عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 07:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومنهم من يستمع إليك حتّى إذا خرجوا من عندك قالوا للّذين أوتوا العلم ماذا قال آنفًا أولئك الّذين طبع اللّه على قلوبهم واتّبعوا أهواءهم (16) والّذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم (17) فهل ينظرون إلّا السّاعة أن تأتيهم بغتةً فقد جاء أشراطها فأنّى لهم إذا جاءتهم ذكراهم (18) فاعلم أنّه لا إله إلّا اللّه واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات واللّه يعلم متقلّبكم ومثواكم (19) }
يقول تعالى مخبرًا عن المنافقين في بلادتهم وقلّة فهمهم حيث كانوا يجلسون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويستمعون كلامه ولا يفهمون منه شيئًا، فإذا خرجوا من عنده {قالوا للّذين أوتوا العلم} من الصّحابة: {ماذا قال آنفًا} أي: السّاعة، لا يعقلون ما يقال، ولا يكترثون له.
قال اللّه تعالى: {أولئك الّذين طبع اللّه على قلوبهم واتّبعوا أهواءهم} أي: فلا فهمٌ صحيحٌ، ولا قصدٌ صحيحٌ). [تفسير ابن كثير: 7/ 315]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {والّذين اهتدوا زادهم هدًى} أي: والّذين قصدوا الهداية وفّقهم اللّه لها فهداهم إليها، وثبّتهم عليها وزادهم منها، {وآتاهم تقواهم} أي: ألهمهم رشدهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 315]

تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فهل ينظرون إلا السّاعة أن تأتيهم بغتةً} أي: وهم غافلون عنها، {فقد جاء أشراطها} أي: أمارات اقترابها، كقوله تعالى: {هذا نذيرٌ من النّذر الأولى أزفت الآزفة} [النّجم: 56، 57]، وكقوله: {اقتربت السّاعة وانشقّ القمر} [القمر: 1] وقوله: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} [النّحل: 1]، وقوله: {اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون} [الأنبياء: 1]، فبعثة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أشراط السّاعة؛ لأنّه خاتم الرّسل الّذي أكمل اللّه به الدّين، وأقام به الحجّة على العالمين. وقد أخبر -صلوات اللّه وسلامه عليه-بأمارات السّاعة وأشراطها، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبيٌّ قبله، كما هو مبسوطٌ في موضعه.
وقال الحسن البصريّ: بعثة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من أشراط السّاعة. وهو كما قال؛ ولهذا جاء في أسمائه عليه السّلام، أنّه نبيّ التّوبة، ونبيّ الملحمة، والحاشر الّذي يحشر النّاس على قدميه، والعاقب الّذي ليس بعده نبيٌّ.
وقال البخاريّ: حدّثنا أحمد بن المقدام، حدّثنا فضيل بن سليمان، حدّثنا أبو حازمٍ، حدّثنا سهل بن سعدٍ قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال بأصبعيه هكذا، بالوسطى والّتي تليها: "بعثت أنا والسّاعة كهاتين".
ثمّ قال تعالى: {فأنّى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} أي: فكيف للكافرين بالتّذكّر إذا جاءتهم القيامة، حيث لا ينفعهم ذلك، كقوله تعالى: {يومئذٍ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذّكرى} [الفجر: 23]، {وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ} [سبأٍ: 52]). [تفسير ابن كثير: 7/ 315-316]

تفسير قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فاعلم أنّه لا إله إلا اللّه} هذا إخبارٌ: بأنّه لا إله إلّا اللّه، ولا يتأتّى كونه آمرًا بعلم ذلك؛ ولهذا عطف عليه بقوله: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} وفي الصّحيح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: "اللّهمّ اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به منّي. اللّهمّ اغفر لي هزلي وجدّي، وخطئي وعمدي، وكلّ ذلك عندي". وفي الصّحيح أنّه كان يقول في آخر الصّلاة: "اللّهمّ اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به منّي، أنت إلهي لا إله إلّا أنت" وفي الصّحيح أنّه قال: "يا أيّها النّاس، توبوا إلى ربّكم، فإنّي أستغفر اللّه وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرّةً"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة عن عاصمٍ الأحول قال: سمعت عبد اللّه بن سرجس قال: أتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأكلت معه من طعامه، فقلت: غفر اللّه لك يا رسول اللّه فقلت: أستغفر لك ؟ فقال: "نعم، ولكم"، وقرأ: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}، ثمّ نظرت إلى نغض كتفه الأيمن -أو: كتفه الأيسر شعبة الّذي شكّ- فإذا هو كهيئة الجمع عليه الثّآليل.
رواه مسلمٌ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ، من طرقٍ، عن عاصمٍ الأحول، به.
وفي الحديث الآخر الّذي رواه أبو يعلى: حدّثنا محرّز بن عونٍ، حدّثنا عثمان بن مطر، حدّثنا عبد الغفور، عن أبي نصيرة، عن أبي رجاءٍ، عن أبي بكرٍ الصّدّيق، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: "عليكم بلا إله إلّا اللّه والاستغفار، فأكثروا منهما، فإنّ إبليس قال: أهلكت النّاس بالذّنوب، وأهلكوني بـ "لا إله إلّا اللّه"، والاستغفار فلمّا رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنّهم مهتدون".
وفي الأثر المرويّ: "قال إبليس: وعزّتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال اللّه عزّ وجلّ: وعزّتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني"
والأحاديث في فضل الاستغفار كثيرةٌ جدًّا.
وقوله: {واللّه يعلم متقلّبكم ومثواكم} أي: يعلم تصرّفكم في نهاركم ومستقرّكم في ليلكم، كقوله: {وهو الّذي يتوفّاكم باللّيل ويعلم ما جرحتم بالنّهار} [الأنعام: 60]، وكقوله: {وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ} [هودٍ: 6]. وهذا القول ذهب إليه ابن جريجٍ، وهو اختيار ابن جريرٍ. وعن ابن عبّاسٍ: متقلّبكم في الدّنيا، ومثواكم في الآخرة.
وقال السّدّيّ: متقلّبكم في الدّنيا، ومثواكم في قبوركم.
والأوّل أولى وأظهر، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 7/ 316-317]

رد مع اقتباس