يوم القيامة عذاب الله أحد، الملك يومئذ للّه.
وقيل: لا يعذب أحد في الدنيا كعذابه في الآخرة.
وحدثنا السعدي، قال: حدثنا القيراطي، قال: حدثنا على بن الحسين عن أبيه عن يزيد النحوي، قال: كنت أعلم ولد الجنيد بن عبد الرحمن، وهو والٍ
[معاني القراءات وعللها: 3/145]
على خراسان، فدخل عليه ابنه فقرأ عليه: (لا يعذّب عذابه أحدٌ).
فقال: لحنت يا غلام؟
فقال: هكذا علمني معلمي قال: فدعاني فقلت: هكذا حدثني عكرمة عن ابن عباس.
قال علي بن الحسين بن واقد: من قرأ (لا يعذّب) فمعناه: لا يعذب بعذاب الله أحد.
ومن قرأ (لا يعذّب) فمعناه ما جاء في الحديث:
"أشد الناس عذابًا من قتل نبيًّا أو قتله نبيٌّ".
قال: فيومئذ لا يعذب بعذاب هذا أحد في الدنيا). [معاني القراءات وعللها: 3/146] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (8- وقوله تعالى: {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد} [25].
قرأ الكسائي وحده: {لا يعذب} بفتح الذال {ولا يوثق} بالفتح ذهب إلى أن رسول الله قرأها كذلك. ومعناه لا يعذب عذاب النار أحد.
وقرأ الباقون: {لا يعذب} {ولا يؤثق} بكسر الذال، والتاء، قالوا: المعنى لا يعذب في الدنيا عذاب الله في الآخرة.
وقيل لأبي عمرو بن العلاء: لم تركت هذه القراءة يعني الفتح وقد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لأني أتهم الواحد الشاذ إذا أتى بخلاف ما عليه الكافة يعني أنه قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح من وجه واحد، والكسر عنه من وجوه.
وحدثني ابن مجاهد قال: حدثنا محمد بن سنان عن عثمان عن شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أمه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بن أبي بكرة عن أمه عن رسول الله؛ قال: {لا يعذب عذابه ... ولا يوثق وثاقه} [25، 26] بالكسر. فأما فتح الواو في وثاق فإنه إجماع.
وسمعت ابن مجاهد يقول: روي أبو زيد عن العرب وثاق ووثاق، فأما القراءة فلا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/480] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ الكسائي: لا يعذب [الفجر/ 25] ولا يوثق [الفجر/ 26] بفتح الذال والثاء. المفضل عن عاصم مثله.
وقرأ الباقون: لا يعذب ولا يوثق بكسر الذال والثاء.
وجه قول الكسائي: لا يعذب عذابه أحد أن المعنى: لا يعذّب أحد تعذيبه، فوضع العذاب موضع التعذيب كما وضع العطاء موضع الإعطاء في قوله:
وبعد عطائك المائة الرتاعا فالمصدر الذي هو عذاب مضاف إلى المفعول به، مثل: من دعاء الخير [فصّلت/ 49]، والمفعول به الإنسان المتقدّم ذكره في قوله: يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى [الفجر/ 23] والوثاق أيضا في موضع الإيثاق، مثل العذاب في موضع التعذيب، قال:
أتيت بعبد اللّه في القدّ موثقا فألّا سعيدا ذا الخيانة والغدر
[الحجة للقراء السبعة: 6/411]
فأما من قرأ: فيومئذ لا يعذب عذابه [الفجر/ 25] فقد قيل:
إن المعنى فيه لا يتولى عذاب اللّه يومئذ أحد، والأمر يومئذ أمره لا أمر لغيره، وقيل: إن المعنى: فيومئذ لا يعذّب أحد في الدنيا مثل عذاب اللّه في الآخرة، وكأن الذي حمل قائل هذا القول على أن قاله أنه إن حمله على ظاهره، كان المعنى: لا يعذّب أحد في الآخرة مثل عذاب اللّه، معلوم أنه لا يعذّب أحد في الآخرة مثل عذاب اللّه، إنما المعذّب اللّه تعالى، فعدل عن الظاهر لذلك، ولو قيل: إن المعنى: فيومئذ لا يعذّب أحد تعذيبا مثل تعذيب هذا الكافر المتقدم ذكره، فأضيف المصدر إلى المفعول به، كما أضيف إليه في القراءة الأخرى، ولم يذكر الفاعل كما لم يذكر في نحو قوله: من دعاء الخير [فصّلت/ 49] لكان المعنى في القراءتين سواء، والذي يراد بأحد:
الملائكة الذين يتولّون تعذيب أهل النار، ويكون ذلك كقوله: يوم يسحبون في النار على وجوههم [القمر/ 48]، وقوله: وقال الذين في النار لخزنة جهنم [غافر/ 49]، وقوله: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم [الانفعال/ 50] وقوله: مقامع من حديد [الحج/ 21] وقوله: ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه [إبراهيم/ 16] والأشبه أن يكون هذا القول أولى، والفاعلة بهم الملائكة). [الحجة للقراء السبعة: 6/412] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد} 25، 26
قرأ الكسائي {فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد} بفتح الذّال {ولا يوثق} بفتح الثّاء المعنى لا يعذب أحد يوم القيامة كما يعذب الكافر
وقرأ الباقون لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق بكسر الذّال والثاء المعنى لا يعذب عذاب الله أحد ولا يوثق وثاق الله أحد أي لا يعذب أحد في الدّنيا مثل عذاب الله في الآخرة قال الحسن قد علم الله أن في الدّنيا عذابا ووثاقا فقال فيومئذٍ لا يعذب عذابه أحد في الدّنيا ولا يوثق وثاقه أحد في الدّنيا
قال الزّجاج من قرأ {يعذب} فالمعنى لا يتولّى يوم القيامة عذاب الله أحد الملك يومئذٍ له وحده). [حجة القراءات: 763] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): («4» قَوْلُهُ: {لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ} قَرَأَ ذَلِكَ الْكِسَائِيُّ بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَضَافَ الْفِعْلَيْنِ إِلَى الْكَافِرِ الْمُعَذَّبِ الْمُوثَقِ، وَرَفَعَ «أَحَدًا»، لأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَالْهَاءُ فِي {عَذَابَهُ} لِلْكَافِرِ، وَكَذَلِكَ [هِيَ] فِي {وَثَاقَهُ}، وَهُوَ الإِنْسَانُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ} «23» وَالتَّقْدِيرُ: لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ مِثْلَ تَعْذِيبِهِ، وَلاَ يُوثِقُ أَحَدٌ مِثْلَ إِيثَاقِهِ، فَأَقَامَ «الْعَذَابَ» مَقَامَ التَّعْذِيبِ، و«الْوَثَاقَ» مَقَامَ الإِيثَاقِ، كَمَا اسْتَعْمَلُوا الْعَطَاءَ فِي مَوْضِعِ الإِعْطَاءِ. وَالْعَذَابُ وَالْوَثَاقُ اسْمَانِ وَقَعَا
مَوْقِعَ مَصْدَرَيْنِ، وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا كَعَذَابِ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَقْرَأُ بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ
بِكَسْرِ الذَّالِ وَالثَّاءِ مِنْ {يُعَذِّبُ، وَيُوثِقُ}، أَضَافُوا الْفِعْلَ إِلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَالْهَاءُ فِي {عَذَابَهُ وَوَثَاقَهُ} لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ تَعْذِيبِ اللَّهِ لِلْكَافِرِينَ وَلاَ يُوثِقُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ إِيثَاقِ اللَّهِ لِلْكَافِرِينَ، و{أَحَدٌ} فَاعِلٌ.
وَقِيلَ: تَقْدِيرُهُ: فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ تَعْذِيبِ الْكَافِرِ، وَلاَ يُوثِقُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ إِيثَاقِ الْكَافِرِ، فَتَكُونُ كَالْقِرَاءَةِ الأُولَى عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، لإِضَافَةِ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/373]
الْعَذَابِ إِلَى الْكَافِرِ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/374] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- (لا يُعَذَّبُ) [آيَةُ/25] (وَلا يُوثَقُ) [آيَةُ/26] بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ فِيهِمَا.
قَرَأَهُمَا الْكِسَائِيُّ ويَعْقُوبُ.
وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَعْنَى لا يُعَذَّبُ أَحَدٌ تَعْذِيبَهُ، وَلا يُوثَقُ إِيثَاقَهُ، فَجَعَلَ الْعَذَابَ وَالْوَثَاقَ مَكَانَ التَّعْذِيبِ وَالإِيثَاقِ، كَمَا وَضَعَ النَّبَاتَ مَوْضِعَ الإِنْبَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} وَهُمَا هَاهُنَا مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي
[الموضح: 1370]
أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَهُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ {يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}، وَالْمَعْنَى لا يُعَذَّبُ مِثْلُ مَا يُعَذَّبُ هَذَا الإِنْسَانُ أَحَدٌ، وَأَرَادَ بِهِ الْكَافِرَ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ {لا يُعَذِّبُ} وَ{لا يُوثِقُ} بِكَسْرِ الذَّالِ وَالثَّاءِ فِيهِمَا.
وَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَعْنَى لا يُعَذِّبُ أَحَدٌ عَذَابَ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ لا يَتَوَلَّى عَذَابَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ أَمْرُهُ.
وَالثَّانِي أَنَّ الْمَعْنَى لا يُعَذِّبُ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ عَذَابِ اللَّهِ فِي الآخِرَةِ، وَالْمَصْدَرُ عَلَى هَذَا مُضَافٌ إِلَى الْفَاعِلِ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ مَا يُعَّذَبُ هَذَا الْكَافِرُ، فَالْمَصْدَرُ عَلَى هَذَا مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ الأُولَى). [الموضح: 1371] (م)

قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27)}
قوله تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28)}
قوله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (وأجمع القراء على قوله: {فادخلي في عبادي} [29]. أنها بالألف إلا ابن عباس فإنه قرأ: {فادخلي في عبدي} أي: في جسم عبدي وهي قراءة حسنة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/480]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وعكرمة والضحاك وأبي شيخ الهنائي والكلبي وابن السميفع: [فَادْخُلِي فِي عِبْدِي]، على واحد.
[المحتسب: 2/360]
قال أبو الفتح: هذا لفظ الواحد، ومعنى الجماعة، أي: عبادي، كالقراءة العامة.
وقد تقدم القول على نظيره، وأنه إنما خرج بلفظ الواحد ليس اتساعا واختصارا عاريا من المعنى، وذلك أنه جعل عباده كالواحد، أي: لا خلاف بينهم في عبوديته، كما لا يخالف الإنسان نفسه، فيصير كقول النبي صلى الله عليه وسلم: وهم يد على من سواهم، أي: متضافرون متعانون، لا يقعد بعضهم عن بعض، كما لا يخون بعض البلد بعضا. وضد هذا قوله تعالى : {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} ). [المحتسب: 2/361]

قوله تعالى: {وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس