عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 01:09 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون (25) للّه ما في السّماوات والأرض إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد}.
يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمّد هؤلاء المشركين باللّه من قومك {من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ، فإذا قالوا ذلك، فقل لهم: الحمد للّه الّذي خلق ذلك، لا لمن لا يخلق شيئًا وهم يخلقون.
ثمّ قال تعالى ذكره: {بل أكثرهم لا يعلمون} يقول: بل أكثر هؤلاء المشركون لا يعلمون من الّذي له الحمد، وأين موضع الشّكر). [جامع البيان: 18/570-571]

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {للّه ما في السّموات والأرض} يقول تعالى ذكره: للّه كلّ ما في السّماوات والأرض من شيءٍ ملكًا كائنًا ما كان ذلك الشّيء من وثنٍ وصنمٍ وغير ذلك، ممّا يعبد أو لا يعبد {إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} يقول: إنّ اللّه هو الغنيّ عن عبادة هؤلاء المشركين به الأوثان والأنداد، وغير ذلك منهم، ومن جميع خلقه، لأنّهم ملكه وله، وبهم الحاجة إليه. {الحميد} يعني المحمود على نعمه الّتي أنعمها على خلقه). [جامع البيان: 18/571]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة أن المشركين قالوا في القرآن إن هذا الكلام يوشك أن ينفذ يوشك أن ينقطع فنزلت ولو أنما في الأرض من شجرة أقلم والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمت الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/106]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ولو أنّ شجر الأرض كلّها بريت أقلامًا {والبحر يمدّه} يقول: والبحر له مدادٌ، والهاء في قوله {يمدّه} عائدةٌ على البحر. وقوله {من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} وفي هذا الكلام محذوفٌ استغنى بدلالة الظّاهر عليه منه، وهو يكتب كلام اللّه بتلك الأقلام، وبذلك المداد، لتكسّرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سألت الحسن عن هذه الآية، {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} قال: لو جعل شجر الأرض أقلامًا، وجعل البحور مدادًا، وقال اللّه: إنّ من أمري كذا، ومن أمري كذا، لنفد ماء البحور، وتكسّرت الأقلام.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم، قال: حدّثنا عمرٌو، في قوله {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} قال: لو بريت أقلامًا والبحر مدادًا، فكتب بتلك الأقلام منه {ما نفدت كلمات اللّه} ولو مدّه سبعة أبحرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} قال: قال المشركون: إنّما هذا كلامٌ يوشك أن ينفد، قال: لو كان شجر البرّ أقلامًا، ومع البحر سبعة أبحر ما كان لتنفد عجائب ربّي وحكمته وخلقه وعلمه.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في سبب مجادلةٍ كانت من اليهود له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: ثني رجلٌ من أهل مكّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّ أحبار يهود قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالمدينة: يا محمّد أرأيت قولك {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} إيّانا تريد أم قومك؟ فقال رسول اللّه صلّى صلّى اللّه عليه وسلّم: كلًّا، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك: أنّا قد أوتينا التّوراة فيها تبيان كلّ شيءٍ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّها في علم اللّه قليلٌ، وعندكم من ذلك ما يكفيكم، فأنزل اللّه عليه فيما سألوه عنه من ذلك: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} أي أنّ التّوراة في هذا من علم اللّه قليلٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: ثني ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عكرمة، قال: سأل أهل الكتاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الرّوح، فأنزل اللّه {ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} فقالوا: تزعم أنّا لم نؤت من العلم إلاّ قليلاً، وقد أوتينا التّوراة، وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا} قال: فنزلت {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات اللّه} قال: ما أوتيتم من علمٍ فنجّاكم اللّه به من النّار وأدخلكم الجنّة، فهو كثيرٌ طيّبٌ، وهو في علم اللّه قليلٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: ثني محمّد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: لمّا نزلت بمكّة {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} يعني اليهود؛ فلمّا هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود، فقالوا: يا محمّد ألم يبلغنا أنّك تقول {وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً} أفتعنينا أم قومك؟ قال: وكلًّا قد عنيت، قالوا: فإنّك تتلو: أنّا قد أوتينا التّوراة، وفيها تبيان كلّ شيءٍ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: هي في علم اللّه قليلٌ، وقد أتاكم اللّه ما إن عملتم به انتفعتم، فأنزل اللّه {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} إلى قوله {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} فقرأته عامّة قرّاء المدينة والكوفة: والبحر رفعًا على الابتداء، وقرأته قرّاء البصرة نصبًا، عطفًا به على ما في قوله: {ولو أنّما في الأرض} وبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ عندي.
وقوله: {إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} يقول: إنّ اللّه ذو عزّةٍ في انتقامه ممّن أشرك به، وادّعى معه إلهًا غيره، حكيمٌ في تدبيره خلقه). [جامع البيان: 18/571-574]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم.
أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ك يا محمد أرأيت قولك وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ايانا تريد أم قومك فقال: كلا، فقالوا: ألست تتلو فيما جاءك انا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال: انها في علم الله قليل، فأنزل الله في ذلك {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} ). [الدر المنثور: 11/655]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال اجتمعت اليهود في بيت فارسلوا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ان ائتنا، فجاء فدخل عليهم فسألوه عن الرجم فقال: أخبروني بأعلمكم، فأشاروا إلى ابن صوريا الاعور قال: أنت أعلمهم قال: انهم يزعمون ذاك قال: فنشدتك بالمواثيق التي أخذت عليكم وبالتوراة التي أنزلت على موسى، ما تجدون في التوراة قال: لولا أنك نشدتني بما نشدتني به ما أخبرتك أجد فيها الرجم قال: فقضى عليهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: صدقت يا محمد عندنا التوراة فيها حكم الله فكانوا قبل ذلك لا يظفرون من النّبيّ صلى الله عليه وسلم بشيء قال: فنزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الاسلااء الآية 85، فاجتمعوا في ذلك البيت فقال رئيسهم: يا معشر اليهود لقد ظفرتم بمحمد فأرسلوا إليه، فجاء فدخل عليهم فقالوا: يا محمد ألست أنت أخبرتنا أنه أنزل عليك {وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله} ثم تخبرنا أنه أنزل عليك {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فهذا مختلف، فسكت النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم قليلا ولا كثيرا قال: ونزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} وجميع خلق الله كتاب وهذا البحر يمد فيه سبعة أبحر مثله فمات هؤلاء الكتاب كلهم وكسرت هذه الأقلام كلها ويبست هذه البحور الثمانية وكلام الله كما هو لا ينقص ولكنكم أوتيتم التوراة فيها شيء من حكم الله وذلك في حكم الله قليل، فأرسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأتوه فقرأ عليهم هذه الآية قال: فرجعوا مخصومين بشر). [الدر المنثور: 11/655-656]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، فقال رجل: يا محمد تزعم أنك أوتيت الحكمة وأوتيت القرآن وأوتيتنا التوراة فأنزل الله {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} وفيه يقول: علم الله أكثر من ذلك {وما أوتيتم من العلم} فهو كثير لكم لقولكم قليل عندي). [الدر المنثور: 11/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال: سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فأنزل الله {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} فقالوا: تزعم انا لم نؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتينا التوراة: وهي الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} فنزلت {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} ). [الدر المنثور: 11/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وأبو نصر السجزي في الابانة عن قتادة رضي الله عنه قال: قال المشركون: إنما هذا كلام يوشك أن ينفد فنزلت {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} يقول: لو كان شجر الأرض أقلاما ومع البحر سبعة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحور قبل ان تنفد عجائب ربين وحكمته وعلمه). [الدر المنثور: 11/657]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: قال حي بن أخطب: يا محمد تزعم أنك أوتيت الحكمة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} وتزعم انا لم نؤت من العلم إلا قليلا فكيف يجتمع هاتان فنزلت هذه الآية {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} ونزلت التي في الكهف {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} ). [الدر المنثور: 11/657-658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي الجوزاء رضي الله عنه في قوله {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام} يقول: لو كان كل شجرة في الأرض أقلاما والبحرا مداد لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل ان تنفد كلمات ربي). [الدر المنثور: 11/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قرأ (والبحر يمده) رفع). [الدر المنثور: 11/658]

تفسير قوله تعالى: (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ما خلقكم أيّها النّاس، ولا بعثكم على اللّه إلاّ كخلق نفسٍ واحدةٍ وبعثها، وذلك أنّ اللّه لا يتعذّر عليه شيءٌ أراده، ولا يمتنع منه شيءٌ شاءه {إنّما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} فسواءٌ خلق واحدٍ وبعثه، وخلق الجميع وبعثهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: ثني أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {كنفسٍ واحدةٍ} يقول: كن فيكون، للقليل والكثير.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ} قال: يقول: إنّما خلق اللّه النّاس كلّهم وبعثهم كخلق نفسٍ واحدةٍ وبعثها.
وإنّما صلح أن يقال: إلاّ كنفسٍ واحدةٍ، والمعنى: إلاّ كخلق نفسٍ واحدةٍ، لأنّ المحذوف فعلٌ يدلّ عليه قوله {ما خلقكم ولا بعثكم} والعرب تفعل ذلك في المصادر، ومنه قول اللّه: {تدور أعينهم كالّذي يغشى عليه من الموت} والمعنى: كدوران عين الّذي يغشى عليه من الموت، فلم يذكر الدّوران والعين لما وصفت.
وقوله: {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه سميعٌ لما يقول هؤلاء المشركون ويفترونه على ربّهم، من ادعائهم له الشّركاء والأنداد وغير ذلك من كلامهم وكلام غيرهم، بصيرٌ بما يعملونه وغيرهم من الأعمال، وهو مجازيهم على ذلك جزاءهم). [جامع البيان: 18/574-575]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة قال يقول القليل والكثير عليه سواء إنما يقول له كن فيكون). [تفسير مجاهد: 505]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير * ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير * ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور * وأذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور * يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.
أخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} قال: يقول له كن فيكون، القليل والكثير). [الدر المنثور: 11/658]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مّسمًّى وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: {ألم تر} يا محمّد بعينك {أن اللّه يولج اللّيل في النّهار} يقول: يزيد من نقصان ساعات اللّيل في ساعات النّهار {ويولج النّهار في اللّيل} يقول: يزيد ما نقص من ساعات النّهار في ساعات اللّيل.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر أنّ اللّه يولج} اللّيل في النّهار نقصان اللّيل في زيادة النّهار {ويولج النّهار في اللّيل} نقصان النّهار في زيادة اللّيل.
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} يقول تعالى ذكر: وسخّر الشّمس والقمر لمصالح خلقه ومنافعهم، {كلٌّ يجري} يقول: كلّ ذلك يجري بأمره إلى وقتٍ معلومٍ، وأجلٍّ محدودٍ إذا بلغه، كوّرت الشّمس والقمر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} يقول: لذلك كلّه وقتٌ وحّدٌ معلومٌ، لا يجاوزه ولا يعدوه.
وقوله: {وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ} يقول: وإنّ اللّه بأعمالكم أيّها النّاس من خيرٍ أو شرٍّ ذو خبرةٍ وعلمٍ، لا يخفى عليه منها شيءٌ، وهو مجازيكم على جميع ذلك، وخرج هذا الكلام خطابًا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والمعنيّ به المشركون، وذلك أنّه تعالى ذكره نبّه بقوله: {أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} على موضع حجّته من جهل عظمته، وأشرك في عبادته معه غيره، يدلّ على ذلك قوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} ). [جامع البيان: 18/575-577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659] (م)

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير}.
يقول تعالى ذكره: هذا الّذي أخبرتك يا محمّد أنّ اللّه فعله من إيلاجه اللّيل في النّهار، والنّهار في اللّيل، وغير ذلك من عظيم قدّرته، إنّما فعله بأنّه اللّه حقًّا، دون ما يدعوه هؤلاء المشركون به، وأنّه لا يقدر على فعل ذلك سواه، ولا تصلح الألوهة إلاّ لمن فعل ذلك بقدرته.
وقوله: {وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} يقول تعالى ذكره: وبأنّ الّذي يعبد هؤلاء المشركون من دون اللّه الباطل الّذي يضمحلّ، فيبيد ويفنى. {وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} يقول تعالى ذكره: وبأنّ اللّه هو العليّ، يقول: ذو العلوّ على كلّ شيءٍ، وكلّ ما دونه، فله متذلّلٌ منقادٌ، الكبير الّذي كلّ شيءٍ دونه، فله متصاغرٌ). [جامع البيان: 18/577]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمة اللّه ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآياتٍ لّكلّ صبّارٍ شكورٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ألم تر يا محمّد أنّ السّفن تجري في البحر نعمةً من اللّه على خلقه {ليريكم من آياته} يقول: ليريكم من عبره وحججه عليكم.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} يقول: إنّ في جري الفلك في البحر دلالةً على أنّ اللّه الّذي أجراها هو الحقّ، وأنّ ما يدعون من دونه الباطل {لكلّ صبّارٍ شكورٍ} يقول: لكلّ من صبّر نفسه عن محارم اللّه، وشكره على نعمه، فلم يكفره.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان مطرّفٌ يقول: إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه: الصّبّار الشّكور.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، قال: الصّبر نصف الإيمان، والشّكر نصف الإيمان، واليقين: الإيمان كلّه، ألم تر أنّ قوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ}: إنّ في ذلك لآياتٍ للموقنين، إنّ في ذلك لآياتٍ للمؤمنين.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} قال: الصّبر: نصف الإيمان، واليقين: الإيمان كلّه.
إن قال قائلٌ: وكيف خصّ هذه الدّلالة بأنّها دلالةٌ للصّبّار الشّكور دون سائر الخلق؟
قيل: لأنّ الصّبر والشّكر من أفعال ذوي الحجى والعقول، فأخبر أنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ ذي عقلٍ، لأنّ الآيات جعلها اللّه عبرًا لذوي العقول والتّمييز). [جامع البيان: 18/577-578]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى ختار قال هو الغدار). [تفسير عبد الرزاق: 2/106]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين، فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ}.
يقول تعالى ذكره: وإذا غشي هؤلاء الّذين يدعون من دون اللّه الآلهة والأوثان في البحر، إذا ركبوا في الفلك، موجٌ كالظّلل، وهي جمع ظلّةٍ، شبّه بها الموج في شدّة سوّاد كثرة الماء؛ قال نابغة بني جعدة في صفة بحرٍ:
يماشيهنّ أخضر ذي ظلالٍ = على حافّاته فلق الدّنان
وشبه الموج وهو واحدٌ بالظّلل، وهي جماعٌ، لأنّ الموج يأتي شيءٌ منه بعد شيءٍ، ويركب بعضه بعضًا كهيئة الظّلل.
وقوله: {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} يقول تعالى ذكره: وإذا غشي هؤلاء موجٌ كالظّلل، فخافوا الغرق، فزعوا إلى اللّه بالدّعاء مخلصين له الطّاعة، لا يشركون به هنالك شيئًا، ولا يدعون معه أحدًا سواه، ولا يستغيثون بغيره.
قوله: {فلمّا نجّاهم إلى البرّ} ممّا كانوا يخافونه في البحر من الغرق والهلاك إلى البرّ. {فمنهم مقتصدٌ} يقول: فمنهم مقتصدٌ في قوله وإقراره بربّه، وهو مع ذلك مضمر الكفر به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {فمنهم مقتصدٌ} قال: المقتصد في القول وهو كافرٌ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {فمنهم مقتصدٌ} قال: المقتصد الّذي على صلاحٍ من الأمر.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} يقول تعالى ذكره: وما يكفر بأدلّتنا وحججنا إلاّ كلّ غدّارٍ بعهده، والختر عند العرب: أقبح الغدر؛ ومنه قول عمرو بن معدي كربٍ:
وإنّك لو رأيت أبا عميرٍ = ملأت يديك من غدرٍ وختر
وقوله: {كفورٍ} يعني: جحودًا للنّعم، غير شاكرٍ ما أسدي إليه من نعمةٍ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى الختّار قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: كلّ غدّارٍ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {كلّ ختّارٍ} قال: غدّارٍ.
- حدّثني يعقوب، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: غدّارٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} الختّار: الغدّار، كلّ غدّارٍ بذمّته كفورٍ بربّه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: كلّ جحّادٍ كفورٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّارٍ كفورٍ} قال: الختّار: الغدّار، كما تقول: غدرني.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن مسعرٍ، قال: سمعت قتادة قال: الّذي يغدر بعهده.
- قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: الغدّار.
- قال: حدّثنا أبي: عن الأعمش، عن شمر بن عطيّة الكاهليّ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه قال: المكر غدرٌ، والغدر كفرٌ). [جامع البيان: 18/579-582]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ونا آدم نا شيبان عن جابر عن مجاهد قال الختار الغدار). [تفسير مجاهد: 506]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} يقوله إنما خلق الله الناس كلهم وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها، وفي قوله {ألم تر أن الله يولج الليل في النهار} قال: نقصان الليل زيادة النهار {ويولج النهار في الليل} نقصان النهار زيادة في الليل {كل يجري إلى أجل مسمى} لذلك كله وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه، وفي قوله {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} قال: ان أحب عباد الله إليه الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر وإذا ابتلى صبر، وفي قوله {وإذا غشيهم موج كالظلل} قال: كالسحاب وفي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} قال: غدار بذمته كفور بربه). [الدر المنثور: 11/658-659] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فمنهم مقتصد} قال: في القول وهو كافر {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار} قال: غدار {كفور} قال: كافر). [الدر المنثور: 11/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ختار} قال: جحاد). [الدر المنثور: 11/659]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له: أخبرني عن قوله {كل ختار كفور} قال: الجبار، الغدار، الظلوم، الغشوم، {الكفور} الذي يغطي النعمة قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
لقد علمت واستيقنت ذات نفسها * بان لا تخاف الدهر صرمي ولا ختري). [الدر المنثور: 11/659-660]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كل ختار} قال: الذي يغدر بعهده {كفور} قال: بربه). [الدر المنثور: 11/660]


رد مع اقتباس