عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 08:59 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة آل عمران
[من الآية (10) إلى الآية (13) ]

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)}

قوله تعالى: {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)}

قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)}
و منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ستغلبون وتحشرون.. (12) و: (يرونهم مثليهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم: (ستغلبون وتحشرون) بالتاء و(يرونهم) بالياء.
وقرأ نافع ويعقوب: (ستغلبون وتحشرون) و: (ترونهم) كله بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي: (سيغلبون ويحشرون) و(يرونهم مثليهم) بالياء ثلاثتهن.
وروى أبان عن عاصم: (ترونهم) بالتاء، وقال الفراء: من قرأ بالياء (سيغلبون ويحشرون) فإنه ذهب بها إلى
[معاني القراءات وعللها: 1/242]
مخاطبة اليهود وإلى أن الغلبة تقع على المشركين بعد يوم أحد، وذلك أن النبي صلى الله عليه لما هزم المشركين يوم بدر قال اليهود: هذا النبي الذي لا ترد له راية، فلما نكب المسلمون يوم أحد كذبوا ورجعوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: يا محمد قل لليهود: سيغلب المشركون ويحشرون إلى جهنم.
فليس في هذا المعنى إلا الياء.
قال الفراء: ومن قرأ بالتاء جعل اليهود والمشركين كأنهم شيء واحد داخلين في الخطاب، فيجوز على هذا المعنى ستغلبون بالياء والتاء.
وهذا كما تقول في الكلام: قل لعبد الله إنه قائم وإنك قائم.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: الاختيار عندنا بالياء لأنه جلّ وعزّ خاطب اليهود، وأخبر أن مشركي أهل مكة سيغلبون، والتفسير عليه.
[معاني القراءات وعللها: 1/243]
وقال الزجاج: من قرأها بالتاء فللحكاية والمخاطبة، أي: قل لهم في خطابك ستغلبون.
قال: ومن قرأ (سيغلبون) فالمعنى بلغهم أنهم سيغلبون.. ). [معاني القراءات وعللها: 1/244] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون} [12]
و {يؤونهم} [13]
قرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالياء.
وقرأهن نافع بالتاء.
وقرأ الباقون {ستغلبون وتحشرون} بالتاء {يرونهم}، بالياء، والأمر بينهن قريب.
فمن قرأ بالتاء تقديره: قل يا محمد ستغلبون، وتحشرون. ومن قرأ بالياء أخبر عن غيب، ومثل ذلك في الكلام أن تقول: قلت لزيد أن سيركب وستركب كل ذلك صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: سيغلبون، ويحشرون [آل عمران/ 12] ويرونهم مثليهم [آل عمران/ 13].
فقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وابن عامر: ستغلبون وتحشرون بالتاء، ويرونهم بالياء.
وحكى أبان عن عاصم: ترونهم بالتاء، وفي رواية أبي بكر بالياء.
وقرأ نافع: ستغلبون، وتحشرون، وترونهم بالتاء ثلاثتهن.
وقرأ حمزة والكسائيّ بالياء ثلاثتهن.
قال أبو علي: قوله: قل للذين كفروا...
[آل عمران/ 12] يجوز أن يعنى به اليهود والمشركون جميعا، يدلّ على ذلك قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين [البقرة/ 105] ففسر الذين كفروا
[الحجة للقراء السبعة: 3/17]
بالقبيلين، وكذلك قوله جلّ وعزّ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين [البينة/ 1] فالتقدير على هذا: قل للقبيلين: ستغلبون.
ويدلّ على حسن التاء هنا والمخاطبة قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة [آل عمران/ 81] والآية كلّها على الخطاب. وكذلك قول من قرأ: ستغلبون بالتاء.
وللتاء على الياء مزية ما في الحسن، وهو أنّه إذا قيل:
سيغلبون فقد يمكن أن يكون المغلوبون والمحشورون من غير المخاطبين، وأنّهم قوم آخرون، فإذا كان بالخطاب، لم يجز أن يظنّ هذا.
وحجة من قرأ بالياء قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [الأنفال/ 38] وقوله تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون [الجاثية/ 14] والدّليل على حسن مجازهما جميعا أنّهم زعموا أنّ في حرف عبد الله: قل للذين كفروا إن تنتهوا نغفر لكم. فأمّا قوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [النور/ 30] فظاهره يقوّي قول من قرأ بالياء. ألا ترى
[الحجة للقراء السبعة: 3/18]
أنّه قال: يغضوا، ولم يقل: غضوا، فيكون للخطاب كقراءة من قرأ ستغلبون وكذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [النور/ 31].
إلّا أنّ من الناس من يحمل هذا على إضمار لام الأمر، وإضمار الجازم لم نعلمه جاء في حال السعة، وقد قيل: إنّ الذين كفروا: اليهود. والضمير في سيغلبون للمشركين، فعلى هذا القول لا يكون سيغلبون إلّا بالياء، لأنّ المشركين غيب.
والخطاب لهم، وما تقدّم ذكره أوجه لما ذكرناه من جواز وقوع الذين كفروا على الفريقين، ولأنّهما جميعا مغلوبان، فاليهود وأهل الكتاب غلبوا بوضع الجزى عليهم، وحشرهم لأدائها، والمشركون غلبوا بالسيف، فالقول الأول أبين. ومن قرأ: (يرونهم) بالياء، فلأنّ بعد الخطاب غيبة، وهو قوله: فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم [آل عمران/ 13] أي: ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثليهم.
ومما يؤكد الياء قوله: مثليهم، ولو كان على التاء لكان:
مثليكم، وإن كان قد جاء: وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] ثمّ قال: فأولئك هم المضعفون [الروم/ 39] ورأيت هنا المتعدية إلى مفعول واحد يدلّك على ذلك تقييده برأي العين، وإذا كان كذلك، كان انتصاب مثليهم على الحال لا على أنّه مفعول ثان.
وأمّا مثل فقد يفرد في موضع التثنية والجمع.
[الحجة للقراء السبعة: 3/19]
فمن الإفراد في التثنية قوله:
وساقيين مثل زيد وجعل... سقبان ممشوقان مكنوزا العضل
ومن إفراده في الجمع قوله تعالى: إنكم إذا مثلهم [النساء/ 140]. ومن جمعه قوله: ثم لا يكونوا أمثالكم [محمد/ 38]. وأمّا قوله: ترونهم مثليهم [آل عمران/ 13] ويرونهم فمن قرأ بالتاء فللخطاب الذي قبله، وهو قوله: قد كان لكم آية في فئتين... ترونهم مثليهم فالضمير المرفوع في ترونهم للمسلمين، والضمير المنصوب للمشركين. المعنى: ترون- أيّها المسلمون- المشركين مثلي المسلمين، وكان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، فرآهم المسلمون ستمائة وكسرا، وأرى الله المشركين أن المسلمين أقلّ من ثلاثمائة، وذلك أن المسلمين قد قيل لهم: فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين [الأنفال/ 66] فأراهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/20]
الله عددهم حسب ما حدّ لهم من العدد الذي يلزمهم أن يقدموا عليه، ولا يحجموا عنهم.
ومثل هذا في المعنى، قوله: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا، ويقللكم في أعينهم [الأنفال/ 44] وقال قتادة: كان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا). [الحجة للقراء السبعة: 3/21] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل للّذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنّم وبئس المهاد}
قرأ حمزة والكسائيّ (سيغلبون ويحشرون) بالياء فيهما أي بلغهم بأنّهم سيغلبون وحجتهما إجماع الجميع على قوله {قل للّذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ويقوّي الياء أن
[حجة القراءات: 153]
أهل التّفسير تأولوا في ذلك أن النّبي صلى الله عليه وسلم لما هزم المشركين يوم بدر قالت اليهود بعضهم لبعض هذا هو النّبي الّذي لا ترد له راية فصدقوا فقال بعضهم لا تعجلوا بتصديقه حتّى تكون وقعة أخرى فلمّا اصاب المسلمين يوم أحد ما أصابهم شكوا في أمره وخالفوه فأنزل الله قل يا محمّد سيغلبون ويحشرون
وقرأ الباقون {ستغلبون وتحشرون} بالتّاء على المخاطبة أي قل لهم في خطابك {ستغلبون وتحشرون} وحجتهم قوله {قل للّذين كفروا} فقد أمره أن يخاطبهم والمخاطبة لهم أن يقول في وجوههم {ستغلبون وتحشرون} بالتّاء). [حجة القراءات: 154]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (3- قوله: {ستغلبون وتحشرون} قرأهما حمزة والكسائي بالياء، وقرأهما الباقون بالتاء.
4- وحجة من قرأ بالتاء أنه أمر من الله لنبيه أن يخاطبهم بهذا، فهو خطاب للكفار من النبي بأمر الله له، والتاء للخطاب لليهود، بأنهم سيغلبون ويحشرون إلى جهنم، وقد قيل: إن الخطاب لليهود والمشركين، لأن كل فريق منهم كافر، فخوطبوا وأعلموا بوقوع الغلبة عليهم، ثم يحشرهم إلى جنهم.
5- وحجة من قرأ بالياء أنه أتى به على لفظ الغيبة؛ لأنهم غيب، حين أمر الله نبيه بالقول لهم، وهم اليهود، وقيل: هم المشركون، وكلاهما غائب، فإذا كانوا المشركين فهم أقوى في الغيبة، لأن المعنى: قل يا محمد لليهود سيُغلب المشركون ببدر ويحشرون إلى جهنم، ويقوي ذلك إجماعهم على الياء في قوله: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} «الأنفال 38» وإجماعهم
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/335]
على الياء في قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا} «الجاثية 14»، و{قل للمؤمنين يغضوا} «النور 30»، والتاء أحب إلي لإجماع الحرميين وعاصم وغيرهم على ذلك). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/336]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (3- {سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ} [آية/ 12]:-
بالياء فيهما، قرأها حمزة والكسائي.
وذلك لأنهم غيب وإن كانوا مأمورًا بخطابهم، يؤيد ذلك قوله تعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} و{قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ الله}.
وقرأ الباقون بالتاء فيهما.
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلمأمر بأن يقول لهم ذلك ويخاطبهم به، فكأنه قال: خاطبهم بذلك، وهذا كما تقول: قل لعبد الله إنك مضروب، ويجوز إنه مضروب، والأول أظهر). [الموضح: 362]

قوله تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)}
و منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ستغلبون وتحشرون.. (12) و: (يرونهم مثليهم).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم: (ستغلبون وتحشرون) بالتاء و(يرونهم) بالياء.
وقرأ نافع ويعقوب: (ستغلبون وتحشرون) و: (ترونهم) كله بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي: (سيغلبون ويحشرون) و(يرونهم مثليهم) بالياء ثلاثتهن.
وروى أبان عن عاصم: (ترونهم) بالتاء، وقال الفراء: من قرأ بالياء (سيغلبون ويحشرون) فإنه ذهب بها إلى
[معاني القراءات وعللها: 1/242]
مخاطبة اليهود وإلى أن الغلبة تقع على المشركين بعد يوم أحد، وذلك أن النبي صلى الله عليه لما هزم المشركين يوم بدر قال اليهود: هذا النبي الذي لا ترد له راية، فلما نكب المسلمون يوم أحد كذبوا ورجعوا، فأنزل الله تبارك وتعالى: يا محمد قل لليهود: سيغلب المشركون ويحشرون إلى جهنم.
فليس في هذا المعنى إلا الياء.
قال الفراء: ومن قرأ بالتاء جعل اليهود والمشركين كأنهم شيء واحد داخلين في الخطاب، فيجوز على هذا المعنى ستغلبون بالياء والتاء.
وهذا كما تقول في الكلام: قل لعبد الله إنه قائم وإنك قائم.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: الاختيار عندنا بالياء لأنه جلّ وعزّ خاطب اليهود، وأخبر أن مشركي أهل مكة سيغلبون، والتفسير عليه.
[معاني القراءات وعللها: 1/243]
وقال الزجاج: من قرأها بالتاء فللحكاية والمخاطبة، أي: قل لهم في خطابك ستغلبون.
قال: ومن قرأ (سيغلبون) فالمعنى بلغهم أنهم سيغلبون.. ). [معاني القراءات وعللها: 1/244] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون} [12]
و {يؤونهم} [13]
قرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالياء.
وقرأهن نافع بالتاء.
وقرأ الباقون {ستغلبون وتحشرون} بالتاء {يرونهم}، بالياء، والأمر بينهن قريب.
فمن قرأ بالتاء تقديره: قل يا محمد ستغلبون، وتحشرون. ومن قرأ بالياء أخبر عن غيب، ومثل ذلك في الكلام أن تقول: قلت لزيد أن سيركب وستركب كل ذلك صواب). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/108] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عزّ وجلّ: سيغلبون، ويحشرون [آل عمران/ 12] ويرونهم مثليهم [آل عمران/ 13].
فقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وابن عامر: ستغلبون وتحشرون بالتاء، ويرونهم بالياء.
وحكى أبان عن عاصم: ترونهم بالتاء، وفي رواية أبي بكر بالياء.
وقرأ نافع: ستغلبون، وتحشرون، وترونهم بالتاء ثلاثتهن.
وقرأ حمزة والكسائيّ بالياء ثلاثتهن.
قال أبو علي: قوله: قل للذين كفروا...
[آل عمران/ 12] يجوز أن يعنى به اليهود والمشركون جميعا، يدلّ على ذلك قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين [البقرة/ 105] ففسر الذين كفروا
[الحجة للقراء السبعة: 3/17]
بالقبيلين، وكذلك قوله جلّ وعزّ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين [البينة/ 1] فالتقدير على هذا: قل للقبيلين: ستغلبون.
ويدلّ على حسن التاء هنا والمخاطبة قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة [آل عمران/ 81] والآية كلّها على الخطاب. وكذلك قول من قرأ: ستغلبون بالتاء.
وللتاء على الياء مزية ما في الحسن، وهو أنّه إذا قيل:
سيغلبون فقد يمكن أن يكون المغلوبون والمحشورون من غير المخاطبين، وأنّهم قوم آخرون، فإذا كان بالخطاب، لم يجز أن يظنّ هذا.
وحجة من قرأ بالياء قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [الأنفال/ 38] وقوله تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون [الجاثية/ 14] والدّليل على حسن مجازهما جميعا أنّهم زعموا أنّ في حرف عبد الله: قل للذين كفروا إن تنتهوا نغفر لكم. فأمّا قوله: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [النور/ 30] فظاهره يقوّي قول من قرأ بالياء. ألا ترى
[الحجة للقراء السبعة: 3/18]
أنّه قال: يغضوا، ولم يقل: غضوا، فيكون للخطاب كقراءة من قرأ ستغلبون وكذلك: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [النور/ 31].
إلّا أنّ من الناس من يحمل هذا على إضمار لام الأمر، وإضمار الجازم لم نعلمه جاء في حال السعة، وقد قيل: إنّ الذين كفروا: اليهود. والضمير في سيغلبون للمشركين، فعلى هذا القول لا يكون سيغلبون إلّا بالياء، لأنّ المشركين غيب.
والخطاب لهم، وما تقدّم ذكره أوجه لما ذكرناه من جواز وقوع الذين كفروا على الفريقين، ولأنّهما جميعا مغلوبان، فاليهود وأهل الكتاب غلبوا بوضع الجزى عليهم، وحشرهم لأدائها، والمشركون غلبوا بالسيف، فالقول الأول أبين. ومن قرأ: (يرونهم) بالياء، فلأنّ بعد الخطاب غيبة، وهو قوله: فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم [آل عمران/ 13] أي: ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثليهم.
ومما يؤكد الياء قوله: مثليهم، ولو كان على التاء لكان:
مثليكم، وإن كان قد جاء: وما آتيتم من زكاة [الروم/ 39] ثمّ قال: فأولئك هم المضعفون [الروم/ 39] ورأيت هنا المتعدية إلى مفعول واحد يدلّك على ذلك تقييده برأي العين، وإذا كان كذلك، كان انتصاب مثليهم على الحال لا على أنّه مفعول ثان.
وأمّا مثل فقد يفرد في موضع التثنية والجمع.
[الحجة للقراء السبعة: 3/19]
فمن الإفراد في التثنية قوله:
وساقيين مثل زيد وجعل... سقبان ممشوقان مكنوزا العضل
ومن إفراده في الجمع قوله تعالى: إنكم إذا مثلهم [النساء/ 140]. ومن جمعه قوله: ثم لا يكونوا أمثالكم [محمد/ 38]. وأمّا قوله: ترونهم مثليهم [آل عمران/ 13] ويرونهم فمن قرأ بالتاء فللخطاب الذي قبله، وهو قوله: قد كان لكم آية في فئتين... ترونهم مثليهم فالضمير المرفوع في ترونهم للمسلمين، والضمير المنصوب للمشركين. المعنى: ترون- أيّها المسلمون- المشركين مثلي المسلمين، وكان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، فرآهم المسلمون ستمائة وكسرا، وأرى الله المشركين أن المسلمين أقلّ من ثلاثمائة، وذلك أن المسلمين قد قيل لهم: فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين [الأنفال/ 66] فأراهم
[الحجة للقراء السبعة: 3/20]
الله عددهم حسب ما حدّ لهم من العدد الذي يلزمهم أن يقدموا عليه، ولا يحجموا عنهم.
ومثل هذا في المعنى، قوله: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا، ويقللكم في أعينهم [الأنفال/ 44] وقال قتادة: كان المشركون تسع مائة وخمسين رجلا، وكان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا). [الحجة للقراء السبعة: 3/21] (م)
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة ابن عباس وطلحة: [يُرَوْنَهم مِثلَيهم] بياء مضمومة.
قال أبو الفتح: هذه قراءة حسنة المعنى؛ وذلك أن رَأيتُ وأرى أقوى في اليقين من أُريتُ وأُرَى، تقول: أرى أن سيكون كذا؛ أي: هذا غالب ظني، وأرى أن سيكون كذا؛ أي: أعلمه وأتحققه؛ وسبب ذلك أن الإنسان قد يُريه غيره الشيء فلا يصح له، فمعناه إذن أن غيره يشرع في أن يراه ولا أنه هو لا يراه، وأما أرى فإخبار بيقين منه، فكذلك هذه الآية: [يُرَوْنَهم مِثلَيهم] أي: يُصوَّر لهم ذلك وإن لم يكن حقًّا؛ لأن الشيء الواحد لا يكون اثنين
[المحتسب: 1/154]
في حال واحد؛ ولكن قد يُظن ويتوهم شيئين بل أشياء كثيرة، ومثله قول الله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا}، فهذا يُحسِّن هذه القراءة.
وأما قراءة الجماعة: {يَرَوْنَهم } فلأنها أقوى معنى؛ وذلك أنه أوكد لفظًا؛ أي: حتى لا يقع شك فيهم ولا ارتياب بهم أنهم مثلاهم، فهذا أبلغ في معناه من أن يكون مُرٍ يُرِيهم ذلك، فقد يجوز أن يتم له ذلك وقد لا، هذا في ظاهر الأمر؛ فأما على اليقين ومع الحقيقة فلا يجوز أن يكون الشيء الواحد شيئين اثنين فيما له كان واحدًا، ومما جاء مفصولًا فيه بين أَرَى وأُرَى قوله:
تَرَى أو تُراءَى عند معقِد غَرْزِها ... تهاويل من أجلاد هر مؤوَّم
فلما قال: "ترى" استكثر ذلك؛ لأنه مع التحصيل لا حقيقة له، فأتبعه بما لان له القول الأول، فقال: أو تراءى، فاعرف ذلك). [المحتسب: 1/155]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين}
قرأ نافع (ترونهم مثليهم) بالتّاء على مخاطبة اليهود وحجته أن الكلام قبل ذلك جرى بمخاطبة اليهود وهو قوله {قد كان لكم آية} فإلحاق هذا أيضا بما تقدم أولى ومعنى الكلام قد كان يا معشر اليهود آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وهم رسول الله صلى الله عليه وأصحابه ببدر وأخرى كافرة وهم مشركون ترونهم أنتم أيها اليهود مثلي الفئة الّتي تقاتل في سبيل الله
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم ما روي عن أبي عمرو قال أبو عمرو لو كانت ترونهم لكانت مثليكم قال الفراء
[حجة القراءات: 154]
من قرأ بالتّاء فإنّه ذهب إلى اليهود ومن قرأ بالياء فعل ذلك كما قال {حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} فإن شئت جعلت يرونهم من المسلمين دون اليهود أي يرى المسلمون المشركين مثليهم). [حجة القراءات: 155]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (6- قوله: {يرونهم} قرأه نافع بالتاء، وقرأ الباقون بالياء.
7- ووجه القراءة بالتاء أن قبله خطابا، فجرى آخر الكلام عليه، وهو قوله: {قد كان لكم} فجرى {ترونهم} على الخطاب في {لكم}، فيحسن أن يكون الخطاب للمسلمين، والهاء والميم للمشركين، وقد كان يلزم من قرأ بالتاء أن يقرأ {مثليكم} وذلك لا يجوز، لمخالفة الخط، ولكن جرى الكلام على الخروج من الخطاب إلى الغيبة، فهو في القرآن وكلام العرب كثير، بمنزلة قوله تعالى: {حتى إذا كنتم في الفلك} ثم قال: {وجرين بهم} «يونس 22» فخاطب ثم عاد إلى الغيبة، ومثله: {وما آتيتم من زكاة} ثم قال: {فأولئك هم المضعفون} «الروم 39»، فرجع إلى الغيبة، ولاهاء والميم في {مثليهم} يحتمل أن تكون للمشركين، أي: ترون أيها المسلمون المشركين مثلي ما هم عليه من العدد، وهو بعيد في المعنى؛ لأن الله لم يكثر المشركين في أعين المؤمنين، بل أعلمنا أنه قللهم في أعين المؤمنين، ويحتمل أن يكون الضمير للمسلمين، أي: ترون أيها المسلمون مثلي ما هم عليه من العدد، أي: ترون أنفسكم مثلي عددكم، فعل الله ذلك بهم لتقوى أنفسهم على لقاء المشركين، ويحتمل أن يكون المعنى: ترون أيها المسلمون المشركين مثليكم في العدد، وقد كانوا ثلاثة أمثالهم، فللهم الله في أعين المسلمين، لتقوى أنفسهم، ويجسروا على لقائهم، وتصديق هذا القول قوله: {إذ يريكهم الله في منامك قليلًا} «الأنفال 43» {وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم قليلًا} «الأنفال 44».
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/336]
8- ووجه القراءة بالياء أن قبله لفظ غيبة، فحمل آخر الكلام على أوله، وهو قوله: {فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة}، فالرؤية للفئة المقاتلة في سبيل الله والمرئية الفئة الكافرة، فالهاء والميم في {مثليهم} للفئة المقاتلة في سبيل الله والمرئية الفئة الكافرة، فالهاء والميم في {مثليهم} للفئة المقاتلة في سبيل الله، والمعنى: يُري الفئة المقاتلة في سبيل الله للفئة الكافرة مثلي الفئة المؤمنة، وقد كانت الفئة الكافرة ثلاثة أمثال المؤمنة، فقللهم الله في أعنيهم ليقوي نفوسهم، وليثبتوا على ما فرض الله عليهم، من أن لا يفر الواحد من اثنين، على ما ذكر في سورة الأنفال، وإنما أرى الله المسلمين المشركين مثليهم؛ لأنه تعالى ضمن لهم الغلبة على المشركين بقوله: {إن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين} «الأنفال 66»، وكذلك قال: {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلًا} ويبعد أن تكون الهاء والميم في {مثليهم} لـ «الفئة الكافرة» لأن الله لم يخبر أنه كثَّر الفئة الكافرة في أعين المؤمنين، إنما أعلمنا أنه قللهم في أعين المؤمنين، والخطاب في {لكم} لليهود، وانتصاب {مثليهم} على الحال؛ لأن ترى من رؤية البصر لا يتعدى إلى مفعولين، ودل على أنه من رؤية البصر قوله: {رأي العين} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/337]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (4- {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} [آية/ 13]:-
بالتاء، قرأها نافع ويعقوب.
وذلك لأن ما قبله خطاب، وهو قوله تعالى {قَدْ كانَ لكمْ آيةٌ} والمعنى ترون أيها المسلمون المشركين مثلي المسلمين، والقياس مثليكم، ولكن لما
[الموضح: 362]
كان المخاطبون هم الفئة المقاتلة أعاد الضمير اليهم.
وقرأ الباقون {يَرَوْنَهُمْ} بالياء.
وذلك لأن بعد الخطاب غيبة، وهو قوله تعالى {فئَةٌ تُقَاتِلُ} {وَأخْرَى} {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ} أي ترى الفئة المقاتلة في سبيل الله الفئة الكافرة مثلي أنفسهم). [الموضح: 363]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس