عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 04:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون (101) فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون (102) ومن خفّت موازينه فأولئك الّذين خسروا أنفسهم في جهنّم خالدون (103) تلفح وجوههم النّار وهم فيها كالحون (104)}.
يخبر تعالى أنّه إذا نفخ في الصّور نفخة النّشور، وقام النّاس من القبور، {فلا أنساب بينهم} أي: لا تنفع الأنساب يومئذٍ، ولا يرثي والدٌ لولده، ولا يلوي عليه، قال اللّه تعالى: {ولا يسأل حميمٌ حميمًا. يبصّرونهم} [المعارج: 10، 11] أي: لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره، وهو كان أعزّ النّاس عليه -كان-في الدّنيا، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضةٍ، قال اللّه تعالى: {يوم يفرّ المرء من أخيه. وأمّه وأبيه. وصاحبته وبنيه. لكلّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه} [عبس: 34-37].
وقال ابن مسعودٍ: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الأوّلين والآخرين ثمّ نادى منادٍ: ألا من كان له مظلمةٌ فليجئ فليأخذ حقّه: قال: فيفرح المرء أن يكون له الحقّ على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرًا; ومصداق ذلك في كتاب اللّه: {فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون} رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعيدٍ -مولى بني هاشمٍ-حدّثنا عبد اللّه بن جعفرٍ، حدّثتنا أمّ بكرٍ بنت المسور بن مخرمة، عن عبيد اللّه بن أبي رافعٍ، عن المسور -هو ابن مخرمة-رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فاطمة بضعةٌ منّي، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها وإنّ الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري".
هذا الحديث له أصلٌ في الصّحيحين عن المسور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو عامرٍ، حدّثنا زهيرٌ، عن عبد اللّه بن محمّدٍ، عن حمزة بن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن أبيه قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر: "ما بال رجالٍ يقولون: إنّ رحم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا تنفع قومه؟ بلى، واللّه إنّ رحمي موصولةٌ في الدّنيا والآخرة، وإنّي -أيّها النّاس- فرطٌ لكم، إذا جئتم" قال رجلٌ: يا رسول اللّه، أنا فلان بن فلانٍ، [وقال أخوه: أنا فلان ابن فلانٍ] فأقول لهم: "أمّا النّسب فقد عرفت، ولكنّكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى".
وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب من طرقٍ متعدّدةٍ عنه، رضي اللّه عنه: أنّه لـمّا تزوّج أمّ كلثومٍ بنت عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنهما، قال: أما -واللّه- ما بي إلّا إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "كلّ سببٍ ونسب فإنّه منقطعٌ يوم القيامة، إلّا سببي ونسبي".
رواه الطّبرانيّ، والبزّار والهيثم بن كليبٍ، والبيهقيّ، والحافظ الضّياء في "المختارة" وذكرنا أنّه أصدقها أربعين ألفًا؛ إعظامًا وإكرامًا، رضي اللّه عنه؛ فقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي العاص بن الرّبيع -زوج زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم-من طريق أبي القاسم البغويّ: حدّثنا سليمان بن عمر بن الأقطع، حدّثنا إبراهيم بن عبد السّلام، عن إبراهيم بن يزيد، عن محمد ابن عبّاد بن جعفرٍ، سمعت ابن عمر يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "كلّ نسبٍ وصهرٍ ينقطع يوم القيامة إلّا نسبي وصهري". وروي فيها من طريق عمّار بن سيفٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو مرفوعًا: "سألت ربّي عزّ وجلّ ألّا أتزوّج إلى أحدٍ من أمّتي، ولا يتزوّج إليّ أحدٌ منهم، إلّا كان معي في الجنّة، فأعطاني ذلك". ومن حديث عمّار بن سيفٍ، عن إسماعيل، عن عبد اللّه بن عمرٍو). [تفسير ابن كثير: 5/ 495-496]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون} أي: من رجحت حسناته على سيّئاته ولو بواحدةٍ، قاله ابن عبّاسٍ.
{فأولئك هم المفلحون} أي: الّذين فازوا فنجوا من النّار وأدخلوا الجنّة.
وقال ابن عبّاسٍ: أولئك الّذين فازوا بما طلبوا، ونجوا من شرّ ما منه هربوا).[تفسير ابن كثير: 5/ 496]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن خفّت موازينه} أي: ثقلت سيّئاته على حسناته، {فأولئك الّذين خسروا أنفسهم} أي: خابوا وهلكوا، وباؤوا بالصّفقة الخاسرة.
وقال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدّثنا داود بن المحبّر، حدّثنا صالحٌ المرّيّ، عن ثابتٍ البناني وجعفر بن زيدٍ ومنصور بن زاذان، عن أنس بن مالكٍ يرفعه قال: "إنّ للّه ملكًا موكّلًا بالميزان، فيؤتى بابن آدم، فيوقف بين كفّتي الميزان، فإن ثقل ميزانه نادى ملكٌ بصوتٍ يسمع الخلائق: سعد فلانٌ سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا، وإن خفّ ميزانه نادى ملكٌ بصوتٍ يسمع الخلائق: شقي فلانٌ شقاوةً لا يسعد بعدها أبدًا".
إسناده ضعيفٌ، فإنّ داود بن المحبّر متروكٌ.
ولهذا قال: "في جهنّم خالدون" أي: ماكثون، دائمون مقيمون لا يظعنون). [تفسير ابن كثير: 5/ 497]

تفسير قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({تلفح وجوههم النّار}، كما قال تعالى: {وتغشى وجوههم النّار} [إبراهيم: 50]، وقال {لو يعلم الّذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون} [الأنبياء: 39].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا فروة بن أبي المغراء، حدّثنا محمّد بن سلمان الأصبهانيّ، عن أبي سنان ضرار بن مرّة، عن عبد اللّه بن أبي الهذيل، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ جهنّم لمّا سيق [إليها] أهلها يلقاهم لهبها، ثمّ تلفحهم لفحةً، فلم يبق لحمٌ إلّا سقط على العرقوب".
وقال ابن مردويه: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى الفزّاز، حدّثنا الخضر بن عليّ بن يونس القطّان، حدّثنا عمر بن أبي الحارث بن الخضر القطّان، حدّثنا سعد بن سعيدٍ المقبريّ، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي الدّرداء، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قول اللّه تعالى: {تلفح وجوههم النّار} قال: "تلفحهم لفحةً، فتسيل لحومهم على أعقابهم".
وقوله: {وهم فيها كالحون} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: يعني عابسون.
وقال الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ: {وهم فيها كالحون} قال: ألم تر إلى الرّأس المشيّط الّذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه.
وقال الإمام أحمد، رحمه اللّه: أخبرنا عليّ بن إسحاق، أخبرنا عبد اللّه -هو ابن المبارك، رحمه اللّه- أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدري، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: {وهم فيها كالحون}، قال: "تشويه النّار فتقلّص شفته العليا حتّى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السّفلى حتّى تضرب سرّته".
ورواه التّرمذيّ، عن سويد بن نصرٍ عن عبد اللّه بن المبارك، به وقال: حسنٌ غريبٌ). [تفسير ابن كثير: 5/ 497-498]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذّبون (105) قالوا ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قومًا ضالّين (106) ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون (107)}.
هذا تقريعٌ من اللّه تعالى لأهل النّار، وتوبيخٌ لهم على ما ارتكبوا من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم، الّتي أوبقتهم في ذلك، فقال: {ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذّبون} أي: قد أرسلت إليكم الرّسل، وأنزلت الكتب، وأزلت شبهكم، ولم يبق لكم حجّةٌ تدلون بها كما قال: {لئلا يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل} [النّساء: 165]، وقال: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء: 15]، وقال: {كلّما ألقي فيها فوجٌ سألهم خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ. قالوا بلى قد جاءنا نذيرٌ فكذّبنا وقلنا ما نزل اللّه من شيءٍ إن أنتم إلا في ضلالٍ كبيرٍ. وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير. فاعترفوا بذنبهم فسحقًا لأصحاب السّعير} [الملك: 8-11]، ولهذا قالوا: {ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قومًا ضالّين} أي: قد قامت علينا الحجّة، ولكن كنّا أشقى من أن ننقاد لها ونتّبعها، فضللنا عنها ولم نرزقها). [تفسير ابن كثير: 5/ 498]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قالوا: {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} أي: ردّنا إلى الدّار الدّنيا، فإن عدنا إلى ما سلف منّا، فنحن ظالمون مستحقّون للعقوبة، كما قالوا: {فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروجٍ من سبيلٍ. ذلكم بأنّه إذا دعي اللّه وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم للّه العليّ الكبير} [غافرٍ: 11، 12] أي: لا سبيل إلى الخروج؛ لأنّكم كنتم تشركون باللّه إذا وحّده المؤمنون). [تفسير ابن كثير: 5/ 498]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال اخسئوا فيها ولا تكلّمون (108) إنّه كان فريقٌ من عبادي يقولون ربّنا آمنّا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرّاحمين (109) فاتّخذتموهم سخريًّا حتّى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون (110) إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا أنّهم هم الفائزون (111)}.
هذا جوابٌ من اللّه تعالى للكفّار إذا سألوا الخروج من النّار والرّجعة إلى هذه الدّار، يقول: {اخسئوا فيها} أي: امكثوا فيها صاغرين مهانين أذلّاء. {ولا تكلّمون} أي: لا تعودوا إلى سؤالكم هذا، فإنّه لا جواب لكم عندي.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} قال: هذا قول الرّحمن حين انقطع كلامهم منه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبدة بن سليمان المروزيّ، حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ أهّل جهنّم يدعون مالكًا، فلا يجيبهم أربعين عامًا، ثمّ يردّ عليهم: إنّكم ماكثون. قال: هانت دعوتهم -واللّه- على مالكٍ وربّ مالكٍ. ثمّ يدعون ربّهم فيقولون: {ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قومًا ضالّين. ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} قال: فيسكت عنهم قدر الدّنيا مرّتين، ثمّ يردّ عليهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} قال: واللّه ما نبس القوم بعدها بكلمةٍ واحدةٍ، وما هو إلّا الزّفير والشّهيق في نار جهنّم. قال: فشبّهت أصواتهم بأصوات الحمير، أوّلها زفيرٌ وآخرها شهيقٌ.
وقال أيضًا: حدّثنا أحمد بن سنان، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي، حدّثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، حدّثنا أبو الزّعراء قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: إذا أراد اللّه ألّا يخرج منهم أحدًا -يعني: من جهنّم-غيّر وجوههم وألوانهم، فيجيء الرّجل من المؤمنين، فيشفع فيقول: يا ربّ. فيقول: من عرف أحدًا فليخرجه. فيجيء الرّجل فينظر فلا يعرف أحدًا فيقول: أنا فلانٌ. فيقول: ما أعرفك.
، قال: فعند ذلك يقول: {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون}، فعند ذلك يقول: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون}. وإذا قال ذلك، أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر). [تفسير ابن كثير: 5/ 498-500]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مذكّرًا لهم بذنوبهم في الدّنيا، وما كانوا يستهزئون بعباده المؤمنين وأوليائه، فقال: {إنّه كان فريقٌ من عبادي يقولون ربّنا آمنّا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرّاحمين * فاتّخذتموهم سخريًّا} أي: فسخرتم منهم في دعائهم إيّاي وتضرّعهم إليّ، {حتّى أنسوكم ذكري} أي: حملكم بغضهم على أن نسيتم معاملتي {وكنتم منهم تضحكون} أي: من صنيعهم وعبادتهم، كما قال تعالى: {إنّ الّذين أجرموا كانوا من الّذين آمنوا يضحكون * وإذا مرّوا بهم يتغامزون} [المطفّفين: 29، 30] أي: يلمزونهم استهزاءً). [تفسير ابن كثير: 5/ 500]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر عمّا جازى به أولياءه وعباده الصّالحين، فقال: {إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا} أي: على أذاكم لهم واستهزائكم منهم، {أنّهم هم الفائزون} أي: جعلتهم هم الفائزين بالسّعادة والسّلامة والجنة، الناجين من النار). [تفسير ابن كثير: 5/ 500]

رد مع اقتباس