عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 03:42 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون (57) والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون (58) والّذين هم بربّهم لا يشركون (59) والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون (60) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (61)}.
يقول تعالى: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} أي: هم مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصّالح، مشفقون من اللّه خائفون منه، وجلون من مكره بهم، كما قال الحسن البصريّ: إنّ المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً، وإنّ المنافق جمع إساءةً وأمنًا). [تفسير ابن كثير: 5/ 480]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون} أي: يؤمنون بآياته الكونيّة والشّرعيّة، كقوله تعالى إخبارًا عن مريم، عليها السّلام: {وصدّقت بكلمات ربّها وكتبه} [التّحريم: 12]، أي: أيقنت أنّ ما كان فإنّما هو عن قدر اللّه وقضائه، وما شرعه اللّه فهو إن كان أمرًا فممّا يحبّه ويرضاه، وإن كان نهيًا فهو ممّا يكرهه ويأباه، وإن كان خيرًا فهو حقٌّ، كما قال اللّه تعالى: {والّذين هم بربّهم لا يشركون} أي: لا يعبدون معه غيره، بل يوحّدونه ويعلمون أنّه لا إله إلّا اللّه أحدًا صمدًا، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولدًا، وأنّه لا نظير له ولا كفء له).[تفسير ابن كثير: 5/ 480]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون} أي: يعطون العطاء وهم خائفون ألّا يتقبّل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصّروا في القيام بشروط الإعطاء. وهذا من باب الإشفاق والاحتياط، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا مالك بن مغول، حدّثنا عبد الرّحمن بن سعيد بن وهبٍ، عن عائشة؛ أنّها قالت: يا رسول اللّه، {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ}، هو الّذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف اللّه عزّ وجلّ؟ قال: "لا يا بنت أبي بكرٍ، يا بنت الصّدّيق، ولكنّه الّذي يصلّي ويصوم ويتصدّق، وهو يخاف اللّه عزّ وجلّ".
وهكذا رواه التّرمذيّ وابن أبي حاتمٍ، من حديث مالك بن مغول، به بنحوه. وقال: "لا يا بنت الصّدّيق، ولكنّهم الّذين يصلّون ويصومون ويتصدّقون، وهم يخافون ألّا يقبل منهم، {أولئك يسارعون في الخيرات} قال التّرمذيّ: وروي هذا الحديث من حديث عبد الرحمن بن سعيد، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحو هذا.
وهكذا قال ابن عبّاسٍ، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، والحسن البصريّ في تفسير هذه الآية.
وقد قرأ آخرون هذه الآية: "والّذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلةٌ" أي: يفعلون ما يفعلون وهم خائفون، وروي هذا مرفوعًا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قرأ كذلك.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا صخر بن جويرية، حدّثنا إسماعيل المكّيّ، حدّثني أبو خلفٍ مولى بني جمح: أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة، رضي اللّه عنها، فقالت: مرحبًا بأبي عاصمٍ، ما يمنعك أن تزورنا -أو: تلمّ بنا؟ -فقال: أخشى أن أملّك. فقالت: ما كنت لتفعل؟ قال: جئت لأسأل عن آيةٍ في كتاب اللّه عزّ وجلّ، كيف كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرؤها؟ قالت: أيّة آيةٍ؟ فقال: {الّذين يأتون ما أتوا} أو {الّذين يؤتون ما آتوا}؟ فقالت: أيّتهما أحبّ إليك؟ فقلت: والّذي نفسي بيده، لإحداهما أحبّ إليّ من الدّنيا جميعًا -أو: الدّنيا وما فيها-قالت: وما هي؟ فقلت: {الّذين يأتون ما أتوا} فقالت: أشهد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كذلك كان يقرؤها، وكذلك أنزلت، ولكنّ الهجاء حرفٌ.
إسماعيل بن مسلمٍ المكّيّ، وهو ضعيفٌ.
والمعنى على القراءة الأولى -وهي قراءة الجمهور: السّبعة وغيرهم-أظهر؛ لأنّه قال: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}، فجعلهم من السّابقين. ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك ألّا يكونوا من السّابقين، بل من المقتصدين أو المقصّرين، واللّه تعالى أعلم). [تفسير ابن كثير: 5/ 480-481]

رد مع اقتباس