عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 1 ربيع الأول 1440هـ/9-11-2018م, 08:40 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإنسان

[ من الآية (1) إلى الآية (10) ]
{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)}

قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (قال أبو عبد الله: الإنسان ها هنا-: آدم عليه السلام: و{هل أتى على الإنسان} [1]. معنى قد أتي، والحين أربعون سنة {لم يكن شيئًا مذكورًا} أي: كان شيئا ولم يكن مذكورًا، يعني: حيث صور قبل أن ينفخ فيه الروح، فما نفخ فيه الروح وبلغ إلى ساقية كاد ينهض للقيام فلما بلغ عينيه ورأي ثما رالجنة بادر إلى ليأخذها فذلك قوله: {وخلق الإنسان عجولا} و{خلق الإنسان من عجل} فعجل آدم فعجلت ذريته ونسي آدم فنسي ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته.
وأما من زعم أن عصيان آدم كان نسيانًا لا تعمدًا فقد غلط؛ لأن الله تعالى لا يعاقب على النسيان. وأما قوله: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} فإن معناه: ترك، لا من النسيان الذي هو ضد العمد، إنما هو من قول الله {نسوا الله فنسيهم} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/419]

قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)}
قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}
قوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قال جلّ وعزّ: (سلاسلًا) و(قواريرًا) (15 - 16).
قرأ ابن كثير " سلاسل " بغير تنوين، ووقف بغير ألف "كانت قواريرًا " منونة، ووقف بغير ألف " قوارير من فضة " غير منونة.
وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم " سلاسل " بغير تنوين، ووقفوا بألف " كانت قوارير " يقفون بألف، ويختارون الوقف عليها، فإذا وصلوا وصلوا بغير تنوين " قوارير من فضة " بغير تنوين، وبغير ألف.
وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم، والكسائي " سلاسلاً "، و(كانت قواريرًا قواريرًا) منونة (من فضة).
ويقفون عليها بألف.
وقرأ حمزة ويعقوب " سلاسل " و" قوارير " بغير تنوين، وبغير ألف.
قال أبو منصور: من قرأ (سلاسل) و(قوارير) بغير تنوين، وغير ألف؛ فلأنها لا تنصرف.
ومن قرأ (سلاسلاً) و(قواريرًا) فنوّن فلأنّ
[معاني القراءات وعللها: 3/108]
أصلها الصرف - ووافقتا رءوس آي بألف فأجريتا مجراها.
وأما من لم يجر (قوارير من فضة) وأجرى الثانية فلأن الأولى ليست برأس آية والثانية رأس آية.
قال أبو منصور: كل ما قرئ به فهو جائز حسن.
فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 3/109] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- وقوله تعالى: {سلاسلا وأغلالا وسعيرًا} [4].
قرأ ابن كثير برواية: البزي وأبو عمرو وحمزة وابن عامر برواية ان ذكوان وأبو عمرو وعاصم برواية حفص في الوصل، وأما في الوقف [فـ]وقف ابن ذكوان وحفص والبزي بالألف، وروي عنهم بغير ألف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/419]
وأما حمزة وقنبل [فـ]و قفا بغير ألف.
والباقون بألف. {سلاسل} بغير تنوين في وصل ولا قف؛ لأن فعالل جمع بعد ألفه أكثر من حرف فلا ينصرف في معرفة ولا نكرة.
وقرأ الباقون: {سلاسلا} بالتنوين اتباعًا للمصحف؛ لأنها وإن لم تكن رأس آية فأنها تشاكل رءوس الآي بعدها {أغلالا وسعيرًا} ولأن من العرب من يقف على ما لا ينصرف بالألف نحو رأيت عمرًا، وإذا أدرجت أسقتطت الألف، فكأن من نون وأثبت الألف بني الوصل على الوقف.
وحدثني ابن مجاهد عن [ابن] الجهم عن خلف والهيثم بن عبيد عن شبل عن ابن كثير {سلاسلا} منونًا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/420]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير سلاسل* [الإنسان/ 4] بغير ألف، وصل أو وقف، هذه رواية قنبل.
وقرأ أبو عمرو غير منوّنة في الوصل، والوقف بألف.
وقرأ ابن عامر وحمزة: سلاسل* بغير نون، ووقف حمزة بغير ألف.
حدثني ابن الجهم عن خلف، والهيثم عن عبيد عن شبل عن ابن كثير: سلاسلا منوّن.
وقال الحلواني عن أبي معمر عن عبد الوارث، كان أبو عمرو يستحب أن يسكت عندها، ولا يجعلها مثل التي في الأحزاب، لأنها ليست آخر آية). [الحجة للقراء السبعة: 6/348]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي: سلاسلا منوّنة، قواريرا، قواريرا من فضة [الإنسان/ 15، 16] كلاهما بألف ولا ينوّن فيهما.
وقرأ ابن عامر وحمزة: قوارير، قوارير بغير ألف، ووقف حمزة بغير ألف فيهما.
[الحجة للقراء السبعة: 6/348]
وقرأ ابن كثير: قواريرا منوّنة، قوارير من فضة غير منوّنة.
وقرأ أبو عمرو: قواريرا غير منونة، ووقف بألف. قوارير من فضة غير منوّنة أيضا، ووقف بغير ألف. وقال عباس: سألت أبا عمرو فقرأ: كانت قواريرا يثبت الألف، ولا ينوّن، قوارير من فضة [بغير ألف ولا تنوين، وقال أبو زيد فيما كتب به إلي أبو حاتم عن أبي زيد عن أبي عمرو: كانت قوارير من فضة [ولا يصل قوارير.
قال أبو علي: حجّة من صرف: سلاسلا، وقواريرا في الوصل والوقف أمران: أحدهما: أن أبا الحسن قال: سمعنا من العرب من يصرف هذا، ويصرف جميع ما لا ينصرف،
وقال: هذا لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر، فصرفوه، فجرت ألسنتهم على ذلك، واحتملوا ذلك في الشعر لأنه يحتمل الزيادة كما يحتمل النقص، فاحتملوا زيادة التنوين، فلما دخل التنوين، دخل الصرف.
والأمر الآخر: أن هذه الجموع أشبهت الآحاد، لأنهم قد قالوا:
صواحبات يوسف، فيما حكاه أبو الحسن وأبو عثمان، فلما جمعه جمع الآحاد المنصرفة جعلوه في حكمها، فصرفوها.
قال أبو الحسن: وكثير من العرب يقولون: مواليات ويريدون الموالي، وأنشد للفرزدق:
[الحجة للقراء السبعة: 6/349]
وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم خضع الرّقاب نواكسي الأبصار فهذا كأنه جمع نواكس، ويؤكّد هذا الذي قاله أبو الحسن قول العجّاج:
جذب الصّراريّين بالكرور فجمع صرّاء الذي هو فعّال مثل: حسّان، على فعاعيل وشبهه بكلّاب وكلاليب، وجمع بالواو والنون، ويدلّ على أن صرّاء واحد مثل حسّان قول الفرزدق:
أشارب خمرة وخدين زير وصرّاء لفسوته بخار وأما قراءة حمزة: قوارير قوارير بغير نون ولا ألف، وكذلك:
سلاسل* بغير نون ولا ألف، فإنه جعله كقوله: لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد [الحج/ 40] وكذلك قول ابن عامر إلا أنه يشبه أن
[الحجة للقراء السبعة: 6/350]
يلحق الألف في الوقف في فحوى ما حكاه أحمد عنه، وإلحاق الألف في سلاسل، وقوارير كإلحاقها في قوله: الظنونا والسبيلا والرسولا ويشبه ذلك بالإطلاق في القوافي من حيث كانت مثلها في أنها كلام تام، وقياس من نوّن القوافي فقال:
أقلّي اللوم عاذل والعتابا أن ينوّن سلاسلا، وقواريرا على هذا المذهب، قال أبو الحسن: ولا يعجبني ذلك، لأنها ليست لغة أهل الحجاز، قال أبو الحسن: سلاسلا، وأغلالا منوّنة في الوصل والسكت على لغة من يصرف نحو ذا من العرب والكتاب بألف، وهي قراءة أهل مكّة وأهل المدينة والحسن، وبها نقرأ، قال: وقوارير ينوّنهما أهل المدينة كلتيهما ويثبتون الألف في السكت.
قال: ونحن نثبت ذلك الألف فيهما ونوّنهما إذا وصلنا، نحمل ذلك على لغة من يصرف أشباه ذا. وإن شئت لم تنوّن إذا وصلت لأنها رأس آية، وأهل الكوفة يقولون: الظنونا والسبيلا، والرسولا وأهل مكة وأبو عمرو يثبتون الألف في هذا في الوصل والسكوت، وكذلك نقرؤه لأنه رأس آية، ولا يجوز فيه تنوين إلا على لغة من ينوّن القوافي، ولا تعجبني تلك اللغة لأنها ليست لغة أهل الحجاز. انتهت الحكاية عن أبي الحسن.
فأما قوله: قوارير قوارير من فضة فإن قلت: كيف تكون القوارير من فضة، وإنما القوارير من الرمل دونها، فالقول في ذلك أن الشيء إذا قاربه شيء ولزمه ذلك واشتدّ ملابسته له، قيل فيه: هو من
[الحجة للقراء السبعة: 6/351]
كذا، وإن لم يكن منه في الحقيقة، كالحلقة من الفضة، والقفل من الحديد كقول البعيث:
ألا أصبحت خنساء جاذمة الوصل وضنّت علينا والضّنين من البخل وصدّقت فأعدانا بهجر صدودها وهنّ من الإخلاف قبلك والمطل وأنشد أحمد بن يحيى:
ألف الصّفون فما يزال كأنه ممّا يقوم على الثلاث كسيرا وأنشد:
ألا في سبيل اللّه تغبير لمّتي ووجهك ممّا في القوارير أصفرا فعلى هذا يجوز: قوارير من فضة أي هي في صفاء الفضة ونقائها، كما قال في النساء:
[الحجة للقراء السبعة: 6/352]
وهنّ من الإخلاف...
وكما قال:
ووجهك مما في القوارير ولا يمتنع على هذا أن يقدّر حذف المضاف، كأنك أردت:
قوارير من صفاء الفضّة، فتحذف المضاف ويكون قوله: من فضة صفة للقوارير، كما أن قوله: قدروها [الإنسان/ 16] صفة لقوله، والضمير في: قدروها يكون للخزّان والملائكة، أي: قدّروها على ربهم، لا ينقص من ذلك ولا يزيد عليه.
ومن قرأ: قدروها فهو هذا المعنى يريد، وكأن اللفظ قدّروا عليها، فحذف الجار كما حذف من قوله:
كأنّه واضح الأقراب في لقح أسمى بهنّ وعزّته الأناصيل فلما حذف الحرف وصل الفعل، فكذلك قوله: قدروها إلا أن المعنى: قدّرت عليهم، أي: على ربهم، فقلب كما قال:
لا تحسبنّ دراهما سرّقتها تمحو مخازيك التي بعمان
[الحجة للقراء السبعة: 6/353]
وعلى هذا يتأوّل قوله: ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة [القصص/ 76]، ومثل هذا ما حكاه أبو زيد: إذا طلعت الجوزاء أوفى العود في الجرباء). [الحجة للقراء السبعة: 6/354] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا}
قرأ نافع وأبو بكر والكسائيّ (سلاسلا) بالتّنوين
وقرأ الباقون {سلاسل} بغير تنوين لأن فعالل لا تنصرف وكل جمع ثالثه ألف وبعدها حرف مشدد أو حرفان خفيفان أو أكثر فإنّه لا ينصرف في معرفة ولا نكرة نحو مساجد قال الله تعالى {ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا}
وحجّة من صرف أمران أحدهما ذكر الفراء فقال إن العرب
[حجة القراءات: 737]
تجري ما لا يجري في الشّعر فلو كان خطأ ما أدخلوه في أشعارهم فكذلك هؤلاء اجروا (سلاسلا) قال الشّاعر:
فما وجد أظآر ثلاث روائم
فأجرى روائم والوجه الثّاني أنهم اتبعوا مرسوم المصاحف في الوصل والوقف لأنّها مكتوبة بالألف وإن لم تكن رأس آية فهي تشاكل رؤوس الآي لأن بعده {وأغلالا وسعيرا} ). [حجة القراءات: 738]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {سلاسلا} قرأه نافع وأبو بكر وهشام والكسائي بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين، وكلهم وقف عليه بالألف، إلا حمزة وقنبلا فإنهما وقفا بغير ألف.
وحجة من نونه أنه حمله على لغة لبعض العرب، حكى الكسائي أن بعض العرب يصرفون كل ما لا ينصرف إلا «أفعل منك»، قال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف هذا، ويصرف جميع ما لا ينصرف، قال أبو محمد: وأكثر ما ينصرف هذا وشبهه في الشعر، فأما في الكلام فهو قليل، ومن صرفه في الكلام فحجته أنه لما رأى هذه الجموع تشبه الآحاد، لأنها تُجمع كما تُجمع الآحاد، قالوا: هؤلاء صواحب يوسف، حكاه الأخفش والمازني، وجاء ذلك في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديثه، وحكى الأخفش: مواليات، يريد جمع الموالي، وأنشد الفرزدق.
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم = خضع الرقاب نواكسي الأبصار
يريد: نواكسين: فجمع بالياء والنون، وحذف النون للإضافة، فلما جمعوا هذا الجمع كما يجمع الواحد أجروه مجرى الواحد في الصرف والتنوين، وقوي ذلك لثبات الألف فيه في الخط، ولأن الصرف والتنوين هو الأصل في
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/352]
جميع الأسماء، وإنما امتنع منها أشياء من الصرف لعلل دخلت عليها، فمنعتها من الصرف.
2- وحجة من لم ينونه أنه أتى به على الأصول المستعملة في هذه الجموع المشهورة في الاستعمال؛ لأن هذا الجمع نهاية الجمع المتكسر ولا تجده مجموعًا على التكسير ألبتة، فلما لم يحسن تكسيره شابه الحروف التي لا يجوز جمعها، فثقل لذلك وزاده ثقلًا كونه جمعًا؛ لأن الجمع أثقل من الواحد، فاجتمع فيه علتان: أنه جمع، وأنه شابه الحروف، إذ لا يجمع كما لا تجمع الحروف، فمنع من الصرف لذلك.
3- وحجة من وقف بالألف أنه اتبع خط المصحف؛ لأن الألف فيه ثابتة في المصحف، وأيضًا فإنه إن كان ممن ينونه في الوصل فإنه أجراه مجرى سائر المنونات المنصوبات، سوى ما فيه هاء التأنيث، فطابق بين وصله ووقفه، فوقف بالألف كما يقف على المنون المنصوب، وإن كان ممن قرأ بغير تنوين فإنه وقف بالألف اتباعًا للمصحف، وأجراه في الوصل على سنن العربية في حذف التنوين من هذا الجمع، وأيضًا فإنه شبهه بالفواصل والقوافي التي تُشبع فيها الفتحة حتى تصير ألفًا كـ «الظنونا والرسولا والسبيلا».
4- وحجة من وقف بغير ألف أنه لما لم يثبت فيه في الوصل تنوين لم يثبت فيه في الوقف ألف كما فعل بـ {أباريق} وشبهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/353]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {سَلَاسِلَ} [آية/ 4] و{قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ} [آية/ 15و16] بغير تنوين، فيهن، والوقف عليهن بغير ألف:-
قرأها ابن عامر وحمزة ويعقوب يس- وكذلك ابن كثير إلا في {قَوَارِيرَ} الأولى فإنه نونها، ووقف عليها بالألف.
والوجه أن ترك التنوين في {سَلَاسِلَ} و{قَوَارِيرَ} هو القياس؛ لأن ما كان من هذا المثال أعني ما كان جمعًا ثالثه ألف وبعد الألف حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن، وهو الجمع الذي لا نظير له في الآحاد نحو مساجد وقناديل، فإنه لا ينصرف في معرفة ولا نكرة؛ لأن السبب فيه يقوم مقام سببين.
وقرأ أبو عمرو وعاصم ص- ويعقوب ح- {سَلَاسِلَ} و{قَوَارِيرَ (15) قَوَارِيرَ} بغير تنوين فيهن، ووقفوا على {سَلَاسِلَ} و{كَانَتْ قَوَارِيرَ} بالألف فيهما، و{قَوَارِيرَ} الثانية بغير ألف.
والوجه في إلحاق الألف بسلاسلا وقواريرًا في حال الوقف أنه على التشبيه بالإطلاق في القوافي، كما ألحق الألف في قوله {الظُّنُونَا} و{الرَّسُولَا}
[الموضح: 1321]
و {السَّبِيلَا} لذلك، وإنما وقفوا على {قَوَارِيرَا} الأولى بالألف، وعلى الثانية بغير ألف؛ لأن الأولى رأس آية، فهي فاصلة، فصارت مشبهة بالقافية، والثانية ليست برأس آية.
وقرأ نافع والكسائي و-ياش- عن عاصم بالتنوين فيهن كلهن، والوقف عليهن بالألف.
والوجه في التنوين أنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه وسموه لغة الشعر، ثم جرت ألسنتهم بذلك فأجروه في غير الشعر مجراه في الشعر؛ لأنه رد شيء إلى أصله.
وقال أبو علي: هذا في الشعر يحتمل لأنه موضع يحتمل فيه الزيادة والنقصان لكونه موضع ضرورة، والتنوين زيادة، فاحتمل فيه، فلما دخل التنوين دخل الصرف، وذكر أبو علي في ذلك وجهًا آخر وهو أن هذه الجموع أشبهت الآحاد من حيث إنهم قالوا صواحبات يوسف، فلما جمعت جمع الآحاد جعلت في حكمها، فصرفت لذلك). [الموضح: 1322] (م)

قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)}
قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)}
قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) }
قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)}
قوله تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّما نطعمكم لوجه اللّه).
روى عباس عن أبي عمرو (نطعمكم) جزما.
وقرأ سائر القراء (نطعمكم).
قال أبو منصور: القراءة (نطعمكم) بضم الميم، وما روى عن أبي عمرو فهو من اختياره الاختلاس عند تتابع الحركات). [معاني القراءات وعللها: 3/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (5- وقوله تعالى: {إنما نطعمك لوجه الله} [9].
اتفق القراء على رفعه إنما ذكرته لأن عباسًا روي عن أبي عمرو {إنما نطعمكم} بجزم الميم كأنه اختلس الحركة تخفيفًا كما خبرتك في {يأمركم} و{ينصركم} لئلا تتولي الحركات. وهذه الآية نزلت في أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك أكثر هذه السورة). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/424]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (عباس عن أبي عمرو: إنما نطعمكم لوجه الله [الإنسان/ 9] جزم.
قال أبو علي: هذا لأن ما بعد الطاء من قوله: إنما نطعمكم على لفظ يستثقل، فأسكن للتخفيف، ولا فصل في هذا النحو إذا أريد تخفيفه بين ما كان حذف إعراب وبين غيره مما تكون فيه الحركة لغير إعراب، وقد تقدّم القول فيه). [الحجة للقراء السبعة: 6/361]

قوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس