عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 09:56 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (27) إلى الآية (28) ]

{ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}

قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)}
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (11- {لَا مُبَدِّل لِّكَلِمَاتِهِ} [آية/ 27] بالإدغام:
رواها يس- عن يعقوب مثل أبي عمرو إذا أدغم.
وقرأ الباقون {لِكَلِمَاتِهِ} بالإظهار.
وقد مضى الكلام فيهما). [الموضح: 779]

قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {بالغداوة والعشي} [28]. قرأ ابن عامر {بالغداوة والعشي}.
والباقون: {بالغداوة}، لأن غداة نكرة وتعرف بالألف واللام، و{غدوة} معرفة بغير ألف ولام، فلا يجوز دخول تعريف على تعريف، كما لا يُقال: مررت بالزيد قال الشاعر:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/390]
هذا مقام قدمي رباح
غدوة حتى دلكت براح
فلم ينون «غدوة» لأنها معرفة مؤنثة، فقال النحويون: لا وجه لقراءة ابن عامر، ولها عندي وجهان:
أحدهما: أن «غدوة» تنصبها العرب مع «لدن» فيقولون: لدن غدوة تشبيهًا بعشرين درهمًا، فلما اشبهت المنكور دخلتها الألف واللام.
والوجه الثاني: أن العرب قد تجمع الغدوة غدوًا ومثله تمرة وتمر، فكما قال الله تعالى: {بالغدو والأصال} قرأ ابن عامر {بالغدوة والعشى}.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/391]
وفيها وجهٌ ثالثٌ وهو أشبهها بالصواب -: أن العرب تدخل الألف واللام على المعرفة إذا جاور ما فيه الألف واللام ليزدوج الكلام كما قال الشاعر:
وجدن الوليد بن اليزيد مباركا
شديدًا بأحناء الخلافة كاهله
فأدخل الألف واللام في «اليزيد» لما جاور الوليد فكذلك قرأ ابن عامر أدخل الألف واللام في الغدوة لما جاور العشي، والعرب تجعل بكرة وعشية وغدوة وسحر معارف، إذا أرادوا اليوم بعينه ولا يصرفون فيقولون: أزورك ف يغد سحر يا فتى). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/392]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال: وقرأ ابن عامر وحده: (بالغدوة والعشي) [الكهف/ 28].
وقرأ الباقون: بالغداة والعشي بألف.
أما غدوة فهو اسم موضوع للتعريف، وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن يدخل عليه الألف واللام، كما لا تدخل على سائر الأعلام، وإن كانت قد كتبت في المصحف بالواو، ولم يدل على ذلك، ألا ترى أنهم قد كتبوا فيه الصلاة بالواو وهي ألف، فكذلك الغداة إن كتبت في هذا بالواو، ولا دلالة فيه على أنها واو، كما لم يكن ذلك في الصلاة ونحوها مما كتبت بالواو وهو ألف. ووجه دخول لام المعرفة عليها أنه قد يجوز وإن كان معرفة أن يتنكّر، كما حكاه أبو زيد من أنهم يقولون: لقيته فينة، والفينة بعد الفينة، ففينة مثل الغدوة في التعريف بدلالة امتناع الانصراف، وقد دخلت عليه لام التعريف، وذلك أنه يقدّر من أمّة كلها له مثل هذا الاسم فيدخل التنكير لذلك، ويقوّي هذا تثنية الأعلام وجمعها، وقولهم:
لا هيثم الليلة للمطيّ
[الحجة للقراء السبعة: 5/140]
وقولهم: أما البصرة فلا بصرة لك، فأجري هذا مجرى ما يكون شائعا في الجنس، وكذلك الغدوة. وقول من قال: بالغداة أبين). [الحجة للقراء السبعة: 5/141]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن: [وَلا تُعْدِ عَيْنَيْكَ].
قال أبو الفتح: هذا منقول من: عدت عيناك أي جاوزتا. من قولهم: جاء القوم عدا زيدا، أي: جاوز بعضهم زيدا، ثم نقل إلى أعديت عيني عن كذا، أي: صرفتها عنه.
قال:
حتى لَحِقْنا بهم تُعْدِي فَوَارِسُنا ... كأننا رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلا
[المحتسب: 2/27]
أي: تعدي فوارسنا خيلهم عن كذا، فحذف المفعول بعد المفعول. وتعديها من عدا الفرس، كقولنا: جرى، وعلى أن أصلهما واحد، لأن الفرس إذا عدا فقد جاوز مكانا إلى غيره). [المحتسب: 2/28]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عمرو بن فائد: [مَنْ أَغْفَلَنَا قَلْبُهُ].
قال أبو الفتح: يقال: أغفلْتُ الرجل: وجته غافلا، كقول عمرو بن معد يكرب: والله يا بني سليم لقد قاتلناكم فما أجبنَّاكُمْ، وسألْنَاكم فما أبخلْناكم، وهاجيْناكُم فما أفحمْناكُم، أي: لم نجدْكُم جبناء، ولا بخلاء، ولا مفحَمِين. وكقول الأعشى:
أثْوَى وقَصَّرَ ليلَةً لِيُزَوَّدَا ... فَمَضَى وَأَخْلَفَ من قُتَيْلَةَ مَوْعَدَا
أي صادفه مُخْلِفًا. وقال رؤبة:
وَأَهْيَجَ الخَلْصَاءَ مَنْ ذَاتِ البُرَقْ
أي صادفها هائجة النبت. وقال الآخر:
فَأَتْلَفْنا المَنَايا وأَتْلَفُوا
أي: صادفناها مُتْلِفَةً.
فإن قيل: فكيف يجوز أن يجدَ اللهَ غافلا؟ قيل: لَمّا فَعَلَ أفعالَ من لا يرتقبُ ولا يخافُ صار كأن الله سبحانه غافل عنه، وعلى هذا وقع النفي عن هذا الموضع، فقال: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون}، أي: لا تظنوا الله غافلا عنكم. وقال تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وقال تعالى: {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظ}، ونحو هذا في القرآن كثير، فكأنه قال: ولا تُطِعْ مَنْ ظَنَّنَا غافِلِينَ عنه.
[المحتسب: 2/28]
وعليه قول آخر:
أخْشَى عليها طَيِّئًا وأَسَدَا ... وَخَارِبَيْن خَرَبَا فَمَعَدَا
لا يحسبانِ اللهَ إلا رَقَدَا
وهذا هو ما نحن فيه البتة). [المحتسب: 2/29]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يدعون ربهم بالغداة والعشي}
قرأ ابن عامر (بالغدوة والعشي) بضم الغين وقرأ الباقون بالفتح وحجتهم أن غداة نكرة تعرف بالألف واللّام وغدوة معرفة فلا يجوز دخول تعريف على تعريف كما لا يقال مررت بالزيد
وحجّة ابن عامر هي أن العرب تدخل الألف واللّام على المعرفة
[حجة القراءات: 415]
إذا جاورت ما فيه الألف واللّام ليزدوج الكلام كما قال الشّاعر:
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركًا ... شديدا بأحناء الخلافة كاهله). [حجة القراءات: 416]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {بِالْغُدْوَةِ وَالْعَشِيِّ} [آية/ 28] بالواو، مضمومة الغين:
قرأها ابن عامر وحده.
وقرأ الباقون {بِالْغَدَاةِ} من غير واو.
[الموضح: 779]
وقد تقدم الكلام في هذه اللفظة). [الموضح: 780]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس