عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 01:52 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة التوبة
[ الآيتين (36) ، (37) ]

{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا َيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)}

قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}

قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا َيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر... (37).
روي عن ابن كثير أنه قرأ (إنّما النّسيّ) مشددا بغير همز، وروى عنه وجه آخر (إنّما النّسأ) بوزن (النسع).
وقرأ الباقون (إنّما النّسيء) بكسر السين بالمد والهمز.
قال الأزهري: من قرأ (إنّما النّسيّ) بتشديد الياء غير مهموز فالأصل فيه: النسيء، بالمد والهمز، ولكن القارئ به آثر ترك الهمز على لغة من يخفف الهمز ويحذفه، والنسيء اسم على (فعيل)، من قولك: أنسأت الشيء، إذا أخّرته، أنسأ نسيئا.
قال أبو عبيد: قال أبو عبيدة: أنسأ الله فلانًا: أجّله. ونسأ الله في أجله - بغير ألف - والنسيئة: التأخير، ومنه قوله: (إنّما النّسيء زيادةٌ في الكفر)
[معاني القراءات وعللها: 1/452]
إنما هو تأخيرهم تحريم المحرّم إلى صفر ومن قرأ (النسيء) فهو مصدر نسات نسأً، على فعلت فعلا.
القراءة الجيدة (النسيء) بالهمز والمد، وبها قرأ أكثر القراء). [معاني القراءات وعللها: 1/453]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (يضلّ به الّذين كفروا... (37).
قرأ حفص عن عاصم وحمزة والكسائي (يضلّ) بضم الياء وفتح الضاد.
وقرأ الحضرمي (يضلّ) بضم الياء وكسر الضاد، وقرأ الباقون (يضلّ) بفتح الياء وكسر الضاد.
قال أبو منصور: من قرأ (يضلّ) فهو على ما لم يسم فاعله، و(الذين) في موضع الرفع، لأنه مفعول لم يسم فاعله.
ومن قرأ (يضلّ به الّذين كفروا) فمعناه أن الكفار يضلون بالنسيء أتباعهم في إحلالهم المحرّم مرة، وتحريمهم إياه أخرى.
ومن قرأ (يضلّ) فالفعل للكفار الضالين، و(الذين) في موضع الرفع على قراءة من قرأ (يضلّ) ). [معاني القراءات وعللها: 1/453]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (6- وقوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} [37]
روي عن ابن كثير ثلاثة أوجه. النسيء على فعيل مهموز ممدود، وكذلك قرأ الباقون، والأصل : منسوء مفعول، فرد إلى فعيل كما يقال: رجل جريح وصريع، والأصل: مجروح ومصروع، وكانت العرب تعظم أشهر الحرم فتدع فيها الغارة والقتال، فإذا أحبوا ذلك أخروا المحرم إلى صفر من قولك: نسأ الله في أجلك. وروى عبيد بن عقيل عن شبل عن ابن كثير (إنما النسي) مشددة الياء، ومثله خطيئة وخطية وهنيئا وهنيا. وروي عنه أيضا: (إنما النسء) على وزن النسع، جعله مصدرا مثل الضرب، ضربت ضربا ونسأت نسأ. وروي عنه وجه رابع (إنما النسى) بالياء على وزن الدمى.
فمن قرأ (النسي) جعل الهمز ياء، والاختيار (النسيء) ما عليه الناس. النسيء: اللين المتغير قال جرير:
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/247]
بلغت نسيئ العنبري كأنما = ترى بنسيء العنبري جنى النحل
فأما (النسيء) بإسكان السين فقيل: الخمر فيمن همز، وقيل: هي ما يُنسى العقل لمن لم يهمز). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/248]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (7- وقوله تعالى: {يضل به الذين كفروا} [37].
قرأ حمزة والكسائي {نضل}. وحفص عن عاصم أيضًا بضم الياء وفتح الضاد، واحتجوا بقراءة ابن مسعود، وهو قرأها كذلك، وبقوله تعالى: {زين لهم سوء أعمالهم} على ما لم يُسم فاعله.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/248]
وقرأ الباقون {يضل} بفتح الياء وكسر الضاد جعل الفعل لهم وإن كان الله يضل ويهدي؛ لأن الله تعالى أضلهم عقوبة لما ضلوا هم، فاستوجبوا العقوبة بالعمل. وقيل: أضلهم سماهم ضالين. وقيل: أضلهم صادفهم كذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/249]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (واتفقوا على همز النسيء [التوبة/ 37] وحده، وكسر سينه، إلا ما حدّثني به محمد بن أحمد بن واصل قال: حدثنا محمد بن سعدان، عن عبيد بن عقيل عن شبل عن ابن كثير أنه قرأ: إنما النسء زيادة على وزن النّسع.
حدثني ابن أبي خيثمة، وإدريس، عن خلف، عن عبيد، عن شبل، أنه قرأ: النسي مشدّدة الياء بغير همز. وقد روي عن ابن كثير: النسي بفتح النون وسكون السين وضم الياء مخففة، قال أبو بكر: والذي قرأت به على قنبل النسيء بالمد والهمز مثل أبي عمرو، وكذلك الناس عليه بمكة.
قال أبو عبيدة فيما روى عنه التوّزيّ في قوله تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر: كانوا قد وكّلوا قوما من بني كنانة يقال لهم: بنو فقيم، فكانوا يؤخّرون المحرّم، وذلك نسء الشهور، ولا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة إذا اجتمعت
[الحجة للقراء السبعة: 4/191]
العرب للموسم، فينادي مناد: [أن افعلوا ذلك لحرب أو لحاجة وليس كلّ سنة يفعلون ذلك]؛ فإذا أرادوا أن يحلّوا المحرّم، نادوا: هذا صفر، وإن المحرم الأكبر صفر، وربّما جعلوا صفرا محرّما مع ذي القعدة، حتى يذهب الناس إلى منازلهم، إذا نادى المنادي بذلك، وكانوا يسمّون المحرم وصفرا: الصّفرين، ويقدّمون صفرا سنة ويؤخرونه، والذي كان ينسؤها، حتى جاء الإسلام: جنادة بن عوف بن أبي أميّة، وكان في بني عدوان قبل بني كنانة.
[قال أبو علي]: ووجه قراءة ابن كثير: النسء أن هذا تأخير، وقد جاء النّسء في أشياء معناها التأخير. قال أبو زيد: نسأت الإبل في ظمئها، فأنا أنسؤها نس ءا: إذا زدتها في ظمئها يوما أو يومين، أو أكثر من ذلك، والمصدر: النّسء.
قال أبو زيد: ويقال: نسأت الإبل عن الحوض فأنا أنسؤها نس ءا إذا أخّرتها عنه.
وحجة من قرأ: النسيء أنه كأنّه أكثر في
[الحجة للقراء السبعة: 4/192]
هذا المعنى، قال أبو زيد: أنسأته الدّين إنساء إذا أخرته عنه. واسم ذلك النسيئة، والنّساء؛ فكأنّ النسيء في الشهور: تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر ليست له تلك الحرمة، فيحرّمون بهذا التأخير ما أحلّ الله، ويحلّون ما حرّم الله، كما قال تعالى: يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله [التوبة/ 37] ألا ترى أن المحرم عين الشهر لا ما يوافقه في العدة، كما أن المحرّم فيه الإفطار على غير المريض والمسافر عين رمضان.
والنسيء: مصدر كالنذير والنّكير، وعذير الحي، ولا يجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول، كما قال بعض الناس لأنه إن حمل على ذلك، كان معناه: إنما المؤخّر زيادة
في الكفر، والمؤخّر الشهر وليس الشهر نفسه بزيادة في الكفر، وإنّما الزيادة في الكفر تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر ليست له تلك الحرمة؛ فأما نفس الشهر فلا.
وأما ما روي عن ابن كثير إنما النسي بالياء، فذلك يكون على إبدال الياء من الهمزة، ولا أعلمها لغة في التأخير، كما أنّ أرجيت: لغة في أرجأت.
وما روي عنه من قوله: النسيء بتشديد الياء، فعلى تخفيف الهمزة، وليس هذا القلب مثل القلب في النّسيء لأن
[الحجة للقراء السبعة: 4/193]
النسيّ بتشديد الياء: على وزن فعيل، تخفيف قياسيّ، وليس النّسي كذلك، كما أن مقروّة في مقروءة: تخفيف قياسي، وسيبويه لا يجيز نحو هذا القلب الذي في النسي إلا في ضرورة الشعر، وأبو زيد يراه ويروي كثيرا منه عن العرب). [الحجة للقراء السبعة: 4/194]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في فتح الياء وكسر الضّاد وضمّ الياء وفتح الضّاد من قوله تعالى: يضل به الذين كفروا [التوبة/ 37].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر يضل به* بفتح الياء وكسر الضاد.
وقرأ عاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي: يضل به بضم الياء وفتح الضاد.
قال أبو علي: وجه من قرأ: يضل* أن الذين كفروا لا يخلون من أن يكونوا مضلّين لغيرهم، أو ضالين هم في أنفسهم، وإذا كان كذلك، لم يكن في إسناد الضلال إليهم في قوله: يضل* إشكال ألا ترى أن المضلّ لغيره ضالّ بفعله إضلال غيره؟ كما أنّ الضالّ في نفسه الذي لم يضلّه غيره لا يمتنع إسناد الضلال إليه.
وأما يضل فالمعنى فيه أنّ كبراءهم أو أتباعهم
[الحجة للقراء السبعة: 4/194]
يضلّونهم بأمرهم إياهم بحملهم على هذا التأخير في الشهور، وزعموا أنّ في التفسير: أنّ رجلا من كنانة يقال له:
أبو ثمامة، كان يقول للناس في منصرفهم من الحج: إن آلهتكم قد أقسمت لتحرّمنّ، وربما قال: لتحلّنّ، هذا الشهر، يعني:
المحرم، فيحلّونه ويحرّمون صفرا، وإن حرّموه أحلّوا صفرا، وكانوا يسمّونهما الصّفرين، فهذا إضلال من هذا المنادي لهم، يحملهم بندائه على ذلك، وقوله تعالى: يضل يفعل من هذا.
وزعموا أنّ في حرف ابن مسعود يضل به الذين كفروا، ويقوّي ذلك: ما أتبع هذا من الفعل المسند إلى المفعول، وهو قوله: زين لهم سوء أعمالهم [التوبة/ 31]. أي: زيّن لهم ذلك حاملوهم عليه، وداعوهم إليه. ولو قرئ: يضل به الذين كفروا لكان الذين كفروا في موضع رفع، بأنهم الفاعلون، والمفعول به محذوف تقديره: يضلّ به الذين كفروا تابعهيم والآخذين بذلك، ومعنى: يضل به الذين كفروا يضلّ بنسء الشهور). [الحجة للقراء السبعة: 4/195]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة جعفر بن محمد والزهري والعلاء بن سَيَّابه والأشهب: [إنما النَّسْي] مخففًا في وزن الْهَدْي بغير همز. قال أبو الفتح: تحتمل هذه القراءة ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون أراد النَّسْء على ما يُحكى عن ابن كثير بخلاف أنه قرأ به، ثم أُبدلت الهمزة ياء، كما أُبدلت منها فيما رويناه من قول الشاعر:
أَهبَى التراب فوقه إهبايا
[المحتسب: 1/287]
يريد: إهباء، ونحو منه قوله:
كفِعل الهِر يحترش العَظَايا
يريد: العَظَاءَة، لا على قول أبي عثمان من أنه شبه ألف النصب بهاء التأنيث، ولا على ما رأيته من كونه تكسير العَظاية كإداوة وأداوَى.
والوجه الثاني: أن يكون فَعْلًا من نَسِيء؛ وذلك أن النسيء من نسأت: أي أخرت، والشيء إذا أُخر ودوفع به فكأنه منسي.
والثالث: وفيه الصنعة أنه أراد النسيء على فعيل، ثم خفف الهمزة وأبدلها ياء، وأدغم فيها ياء فعيل فصارت النَّسِيّ، ثم قصَر فعيلًا بحذف يائه فصار نَسٍ، ثم أسكن عين فعيل فصار نَسْيٌ.
ومثله مما قُصر من فَعيل ثم أسكن بعد الحذف قولهم في سميح: سَمْح، وفي رطيب: رَطْب، وفي جديب: جدب، ومما قصر ولم يسكن قولهم في لبيق: لَبِق، وفي سميج: سَمِج، وقد ذكرنا ذلك). [المحتسب: 1/288]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي رجاء: [يَضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا] بفتح الياء والضاد.
قال أبو الفتح: هذه لغة؛ أعني: ضَلِلت أَضَلّ. واللغة الفصحى ضَلَلت أَضِل. وقراءة
[المحتسب: 1/288]
الحسن بخلاف وابن مسعود ومجاهد وأبي رجاء بخلاف وقتادة وعمرو بن ميمون ورواه عباس عن الأعمش: {يُضَلُّ بِه}.
وفيه تأويلان: إن شئت كان الفاعل اسم الله تعالى مضمرًا؛ أي: يُضل الله الذين كفروا، وإن شئت كان تقديره: يُضِل به الذين كفروا أولياءَهم وأتباعَهم). [المحتسب: 1/289]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({إنّما النسيء زيادة في الكفر يضل به الّذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما} {زين لهم سوء أعمالهم} 37
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {إنّما النسيء زيادة في الكفر يضل} بضم الياء وفتح الضّاد على ما لم يسم فاعله إن الكافرين يضلون وحجتهم أن الكلام أتى عقيب ذلك بترك تسمية الفاعل وهو قوله {زين لهم سوء أعمالهم} فدلّ على أن ما تقدمه من الفعل جرى بلفظه إذا كان التزيين إضلالا في الحقيقة فجعل ما قبل التزيين
[حجة القراءات: 318]
مشاكلا للفظه ليأتلف الكلام على نظام واحد
وقرأ الباقون {يضل} بفتح الياء وكسر الضّاد أي هم يضلون لا يهتدون وحجتهم قوله {يحلونه عاما ويحرمونه عاما} فجعل الفعل لهم فكذلك {يضل به الّذين كفروا} وكانوا يؤخرون شهر الحج ويقدمون فضلوا هم بتأخيرهم شهرا وبتقديمهم شهرا). [حجة القراءات: 319]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {النسيء} قرأه ورش بتشديد الياء، من غير همز، وذلك أنه خفف الهمزة على ما يجب من الأصول المذكورة، فلما أراد تخفيفها وجد قبلها ياء زائدة، كياء «هنيئا» لأن قولك «نسيء» وزنه «فعيل» كـ «هني» فأبدل من الهمزة ياء، وأدغم فيها الياء التي قبلها، كقولك في تخفيف «خطيئة» «خطية»، وقرأ الباقون بالهمز على الأصل، لأنه «فعيل» من «أنسأته الدين» أي أخرته عنه، فمعناه أنهم أخروا حُرمة شهر حرام، جعلوا ذلك في شهر ليس بحرام ليبيحوا لأنفسهم القتال والغارات في الشهر الحرام، وقد كان ذلك محرمًا في الشهر الحرام وغيره، ولكن كانت حرمة الشهر الحرام في ذلك أعظم، والذنب فيه أكبر منهم في غيره، و«النسيء» مصدر كالنذير والنكير، والهمز فيه هو الاختيار، لكون الجماعة عليه، ولأنه الأصل، وقد روي عن ورش الهمز أيضًا، ولم أقرأ به). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/502]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {يضل به الذين كفروا} قرأه حفص وحمزة والكسائي
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/502]
بضم الياء، وفتح الضاد، على ما لم يُسم فاعله، على معنى أن كبراءهم يحملونهم على تأخير حرمة الشهر الحرام، فيضلونهم بذلك، وقرأ الباقون بفتح الياء، وكسر الضاد، أضافوا الفعل إلى الكفار؛ لأنهم هم الضالون في أنفسهم بذلك التأخير، لأنهم يحلون ما رحم الله من الشهور). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/503]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (8- {إنَّمَا النَّسِيُّ} [آية/ 37] بكسر السين وتشديد الياء من غير همز:
قرأها نافع وحده- ش-.
والوجه أن أصله النسئ بمد السين والهمز، فخفف همزه؛ لأن النسيء فعيل من نسأت الإبل عن الحوض إذا أخرتها، فالنسيء مصدر على فعيل كالنذير والنكير، ثم إن الهمزة خففت تخفيفًا قياسيًا بأن قلبت ياء وأدغمت الياء في الياء، كما قالوا في خطيئة خطية.
وروى- ن- و- يل- عن نافع {النَّسِيءُ} بالمد والهمز، وكذلك قراءة الباقين.
والوجه أنه هو الأصل الذي قلب عنه النسي مشدداً غير ممدود، وقد ذكرناه.
وروى- ل- عن ابن كثير {النَسْيءُ} بفتح النون وإسكان السين وبالهمز، على وزن النسع، وهو مصدر من نسأت الشيء إذا أخرته نسئاً، والمراد بالنسإ وبالنسئ: تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر.
وروى أيضًا عن ابن كثير {إنَّمَا النَسْيُ} بالياء، وهذا على إبدال الياء من
[الموضح: 593]
الهمزة من غير قياس، وسيبويه لا يجيز نحو هذا الإبدال إلا في ضرورة الشعر، وأبو زيد يجيزه، وليس هذا لغة في النسإ، كما في أرجأت وأرجيت، إنما هو إبدال كما ذكرنا). [الموضح: 594]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (9- {يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آية/ 37] بضم الياء وفتح الضاد:
قرأها حمزة والكسائي وعاصم- ص-.
والوجه أن الفعل لما لم يسم فاعله، والمعنى فيه أن سادتهم وكبراءهم يضلونهم بحملهم إياهم على النسيء، وقال بعضهم: يضلون على معنى إضلال الله، وقيل إضلال الشيطان.
وقرأ يعقوب- ح- و- يس- {يُضِلَّ} بضم الياء وكسر الضاد.
والوجه أنه على معنى يضل الذين كفروا تابعيهم، فـ {الَّذِينَ كَفَرُوا} فاعل، والمفعول محذوف، وهو تابعوهم، وقيل: التقدير: يضل به الذين كفروا، فيكون الفاعل مضمراً، وهو اسم الله عز وجل.
وقرأ الباقون و- ان- عن يعقوب {يَضِلّ} بفتح الياء وكسر الضاد.
والوجه أن الضلال مسند إليهم بأن يكونوا ضالين في أنفسهم أو مضلين لغيرهم، وأيا ما كانوا من كونهم ضالين أو مضلين صح إسناد الضلال إليهم، فالمضل لا يضل غيره إلا إذا كان ضالاً في نفسه). [الموضح: 594]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس