عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 08:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وامتازوا اليوم} الآية، فيه حذف تقديره: ويقول للكفرة، وهذه معادلة لقوله لأصحاب الجنة: "سلام".
و"امتازوا" معناه: انفصلوا وانحازوا; لأن العالم في الموقف إنما هم مختلطون.
ثم خاطبهم بما يميزون به توبيخا لهم وتوقيفا على عهده إليهم ومخالفتهم عهده. وقرأ الجمهور: "أعهد" بفتح الهاء، وقرأ الهذلي، وابن وثاب: "ألم إعهد" بكسر الميم والهمزة وفتح الهاء، وهي على لغة من يكسر أول المضارع سوى الياء، وروي عن ابن وثاب "اعهد" بكسر الهاء، يقال: عهد وعهد. و"عبادة الشيطان": طاعته والانقياد لأعوانه.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي: "وأن اعبدوني" بضم النون من "أن"، وأتبعوا بها ضمة الباء والدال وواو الجماعة أيضا. وقرأ عاصم، وأبو عمرو، وحمزة: "وأن اعبدوني" بكسر النون على أصل الكسر للالتقاء. وقوله: {هذا صراط مستقيم} إشارة إلى الشرائع، فمعنى هذا أن الله عهد إلى بني آدم وقت إخراج نسمهم من ظهره: أن لا يعبدوا الشيطان وأن تعبدوا الله، وقيل لهم: هذه الشرائع موجودة، وبعثآدم عليه السلام إلى ذريته، ولم تخل الأرض من شريعة إلى ختم الرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم. و"الصراط" الطريق، ويقال: إنها دخيلة في كلام العرب وعربتها).[المحرر الوجيز: 7/ 259-260]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون * اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون}
هذه أيضا مخاطبة للكفار على جهة التقريع.
و"الجبل": الأمة العظيمة، قال النقاش عن الضحاك: أقلها عشرة آلاف، ولا حد لأكثرها، وقرأ نافع، وعاصم بكسر الجيم والباء وشد اللام، وهي قراءة أبي جعفر، وشيبة، وأهل المدينة، وأبي رجاء والحسن - بخلاف عنه -، وقرأ الأشهب العقيلي بكسر الجيم وسكون الباء والتخفيف. وقرأ الحسن، والزهري، والأعرج بضم الجيم والباء والتشديد، وهي قراءة أبي إسحق، وعيسى، وابن وثاب، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، والهذيل بن شرحبيل بضم الجيم وسكون الباء والتخفيف، "قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي: [جبلا] بضم الجيم والباء والتخفيف"، وذكر أبو حاتم عن بعض الخراسانيين بكسر الجيم وبياء بنقطتين ساكنة. وقرأ الجمهور: تكونوا تعقلون بالتاء، وقرأ طلحة بالياء). [المحرر الوجيز: 7/ 260]

تفسير قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم على جهنم التي كانوا يوعدون ويكذبون، و"جهنم" أول طبقة من النار، و"اصلوها" معناه: باشروها). [المحرر الوجيز: 7/ 260]

تفسير قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم أخبارا تشاركه فيها أمته بقوله: {اليوم نختم على أفواههم}، أي: في ذلك اليوم يكون ذلك. وروي في هذا المعنى أن الله يجعل الكفرة يخاصمون، فإذا لم يأتوا بشيء تقوم به الحجة رجعوا إلى الإنكار فناكروا الملائكة في الأعمال، فعند ذلك يختم الله على أفواههم فلا ينطقون بحرف، ويأمر تعالى جوارحهم بالشهادة فتشهد، وروى عقبة بن عامر عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "إن أول ما يتكلم من الكافر فخذه اليسرى"، وقال أبو سعيد الخدري: "اليمنى ثم سائر جوارحه"، وروي أن بعض الكفرة يقول يومئذ لجوارحه: "تبا لك وسحقا، فعنك كنت أماحك" ونحو هذا من المعنى، وقد اختلفت فيه ألفاظ الرواة، وروى عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن جده أنه قرأ: "ولتكلمنا أيديهم ولتشهد أرجلهم" بزيادة لام (كي) النصب، وهي مخالفة لخط المصحف). [المحرر الوجيز: 7/ 260-261]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون * ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون * ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون * وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين * لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين}
الضمير في "أعينهم" مراد به كفار قريش، ومعنى الآية يبين أنهم في قبضة القدرة وبروج العذاب إن شاءه الله لهم، وقال الحسن وقتادة: أراد الأعين حقيقة، والمعنى: لأعميناهم فلا يرون كيف يمشون، ويؤيد هذا مجانسة المسخ الحقيقي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد أعين البصائر، والمعنى: ولو شئنا لختمنا عليهم بالكفر فلم يهتد منهم أحد. و"الطمس" إذهاب الآثار من المشي والهيئات حتى كأنه لم يكن، أي: جعلنا جلود وجوههم متصلة حتى كأنه لم تكن فيها عين قط.
وقوله: {فاستبقوا الصراط} معناه: على الفرض، والتقدير: فإنه ولو شئنا لأعميناهم فاحسب أو قدر أنهم يستبقون الصراط، أي: الطريق، فأنى لهم بالإبصار وقد أعميناهم؟ و"أنى" لفظة استفهام فيه مبالغة، وقدره سيبويه، كيف؟ ومن أين؟). [المحرر الوجيز: 7/ 261-262]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (67) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"مسخناهم" تقديره: تبديل خلقتهم لتصير كالقردة والخنازير ونحو مما تقدم في بني إسرائيل وغيرهم، وقال الحسن، وقتادة، وجماعة من المفسرين: معناه: لجعلناهم مقعدين مبطولين لا يستطيعون تصرفا، وقال ابن سلام: هذا التوعد كله يوم القيامة. وقرأ الجمهور: "مكانتهم" بالإفراد، بمعنى المكان، كما يقال دار ودارة، وقرأ عاصم - في رواية أبي بكر [مكاناتهم] جمعا، وهي قراءة الحسن، وابن أبي إسحق. وقرأ الجمهور: "مضيا" بضم الميم، وفتحها أبو حيوة). [المحرر الوجيز: 7/ 262]

رد مع اقتباس