عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21 ذو القعدة 1439هـ/2-08-2018م, 09:36 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيها الرسل} يحتمل أن يكون معناه: وقلنا يا أيها الرسل، فتكون هذه بعض القصص التي ذكر، وكيف كان قول المعنى، فلم يخاطبوا قط مجتمعين وإنما خوطب كل واحد في عصره. وقرأت فرقة: الخطاب بقوله: {يا أيها الرسل} لمحمد -صلى الله عليه وسلم- ثم اختلفت -فقال بعضها: أقامه مقام الرسل، كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وقيل غير هذا مما لا يثبت مع النظر. والوجه في هذا أن يكون الخطاب لمحمد -صلى الله عليه وسلم- وخرج بهذه الصيغة ليفهم وجيزا أن هذه المقالة قد خوطب بها كل نبي، أو هي طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها، وهذا كما تقول لتاجر: يا تجار ينبغي أن تجانبوا الربا، فأنت تخاطبه بالمعنى، وقد اقترن بذلك أن هذه
[المحرر الوجيز: 6/299]
المقالة تصلح لجميع صنفه، وقال الطبري: الخطاب بقوله تعالى: {يا أيها الرسل} لعيسى -عليه السلام- وروي أنه كان يأكل من غزل أمه، والمشهور أنه كان يأكل من بقل البرية، ووجه خطابه لعيسى -عليه السلام- ما ذكرناه من تقدير لمحمد -صلى الله عليه وسلم-
و"الطيبات" هنا: الحلال بلذة وغير ذلك.
وفي قوله تعالى: {إني بما تعملون عليم} تنبيه ما على التحفظ، وضرب من الوعيد بالمباحثة -صلى الله على جميع أنبيائه ورسله- وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم). [المحرر الوجيز: 6/300]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}
قرأ عاصم وحمزة والكسائي: "وإن هذه" بكسر الألف وشد النون، وقرأ ابن عامر: "وأن هذه" بفتح الألف وتخفيف "أن". وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: "وأن هذه" بفتح الألف وتشديد "أن". فالقراءة الأولى بينة على القطع، وأما فتح الألف وتشديد النون فمذهب سيبويه أنها متعلقة آخرا بـ "فاتقون" على تقدير: "لأن"، أي: فاتقون لأن أمتكم أمة واحدة وأني ربكم، وهذا عنده نحو قوله عز وجل: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}. و"أن" عنده في موضع خفض، وهي عند الخليل في موضع نصب لما زال الخافض، وقد عكس هذا الذي نسبت إليهما بعض الناس، وقال الفراء: "أن" متعلقة بفعل مضمر تقديره: واعلموا أو احفظوا.
وقرأ الحسن، وابن أبي إسحاق: "أمة واحدة" بالرفع على البدل. وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو: "أمة واحدة" بالنصب على الحال، وقيل على البدل من "هذه"، وفي هذا نظر.
وهذه الآية تقوي أن قوله تعالى: {يا أيها الرسل} إنما هو مخاطبة لجميعهم، وأنه
[المحرر الوجيز: 6/300]
بتقرير حضورهم، وتجيء هذه الآية بعد ذلك بتقدير: وقلنا للناس، وإذا قدرت يا أيها الرسل مخاطبة لمحمد -صلى الله عليه وسلم- قلق اتصال هذه واتصال قوله: {فتقطعوا أمرهم}، أما إن قوله: {وأنا ربكم فاتقون} وإن كان قيل للأنبياء فأممهم داخلون بالمعنى فيحسن بعد ذلك اتصال "فتقطعوا"، ومعنى "الأمة" هنا الملة والشريعة، والإشارة بـ"هذه" إلى الحنيفية السمحة ملة إبراهيم -عليه السلام- وهو دين الإسلام). [المحرر الوجيز: 6/301]

تفسير قوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "فتقطعوا" يريد الأمم، أي: افترقوا، وليس بفعل مطاوع كما تقول "تقطع الثوب"، بل هو فعل متعد بمعنى "قطعوا"، ومثله تجهمني الليل، وتخوفني السير، وتعرفني الزمن.
وقرأ نافع: "زبرا" بضم الزاي والباء، جمع زبور، وقرأ الأعمش، وأبو عمرو بخلاف-: "زبرا" بضم الزاي وفتح الباء، فأما الأولى فتحتمل معنيين:أحدهما: أن الأمم تنازعت أمرها كتبا منزلة، فاتبعت فرقة الصحف وفرقة التوراة وفرقة الإنجيل، ثم حرف الكل وبدل وهذا قول قتادة. والثاني أنهم تنازعوا أمرهم كتبا وضعوها وضلالات ألفوها، وهذا قول ابن زيد، وأما القراءة الثانية فمعناها: فرقا كزبر الحديد). [المحرر الوجيز: 6/301]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى أن كل فريق منهم معجب برأيه وضلالته، وهذه غاية الضلال؛ لأن المرتاب بما عنده ينظر في طلب الحق، ومن حيث كان ذكر الأمم في هذه الآية مثالا لقريش خاطب محمدا -عليه الصلاة والسلام- في شأنهم متصلا بقوله: "فذرهم"، أي: فذر هؤلاء الذين هم بمنزلة من تقدم.و"الغمرة": ما عمهم من ضلالهم وفعل به فعل الماء الغمر لما حصل فيه، وقرأ أبو عبد الرحمن: "فذرهم في غمراتهم". و"حتى حين" أي: إلى وقت فتح فيهم غير محدود. وفي هذه الآية موادعة منسوخة بآية السيف). [المحرر الوجيز: 6/301]

تفسير قوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وقفهم على خطأ رأيهم في أن نعمة الله عندهم بالمال ونحوه إنما هي لرضاه عن حالهم، وبين -تعالى- أن ذلك إنما هو إملاء واستدراج، وخبر "أن" في قوله: "نسارع"). [المحرر الوجيز: 6/301]

تفسير قوله تعالى: {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "نسارع" بنون العظمة، وفي الكلام -على هذه القراءة- ضمير
[المحرر الوجيز: 6/301]
عائد تقديره: "لهم به". وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة: "يسارع" بالياء وكسر الراء بمعنى أن إمدادنا يسارع، ولا ضمير مع هذه القراءة إلا ما يتضمن الفعل، وروي عن أبي بكرة المذكور "يسارع" بفتح الراء، وقرأ الحر النحوي: "نسرع" بالنون وسقوط الألف، و"الخيرات" هنا تعم الدنيا.
وقوله تعالى: {بل لا يشعرون} وعيد وتهديد، و"الشعور" مأخوذ من الشعار وهو ما بلي الإنسان من ثيابه). [المحرر الوجيز: 6/302]

رد مع اقتباس