عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 06:22 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة البقرة
[ الآية (177) ]

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم... (177).
قرأ حفص وحمزة: (ليس البرّ) بالنصب، وقرأ الباقون: (ليس البرّ) رفعا.
قال أبو منصور: الاختيار الرفع؛ لأن (ليس) يرفع الاسم الذي يليه، ومن نصب فعلى أنه جعل اسم ليس (البرّ) (أن تولّوا)، و(البرّ) خبره، وهو جائز، والرفع أجود القراءتين.
وقوله جلّ وعزّ: (ولكنّ البرّ من آمن باللّه... (177).
قرأ نافع وابن عامر: (ولكن البرّ من آمن باللّه)، (ولكن البرّ
[معاني القراءات وعللها: 1/191]
من اتّقى) بتخفيف النون من (لكن) ورفع (البر).
وقرأ الباقون بتشديد النون والنصب.
قال أبو منصور: هما لغتان فاقرأ كيف شئت). [معاني القراءات وعللها: 1/192]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في رفع الراء ونصبها من قوله تعالى: ليس البرّ [البقرة/ 177].
فقرأ عاصم في رواية حفص وحمزة: ليس البرّ بنصب الراء.
وروى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه كان يقرأ بالنصب والرفع. وقرأ الباقون البرّ رفع.
[الحجة للقراء السبعة: 2/269]
قال أبو علي: كلا المذهبين حسن، لأنّ كلّ واحد من الاسمين: اسم ليس وخبرها، معرفة، فإذا اجتمعا في التعريف تكافئا في كون أحدهما اسماً والآخر خبراً كما تتكافأ النكرتان.
ومن حجة من رفع البرّ: أنه أن يكون البرّ الفاعل أولى، لأن ليس تشبه الفعل وكون الفاعل بعد الفعل أولى من كون المفعول بعده، ألا ترى أنّك تقول: قام زيد؛ فيلي الاسم الفعل، وتقول: «ضرب غلامه زيد»، فيكون التقدير بالغلام التأخير، ولولا أن الفاعل أخصّ بهذا الموضع لم يجز هذا، كما لم يجز في الفاعل: «ضرب غلامه زيداً» حيث لم يجز في الفاعل تقدير التأخير كما جاز في المفعول به، لوقوع الفاعل في الموضع الذي هو أخصّ به.
ومن حجة من نصب البرّ: أنه قد حكي لي عن بعض شيوخنا، أنه قال في هذا النحو: أن يكون الاسم: «أن
[الحجة للقراء السبعة: 2/270]
وصلتها» أولى وأحسن، لشبهها بالمضمر، في أنها لا توصف كما لا يوصف المضمر، فكأنّه اجتمع مضمر ومظهر، والأولى إذا اجتمع مضمر ومظهر أن يكون المضمر الاسم من حيث كان أذهب في الاختصاص من المظهر، فكذلك إذا اجتمع أن مع مظهر غيره، كان أن يكون أن والمظهر الخبر أولى). [الحجة للقراء السبعة: 2/271]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أُبي وابن مسعود: [ليس البر بأن تولوا وجوهكم]، قال ابن مجاهد: فإذا كان هكذا لم يجز أن يُنْصب البر.
قال أبو الفتح: الذي قاله ابن مجاهد هو الظاهر في هذا؛ لكن قد يجوز أن يُنْصب مع الباء، وهو أن تجعل الباء زائدة؛ كقولهم: كفى بالله؛ أي: كفى الله؛ وكقوله تعالى: {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} أي: كفينا، فكذلك [ليس البر بأن تولوا] بنصب البر كما في قراءة السبعة.
[المحتسب: 1/117]
فإن قلت: فإن [كفى بالله] شاذ قليل، فكيف قست عليه "ليس"، ولم نعلم الباء زيدت في اسم ليس؛ إنما زيدت في خبرها، نحو قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ}؟ قيل: لو لم يكن شاذًّا لما جوزنا قياسًا عليه ما جوزناه؛ ولكنا نوجب فيه ألبتة واجبًا، فاعرفه). [المحتسب: 1/118]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ليس البر أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن باللّه}
قرأ حمزة وحفص {ليس البر أن تولّوا} نصبا وقرأ الباقون بالرّفع فمن نصب جعل أن مع صلتها الاسم فيكون المعنى ليس توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر كله ومن رفع فالمعنى البر كله توليتكم فيكون {البر} اسم ليس ويكون {أن تولّوا} الخبر وحجتهم قراءة أبي (ليس البر بأن تولّوا) ألا ترى كيف أدخل الباء على الخبر والباء لا تدخل في اسم ليس إنّما تدخل في خبرها
قرأ نافع وابن عامر {ولكن} خفيفة {البر} رفعا وقرأ الباقون {ولكن البر} بالتشديد والنّصب اعلم أنّك إذا شددت {لكن} نصبت {البر} ب لكن وإذا خففت رفعت البر وكسرت النّون لالتقاء الساكنين وقد بيّنت الحجّة فيما تقدم). [حجة القراءات: 123]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {ليس البر} قرأه حمزة وحفص بالنصب، وقرأه الباقون بالرفع.
108- ووجه القراءة بالنصب أن «ليس» من أخوات «كان» يقع بعدها المعرفتان، فتجعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر، فلما وقع بعد «ليس» «البر» وهو معرفة، و«أن تولوا» معرفة؛ لأنه مصدر بمعنى التولية، جعل «البر» الخبر، فنصبه، وجعل «أن تولوا» الاسم فقدر رفعه، وكان المصدر أولى بأن يكون اسمًا؛ لأنه لا يتنكر، و«البر» قد يتنكر، فـ «أن» والفعل أقوى في التعريف، وأيضًا فإن «أن» وصلتها تشبه المضمر؛ لأنها لا توصب كما لا يُوصف المضمر، ومن الأصول أنه إذا اجتمع مع «ليس» وأخواتها مضمر ومظهر، فالمضمر هو الاسم، لأنه أعرف، فلما كانت «أن» وصلتها كالمضمر، كانت أولى أن تكون هي اسم «ليس»، وقوي ذلك؛ لأن «أن» وصلتها في تقدير الإضافة إلى المضمر؛ لأن معناها «توليتكم» والمضاف إلى المضمر أعرف مما فيه الألف واللام، والأعرف أولى أن يكون هو الاسم لـ «كان» وأخواتها؛ لأنه هو المخبر عنه، ولا يُخبر إلا
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/280]
عن الأعرف دون الأنكر، ألا ترى أن النكرات لا يُخبر عنها، وأيضًا فإن «البر» تعريفه ضعيف؛ لأنه يدل على الجنس، ليس يدل على شخص بعينه، وتعريف الجنس ضعيف؛ لأنه كالنكرة، فصار «أن» والفعل أقوى من «البر» في التعريف بكثير، فوجب أن يكون الأعرف هو الاسم، وهو «أن» وما بعدها، ووجب نصب البر على الخبر.
109- ووجه القراءة بالرفع أن اسم «ليس» كالفعل، ورتبة الفاعل أن يلي الفعل، فلما ولي «البر» «ليس» رفع، ولو نصب «البر» لوجب أن يكون الكلام غير رتبته، وأن ينوي بـ «البر» التأخير، فيكون الكلام على رتبته، التي أتت به التلاوة، أولى من أن يحدث فيه ما يحتاج معه إلى التقديم والتأخير، ويقوي رفعه رفع «البر» الثاني، الذي معه الباء إجماعًا في قوله: {وليس البر أن تأتوا} «189» ولا يجوز فيه إلا رفع «البر» فحمل الأول على الثاني أولى من مخالفته له، ويقوي رفع «البر» أيضًا أن في مصحف ابن مسعود: (ليس البر بأن تولوا) بزيادة باء، وهذا لا يكون معه إلا رفع «البر»، وهو الاختيار؛ لإجماع القراء عليه، ولأنه رتبة الكلام، وبه قرأ الحسن والأعرج، ويقوي ذلك أن في مصحف أُبي: (ليس البر بأن تولوا} كمصحف ابن مسعود، والرفع في «البر» اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وغيرهما، وبه قرأ الحسن والأعرج وشيبة ومسلم بن جندب وابن أبي إسحاق وعيسى وابن محيصن وشبل وغيرهم، والنصب قوي في «البر» من باب التعريف، فالقراءتان حسنتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/281]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (60- {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [آية/ 177]:-
بنصب {البِرَّ}، قرأها حمزة و- ص- عن عاصم.
ووجه ذلك أن {البِرَّ} في هذه القراءة خبر ليس، و{أَنْ تُوَلّوا} اسمها، وإذا كان أن مع صلتها الاسم كان أحسن؛ لأنها تشبه المضمر في أن كل واحد منهما لا يوصف، وإذا اجتمع مضمر ومظهر كان المضمر أولى بأن يكون اسم ليس؛ لأنه أشد اختصاصًا من المظهر، فلذلك اختار هذه القراءة مَنْ قرأ بها.
وقرأ الباقون {لَيْسَ البِرُّ} بالرفع.
ووجهه أن ليس مشبه بالفعل، واسمها مشبه بالفاعل، وإذا كان الفاعل بعد الفعل كان أولى من أن يكون بعده المفعول.
وكلتا القراءتين حسنة؛ لكون الاسم والخبر جميعًا معرفتين، فأيهما جعل اسمًا والآخر خبرًا كان حسنًا). [الموضح: 313]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (61- {وَالصَّابِرِونَ فِي الْبَأْسَاءِ} [آية/ 177]:-
بالرفع، رواها ان- عن يعقوب.
[الموضح: 313]
والوجه أن معطوف على قوله {مَنْ آمَنَ}؛ لأن موضع {مَنْ آمَنَ} رفع على أنه خبر {لكِنَّ}، والتقدير: ولكن ذا البر من آمن بالله واليوم الآخر والموفون والصابرون، فعطف قوله {والصابرون} على قوله {مَنْ آمَنَ}، كما عطف قوله {والمُوفُون} عليه، وموضع {مَنْ آمَنَ} رفع، فكذلك يكون ما عطف عليه رفعًا أيضًا.
وعند الزجاج أنه عطف على {الموفون}، و{الموفون} رفع على أنه خبر مبتدأ، والتقدير: هم الموفون والصابرون.
وقرأ الباقون {الصابِرينَ} بالنصب.
والوجه أنه منصوب على المدح، وذلك بأن يضمر له فعل ناصب، والمعنى أمدح الصابرين، أو أخص الصابرين، كما قال:
12- لا يبعدن قومي الذين هم = سم العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك = والطيبون معاقد الأزر
بنصب النازلين، كأنه قال أمدح النازلين، ورفع الطيبين، كأنه قال هم الطيبون.
[الموضح: 314]
وذهب بعضهم إلى أنه عطف على قولوه {ذَوِي القُرْبَى}، والتقدير: وآتى المال ذوي القربى والصابرين.
والف هذا بأن العطف على ما في صلة الموصول لا يجوز بعد العطف على الموصول.
وقيل: هو عطف على اسم {لكِنَّ} ). [الموضح: 315]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس