عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 06:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يس (1) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم * تنزيل العزيز الرحيم * لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون * لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون}
أمال حمزة والكسائي الياء في [يس] غير مفرطين، والجمهور يفتحونها، ونافع يتوسط في ذلك، وقوله تعالى: "يس" يدخل فيه من الأقوال ما تقدم في الحروف المقطعة في أوائل السور، ويختص هذا بأقوال: منها أن سعيد بن جبير قال: إنه اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وسلم، دليله إنك لمن المرسلين، وقال السيد الحميري:
يا نفس لا تمحضي بالنصح مجتهدا ... على المودة إلا آل ياسينا
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه: "يا إنسان" بالحبشية، وقال أيضا في الثعلبي: هو بلغة طيء، يقولون: "إيسان" بمعنى إنسان، ويجمعونه على "أياسين"، فهذا منه. وقالت فرقة: الياء حرف نداء، والسين مقامة مقام "إنسان" انتزع منه حرف فأقيم مقامه. ومن قال "هو اسم من أسماء السورة أو القرآن" فذلك مشترك في جميع السور.
وقرأ الجمهور: "يس" بسكون النون وإظهارها، وإن كانت النون ساكنة تخفى مع حروف الفم فإنما هذا مع الانفصال وأن حق هذه الحروف المقطعة في الأوائل أن تظهر. وقرأ عاصم، وابن عامر - بخلاف عنهما - بإدغام النون في الواو على عرف الاتصال، وقرأ ابن أبي إسحاق - بخلاف - بنصب النون، وهي قراءة عيسى بن عمر، ورواها عن الغنوي. وقال قتادة: "يس" قسم، وقال أبو حاتم: قياس هذا القول نصب النون، كما تقول: الله لأفعلن كذا، وقرأ الكلبي بضمها وقال: هي بلغة طيء: يا إنسان، وقرأ أبو السماك، وعن ابن أبي إسحاق -بخلاف- بكسرها، وهذه الوجوه الثلاثة هي للالتقاء، وقال أبو الفتح: ويحتمل الرفع أن يكون اجتزاء بالسين من يا إنسان، وقال الزجاج: النصب كأنه قال: اتل يس، وهو مذهب سيبويه على أنه اسم للسورة. و"يس" مشبهة الجملة من الكلام فلذلك عدت آية، بخلاف [طس]، فلم تنصرف [يس] للعجمة والتعريف). [المحرر الوجيز: 7/ 232-233]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الحكيم": المحكم، فيكون بمعنى: مفعول، أي أحكم في مواعظه وأوامره ونواهيه، ويحتمل أن يكون الحكيم بناء فاعل، أي ذو الحكمة). [المحرر الوجيز: 7/ 233]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) }

تفسير قوله تعالى: {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {على صراط مستقيم} يجوز أن تكون جملة في موضع رفع على أنها خبر بعد خبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب على أنها في موضع حال من "المرسلين"، و"الصراط": الطريق، والمعنى: على طريق وهدى ومهيع رشاد). [المحرر الوجيز: 7/ 233-234]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: "تنزيل" بالرفع على خبر الابتداء، وهي قراءة أبي جعفر، وشيبة، والحسن، والأعرج، والأعمش. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: "تنزيل" بالنصب على المصدر، واختلف عن عاصم، وهي قراءة طلحة، والأشهب، وعيسى بن عمر، والأعمش، بخلاف عنهما). [المحرر الوجيز: 7/ 234]

تفسير قوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم}، اختلف المفسرون في "ما"، فقال عكرمة "ما" بمعنى الذي، والتقدير: الشيء الذي أنذره الآباء من النار والعذاب، ويحتمل أن تكون "ما" مصدرية، أي ما أنذر آباؤهم، والآباء على هذا هم الأقدمون على مر الدهر، وقوله: "فهم" - مع هذا التأويل - بمعنى: فإنهم، دخلت الفاء لقطع الجملة من الجملة. وقال قتادة: "ما" نافية، أي إن آباءهم لم ينذروا، فالآباء - على هذا - هم القريبون منهم، وهذه الآية كقوله سبحانه: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}، وهذه النذارة المنفية هي نذارة المباشرة والأمر والنهي، وإلا فدعوة الله تعالى من الأرض لم تنقطع قط، وقوله: "فهم" - على هذا - الفاء واصلة بين الجملتين ورابطة للثانية بالأولى). [المحرر الوجيز: 7/ 234]

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :"حق القول" معناه: وجب العذاب وسبق القضاء به، هذا فيمن لم يؤمن من قريش، كمن قتل ببدر وغيرهم). [المحرر الوجيز: 7/ 234]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون * وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون}
قال مكي: هي حقيقة في أحوال الآخرة إذا دخلوا النار، وقوله تعالى: "فأغشيناهم" يضعف هذا القول: لأن بصر الكافر يوم القيامة إنما هو حديد، يرى قبح حاله. وقال الضحاك: معناه: منعناهم من النفقة في سبيل الله، كما قال تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك}. وقال ابن عباس، وابن إسحق: هي استعارة لحال الكفرة الذين أرادوا محمدا صلى الله عليه وسلم بسوء، فجعل الله تعالى هذا مثالا لهم في كف أذاهم عنه حين بيتوه. قال عكرمة: نزلت حين أراد أبو جهل ضربه بالحجر العظيم فمنعه الله منه، وفي غير ذلك من المواطن. وقالت فرقة: الآية مستعارة المعنى من منع الله تعالى إياهم وحوله بينهم وبينه. وهذا أرجح الأقوال; لأنه لما ذكر أنهم لا يؤمنون بما سبق لهم في الأزل. عقب ذلك بأن جعل لهم من المنع وإحاطة الشقاوة ما حالهم معه حال المغلوبين.
و"الغل" ما أحاط بالعنق على معنى التضييق والتثبيت والتعذيب والأسر، ومع العنق اليدان أو اليد الواحدة، هذا معنى التغليل، وقوله: "فهي" يحتمل أن يعود على الأغلال، أي: هي عريضة تبلغ بحرفها الأذقان، والذقن مجتمع اللحيين، فيضطر المغلول إلى رفع وجهه نحو السماء، وذلك هو الإقماح، وهو نحو الإقناع في الهيئة، ونحوه ما يفعله الإنسان والحيوان عند شرب الماء البارد وعند الملوحات والحموضة القوية ونحوه. ويحتمل - وهو قول الطبري - أن تعود "هي" على الأيدي - وإن لم يتقدم لها ذكر - لوضوح مكانها من المعنى، وذلك أن الغل إنما يكون في العنق مع اليدين. وروي في مصحف ابن مسعود وأبي: [إنا جعلنا في أيمانهم]، وفي بعضها [في أيديهم]، وقد ذكرنا معنى الإقماح.
وقال قتادة: المقمح الرافع رأسه، وقال أيضا: "مقمحون"، مغللون عن كل خير، وأرى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الناس الإقماح، فجعل يديه تحت لحييه وألصقها ورفع رأسه). [المحرر الوجيز: 7/ 235-236]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "سدا" برفع السين فيهما. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وابن مسعود، وطلحة، وابن وثاب، وعكرمة، والنخعي، وابن كثير بفتحها فيهما. وقال أبو علي: قال قوم: هما بمعنى واحد، أي: حائلا يسد طريقهم، وقال عكرمة: ما كان مما يفعله البشر فهو بالضم، وما كان خلقة فهو بالفتح، و"السد" ما سد وحال، ومنه قول الأعرابي في صفة سحاب: "طلع سد مع انتشار الطفل"، أي: سحاب سد الأفق، ومنه قولهم: "جراد سد"، ومعنى الآية أن طريق الهدى سد دونهم.
وقرأ جمهور الناس: "فأغشيناهم" منقوطة، أي: جعلنا على أعينهم غشاوة. وقرأ ابن عباس، وعكرمة، وابن يعمر، وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وابن سيرين بالعين مهملة، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من العشاء أي: أضعفنا أبصارهم والمعنى: فهم لا يبصرون رشدا ولا هدى. وقرأ يزيد اليزيدي: "فأغشيتهم" بياء دون ألف وبالغين منقوطة).[المحرر الوجيز: 7/ 236-237]

تفسير قوله تعالى: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون * إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم * إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين}
هذه مخاطبة لمحمد عليه الصلاة والسلام، مضمنها تسلية عنهم، أي: أنهم قد حتم عليهم بالكفر، فسواء إنذارك وتركه، والألف في قوله تعالى: "أأنذرتهم" ألف التسوية; لأنها ليست باستفهام، بل المتفهم والمستفهم مستويان في علم ذلك.
وقرأ الجمهور: "آنذرتهم" بالمد، وقرأ ابن محيصن، والزهري: "أنذرتهم" بهمزة واحدة على الخبر، و"سواء" رفع بالابتداء، وقوله: {أم لم تنذرهم} لا جملة من فعلين متعادلين يقدران تقدير فعل واحد هو خبر الابتداء، كأنه قال: وسواء عليهم جميع فعلك، ففسر هذا الجميع بـ"أنذرتهم أم لم تنذرهم"، ومثله قولك: سواء عندي قمت أم قعدت، هكذا ذكر أبو علي في تحقيق الخبر، والخبر هو الابتداء). [المحرر الوجيز: 7/ 237]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {إنما تنذر} ليس على جهة الحصر بإنما، بل على جهة تخصيص من ينفعه الإنذار. و"اتباع الذكر" هو العمل بما في كتاب الله تبارك وتعالى والاقتداء به، قال قتادة: الذكر القرآن وقوله: "بالغيب" أي: بالخلوات عند مغيب الإنسان عن عيون البشر، ثم قال: "فبشره" فوحد الضمير مراعاة للفظ "من". و"الأجر الكريم" هو كل ما يأخذه الأجير مقترنا بحمد على الإحسان وتكرمة، وكذلك هي الجنة للمؤمنين). [المحرر الوجيز: 7/ 237-238]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى بإحيائه الموتى ردا على الكفرة، ثم توعدهم بذكره كتب الآثار وإحصاء كل شيء. وكل ما يصنعه الإنسان، فداخل فيما قدم ويدخل في آثاره، لكنه تبارك وتعالى ذكر الأمر من الجهتين، ولينبه على الآثار التي تبقى وتذكر بعد الإنسان من خير أو شر، وإلا فذلك كله داخل فيما قدم ابن آدم. وقال قتادة: "ما قدموا" معناه: من عمل، وقاله ابن زيد، ومجاهد. وقد يبقى للمرء أن يستن به بعده فيؤجر أو يأثم، ونظير هذه الآية: علمت نفس ما قدمت وأخرت.، وقرأت فرقة: "وآثارهم" بالنصب، وقرأ مسروق بالرفع.
وقال ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري: إن هذه الآية نزلت في بني سلمة حين أرادوا النقلة إلى جانب المسجد، وقد بينا ذلك في أول السورة. وقال ثابت البناني: مشيت مع أنس بن مالك إلى الصلاة فأسرعت فحبسني، فلما انقضت الصلاة قال لي: مشيت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فأسرعت فحبسني، فلما انقضت الصلاة قال: "أما علمت أن الآثار تكتب؟" فهذا احتجاج بالآية، وقال مجاهد، وقتادة، والحسن: الآثار في هذه الآية الخطا، وحكى الثعلبي عن أنس أنه قال: الخطا إلى الجمعة.
وقوله: "وكل" نصب بفعل مضمر يدل عليه "أحصيناه"، كأنه قال: وأحصينا كل شيء أحصيناه، و"الإمام": الكتاب المقتدى به الذي هو حجة، قال مجاهد، وقتادة، وابن زيد: أراد اللوح المحفوظ، وقالت فرقة: أراد صحف الأعمال). [المحرر الوجيز: 7/ 238]

رد مع اقتباس