عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 12:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم فلمّا جاءهم نذيرٌ ما زادهم إلاّ نفورًا (42) استكبارًا في الأرض ومكر السّيّئ ولا يحيق المكر السّيّئ إلاّ بأهله فهل ينظرون إلاّ سنّة الأوّلين فلن تجد لسنّة اللّه تبديلاً ولن تجد لسنّة اللّه تحويلاً}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: وأقسم هؤلاء المشركون باللّه جهد أيمانهم؛ يقول: أشدّ الإيمان، فبالغوا فيها، لئن جاءهم من اللّه منذرٌ ينذرهم بأس اللّه {ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم} يقول: ليكوننّ أسلك لطريق الحقّ، وأشدّ قبولاً لما يأتيهم به النّذير من عند اللّه، من إحدى الأمم الّتي خلت من قبلهم؛ {فلمّا جاءهم نذيرٌ} يعني بالنّذير: محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول: فلمّا جاءهم محمّدٌ ينذرهم عقاب اللّه على كفرهم.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا جاءهم نذيرٌ} وهو محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {ما زادهم إلاّ نفورًا} يقول: ما زادهم مجيء النّذير من الإيمان باللّه واتّباع الحقّ، وسلوك هدى الطّريق، إلاّ نفورًا وهربًا). [جامع البيان: 19/392-393]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (من آية 42 - 45.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هلال أنه بلغه أن قريشا كانت تقول: إن الله بعث منا نبيا ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا، فأنزل الله (لو أن عندنا ذكرا من الأولين) (الصفات 168) (ولو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم) (الأنعام 157) {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم} وكانت اليهود تستفتح به على الأنصار فيقولون: إنا نجد نبيا يخرج). [الدر المنثور: 12/309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {فلما جاءهم نذير} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم {ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء} وهو الشرك {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} أي الشرك {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال: عقوبة الأولين). [الدر المنثور: 12/309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} قال: قريش {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} قال: أهل الكتاب، وفي قوله تعالى {ومكر السيء} قال: الشرك). [الدر المنثور: 12/309]

تفسير قوله تعالى: (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمكر، ولا تعن ماكرًا، فإن الله يقول: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}، [سورة فاطر: 43]، ولا تبغ، ولا تعن باغيًا، فإن الله تعالى، يقول: {إنما بغيكم على أنفسكم} [سورة يونس: 23]، ولا تنكث ولا تعن ناكثًا، فإن الله تعالى، يقول: {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} [سورة الفتح: 10] ). [الزهد لابن المبارك: 2/431]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {استكبارًا في الأرض} يقول: نفروا استكبارًا في الأرض وأنفةً أن يقرّوا بنبوّة محمّدٍ عليه السّلام ويدعوا باتّباعه، {ومكر السّيّئ} يقول: فعلوا ذلك استكبارًا في الأرض، وخدعةً سيّئةً، وذلك أنّهم صدّوا الضّعفاء عن اتّباعه مع كفرهم به، والمكر هاهنا: هو الشّرك.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ومكر السّيّئ} وهو الشّرك.
وأضيف المكر إلى السّيّئ، والسّيّئ من نعت المكر، كما قيل: {إنّ هذا لهو حقّ اليقين} وقيل: إنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: (مكرًا سيّئًا)، وفي ذلك تحقيق القول الّذي قلناه من أنّ السّيّئ في المعنى من نعت المكر.
وقرأ ذلك قرّاء الأمصار غير الأعمش وحمزة بهمز السيء وخفضه وقرأه الأعمش وحمزة بهمزةٍ وتسكين الهمزة اعتلالاً منهما بأنّ الحركات لمّا كثرت في ذلك ثقل، فسكّنّا الهمزة، كما قال الشّاعر:
إذا اعوججن قلت صاحب قوّم
فسكّن الباء، لكثرة الحركات.
والصّواب من القراءة ما عليه قرّاء الأمصار من تحريك الهمزة فيه إلى الخفض، وغيرٌ جائزٌ في القرآن أن يقرأ بكلّ ما جاز في العربيّة، لأنّ القراءة إنّما هي ما قرأت به الأئمّة الماضية، وجاء به السّلف على النّحو الّذي أخذوا عمّن قبلهم.
وقوله: {ولا يحيق المكر السّيّئ إلاّ بأهله} يقول: ولا ينزل المكر السّيّئ إلاّ بأهله، يعني بالّذين يمكرونه؛ وإنّما عنى أنّه لا يحلّ مكروه ذلك المكر الّذي مكره هؤلاء المشركون إلاّ بهم.
وقال قتادة في ذلك ما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ولا يحيق المكر السّيّئ إلاّ بأهله} وهو الشّرك.
وقوله: {فهل ينظرون إلاّ سنّة الأوّلين} يقول تعالى ذكره: فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمّد إلاّ سنّة اللّه في الأوّلين الّذين مضوا قبلهم، وذلك إحلال الله بهم في عاجل الدّنيا على كفرهم به أليم العقاب يقول: فهل ينتظر هؤلاء إلاّ أن أحلّ بهم من نقمتي على شركهم بي وتكذيبهم رسولي مثل الّذي أحللت بمن قبلهم من أشكالهم من الأمم؟!
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فهل ينظرون إلاّ سنّة الأوّلين} أي عقوبة الأوّلين.
وقوله: {فلن تجد لسنّة اللّه تبديلاً} يقول: فلن تجد يا محمّد لسنّة اللّه تغييرًا.
وقوله: {ولن تجد لسنّة اللّه تحويلاً} يقول: ولن تجد لسنّة اللّه في خلقه تبديلاً؛ يقول: لن يغيّر ذلك، ولا يبدّله؛ لأنّه لا مردّ لقضائه). [جامع البيان: 19/393-395]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {فلما جاءهم نذير} قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم {ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء} وهو الشرك {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} أي الشرك {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال: عقوبة الأولين). [الدر المنثور: 12/309] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} قال: قريش {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} قال: أهل الكتاب، وفي قوله تعالى {ومكر السيء} قال: الشرك). [الدر المنثور: 12/309] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال: ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به، من مكر أو بغي أو نكث، ثم قرأ {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم {يونس} ومن نكث فإنما ينكث على نفسه {الفتح} ). [الدر المنثور: 12/309-310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والمكر السيء فإنه {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ولهم من الله طالب). [الدر المنثور: 12/310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {فهل ينظرون إلا سنة الأولين} قال: هل ينظرون إلا أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب). [الدر المنثور: 12/310]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم وكانوا أشدّ منهم قوّةً وما كان اللّه ليعجزه من شيءٍ في السّموات ولا في الأرض إنّه كان عليمًا قديرًا}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: أولم يسر يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه في الأرض الّتي أهلكنا أهلها بكفرهم بنا وتكذيبهم رسلنا، فإنّهم تجّارٌ يسلكون طريق الشّام {فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم} من الأمم الّتي كانوا يمرّون بها ألم نهلكهم ونخرّب مساكنهم ونجعلهم مثلاً لمن بعدهم، فيتّعظوا بهم، وينزجروا عمّا هم عليه من عبادة الآلهة بالشّرك باللّه، ويعلموا أنّ الّذي فعل بأولئك ما فعل {وكانوا أشدّ منهم قوّةً} وبطشًا لن يتعذّر عليه أن يفعل بهم مثل الّذي فعل بأولئك من تعجيل النّقمة، والعذاب لهم.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {وكانوا أشدّ منهم قوّةً} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وكانوا أشدّ منهم قوّةً} يخبركم أنّه أعطى القوم ما لم يعطكم.
وقوله: {وما كان اللّه ليعجزه من شيء في السّموات ولا في الأرض} يقول تعالى ذكره: ولن يعجزنا هؤلاء المشركون باللّه من عبدة الآلهة، المكذّبون محمّدًا فيسبقونا هربًا في الأرض، إذا نحن أردنا هلاكهم، لأنّ اللّه لم يكن ليعجزه شيءٌ يريده في السّموات ولا في الأرض، ولن يقدر هؤلاء المشركون أن ينفذوا من أقطار السّموات والأرض.
وقوله: {إنّه كان عليمًا قديرًا} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه كان عليمًا بخلقه، وما هو كائنٌ، ومن هو المستحق منهم تعجيل العقوبة، ومن هوعن ضلالته منهم راجعٌ إلى الهدى آيبٌ، قديرًا على الانتقام ممّن شاء منهم، وتوفيق من أراد منهم للإيمان). [جامع البيان: 19/395-396]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وما كان الله ليعجزه} قال: لن يفوته). [الدر المنثور: 12/310]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله ما ترك على ظهرها من دابة قال قد فعل ذلك زمان نوح
قال معمر وبلغني أن ابن مسعود كان يقرأ هذه الآية فيقول كاد الجعل أن يهلك بذنب غيره قال معمر وبلغني أن الناس قالوا يا رسول الله لو سألت الله أن يجعل ذنوبنا كذنوب بني إسرائيل فقال النبي إن بني إسرائيل كان إذا أذنب أحدهم أصبح مكتوبا على بابه ذنبه وكفارته فإما أن يجحد فيكفر وإما أن يقر بها فيعير بذلك وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك الاستغفار والتوبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/137]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: كاد الجعل أن يعذّب في جحره بذنب ابن آدم، ثمّ قرأ: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 173]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ ولكن يؤخّرهم إلى أجلٍ مّسمًّى فإذا جاء أجلهم فإنّ اللّه كان بعباده بصيرًا}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: ولو يؤاخذ اللّه النّاس يقول ولو يعاقب اللّه النّاس، ويكافئهم بما عملوا من الذّنوب والمعاصي، واجترحوا من الآثام، {ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} يعني: على ظهرها من دابّةٍ تدبّ عليها {ولكن يؤخّرهم إلى أجلٍ مسمًّى} يقول: ولكن يؤخّر عقابهم ومؤاخذتهم بما كسبوا إلى أجلٍ معلومٍ عنده، محدودٍ لا يقصّرون دونه، ولا يجاوزونه إذا بلغوه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} قال: قد فعل ذلك بهم في زمان نوحٍ فأهلك ما على ظهرها من دابّةٍ، إلاّ ما حمل نوحٌ في السّفينة.
وقوله: {فإذا جاء أجلهم فإنّ اللّه كان بعباده بصيرًا} يقول تعالى ذكره: فإذا جاء أجل عقابهم، فإنّ اللّه كان بعباده بصيرًا من الّذي يستحقّ أن يعاقب منهم، ومن الّذي يستوجب الكرامة، ومن الّذي كان منهم في الدّنيا له مطيعًا، ومن كان فيها به مشركًا، لا يخفى عليه أحدٌ منهم، ولا يعزب عليه علم شيءٍ من أمرهم). [جامع البيان: 19/396-397]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن إسحاق الصّفّار، ثنا أحمد بن نصرٍ، ثنا عمرو بن طلحة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: قرأ ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه، {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ ولكن يؤخّرهم} [فاطر: 45] الآية. قال: «كاد الجعل يعذّب في جحره بذنب ابن آدم» صحيح الإسناد "). [المستدرك: 2/464]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا} [فاطر: 45].
- عن ابن مسعودٍ قال: إن كاد الجعل ليهلك في جحره بذنوب بني آدم، ثمّ قرأ {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} [فاطر: 45].
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى {ولو يؤاخذ الله الناس}
وأخرج الفريابي، وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: إن كان الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم ثم قرأ {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} والله أعلم). [الدر المنثور: 12/310]


رد مع اقتباس