عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 03:28 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الإسراء

[ من الآية (1) إلى الآية (3) ]
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) }

قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}

قوله تعالى: {وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قوله جلّ وعزّ: (ألّا تتّخذوا من دوني وكيلًا (2)
قرأ أبو عمرو وحده (ألّا يتّخذوا) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال: المعنى فيهما متقارب، فمن قرأ بالتاء فعلى الخطاب، ومن قرأ بالياء فللغيبة، وكله جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/87]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {ألا تتخذوا من دوني وكيلا} [2].
قرأ أبو عمرو وحده بحذف الياء.
وقرأ الباقون بالتاء، والأمر بينهما قريب؛ لأن التقدير: وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا يتخذوا، وقلنا لهم: لا تتخذوا، وهذا كما تقول: قلت لزيد قم، وقلت له: أن يقوم و{قل للذين كفروا سيغلبون} و{ستغلبون}.
وقوله تعالى: {من دوني وكيلا} أي: كافيًا وربا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عز وجل: ألا تتخذوا من دوني وكيلا.
فقرأ أبو عمرو وحده: (ألّا يتّخذوا) بالياء.
وقرأ الباقون: ألا تتخذوا بالتاء.
قال أبو علي: وجه قول من قرأ بالياء، أن المتقدم ذكرهم على لغة الغيبة فالمعنى: هديناهم أن لا يتخذوا من دوني وكيلا.
ومن قرأ بالتاء فهو على الانصراف إلى الخطاب بعد الغيبة مثل قوله: الحمد لله ثم قال: إياك نعبد [الفاتحة/ 5]، والضمير في تتخذوا وإن كان على لغة الخطاب فإنّما يعني به الغيب في المعنى، ومن زعم أنّ (أن لا يتّخذوا من دوني) على إضمار القول، كأنّه يراد به: قال: أن لا تتخذوا، لم يكن قوله هذا متّجها، وذلك أن القول لا يخلو من أن يقع بعد جملة تحكى، أو معنى جملة يعمل في لفظه القول، فالأول كقوله: قال زيد: عمرو منطلق، فموضع الجملة نصب
[الحجة للقراء السبعة: 5/83]
بالقول، والآخر: يجوز أن يقول القائل: لا إله إلا الله، فتقول: قلت حقّا، أو يقول: الثلج حار، فتقول: قلت باطلا، فهذا معنى ما قاله، وليس نفس المقول، وقوله: (أن لا تتخذوا) خارج من هذين الوجهين، ألا ترى أن ألا تتخذوا ليس هو بمعنى القول، كما أن قولك حقّا، إذا سمعت كلمة الإخلاص: معنى القول، وليس قوله:
(أن لا تتّخذوا) بجملة، فيكون كقولك: قال زيد: عمرو منطلق.
ويجوز أن تكون (أن) بمعنى: أي التي بمعنى التفسير، وانصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب كما انصرف منها إلى الخطاب في قوله: وانطلق الملأ منهم أن امشوا [ص/ 6] والأمر، وكذلك انصرف من الغيبة إلى النهي في قوله: (أن لا تتخذوا)، وكذلك قوله:
أن اعبدوا الله ربي [المائدة/ 117] في وقوع الأمر بعد الخطاب، ويجوز أن يضمر القول ويحمل تتخذوا على القول المضمر إذا جعلت (أن) زائدة، فيكون التقدير: وجعلناه هدى لبني إسرائيل، فقلنا: لا تتخذوا من دوني وكيلا.
فيجوز إذن في قوله: (أن لا تتخذوا) ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون أن الناصبة للفعل، فيكون المعنى: وجعلناه هدى كراهة أن تتخذوا من دوني وكيلا، أو لأن لا يتخذوا من دوني وكيلا.
والآخر: أن تكون بمعنى (أي)، لأنه بعد كلام ناه، فيكون التقدير: أي لا تتخذوا.
والثالث: أن تكون (أن) زائدة وتضمر القول.
فأمّا قوله: ذرية من حملنا، [الإسراء/ 3] فيجوز أن يكون
[الحجة للقراء السبعة: 5/84]
مفعول الاتخاذ، لأنه فعل يتعدى إلى مفعولين، كقوله: واتخذ الله إبراهيم خليلا [النساء/ 125]. وقوله: اتخذوا أيمانهم جنة [المجادلة/ 16] فأفرد الوكيل وهو في معنى الجمع، لأن فعيلا يكون مفرد اللفظ والمعنى على الجمع، نحو قوله: وحسن أولئك رفيقا [النساء/ 69]. فإذا حمل على هذا كان مفعولا ثانيا في قول من قرأ بالتاء، والياء.
ويجوز أن يكون نداء وذلك على قول من قرأ بالتاء: ألا تتخذوا يا ذرية، ولا يسهل أن يكون نداء على قول من قرأ بالياء، لأن الياء للغيبة والنداء للخطاب، ولو رفع الذرية على البدل من الضمير في قوله: أن لا تتخذوا كان جائزا، وقد ذكر أنها قراءة. ولو رفع على البدل من الضمير المرفوع كان جائزا، ويكون التقدير: أن لا تتّخذ ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلا، ولو جعله بدلا من قوله بنى إسرائيل جاز، وكان التقدير: وجعلناه هدى لذرية من حملنا مع نوح). [الحجة للقراء السبعة: 5/85]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتّخذوا من دوني وكيلا}
قرأ أبو عمرو (ألا يتخذوا) بالياء وحجته أن الفعل قرب من الخبر عن بني إسرائيل فجعل الفعل مسندًا إليهم إذ قال {وجعلناه هدى لبني إسرائيل} المعنى جعلناه هدى لبني إسرائيل لئلّا يتخذوا من دوني وكيلا
وقرأ الباقون {ألا تتّخذوا} بالتّاء على الخطاب وحجتهم في الانصراف إلى الخطاب بعد الغيبة قوله {الحمد لله رب العالمين} ثمّ قال {إياك نعبد وإيّاك نستعين} فالضّمير في {تتّخذوا} وإن كان على لفظ الخطاب فإنّما يعني به الغيب في المعنى ويجوز أن تكون أن بمعنى أي الّتي هي للتفسير على هذا التّأويل لأنّه انصرف الكلام من الغيبة إلى الخطاب ويجوز أن تكون زائدة وتضمر القول
[حجة القراءات: 396]
المعنى وجعلناه هدى لبني إسرائيل وقلنا لهم لا تتّخذوا من دوني وكيلا ويجوز أن تكون الناصبة للفعل فيكون المعنى وجعلناه هدى كراهة أن تتّخذوا من دوني وكيلا أو بأن لا تتّخذوا). [حجة القراءات: 397]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {ألا تتخذوا من دوني} قرأ أبو عمرو بياء وتاء، حمله على لفظ الغيبة، لتقدم ذكرها في قوله: {وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا يتخذوا} أي: لئلا يتخذوا، ويجوز أن يكون بمعنى «أي» فيكون في الكلام معنى النهي، وقرأ الباقون بتاءين، أجروه على الانصراف من الغيبة إلى المخاطبة كقوله: {الحمد لله رب العالمين} ثم قال: {إياك نعبد} «الفاتحة 2، 5» وهو كثير، وقد مضى لهذه نظائر، ويجوز في هذه القراءة أيضًا أن يكون «أن» بمعنى «أي» ويكون الكلام نهيًا، فيكون من الانصراف من الخبر إلى النهي، ويجوز في القراءتين أن تكون «أن» زائدة، ويضمر القول على تقدير: وقلنا لهم: لا تتخذوا، فيكون نهيًا، وقد ذكرنا وجه نصب «الذرية» على القراءتين في تفسير مشكل إعراب القرآن). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/42]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {أَلَّا يَتَّخِذُوا} [آية/ 2] بالياء:
قرأها أبو عمرو وحده.
والوجه أنه على لفظ الغيبة؛ لأن ما قبله على الغيبة وهو قوله {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}، والمعنى: هديناهم ألا يتخذوا، أي لئلا يتخذوا، أو هديناهم إلى ترك الاتخاذ.
وقيل: إن قوله {وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} متضمن لمعنى الأمر، كأنه قال: أمرنا بني إسرائيل ألا يتخذوا، والعرب تقول أمرت فلانًا أن لا يَفْعَلَ، بالياء نصبًا، وأن تَفْعَلْ بالتاء جزمًا على النهي، كلاهما جائز.
وقرأ الباقون {ألَّا تتّخذوا} بالتاء.
والوجه أنه يجوز أن يكون على الرجوع إلى الخطاب بعد الغيبة.
[الموضح: 748]
ويجوز أن يكون على ما ذكرنا من كونه على معنى الأمر، فيكون الكلام محمولًا على المعنى نحو أمرت فلانًا أن لا تَفْعَل، فإن الأمر خطابٌ.
ويجوز أن يكون نهيًّا، والتقدير: قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلًا). [الموضح: 749]

قوله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): ( {ذرية من حملنا} [3] نصب على النداء المضاف والتقدير: يا ذرية من حملنا مع نوح. وهذا الحرف وإن لم يختلف فيه فإنما ذكرته لأن ذرية: وزنها فعلية من الذر، ويكون فعولة من الذرى والذر فيكون الأصل: ذروية، فتقلب من الواو ياء وتدغم الياء في الياء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/363]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (قد ذكرنا ما في ذُرِّيَّة وذَرِّيَّة وذِرِّيَّة فما مضى من الكتاب). [المحتسب: 2/14]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس