عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:43 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة سبأ
[ من الآية (31) إلى الآية (33) ]

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)}


قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)}
قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ (32)}
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة سعيد بن جيبر: [بَلْ مَكَرُّ الليلِ والنَّهارِ]، وهي قراءة أبي رزين أيضا.
وقرأ: [بَلْ مَكْرٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ] قتادة.
قال أبو حاتم: وقرأ راشد الذي كان نظر في مصاحف الحجاج: [بَلْ مَكَرَّ]، بالنصب.
قال أبو الفتح: أما "المَكَرّ" والكرور، أي: اختلاف الأوقات، فمن رفعه فعلى وجهين:
أحدهما: بفعل مضمر دل عليه قوله: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ}، فقالوا في الجواب: بل صدنا مَكَرُّ الليلِ والنهارِ، أي: كرورهما.
[المحتسب: 2/193]
والآخر: أن يكون مرفوعا بالابتداء، أي: مَكَرُّ الليل والنهار صَدَّنا.
فإن قيل: أفهذا تراجع عن قولهم لهم: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ؟ قيل: لا، ليس بانصراف عن التظلم منهم، وذلك أنه وصله بقوله: {إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ} أي: فكرور الليل والنهار علينا- على إغوائكم إيانا- هو الذي أصارنا إلى النار. وهذا كقول الرجل لصاحبه: أهلكني والله! فيقول وكيف ذلك؟ فيقول: في جوابه: مضى أكثر النهار وأنت تضربني؛ فيفسره بتقضي الزمان على إساءته إليه.
فإن شئت جعلت "إذ تأمروننا" متعلقة بنفس الكرور، أي: كرورهما في هذا الوقت وإن شئت جعلته حالا من الكرور، أي: كرورهما كائنا في هذا الوقت؛ فنجعل طرف النهار حالا من الحدث، كما تجعله خبرا عنه في نحو قولك: قيامك يومَ الجمعة؛ إذ كانت الحال ضربا من الخبر. ومثله من الحال قولك: عجبت من قيامك بومَ الجمعة، تعلق الظرف بمحذوف، أي من قيامك كائنا في يوم الجمعة.
وعلى نحو منه قراءة قتادة: [بَلْ مَكْرٌ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ]، فالظرف هنا صفة للحدث، أي: مكر كائن في الليل والنهار. وإن شئت علقتهما بنفس "مكر"، كقولك: عجبتُ لَكَ من ضربٍ زيدًا، وكقول الله: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ}.
وأما [مَكَرَّ]، بالنصب فعلى الظرف، كقولك: زرتُكَ خفوقَ النجمِ، وصياحَ الدجاجِ وهو معلق بفعل محذوف، أي: صدَدْتُمُونا في هذه الأوقات على هذه الأحوال.
فإن قيل: فما معنى دخول "بل" هنا وإنما هو جواب الاستفهام؟ وأنت لا تقول لمن قال لك: أزيدٌ عندك؟: بل هو عندي وإنما تقول: نعم، أولا. قيل: الكلام محمول على معناه، وذلك أن قولهم: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ} معناه الإنكار له، والرد عليهم في قول المستضعفين لهم: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}، فكأنهم قالوا لهم في الجواب: ما صددناكم، فردوه ثانيا عليهم، فقالوا: بل صدنا تصرم الزمان علينا وأنتم تأمروننا أن نكفر بالله. وقد كثر عنهم تأول معنى النفي وإن لم يكن ظاهرا إلى بادي اللفظ، قال الله تعالى: {قُل
[المحتسب: 2/194]
إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، أي: ما حرم إلا الفواحش، وعليه بيت الفرزدق:
أنا الدافِعُ الحَامِي الذّمارَ وإنَّما ... يُدَافِعُ عن أحسابهم أنا أو مِثْلِي
أي: ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا. ولذلك عندنا ما فصل الضمير، فقال: أنا، وأنت لا تقول: يقوم أنا، ولا نقعد نحن. ولولا ما ذكرنا من إرادة النفي لقبُح الفصل، وأنشدَنا أبو علي:
فاذْهَبْ فأيُّ فتًى في الناسِ أحْرَزَهُ ... مِن يَوْمِه ظُلَم دُعجٌ وَلا جَبَلُ
أي: ما أحد أحرزه هذا من الموت، ونظائره كثيرة.
وإن شئت علقت "إذ" يمحذوف، وجعلته خبرا عن [مَكَرَّ]، أي: كرورهما في هذا الوقت الذي تأمروننا فيه أن نكفر بالله، والمعنى في الجميع راجع إلى عصب الذنب بهم، ونسب الضلال إليهم). [المحتسب: 2/195]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس