عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 10:42 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة لقمان
[ من الآية (16) إلى الآية (19) ]

{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}


قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (إنّها إن تك مثقال حبّةٍ من خردلٍ)
قرأ نافع وحده (مثقال حبّةٍ) رفعًا.
وقرأ الباقون (مثقال حبّةٍ) نصبًا.
قال أبو منصور: من رفع (مثقال) رفعه بـ (تك) -
وقال الفراء: والنكرة يحتمل أن لا يكون لها فعل في (كان) و(ليس) وأخواتها وقال الزجاج: الرفع علي معنى القصة، كما تقول - إنها هندٌ قائمة، وإنه زيدٌ قائم.
والتأنيث في قوله: (إن تك مثقال حبّةٍ) جاز؛ لأن المثقال أضيف إلى الحبة، فكان المعنى للحبة، فذهب التأنيث إليها.
كما قال الأعشى:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته... كما شرقت صدر القناة من الدم
[معاني القراءات وعللها: 2/270]
كأنه قال: كما شرقت القناة -
ومن نصب فقال. (إنّها إن تك مثقال حبّةٍ) فلها معنيان.
أحدهما: أن التي سألتني عنها (إن تك مثقال حبّةٍ من خردلٍ).
والمعنى الثاني: أن فعلة الإنسان إن تك صغيرة قدر مثقال حبة -
وهذا مثل لأعمال العباد، إن الله يأتي بها يوم القيامة.
(فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره (8) ). [معاني القراءات وعللها: 2/271]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (في صخرةٍ)
يقال: إن الصخرة هاهنا هي التي تحت الأرض). [معاني القراءات وعللها: 2/271]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ ابن كثير (يا بني لا تشرك بالله) [لقمان/ 13] بوقف الياء، و (يا بنيّ إنّها) مكسورة الياء، ويا بني أقم الصلاة [لقمان/ 17] بنصب الياء هذه رواية ابن أبي بزّة. وأمّا قنبل فأقرأني الأولى والثالثة بوقف الياء وكسر الياء في الوسطى.
وروى حفص عن عاصم الثلاثة بفتح الياء فيهنّ. أبو بكر عن عاصم
[الحجة للقراء السبعة: 5/453]
بكسر الياء في الثالثة، وكذلك قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي. المفضّل عن عاصم: يا بني نصب في الثلاثة المواضع.
[قال أبو علي]: من قال (يا بنيّ) فأسكن في الوصل فإنّه يجوز أن يكون على قول من قال: يا غلام أقبل فلمّا وقف قال يا غلام، فأسكن الحرف للوقف، ويكون قد أجرى الوصل مجرى الوقف، وهذا يجيء في الشعر كقول عمران:
قد كنت عندك حولا لا يروّعني... فيه روائع من إنس ولا جان
فإنّما خفّف جان للقافية ثم وصل بحرف الإطلاق، وأجرى الوصل مجرى الوقف وهذا لا نعلمه جاء في الكلام، ومن قال: (يا بني إنها) [لقمان/ 16] فهو على قولك: يا غلام أقبل، وهذا حسن لأنّ المستحسن في هذه الياء أن تحذف من المنادى لوقوعها موقع التنوين، وكونها بمنزلته، والتنوين يحذف في النداء فكذلك هذه الياء تحذف فيه.
ومن قال: يا بني ففتح الياء، فإنّه على قولك يا بنيّا فأبدل من ياء الإضافة ألفا، ومن الكسرة فتحة وعلى هذا حمل أبو عثمان قول من
[الحجة للقراء السبعة: 5/454]
قال: (يا أبت لم تعبد) [مريم/ 42] ويرى إبدال الألف من الياء مطّردا [في هذه الياءات] وقد تقدم ذكر ذلك فيما سلف من هذا الكتاب). [الحجة للقراء السبعة: 5/455] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ نافع وحده: (إنها إن تك مثقال حبة) [لقمان/ 16] رفعا، ونصب الباقون اللام.
[الحجة للقراء السبعة: 5/455]
[قال أبو علي]: من نصب فقال: إن تك مثقال حبة فاسم كان ينبغي أن تكون: المظلمة، المعنى: إن تك المظلمة أو السيئة مثقال حبة من خردل أتى الله بها، وأثاب عليها، أو عاقب، إن لم يكن قد كفر، أو أحبط. ومن قال: إنّها إن تك مثقال حبة، فألحق علامة التأنيث الفعل، والفاعل مثقال المذكّر، فلأنّ المثقال هو السيئة أو الحسنة فأنّث على المعنى كما قال: فله عشر أمثالها [الأنعام/ 160] فأنث وإن كان الأمثال مذكّرا، لأنّه يراد به الحسنات، فحمل على المعنى، فكذلك المثقال. فإن قلت: فما وجه قوله سبحانه: فتكن في صخرة [لقمان/ 16]؟
وإذا كانت في صخرة فلا يخلو من أن تكون في الأرض، وإذا حصل بكونه في صخرة كائنة في الأرض أغنى: «أو في الأرض» عن قوله: «فتكن في صخرة». قيل: إنّ هذا النحو من التأكيد والتكرير لا ينكر، وعلى هذا قوله تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق [العلق/ 1] ثم قال: خلق الإنسان [العلق/ 2] فكذلك وصفت المظلمة بكونها في صخرة أخفى لها، وأغمض لمكانها ففيه تأكيد وتثبيت أن هذه المظالم لا تخفى عليه سبحانه، ولن يدع أن يثيب أو يعاقب عليها). [الحجة للقراء السبعة: 5/456]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة عبد الكريم الجزري: [فَتَكِنْ فِي صَخْرَة]، بكسر الكاف.
قال أبو الفتح هذا من قولهم: وكن الطائر: إذا استقر في وكنته، وهي مقره ليلا، وهي أيضا عشه الذي يبيض فيه، ووكره. ومنه قوله:
وقد أغتدى والطير في وكناتها
وقد وكن يكن وكونا فهو واكن، وجمعه وكون، كقاعد وقعود. قال:
يذكرني سلمى وقد حال دونها ... حمام على بيضاتهن وكون
وكأنه من مقوب الكون؛ لأن الكون الاستقرار، وعليه قالوا: قد تكون في منزله واستقر). [المحتسب: 2/168]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({يا بني إنّها إن تك مثقال حبّة من خردل}
وقرأ نافع {يا بني إنّها إن تك مثقال حبّة} بالرّفع جعل {كان} بمعنى حدث ووقع أي إن وقع مثقال حبّة كقوله {وإن كان ذو عسرة} فإن قيل لم قلت {تك} بالتّاء والمثقال مذكّر قيل في ذلك إن مثقالا هو السّيئة أو الحسنة فأنث على المعنى وقال الفراء جاز تأنيث {تك} والمثقال مذكّر لأنّه مضاف إلى الحبّة والمعنى للحبة فذهب التّأنيث إليها
وقرأ الباقون إن تك مثقال نصب فاسم كان ينبغي أن يكون المظلمة أو الحسنة المعنى إن تكن المظلمة أو الحسنة مثقال حبّة من خردل). [حجة القراءات: 565]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (5- قوله: {إن تك مثقال حبةٍ} قرأ نافع برفع «مثقال» ونصب الباقون.
وحجة من رفع أنه جعل «كان» بمعنى وقع تامة لا تحتاج إلى خبر، فرفع «المثقال» بها، وأتى الفعل بلفظ التأنيث حملًا على المعنى؛ لأن المثقال بمعنى المظلمة أو السيئة أو الحسنة، فأتت على المعنى، كما قال: {فله عشر أمثالها} «الأنعام 160» فأتت على معنى الأمثال، لأنها حسنات في المعنى، وقيل التقدير: فله عشر حسنات أمثالها، ولو حمل على اللفظ لقيل: فله عشرة أمثالها؛ لأن لفظ الأمثال مذكر، وكذلك قوله {إن تك مثقال} في قراءة من رفع حمل التأنيث على المعنى.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/188]
6- وحجة من نصب أنه جعل «كان» ناقصة، تحتاج إلى اسم وخبر، فأضمر فيها اسمها، ونصب «مثقالًا» على الخبر والتقدير: إن تكن المظلمة أو السيئة أو الحسنة قدر مثال حبة من خردل أتى الله بها، للمجازاة عليها). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/189]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (6- {إِنْ تَكُ مِثْقَالُ حَبَّةٍ} [آية/ 16] بالرفع في {مِثْقَال}:
قرأها نافع وحده.
والوجه أن قوله {مِثْقَالُ} فاعل {تَكُ}، وكان ههنا هي التامة، ولا تحتاج إلى خبرٍ، والمعنى إن تقع مثقال حبةٍ.
وأما تأنيث الفعل؛ فلأن {مِثْقَال} مضاف إلى {حَبَّةٍ}، ومثقال حبةٍ حبةٌ، كما يقال: ذهبت بعض أصابعه، فيؤنث الفعل؛ لأن بعض الأصابع أصبعٌ، قال الشاعر:
120- إذا بعض السنين تعرقتنا
وقد سبق ذكره، وإنما أنث الفعل؛ لأن بعض السنين سنةٌ، وقال الأعشى:
121- وتشرق بالقول الذي قد أذعته = كما شرقت صدر القناة من الدم
[الموضح: 1014]
أراد: شرقت القناة، فهذا وجه تأنيثه.
وعن أبي علي: إن {مِثْقَالُ حَبَّةٍ} ههنا حسنةٌ أو سيئةٌ، فأنث على المعنى.
وقرأ الباقون {مِثْقَالَ حَبَّةٍ} بالنصب.
والوجه أن كان على هذا ناقصةٌ، وهي المحتاجة إلى الخبر، واسمها مضمر، و{مِثْقَالَ حَبَّةٍ} خبرها، والتقدير: إن كانت المظلمة أو السيئة مثقال حبة). [الموضح: 1015]

قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)}
قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولا تصعّر خدّك للنّاس (18)
قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم ويعقوب (تصعّر) بغير ألف.
وقرأ الباقون (ولا تصاعر) بألف.
[معاني القراءات وعللها: 2/269]
قال الفراء: يقال: صعر خده، صاعره، ومعناهما: الإعراض تكبرًا، ومثله ضعف الشيء وضاعفه). [معاني القراءات وعللها: 2/270]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إثبات الألف وإسقاطها من قوله عزّ وجلّ: ولا تصعر خدك للناس [لقمان/ 18] فقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر: ولا تصعر بغير ألف.
وقرأ الباقون: (تصاعر) بألف.
[قال أبو علي]: يشبه أن يكون: (ولا تصعر)، (ولا تصاعر) بمعنى كما قال سيبويه في: ضعّف وضاعف. وقال أبو الحسن: لا تصاعر: لغة أهل الحجاز، ولا تصعّر: لغة بني تميم. والمعنى فيه: لا تتكبر على الناس ولا تعرض عنهم تكبرا عليهم. قال أبو عبيدة: وأصل هذا من الصّعر الذي يأخذ الإبل في رءوسها وأعناقها.
قال أبو علي: فكأنّه يقول لا تعرض عنهم، ولا تزور كازورار الذي به هذا الدّاء الذي [يكون منه في عنقه]، ويعرض بوجهه، ومثل ذلك قوله:
يهدي إليّ حياة ثاني الجيد). [الحجة للقراء السبعة: 5/455]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولا تصعر خدك للنّاس}
قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر {ولا تصعر خدك} بالتّشديد وقرأ الباقون (تصاعر)
قال سيبويهٍ صعر وصاعر بمعنى واحد كما تقول ضعف وضاعف). [حجة القراءات: 565]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (4- قوله: {ولا تصعر} قرأه ابن كثير وعاصم وابن عامر بغير ألف مشددًا، وقرأ الباقون بألف مخففًا، وهما جميعًا لغتان بمعنى: ولا تُعرض بوجهك عن الناس تجبرا، حكى سيبويه أن صاعر وصَعَّر بمعنى قال الأخفش: لا تصاعر بألف لغة أهل الحجاز، وبغير ألف مشددًا لغة بني تميم، وأصله من الصعر وهو داءٌ يأخذ الإبل في رؤوسها وأعناقها، فتميل أعناقها منه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/188]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (7- {وَلَا تُصَعِّرْ} [آية/ 18] بتشديد العين من غير ألف:
قرأها ابن كثير وابن عامر وعاصم ويعقوب.
وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي {وَلَا تُصَاعِرْ} بالألف.
والوجه أن صاعر وصعَّر لغتان، كباعد وبعَّد وضاعف وضعَّف). [الموضح: 1015]

قوله تعالى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس