عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 04:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال بلغني أنه كان رجلا يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفر الذين أرسلهم عيسى إلى أنطاكية فجاءهم فقال أتسألون أجرا قالوا لا فقال لقومه يقوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا حتى بلغ فاسمعون قال فرجموه بالحجارة قال فجعل يقول رب اهد قومي أحسبة قال فإنهم لا يعلمون قال فلم يزالوا يرجمونه حتى قتلوه فدخل الجنة فقال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربى حتى بلغ إن كانت إلا صيحة واحدة قال فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون). [تفسير عبد الرزاق: 2/141]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن عثمان الجزري عن مقسم أن النبي كان بعث عروة بن مسعود إلى أهل الطائف إلى قومه ثقيف فدعاهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم فقتله فقال ما أشبهه بصاحب يس). [تفسير عبد الرزاق: 2/139]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (قال سفيان [الثوري] [الثوري] بلغني أنّ صاحب يس يقال له حبيب بن مرى [الآية: 20]). [تفسير الثوري: 249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى} يقول: وجاء من أقصى مدينة هؤلاء القوم الّذين أرسلت إليهم هذه الرّسل رجلٌ يسعى إليهم؛ وذلك أنّ أهل المدينة هذه عزموا، واجتمعت آراؤهم على قتل هؤلاء الرّسل الثّلاثة فيما ذكر، فبلغ ذلك هذا الرّجل، وكان منزله أقصى المدينة، وكان مؤمنًا، وكان اسمه فيما ذكر حبيب بن مرّيٍّ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار.
ذكر الأخبار الواردة بذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّل بن إسماعيل، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي مجلزٍ، قال: كان صاحب يس حبيب بن مرّيٍّ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: كان من حديث صاحب يس فيما حدّثنا محمّد بن إسحاق فيما بلغه عن ابن عبّاسٍ، وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ أنّه كان رجلاً من أهل أنطاكيّة، وكان اسمه حبيبًا، وكان يعمل الجرير، وكان رجلاً سقيمًا، قد أسرع فيه الجذام، وكان منزله عند بابٍ من أبوب المدينة قاصيًا، وكان مؤمنًا ذا صدقةٍ، يجمع كسبه إذا أمسى فيما يذكرون، فيقسمه نصفينٍ، فيطعم نصفًا عياله، ويتصدّق بنصفٍ، فلم يهمّه سقمه ولا عمله ولا ضعفه، عن عمل ربّه، قال: فلمّا أجمع قومه على قتل الرّسل، بلغ ذلك حبيبًا وهو على باب المدينة الأقصى، فجاء يسعى إليهم يذكّرهم باللّه، ويدعوهم إلى اتّباع المرسلين، فقال: {يا قوم اتّبعوا المرسلين}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن معمّر بن حزمٍ، أنّه حدّث عن كعب الأحبار، قال: ذكر له حبيب بن زيد بن عاصمٍ أخو بني مازن بن النّجّار الّذي كان مسيلمة الكذّاب قطعه باليمامة حين جعل يسأله عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجعل يقول: أتشهد أنّ محمّدًا رسول اللّه؟ فيقول: نعم، ثمّ يقول: أتشهد أنّي رسول اللّه؟ فيقول له: لا أسمع، فيقول مسيلمة: أتسمع هذا، ولا تسمع هذا؟ فيقول: نعم، فجعل يقطعه عضوًا عضوًا، كلّما سأله لم يزده على ذلك حتّى مات في يديه. قال كعبٌ حين قيل له: اسمه حبيبٌ: وكان واللّه صاحب يس اسمه حبيبٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسمٍ أبي القاسم، مولى عبد اللّه بن الحارث بن نوفلٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، أنّه كان يقول: كان اسم صاحب يس حبيبًا، وكان الجذام قد أسرع فيه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى} قال: ذكر لنا أنّ اسمه حبيبٌ، وكان في غارٍ يعبد ربّه، فلمّا سمع بهم أقبل إليهم.
وقوله: {قال يا قوم اتّبعوا المرسلين} يقول تعالى ذكره: قال الرّجل الّذي جاء من أقصى المدينة لقومه: يا قوم اتّبعوا المرسلين الّذين أرسلهم اللّه إليكم، واقبلوا منهم ما أتوكم به.
وذكر أنّه لمّا أتى الرّسل سألهم: هل تطلبون على ما جئتم به أجرًا؟ فقالت الرّسل: لا، فقال لقومه حينئذٍ: اتّبعوا من لا يسألكم على نصيحتهم لكم أجرًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: لمّا انتهى إليهم، يعني إلى الرّسل، قال: هل تسألون على هذا من أجرٍ؟ قالوا: لا، فقال عند ذلك: {يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون}). [جامع البيان: 19/419-421]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ابن عباس - رضي الله عنهما -) في قوله تعالى: {وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى - إلى قوله - وجعلني من المكرمين} [يس: 20 - 27] قال: نصح قومه حيّاً وميّتاً.
أخرجه رزين). [جامع الأصول: 2/331-332]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين}،، قال: اسم الثالث الذي عزز به سمعون بن يوحنا، والثالث بولص فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعا وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} وكان نجارا ألقوه في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس). [الدر المنثور: 12/337] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: هو حبيب النجار.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد، مثله). [الدر المنثور: 12/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال: كان اسم صاحب (يس) حبيب بن مري). [الدر المنثور: 12/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: اسم صاحب (يس) حبيب وكان الجذام قد أسرع فيه). [الدر المنثور: 12/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفرالذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال: تسألون أجرا فقالوا: لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال: فرجموه بالحجارة فجعل يقول: رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال: فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون} ). [الدر المنثور: 12/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الحكم في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغنا أنه كان قصارا). [الدر المنثور: 12/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل} كان حراثا). [الدر المنثور: 12/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال: إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى {ادخل الجنة} قال {يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} ). [الدر المنثور: 12/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: لما قال صاحب (يس) {يا قوم اتبعوا المرسلين} خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي). [الدر المنثور: 12/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: السبق ثلاثة، فالسابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب يس، والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب). [الدر المنثور: 12/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق صدقة القرشي عن رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق خير أهل الأرض إلا أن يكون نبي وإلا مؤمن آل ياسين وإلا مؤمن آل فرعون). [الدر المنثور: 12/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عدي، وابن عساكر: ثلاثة ما كفروا بالله قط، مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون). [الدر المنثور: 12/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصديقون ثلاثة، حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب). [الدر المنثور: 12/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود وأبو نعيم، وابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصديقون ثلاثة، حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال {يا قوم اتبعوا المرسلين} وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) (غافر الآية 28) وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم). [الدر المنثور: 12/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عروة قال: قدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأذن ليرجع إلى قومه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهم قاتلوك قال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني فرجع إليهم فدعاهم إلى الإسلام فعصوه وأسمعوه من الأذى فلما طلع الفجر قام على غرفة فأذن بالصلاة، وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتله: مثل عروة، مثل صاحب يس، دعا قومه إلى الله فقتلوه).
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن شعبة موصولا، نحوه). [الدر المنثور: 12/342-343]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن مقسم عن ابن عباس، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعث عروة بن مسعود إلى الطائف إلى قومه ثقيف فدعاهم إلى الإسلام فرماه رجل بسهم فقتله فقال: ما أشبهه بصاحب (يس) ). [الدر المنثور: 12/343]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال: شبه النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أمته قال دحية الكلبي يشبه جبريل وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى بن مريم وعبد العزى يشبه الدجال) ). [الدر المنثور: 12/343]

تفسير قوله تعالى: (اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال يا قوم اتّبعوا المرسلين} يقول تعالى ذكره: قال الرّجل الّذي جاء من أقصى المدينة لقومه: يا قوم اتّبعوا المرسلين الّذين أرسلهم اللّه إليكم، واقبلوا منهم ما أتوكم به.
وذكر أنّه لمّا أتى الرّسل سألهم: هل تطلبون على ما جئتم به أجرًا؟ فقالت الرّسل: لا، فقال لقومه حينئذٍ: اتّبعوا من لا يسألكم على نصيحتهم لكم أجرًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: لمّا انتهى إليهم، يعني إلى الرّسل، قال: هل تسألون على هذا من أجرٍ؟ قالوا: لا، فقال عند ذلك: {يا قوم اتّبعوا المرسلين (20) اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، فيما بلغه، عن ابن عبّاسٍ، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبّهٍ {اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون} أي لا يسألونكم أموالكم على ما جاءوكم به من الهدى، وهم لكم ناصحون، فاتّبعوهم تهتدوا بهداهم.
وقوله: {وهم مهتدون} يقول: وهم على استقامةٍ من طريق الحقّ، فاهتدوا أيّها القوم بهداهم). [جامع البيان: 19/421]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفر الذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال: تسألون أجرا فقالوا: لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين (20) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال: فرجموه بالحجارة فجعل يقول: رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال: فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون} ). [الدر المنثور: 12/339] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومالي لا أعبد الّذي فطرني وإليه ترجعون (22) أأتّخذ من دونه آلهةً إن يردن الرّحمن بضرٍّ لا تغن عنّي شفاعتهم شيئًا ولا ينقذون (23) إنّي إذًا لفي ضلالٍ مبينٍ (24) إنّي آمنت بربّكم فاسمعون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا الرّجل المؤمن {ومالي لا أعبد الّذي فطرني} أي وأيّ شيءٍ لي لا أعبد الرّبّ الّذي خلقني {وإليه ترجعون} يقول: وإليه تصيرون أنتم أيّها القوم وتردّون جميعًا، وهذا حين أبدى لقومه إيمانه باللّه وتوحيده.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، فيما بلغه، عن ابن عبّاسٍ، وعن كعب الأحبار، وعن وهب بن منبّهٍ، قال: ناداهم، يعني نادى قومه بخلاف ما هم عليه من عبادة الأصنام، وأظهر لهم دينه وعبادة ربّه، وأخبرهم أنّه لا يملك نفعه ولا ضرّه غيره فقال: {ومالي لا أعبد الّذي فطرني وإليه ترجعون (22) أأتّخذ من دونه آلهةً} ثمّ عابها فقال: {إن يردن الرّحمن بضرٍّ لا تغن عنّي شفاعتهم شيئًا ولا ينقذون} ). [جامع البيان: 19/422]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ثمّ اختلف أهل التّأويل في صفة قتلهم إيّاه، فقال بعضهم: رجموه بالحجارة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ومالي لا أعبد الّذي فطرني وإليه ترجعون} هذا رجلٌ دعا قومه إلى اللّه، وأبدى لهم النّصيحة فقتلوه على ذلك وذكر لنا أنّهم كانوا يرجمونه بالحجارة، وهو يقول: اللّهمّ اهد قومي، اللّهمّ اهد قومي، اللّهمّ اهد قومي، حتّى أقعصوه وهو كذلك.
وقال آخرون: بل وثبوا عليه، فوطئوه بأقدامهم حتّى مات.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، فيما بلغه عن ابن عبّاسٍ، وعن كعبٍ، وعن وهب بن منبّهٍ، قال لمّا قال لهم: {ومالي لا أعبد الّذي فطرني} إلى قوله: {فاسمعون} وثبوا وثبة رجلٍ واحدٍ فقتلوه واستضعفوه لضعفه وسقمه، ولم يكن أحدٌ يدفع عنه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أصحابه أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان يقول: وطئوه بأرجلهم حتّى خرج قصبه من دبره). [جامع البيان: 19/423-424]

تفسير قوله تعالى: (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أأتّخذ من دونه آلهةً} يقول: أأعبد من دون اللّه آلهةً، يعني معبودًا سواه {إن يردن الرّحمن بضرٍّ} يقول: إذا مسّني الرّحمن بضرٍّ وشدّةٍ {لا تغن عنّي شفاعتهم شيئًا} يقول: لا تغني عنّي شيئًا بكونها إليّ شفعاء، ولا تقدر على دفع ذلك الضّرّ عنّي {ولا ينقذون} يقول: ولا يخلّصوني من ذلك الضّرّ إذا مسّني). [جامع البيان: 19/422]

تفسير قوله تعالى: (إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّي إذًا لفي ضلالٍ مبينٍ} يقول: {إنّي} إن اتّخذت من دون اللّه آلهةً هذه صفتها {إذًا لفي ضلالٍ مبينٍ} لمن تأمّله، جوره عن سبيل الحقّ). [جامع البيان: 19/423]

تفسير قوله تعالى: (إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّي آمنت بربّكم فاسمعون} فاختلف في معنى ذلك، فقال بعضهم: قال هذا القول هذا المؤمن لقومه يعلمهم إيمانه باللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، فيما بلغه، عن ابن عبّاسٍ، وعن كعبٍ، وعن وهب بن منبّهٍ {إنّي آمنت بربّكم فاسمعون} إنّي آمنت بربّكم الّذي كفرتم به، فاسمعوا قولي.
وقال آخرون: بل خاطب بذلك الرّسل، وقال لهم: اسمعوا قولي لتشهدوا لي بما أقول لكم عند ربّي، وأنّي قد آمنت بكم واتّبعتكم؛ فذكر أنّه لمّا قال هذا القول، ونصح لقومه النّصيحة الّتي ذكرها اللّه في كتابه وثبوا به فقتلوه). [جامع البيان: 19/423]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو جعفرٍ محمّد بن أحمد بن سعيدٍ الرّازيّ، ثنا أبو زرعة عبيد اللّه بن عبد الكريم، ثنا أبو حفصٍ عامر بن سعيدٍ، ثنا القاسم بن مالكٍ المزنيّ، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن سيّار أبي الحكم، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: " لمّا قال صاحب ياسين: يا قوم اتّبعوا المرسلين. قال: خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال: {إنّي آمنت بربّكم فاسمعون} [يس: 25] أي فاشهدوا لي «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/466]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {إذ أرسلنا إليهم اثنين}،، قال: اسم الثالث الذي عزز به سمعون بن يوحنا، والثالث بولص فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعا وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} وكان نجارا ألقوه في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس). [الدر المنثور: 12/337] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفر الذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال: تسألون أجرا فقالوا: لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين (20) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال: فرجموه بالحجارة فجعل يقول: رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال: فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون} ). [الدر المنثور: 12/339] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: لما قال صاحب (يس) {يا قوم اتبعوا المرسلين} خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي). [الدر المنثور: 12/340] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال: إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى {ادخل الجنة} قال {يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} ). [الدر المنثور: 12/340] (م)

تفسير قوله تعالى: (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ابن جريج عن مجاهد عن مجاهدٍ في قوله: {ادخل الجنة} قال: وجبت لك الجنة [الآية: 26]). [تفسير الثوري: 249]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عاصمٍ الأحول عن أبي مجلز في قوله: {ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين} قال: إيماني وتصديقي المرسلين [الآية: 26، 27]). [تفسير الثوري: 249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قيل: ادخل الجنّة قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: قال اللّه له إذ قتلوه كذلك فلقيه: {ادخل الجنّة} فلمّا دخلها وعاين ما أكرمه اللّه به لإيمانه وصبره فيه {قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي} يقول: يا ليتهم يعلمون أنّ السّبب الّذي من أجله غفر لي ربّي ذنوبي، وجعلني من الّذين أكرمهم اللّه بإدخالهم إيّاهم جنّته، كان إيماني باللّه وصبري فيه، حتّى قتلت، فيؤمنوا باللّه ويستوجبوا الجنّة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن بعضٍ أصحابه أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان يقول: قال اللّه له: ادخل الجنّة، فدخلها حيًّا يرزق فيها، قد أذهب اللّه عنه سقم الدّنيا وحزنها ونصبها، فلمّا أفضي إلى رحمة اللّه وجنّته وكرامته {قال: يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قيل ادخل الجنّة} فلمّا دخلها {قال: يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين} قال: فلا تلقى المؤمن إلاّ ناصحًا، ولا تلقاه غاشًّا، فلمّا عاين من كرامة اللّه {قال: يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين} تمنّى على اللّه أن يعلم قومه ما عاين من كرامة اللّه، وما هم عليه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قيل: ادخل الجنّة} قال: قيل: قد وجبت له الجنّة؛ قال ذاك حين رأى الثّواب.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {قيل ادخل الجنّة} قال: وجبت لك الجنّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ {قيل ادخل الجنّة} قال: وجبت له الجنّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي مجلزٍ، في قوله: {بما غفر لي ربّي} قال: إيماني بربّي، وتصديقي رسله واللّه أعلم). [جامع البيان: 19/424-426]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قيل ادخل الجنة قال لما قيل له ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين وذلك حين رأى الثواب). [تفسير مجاهد: 534]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ابن عباس - رضي الله عنهما -) في قوله تعالى: {وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى - إلى قوله - وجعلني من المكرمين} [يس: 20 - 27] قال: نصح قومه حيّاً وميّتاً.
أخرجه رزين). [جامع الأصول: 2/331-332] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال: إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في {يس} {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث} وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال {يا قوم اتبعوا المرسلين} إلى قوله {لفي ضلال مبين} ثم أقبل على الرسل فقال {إني آمنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى {ادخل الجنة} قال {يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} ). [الدر المنثور: 12/340] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قيل ادخل الجنة} قال: وجبت له الجنة {قال يا ليت قومي يعلمون} قال: هذا حين رأى الثواب). [الدر المنثور: 12/340-341]

تفسير قوله تعالى: (بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عاصمٍ الأحول عن أبي مجلز في قوله: {ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين} قال: إيماني وتصديقي المرسلين [الآية: 26، 27]). [تفسير الثوري: 249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قيل: ادخل الجنّة قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: قال اللّه له إذ قتلوه كذلك فلقيه: {ادخل الجنّة} فلمّا دخلها وعاين ما أكرمه اللّه به لإيمانه وصبره فيه {قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي} يقول: يا ليتهم يعلمون أنّ السّبب الّذي من أجله غفر لي ربّي ذنوبي، وجعلني من الّذين أكرمهم اللّه بإدخالهم إيّاهم جنّته، كان إيماني باللّه وصبري فيه، حتّى قتلت، فيؤمنوا باللّه ويستوجبوا الجنّة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن بعضٍ أصحابه أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان يقول: قال اللّه له: ادخل الجنّة، فدخلها حيًّا يرزق فيها، قد أذهب اللّه عنه سقم الدّنيا وحزنها ونصبها، فلمّا أفضي إلى رحمة اللّه وجنّته وكرامته {قال: يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قيل ادخل الجنّة} فلمّا دخلها {قال: يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين} قال: فلا تلقى المؤمن إلاّ ناصحًا، ولا تلقاه غاشًّا، فلمّا عاين من كرامة اللّه {قال: يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربّي وجعلني من المكرمين} تمنّى على اللّه أن يعلم قومه ما عاين من كرامة اللّه، وما هم عليه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قيل: ادخل الجنّة} قال: قيل: قد وجبت له الجنّة؛ قال ذاك حين رأى الثّواب.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {قيل ادخل الجنّة} قال: وجبت لك الجنّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ {قيل ادخل الجنّة} قال: وجبت له الجنّة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي مجلزٍ، في قوله: {بما غفر لي ربّي} قال: إيماني بربّي، وتصديقي رسله واللّه أعلم). [جامع البيان: 19/424-426] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفر الذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال: تسألون أجرا فقالوا: لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين (20) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال: فرجموه بالحجارة فجعل يقول: رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال: فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون} ). [الدر المنثور: 12/339] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جندٍ من السّماء وما كنّا منزلين (28) إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: وما أنزلنا على قوم هذا المؤمن الّذي قتله قومه لدعائه إيّاهم إلى اللّه ونصيحته لهم {من بعده} يعني: من بعد مهلكه {من جندٍ من السّماء}.
واختلف أهل التّأويل في معنى الجند الّذي أخبر اللّه أنّه لم ينزل إلى قوم هذا المؤمن بعد قتلهموه فقال بعضهم: عني بذلك أنّه لم ينزل اللّه بعد ذلك إليهم رسالةً، ولا بعث إليهم نبيًّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من جندٍ من السّماء} قال: رسالةٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وما أنزلنا على قومه من بعده من جندٍ من السّماء وما كنّا منزلين} قال: فلا واللّه ما عاتب اللّه قومه بعد قتله {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون}.
وقال آخرون: بل عني بذلك أنّ اللّه تعالى ذكره لم يبعث لهم جنودًا يقاتلهم بها، ولكنّه أهلكهم بصيحةٍ واحدةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ قال: غضب اللّه له، يعني لهذا المؤمن، لاستضعافهم إيّاه غضبةً لم يبق من القوم شيئًا، فعجّل لهم النّقمة بما استحلّوا منه وقال: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جندٍ من السّماء وما كنّا منزلين} يقول: ما كابدناهم بالجموع: أي الأمر أيسر علينا من ذلك {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون} فأهلك اللّه ذلك الملك وأهل أنطاكيّة، فبادوا عن وجه الأرض، فلم يبق منهم باقيةٌ.
وهذا القول الثّاني أولى القولين بتأويل الآية، وذلك أنّ الرّسالة لا يقال لها جندٌ إلاّ أن يكون أراد مجاهدٌ بذلك الرّسل، فيكون وجهًا، وإن كان أيضًا من المفهوم بظاهر الآية بعيدًا، وذلك أنّ الرّسل من بني آدم لا ينزلون من السّماء، والخبر في ظاهر هذه الآية عن أنّه لم ينزل من السّماء بعد مهلك هذا المؤمن على قومه جندًا وذلك بالملائكة أشبه منه ببني آدم). [جامع البيان: 19/426-428]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء قال يعني رسالة). [تفسير مجاهد: 534]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 28 - 29.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وما أنزلنا على قومه} قال: ما استعنت عليهم جندا من السماء ولا من الأرض). [الدر المنثور: 12/341]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً فإذا هم خامدون} يقول: ما كانت هلكتهم إلاّ صيحةً واحدةً أنزلها اللّه من السّماء عليهم.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار {إن كانت إلاّ صيحةً واحدةً} نصبًا على التّأويل الّذي ذكرت، وأنّ في كانت مضمرًا وذكر عن أبي جعفرٍ المدنيّ أنّه قرأه: (إلاّ صيحةٌ واحدةً) رفعًا على أنّها مرفوعةٌ بكان، ولا مضمر في (كان).
والصّواب من القراءة في ذلك عندي النّصب؛ لإجماع الحجّة على ذلك، وعلى أنّ في كانت مضمرًا.
وقوله: {فإذا هم خامدون} يقول: فإذا هم هالكون). [جامع البيان: 19/428]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} قال: بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفر الذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال: تسألون أجرا فقالوا: لا فقال لقومه {يا قوم اتبعوا المرسلين (20) اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حتى بلغ {فاسمعون} قال: فرجموه بالحجارة فجعل يقول: رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون {بما غفر لي ربي} حتى بلغ {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال: فما نوظروا بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم {صيحة واحدة فإذا هم خامدون} ). [الدر المنثور: 12/339] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال: في قراءة ابن مسعود إن كانت إلا رتقة واحدة وفي قراءتنا {إن كانت إلا صيحة واحدة} ). [الدر المنثور: 12/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فإذا هم خامدون} قال: ميتون). [الدر المنثور: 12/341]


رد مع اقتباس