عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 23 صفر 1440هـ/2-11-2018م, 05:17 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحديد

[ من الآية (7) إلى الآية (11) ]
{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (8) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (9) وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)}
قوله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)}
قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (8)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (وقد أخذ ميثاقكم).
قرأ أبو عمرو وحده " وقد أخذ ميثاقكم " بضم الألف والقاف.
وقرأ الباقون (وقد أخذ ميثاقكم). بفتح الألف والقاف.
قال أبو منصور: من قرأ بضم الألف أو فتحها فالفعل لله، هو الذي أخذ ميثاقهم). [معاني القراءات وعللها: 3/54]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {وقد أخذ ميثاقكم} [8].
قرأ أبو عمرو وحده: {وقد أخذ ميقكم}بالرفع على ما لم يسم فاعله.
والباقون: {أخذ ميثاقكم} بالنصب. وأخذ الميثاق على العباد قبل توجيه الرسل هو أن الله تعالى أخرج الذرية من صلب آدم عليه السلام. فقال: {ألست بربكم} فأجابوه بعقل ركبه فيهم {قالوا بلى} ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/349]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ أبو عمرو وحده: وقد أخذ ميثاقكم [الحديد/ 8]، رفع، وقرأ الباقون: أخذ ميثاقكم.
حجة من قال: أخذ أنه قد تقدّم: وما لكم لا تؤمنون بالله [الحديد/ 8]، الضمير يعود إلى اسم اللّه عزّ وجلّ. وأمّا أخذ* فإنه يدلّ على هذا المعنى، وقد عرف آخذ الميثاق وأن آخذه اللّه عزّ وجل). [الحجة للقراء السبعة: 6/266]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وما لكم لا تؤمنون باللّه والرّسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم} 8
قرأ أبو عمرو {وقد أخذ ميثاقكم} بضم الألف والقاف على
[حجة القراءات: 697]
ما لم يسم فاعله وحجته إجماع الجميع على قوله {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب}
وقرأ الباقون بفتح الألف والقاف وحجتهم أنه قرب من ذكر الله في قوله {لتؤمنوا بربكم} فأجروا الفعل إلى الله أي وقد أخذ ربكم ميثاقكم). [حجة القراءات: 698]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {وقد أخذ ميثاقكم} قرأه أبو عمرو بضم الهمزة وكسر الخاء، ورفع الميثاق على ما لم يسم فاعله، واتفع «الميثاق» بقيامه مقام الفاعل لـ {أخذ} والفاعل هو الله جل ذكره، وهو الذي أخذ الميثاق على خلقه، والكلام مفهوم لتقدم ذكر الله، لكن الفاعل حذف لدلالة الكلام عليه، وقام «الميثاق» مقامه، ورد الفعل إلى بناء ما لم يسم فاعله، وقرأ الباقون بفتح الهمزة والخاء، ونصب «الميثاق»، وهو الاختيار؛ لأن الجماعة عليه، أضافوا الفعل إلى فاعله، وهو الله جل ذكره، لتقدم ذكره في قوله: {وما لكم لا تؤمنون بالله} فانتصب الميثاق بوقوع الفعل عليه، وهو «أخذ» والتقدير: وقد أخذ الله ميثاقكم، ثم أضمر الاسم لتقدم ذكره). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/307]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {وَقَدْ أَخَذَ} بضم الألف، {مِيثَاقَكُمْ} بالرفع [آية/ 8]:-
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أنه على إسناد الفعل إلى المفعول به، وإنما لم يسم الفاعل؛ لأنه معلوم أن الذي يأخذ الميثاق هو الله عز وجل، وارتفع {مِيثَاقَكُمْ} بأنه مفعول أقيم مقام الفاعل.
وقرأ الباقون {أَخَذَ} بفتح الألف والخاء، {مِيثَاقَكُمْ} بالنصب.
والوجه أن الفعل مسند إلى ضمير اسم الله تعالى قد تقدم ذكره في قوله تعالى {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِالله} ). [الموضح: 1244]

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (9)}
قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وكلًّا وعد اللّه الحسنى).
قرأ ابن عامر (وكلٌّ وعد اللّه الحسنى).
وقرأ الباقون (وكلًّا وعد اللّه الحسنى).
قال أبو منصور: أما قراءة ابن عامر فـ (كلٌّ) ترفعه بما عاد من الهاء المضمر، التقدير: وكلٌّ وعده الله الحسنى.
ومن نصب فقرأ (وكلًّا) نصبه بـ (وعد) ). [معاني القراءات وعللها: 3/54]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {وكلا وعد الله الحسنى} [10].
قرأ ابن عامر وحده: {وكل} بالرفع جعله ابتداء وعدي الفعل إلى ضمير، والتقدير: وكل وعده الله، كما قال الراجز:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/349]
قد أصبحت أم الخيار تدعي = على ذنبًا كله لم أصنع
أراد: لم أصنعه. فخزل الهاء
والباقون: {وكلا} بالنصب: مفعول، لأن قولك كلا وعدت، ووعدت كلا، وضربت زيدًا، وزيدا ضربت سواء فاستعمال اللفظ أحرى من آتباع المضمرات والمعاني). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/350]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: كلهم قرأ: وكلا وعد الله الحسنى [الحديد/ 10] بالنصب، غير ابن عامر فإنه قرأ: وكل وعد الله الحسنى بالرفع.
حجّة النصب بيّن لأنه بمنزلة زيدا وعدت خيرا، فهو مفعول وعدت، وحجّة ابن عامر أن الفعل إذا تقدّم عليه مفعوله لم يقو عمله فيه قوّته إذا تأخّر، ألا ترى أنهم قد قالوا في الشعر: زيد ضربت، ولو تأخر المفعول فوقع بعد الفاعل لم يجز ذلك فيه. ومما جاء من ذلك
[الحجة للقراء السبعة: 6/266]
قول الشاعر.
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي عليّ ذنبا كلّه لم أصنع فرووه بالرفع لتقدّمه على الفعل، وإن لم يكن شيء يمنع من تسلّط الفعل عليه، فكذلك قوله: وكل وعد الله الحسنى يكون على إرادة الهاء وحذفها، كما تحذف في الصّلات والصّفات، فالصّلات نحو: أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان/ 41] والصفات: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا [البقرة/ 48] أي: لا تجزيه، ومثل ذلك قول جرير:
وما شيء حميت بمستباح أي: حميته). [الحجة للقراء السبعة: 6/267]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({... وكلا وعد الله الحسنى}
قرأ ابن عامر (وكل وعد الله الحسنى) بالرّفع جعله ابتداء وعدى الفعل إلى ضميره والتّقدير وكل وعده ومن حجّته أن الفعل إذا تقدم عليه مفعوله لم يقو عمله فيه قوته إذا تأخّر ألا ترى أنهم قالوا زيد ضربت
وقرأ الباقون {وكلا وعد الله الحسنى} نصبا على أنه مفعول به وحجّة النصب بيّنة لأنّه بمنزلة زيدا وعدت خيرا فهو مفعول وعدت وتقول ضربت زيدا وزيدا ضربت سواء
أصل هذا الباب أن تقول زيد ضربته هذا حد الكلام لأنّك إذا شغلت ضربت عن زيد بضمير تمّ الفعل والفاعل ومفعوله وصار زيد مرفوعا بالابتداء ويجوز أن تقول زيدا ضربته فتنصبه بإضمار فعل هذا الّذي ذكرته تفسيره كأنّك قلت ضربت زيدا ضربته تنصب زيدا فتقول زيدا ضربت فتشغل الفعل بمفعوله المذكور مقدما لأنّه
[حجة القراءات: 698]
إذا افتقر الفعل إلى مفعوله وذكر ذلك المفعول كان تعليقه به أولى من قطعه عنه فتقول زيدا ضربت وعلى هذا قوله {وكلا وعد الله الحسنى} فإن رفعت زيدا جاز على ضعف وهو أن تضمر الهاء كأنّك قلت زيد ضربته ثمّ تحذف الهاء من الخبر فتقول زيد ضربت وعلى هذا قراءة ابن عامر (وكل وعد الله الحسنى) ). [حجة القراءات: 699]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {وكلا وعد الله الحسنى} قرأه ابن عامر «وكل» بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب.
وحجة من رفع أنه لما تقدم الاسم على الفعل رفع بالابتداء، وقدر مع الفعل «هاء» محذوفة اشتغل الفعل بها، وتعدى إليها، التقدير: وكل وعده الله الحسنى، أي: الجنة. وحذف هذه الهاء إنما يحسن من الصلات، ويجوز في الصفات، ويقبح حذفها من غير ذينك إلا في شعر، وهذه القراءة فيها بُعد لحذف الهاء من غير صلة ولا صفة، وإنما أجاز الرفع من أجازه على القياس، على إجازتهم النصب مع الهاء في قوله: زيدًا ضربته، فكما جاز النصب مع اللفظ
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/307]
بالهاء، كذلك يلزم أن يجوز الرفع مع حذف الهاء، وهو ضعيف على ذلك، ولا يحسن أن يجعل {وعد الله} نعتًا لـ «كل» لأن {كلًا} معرفة؛ إذ التقدير فيها الإضافة إلى المضمر، والتقدير: وكلهم وعد الله الحسنى، وأيضًا فإنه لو كان صفة لبقي المبتدأ بغير خبر.
3- وحجة من نصبه أنه عدى الفعل، وهو «وعد» إلى «كل» فنصبه بـ {وعد} كما تقول: زيدًا وعدت خيرًا، فهو وجه الكلام والمعنى، وهو الاختيار). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/308]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {وَكُلٌّ وَعَدَ الله الْحُسْنَى} [آية/ 10] بالرفع:-
قرأها ابن عامر وحده.
[الموضح: 1244]
والوجه أنه مرفوع بالابتداء، وهو في الأصل مفعول به، إلا أنه لما تقدم على فعله ضعف عمله فارتفع بالابتداء، والجملة التي بعده خبره، والهاء محذوف مقدر، والتقدير: وكل وعده الله الحسنى، ومثله في التقدير قول الشاعر:
170- قد أصبحت أم الخيار تدعي = علي ذنبًا كله لم أصنع
برفع كل، على تقدير الهاء الراجع، والمراد كله لم أصنعه.
وقرأ الباقون {وَكُلًّا وَعَدَ الله الْحُسْنَى} بالنصب.
والوجه أن {وَكُلًّا} مفعول به مقدم، فهو نصب لذلك، كما تقول: زيدًا وعدت خيرًا، والتقدير: وعدت زيدًا خيرًا). [الموضح: 1245]

قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (3- وقوله تعالى: {فيضاعفه} [11].
قرأ ابن كثير وابن عامر {فيضعفه} بغير ألف غير أن ابن كثير يرفع وابن عامر ينصب.
وقرأ الباقون {فيضاعفه} بألف. وقد ذكرت علة ذلك في (البقرة) ). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/350]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قرأ ابن كثير وابن عامر: فيضعفه [الحديد/ 11] مشدّدة بغير ألف. ابن كثير يضمّ الفاء وابن عامر يفتح الفاء.
قال: وعاصم يقرأ: فيضاعفه بألف وفتح الفاء. وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي: فيضاعفه* بالألف وضمّ الفاء.
قال أبو علي: يضاعفه، ويضعفه بمعنى، فأما الرفع في:
[الحجة للقراء السبعة: 6/267]
فيضاعف فهو الوجه، لأنه محمول على: يقرض، أو على الانقطاع من الأول، كأنه: فهو يضاعف، ولا يكون النصب في هذا كما كان في قولك: أتقوم فأحدّثك؟ لأن القيام غير متيقّن فالمعنى: أيكون منك قيام فحديث منّي؟، وليس ما في الآية كذلك، ألا ترى أنه من قال:
من ذا الذي يقرض الله [الحديد/ 11] فالقرض ليس مسئولا عنه، وإنما المسئول عنه الفاعل، وعلى هذا أجازوا: أيّهم سار حتى يدخلها، ولم يجز سيبويه النصب في يدخل، لأن السير متيقن غير مسئول عنه، وإنما السؤال عن الفاعل، فكذلك في قوله: من ذا الذي يقرض فيضاعف له. لا يكون في يضاعف إلا الرفع، كما لم يكن في يدخل بعد حتى إلا الرفع. ومن نصب فقال: فيضاعفه لم يكن الوجه، وإنما هو مما يجوز في الشعر في نحو قوله:
وألحق بالحجاز فأستريحا ألا ترى أن المعطوف عليه موجب في موضع تيقّن، ولكن يحمل قول الذي نصب، فقال: يضاعفه على المعنى، لأنه إذا قال أحد: من ذا الذي يقرض، فكأنه قد قال: أيقرض اللّه أحد قرضا فيضاعفه له؟ وإن لم يحمله على ما ذكرنا من المعنى لم يستقم، فالوجه في قراءة: فيضاعفه ما عليه الأكثر من الرفع في: فيضاعفه*). [الحجة للقراء السبعة: 6/268]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({من ذا الّذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له} 11
قرأ ابن كثير وابن عامر (فيضعفه) بالتّشديد إلّا أن ابن كثير رفع الفاء ونصبها ابن عامر
وقرأ عاصم {فيضاعفه} بالألف وفتح الفاء
وقرأ الباقون بالألف والرّفع ضاعف وضعف بمعنى واحد فأما الرّفع في {فيضاعفه} فهو الوجه لأنّه محمول على {يقرض} أو على الانقطاع من الأول فكأنّه قال فهو يضاعف ومن نصب فعلى جواب الاستفهام ويحمله على المعنى لأنّه إذا قال {من ذا الّذي يقرض الله} فكأنّه قال أيقرض الله أحد قرضا فيضاعفه). [حجة القراءات: 699]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {فيضاعفه له} قرأه عاصم وابن عامر بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع، وقد تقدمت الحجة في ذلك في البقرة لكن أعيد شرحها، لأنه موضع مشكل.
فحجة من نصب أنه حمل الكلام على المعنى، لأن المعنى: من ذا الذي يقرض الله، أيقرض الله أحد فيضاعفه له، فنصب، لأنه جواب الاستفهام بالفاء، كما تقول: أتقوم فأحدثك، فتنصب «أحدثك» لأن القيام غير متيقن، والمعنى: أيكون منك قيام فحديث مني لك، والثاني جواب الاستفهام وأخواته محمول على مصدر الأول لما امتنع حمله على العطف على لفظ الأول، وهو الفعل، لئلا يصير استفهامًا كالأول، فيتغير المعنى، وتصير مستفهمًا عن نفسك، وذلك محال، إنما أنت مستفهم عن وقوع الفعل الأول من غيرك، ومخبر عن نفسك بوقوع فعل منك إن وقع الأول فوجب العطف على معنى الأول دون لفظه لهذا المعنى، وهو معنى لطيف، فافهمه، فحمل في العطف على معناه ليصح الجواب، والعطف بالفاء، فلما حمل على معنى الأول، وهو المصدر، احتيج إلى إضمار «أن» بعد الفاء، لتكون مع الفعل الثاني مصدرًا، فتعطف مصدرًا على
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/308]
مصدر، فيصح المعنى والإعراب، فلما أضمرت «أن» نصبت بها الفعل، فهذا شرح علة النصب في جواب الاستفهام والأمر والنهي والعرض وشبهه بالفاء، فالقراءة بالنصب في {فيضاعفه له} محمول على معنى الكلام لا على لفظه، والحمل على معنى الكلام محمول على معنى المعنى أيضًا دون لفظه، فافهمه، فإنه مشكل في العربية، فالنصب في الآية محمول على معنى الآية، ثم على معنى المعنى.
5- وحجة من رفع، وهو الاختيار، أنه لما رأى الاستفهام في قوله: {من ذا الذي يقرض الله} إنما هو على الأشخاص دون القرض فلم يستقم نصب الجواب؛ إذ ألف الاستفهام لم تدخل على فعل فيقع الجواب بفعل، إنما دخلت على الاسم، فلا يجاوب الاسم بفعل، لو قلت: أزيد في الدار تكرمه، لم يحسن نصب «تكرمه» على جواب الاستفهام، فالرفع فيه على القطع على معنى: فهو يقرضه، إذ الاستفهام فيه بمعنى الشرط، ورفعه على معنى الاستفهام الحقيقي، على العطف على «يقرض»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/309]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {فَيُضَعِّفَهُ} [آية/ 11] بالتشديد من غير ألف، وبالنصب:-
قرأها ابن عامر ويعقوب، وتابعهما ابن كثير على ترك الألف، غير أنه يرفع الفاء.
وقرأ الباقون {فَيُضَاعِفَهُ} بالألف، وبالرفع غير عاصم فإنه نصبها مثل ابن عامر ويعقوب.
[الموضح: 1245]
والوجه فيهما قد تقدم في سورة البقرة، وذكرنا أن ضاعف وضعف لغتان، وأن الرفع في الكلمة هو الوجه؛ لأنه معطوف على {يُقْرِضُ}، أو مستأنف. وأن النصب ليس بالقوي؛ لأنه يكون على الجواب بالفاء، وهو غير متوجه ههنا، إلا إذا حمل على المعنى؛ لأنه إذا قال {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ}؟ فإن السؤال وقع عن المقرض، والإقراض ليس بمسئول عنه، فيجاب بالفاء، بل الإقراض وقع موجبًا فلا يستقيم أن يقع جواب الموجب بالفاء، اللهم إلا أن يحمل على المعنى فيقال: إن قوله {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضًا} معناه أيقرض الله أحد قرضًا؟ فإذا حمل على هذا صح حينئذ أن يجاب بالفاء، فكأنه قال أيقرض الله أحد قرضًا فيضاعفه؟؛ لأنه يكون الإقراض على هذا مسئولاً عنه). [الموضح: 1246]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس