عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 07:12 PM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى من سلالة من طين قال استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين). [تفسير عبد الرزاق: 2/44]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {لقد خلقنا الإنسان من سلالة} قال: آدم [الآية: 12]). [تفسير الثوري: 216]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(وقال غيره: {من سلالةٍ} [المؤمنون: 12] : «الولد، والنّطفة السّلالة). [صحيح البخاري: 6/99]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره من سلالة الولد والنّطفة السّلالة سقط وقال غيره لغير أبي ذرٍّ فأوهم أنّه من تفسير بن عبّاسٍ أيضًا وليس كذلك وإنّما هو قول أبي عبيدة قال في قوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة السّلالة الولد والنّطفة السّلالة قال الشّاعر وهل هند إلّا مهرةٌ عربيّةٌ سلالة أفراسٍ تحلّلها بغل انتهى وروى عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله من سلالة استلّ آدم من طينٍ وخلقت ذرّيّته من ماء مهين وقد استشكل الكرمانيّ ما وقع في البخاريّ فقال لا يصح تفسير السّلالة بالولد لأنّ الإنسان ليس من الولد بل الأمر بالعكس ثمّ قال لم يفسّر السّلالة بالولد بل الولد مبتدأٌ وخبره السّلالة والمعنى السّلالة وما يستلّ من الشّيء كالولد والنّطفة انتهى وهو جوابٌ ممكنٌ في إيراد البخاريّ وكلام أبي عبيدة يأباه ولم يرد أبو عبيدة تفسير السّلالة بالولد أنّه المراد في الآية وإنّما أشار إلى أنّ لفظ السّلالة مشتركٌ بين الولد والنّطفة والشّيء الّذي يستلّ من الشّيء وهذا الأخير هو الّذي في الآية ولم يذكره استغناءً بما ورد فيها وتنبيهًا على أنّ هذه اللّفظة تطلق أيضًا على ما ذكر). [فتح الباري: 8/445-446]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره من سلالةٍ الولد والنّطفة السّلالة
لم يثبت قوله: (وقال غيره) إلاّ في رواية أبي ذر، أي: قال غير مجاهد، وهو أبو عبيدة: فإنّه قال في قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة} (المؤمنون: 12) السلالة الولد والنطفة السلالة، وقال الثّعلبيّ: من سلالة استل من الأرض، قاله قتادة ومجاهد وابن عبّاس، والعرب تسمي نطفة الرجل وولده: سليلة وسلالة لأنّهما مسلولان منه، وقال الكرماني: فإن قلت: كيف يصح تفسير السلالة بالولد إذ ليس الإنسان من الولد بل الأمر بالعكس؟ قلت: ليس الولد تفسيرا لها بل الولد مبتدأ وخبره السلالة، يعني: السلالة ما يستل من الشّيء كالولد والنطفة). [عمدة القاري: 19/71]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ((وقال غيره) أي غير ابن عباس وثبت وقال غيره لأبي ذر وسقط لغيره (من سلالة: الولد والنطفة السلالة) لأنه استل من أبيه وهو مثل البرادة والنحاتة لما يتساقط الشيء بالبرد والنحت وقال الكرماني ليس الولد تفسيرًا للسلالة بل مبتدأ خبره السلالة وهي فعالة وهو بناء يدل على القلة كالقلامة). [إرشاد الساري: 7/248-249]

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل:{ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين} قال: هو الطّين إذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 56]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ}.
يقول تعالى ذكره: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} أسللناه منه، فالسّلالة هي المستلّة من كلّ تربةٍ؛ ولذلك كان آدم خلق من تربةٍ أخذت من أديم الأرض.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في المعنيّ بالإنسان في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به آدم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {من طينٍ} قال: استلّ آدم من الطّين.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {من سلالةٍ من طينٍ} قال: استلّ آدم من طينٍ، وخلقت ذرّيّته من ماءٍ مهينٍ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولقد خلقنا ولد آدم، وهو الإنسان الّذي ذكر في هذا الموضع، من سلالةٍ، وهي النّطفة الّتي استلّت من ظهر الفحل من طينٍ، وهو آدم الّذي خلق من طينٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن أبي يحيى، عن ابن عبّاسٍ: {من سلالةٍ من طينٍ} قال: صفوة الماء.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {من سلالةٍ} من منيّ آدم.
- حدّثنا القاسم. قال: حدّثنا الحسين. قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: معناه: ولقد خلقنا ابن آدم من سلالة آدم، وهي صفة مائه، وآدم هو الطّين، لأنّه خلق منه.
وإنّما قلنا ذلك أولى التّأويلين بالآية، لدلالة قوله: {ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ} على أنّ ذلك كذلك؛ لأنّه معلومٌ أنّه لم يصر في قرارٍ مكينٍ إلاّ بعد خلقه في صلب الفحل، ومن بعد تحوّله من صلبه صار في قرارٍ مكينٍ؛ والعرب تسمّي ولد الرّجل ونطفته: سليله وسلالته. لأنّهما مسلولان منه؛ ومن السّلالة قول بعضهم:
حملت به عضب الأديم غضنفرًا = سلالة فرجٍ كان غير حصين
وقول الآخر:
وهل كنت إلاّ مهرةً عربيّةً = سلالة أفراسٍ تجلّلها بغل
فمن قال: سلالةٌ جمعها سلالاتٌ، وربّما جمعوها سلائل، وليس بالكثير. لأنّ السّلائل جمعٌ للسّليل؛ ومنه قول بعضهم:
إذا أنتجت منها المهارى تشابهت = على القود إلاّ بالأنوف سلائله
وقول الرّاجز:
يقذفن في أسلائها بالسّلائل). [جامع البيان: 17/18-20]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون.
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال بدء آدم خلق من طين {ثم جعلناه نطفة} قال: ذرية آدم). [الدر المنثور: 10/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال: هو الطين إذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك). [الدر المنثور: 10/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة} قال: استل استلالا). [الدر المنثور: 10/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من سلالة} قال: السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد). [الدر المنثور: 10/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد في قوله {من سلالة} قال: من مني آدم). [الدر المنثور: 10/555-556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال: الإنسان خلق من طين وإنما تلين القلوب في الشتاء). [الدر المنثور: 10/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة في الآية قال: استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين). [الدر المنثور: 10/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر فتمكث أربعين يوما ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة). [الدر المنثور: 10/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعا النطفة التي يخلق منها الولد ترعد لها الأعضاء والعروق كلها إذا خرجت وقعت في الرحم). [الدر المنثور: 10/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: سألنا ابن عباس عن العزل فقال: اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني واخبروني فسألوا ثم اخبروه أنهم قالوا أنها المؤودة الصغرى وتلا هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة} حتى فرغ منها ثم قال: كيف تكون من الموؤدة حتى تمر على هذه الخلق). [الدر المنثور: 10/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عزل النساء فقال: ذلك الوأد الخفي). [الدر المنثور: 10/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال في العزل: هي الموءودة الخفية). [الدر المنثور: 10/557]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ جعلناه نطفةٍ في قرارٍ مكينٍ (13) ثمّ خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثمّ أنشأناه خلقًا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ} ثمّ جعلنا الإنسان الّذي جعلناه من سلالةٍ من طينٍ، نطفةً في قرارٍ مكينٍ، وهو حيث استقرّت فيه نطفة الرّجل من رحم المرأة. ووصفه بأنّه مكينٍ، لأنّه مكّن لذلك وهيّئ له ليستقرّ فيه إلى بلوغ أمره الّذي جعله له قرارًا). [جامع البيان: 17/20]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال يقول بعضهم هو نبات الشعر ويقول بعضهم هو نفخ الروح). [تفسير عبد الرزاق: 2/44]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة وفي حرف ابن مسعود (ثم أنشأنا له خلقا آخر)). [تفسير عبد الرزاق: 2/45]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال: حين نفخ فيه الرّوح [الآية: 14]). [تفسير الثوري: 216]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ثمّ خلقنا النّطفة علقةً} يقول: ثمّ صيّرنا النّطفة الّتي جعلناها في قرارٍ مكينٍ علقةً، وهي القطعة من الدّم {فخلقنا العلقة مضغةً} يقول: فجعلنا ذلك الدّم مضغةً، وهي القطعة من اللّحم.
وقوله: {فخلقنا المضغة عظامًا} يقول: فجعلنا تلك المضغة اللّحم عظامًا.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والعراق سوى عاصمٍ: {فخلقنا المضغة عظامًا} على الجماع، وكان عاصمٌ وعبد اللّه يقرآن ذلك: (عظمًا) في الحرفين على التّوحيد جميعًا.
والقراءة الّتي نختار في ذلك الجماع، لإجماع الحجّة من القرّاء عليه.
وقوله: {فكسونا العظام لحمًا} يقول: فألبسنا العظام لحمًا.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: (ثمّ خلقنا النّطفة عظمًا وعصبًا فكسوناه لحمًا). وقوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} يقول: ثمّ أنشأنا هذا الإنسان خلقًا آخر.
وهذه الهاء الّتي في: {أنشأناه} عائدةٌ على الإنسان في قوله: {ولقد خلقنا الإنسان} قد يجوز أن تكون من ذكر العظم والنّطفة والمضغة، جعل ذلك كلّه كالشّيء الواحد، فقيل: ثمّ أنشأنا ذلك خلقًا آخر.
واختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} فقال بعضهم: إنشاؤه إيّاه خلقًا آخر: نفخه الرّوح فيه، فيصير حينئذٍ إنسانًا، وكان قبل ذلك صورةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حجّاجٌ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: نفخ الرّوح فيه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا هشيمٌ، عن الحجّاج بن أرطأة، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، بمثله
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: الرّوح.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الرّحمن بن الأصبهانيّ، عن عكرمة، في قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: نفخ الرّوح فيه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وابن المثنّى، قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سلمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: نفخ فيه الرّوح.
- قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، بمثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، في قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: نفخ فيه الرّوح، فهو الخلق الآخر الّذي ذكر.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا} يعني الرّوح، تنفخ فيه بعد الخلق.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: الرّوح الّذي جعله فيه.
وقال آخرون: إنشاؤه خلقًا آخر: تصريفه إيّاه في الأحوال بعد الولادة: في الطّفولة، والكهولة، والاغتذاء، ونبات الشّعر، والسّنّ، ونحو ذلك من أحوال الأحياء في الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين} يقول: خرج من بطن أمّه بعد ما خلق، فكان من بدء خلقه الآخر أن استهلّ، ثمّ كان من خلقه أن دلّ على ثدي أمّه، ثمّ كان من خلقه أن علّم كيف يبسط رجليه، إلى أن قعد، إلى أن حبا، إلى أن قام على رجليه، إلى أن مشى، إلى أن فطم، فعلّم كيف يشرب ويأكل من الطّعام، إلى أن بلغ الحلم، إلى أن بلغ أن يتقلّب في البلاد.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: يقول بعضهم: هو نبات الشّعر، وبعضهم يقول: هو نفخ الرّوح.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، مثله.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: يقال الخلق الآخر بعد خروجه من بطن أمّه بسنّه وشعره.
وقال آخرون: بل عنى بإنشائه خلقًا آخر: سوّى شبابه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} قال: حين استوى شبابه.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال مجاهدٌ: حين استوى به الشّباب.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: عنى بذلك نفخ الرّوح فيه؛ وذلك أنّه بنفخ الرّوح فيه يتحوّل خلقًا آخر إنسانًا، وكان قبل ذلك بالأحوال الّتي وصفه اللّه أنّه كان بها، من نطفةٍ وعلقةٍ ومضغةٍ وعظمٍ، وبنفخ الرّوح فيه، يتحوّل عن تلك المعاني كلّها إلى معنى الإنسانيّة، كما تحوّل أبوه آدم بنفخ الرّوح في الطّينة الّتي خلق منها إنسانًا وخلقًا آخر، غير الطّين الّذي خلق منه.
وقوله: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه فتبارك اللّه أحسن الصّانعين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} قال: يصنعون ويصنع اللّه، واللّه خير الصّانعين.
وقال آخرون: إنّما قيل: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} لأنّ عيسى ابن مريم كان يخلق، فأخبر جلّ ثناؤه عن نفسه أنّه يخلق أحسن ممّا كان يخلق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ قال: قال ابن جريجٍ، في قوله: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} قال: عيسى ابن مريم يخلق.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول مجاهدٍ، لأنّ العرب تسمّي كلّ صانعٍ خالقًا؛ ومنه قول زهيرٍ:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ = ـض القوم يخلق ثمّ لا يفري
ويروى:
ولأنت تخلق ما فريت وبعـ = ـض القوم يخلق ثمّ لا يفري). [جامع البيان: 17/21-25]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شيبان عن جابر عن مجاهد قال أن الله عز وجل غرس جنات عدن بيده فلما تكاملت أغلقت فهي تفتح في كل سحر فينظر الله عز وجل إليها فتقول قد أفلح المؤمنون.
- نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ثم أنشأناه خلقا آخر يعني استوى شبابا). [تفسير مجاهد: 429-430]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14].
- عن زيد بن ثابتٍ - رضي اللّه عنه - «قال: أملى عليّ رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} [المؤمنون: 12] إلى {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} [المؤمنون: 14]، فقال له معاذ بن جبلٍ: فتبارك اللّه أحسن الخالقين، فضحك رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقال له معاذٌ: ممّ ضحكت يا رسول اللّه؟ قال: " بها ختمت {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14]» ".
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه جابرٌ الجعفيّ وهو ضعيفٌ وقد وثّق، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/72]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال إسحاق بن راهويه: أبنا أحمد بن أيّوب الضّبّيّ، ثنا أبو حمزة السّكّريّ، عن جابرٍ، عن عامرٍ قال: قال زيد بن ثابتٍ- رضي اللّه عنه-: "كنت أكتب هذه الآية ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي يمليها (ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ) حتى بلغ (ثم أنشأناه خلقاً آخر) ، فقال معاذ بن جبلٍ: فتبارك اللّه أحسن الخالقين. فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال له: لم ضحكت؟! فقال: إنّ هذه الآية ختمت بما تقوله: (فتبارك اللّه أحسن الخالقين) .
هذا إسنادٌ فيه جابرٌ الجعفيّ وهو ضعيفٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/247]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أخبرنا أحمد بن أيّوب الضّبّيّ، ثنا أبو حمزة السّكّريّ، عن جابرٍ، عن عامرٍ قال: قال زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه: كنت أكتب هذه الآية، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يملها {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ}.. حتّى بلغ: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} فقال معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه: فتبارك اللّه أحسن الخالقين. فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال له: لم ضحكت؟ فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ هذه الآية ختمت بما تقول: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين}.
جابرٌ: هو الجعفيّ ضعيفٌ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس أن أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما} ). [الدر المنثور: 10/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ {فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما} ). [الدر المنثور: 10/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (فخلقنا المضغة عظما) بغير ألف (فكسونا العظام) على واحده). [الدر المنثور: 10/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال: نفخ فيه الروح). [الدر المنثور: 10/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي العالية {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال: جعل فيه الروح.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد وعكرمة مثله). [الدر المنثور: 10/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال: حين استوى به الشباب). [الدر المنثور: 10/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال: الأسنان والشعر قيل أليس قد يولد وعلى رأسه الشعر قال: فأين العانة والإبط). [الدر المنثور: 10/558-559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال: نزلت هذه الآية على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال عمر {فتبارك الله أحسن الخالقين} فقال والذي نفسي بيده إنها ختمت بالذي تكلمت يا عمر). [الدر المنثور: 10/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: قال عزير: يا رب أمرت الماء فجمد في وسط الهواء فجعلت منه سبعا وسميتها السموات ثم أمرت الماء ينفتق على التراب وأمرت التراب أن يتميز من الماء فكان كذلك فسميت ذلك جميع الأرضين وجميع الماء البحار ثم خلقت من الماء أعمى عين بصرته ومنها أصم آذان أسمعته ومنها ميت أنفس أحييته خلقت ذلك بكلمة واحدة منها ما عيشه الماء ومنها ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في الأجسام والألوان جنسته أجناسا وزوجته أزواجا وخلقت أصنافا وألهمته الذي خلقته ثم خلقت من التراب والماء دواب الأرض وماشيتها وسباعها {فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} النور الآية 45 ومنهم العظم الصغير ثم وعظته بكتابك وحكمتك ثم قضيت عليه الموت لا محالة، ثم أنت تعيده كما بدأته وقال عزير: اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد فجاء على مشيئتك مختلفا أكله ولونه وريحه وطعمه ومنه الحلو ومنه الحامض والمر والطيب ريحه والمنتن والقبيح والحسن وقال عزير: يا رب إنما نحن خلقك وعمل يديك خلقت أجسادنا في أرحام أمهاتنا وصورتنا كيف تشاء بقدرتك، جعلت لنا أركانا وجعلت فيها عظاما وفتقت لنا أسماعا وأبصارا ثم جعلت لنا في تلك الظلمة نورا وفي ذلك الضيق سعة وفي ذلك الفم روحا ثم هيأت لنا من فضلك رزقا متفاوتا على مشيئتك لم تأن في ذلك مؤنة ولم تعي منه نصبا كان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك ولا يسمع فيه صوت إلا سمعك ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا يختلفنا بأمرك). [الدر المنثور: 10/559-561]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: خلق الله آدم كما شاء ومما شاء فكان كذلك {فتبارك الله أحسن الخالقين} خلق من التراب والماء فمنه شعره ولحمه ودمه وعظامه وجسده فذلك بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم ثم جعلت فيه النفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب ويتقي ما تتقي ثم جعلت فيه الروح فبه عرف الحق من الباطل والرشد من الغي وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر الأمور كلها فمن التراب يبوسته ومن الماء رطوبته فهذا بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم كما أحب أن يكون ثم جعلت فيه من هذه الفطر الأربع أنواعا من الخلق أربعة في جسد ابن آدم فهي قوام جسده وملاكه بإذن الله وهي: المرة السوداء والمرة الصفراء والدم والبلغم فيبوسته وحرارته من النفس ومسكنها في الدم وبرودته من قبل الروح ومسكنه في البلغم فإذا اعتدلت هذه الفطر في الجسد فكان من كل واحد ربع كان جسدا كاملا وجسما صحيحا أو إن كثر واحد منها على صاحبه قهرها وعلاها وأدخل عليها السقم من ناحيته وان قل عنها وأخذ عنها غلبت عليه وقهرته ومالت به وضعفت عن قوتها وعجزت عن طاقتها وأدخل عليها السقم من ناحيته فالطبيب العالم بالداء يعلم من الجسد حيث أتى سقمه أمن نقصان أم من زيادة). [الدر المنثور: 10/561-562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، عن علي، قال: إذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك فنفخ فيها الروح في الظلمات الثلاث فذلك قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يعني نفخ الروح فيه). [الدر المنثور: 10/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} يقول: خرج من بطن أمه بعد ما خلق فكان من بدء خلقه الآخر إن استهل ثم كان من خلقه إن دله على ثدي أمه ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد إلى أن حبا إلى أن قام على رجليه إلى أن مشى إلى أن فطم تعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام إلى أن بلغ الحلم إلى أن بلغ أن يتقلب في البلاد). [الدر المنثور: 10/562-563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال: يقول بعضهم هو نبات الشعر وبعضهم يقول: هو نفخ الروح). [الدر المنثور: 10/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال: يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين). [الدر المنثور: 10/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {فتبارك الله أحسن الخالقين} قال: عيسى بن مريم يخلق). [الدر المنثور: 10/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي، وابن أبي حاتم وان مردويه، وابن عساكر عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في أربع، قلت: يا رسول الله لو صليت خلف المقام، فانزل الله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} البقرة الآية 125 وقلت: يا رسول الله لو اتخذت على نسائك حجابا فانه يدخل عليك البر والفاجر، فأنزل الله {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} الأحزاب الآية 53 وقلت: لأزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن، فأنزلت {عسى ربه إن طلقكن} التحريم الآية 5، ونزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}، إلى قوله {ثم أنشأناه خلقا آخر} فقلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين} ). [الدر المنثور: 10/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن راهويه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال: أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله {خلقا آخر} فقال معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ: ما أضحكك يا رسول الله قال: إنها ختمت {فتبارك الله أحسن الخالقين} ). [الدر المنثور: 10/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} قال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت {فتبارك الله أحسن الخالقين} ). [الدر المنثور: 10/564]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون (15) ثمّ إنّكم يوم القيامة تبعثون}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ إنّكم أيّها النّاس من بعد إنشائكم خلقًا آخر وتصييرناكم إنسانًا سويًّا ميّتون وعائدون ترابًا كما كنتم، ثمّ إنّكم بعد موتكم وعودكم رفاتًا باليًا مبعوثون من التّراب خلقًا جديدًا كما بدأناكم أوّل مرّةٍ.
وإنّما قيل: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون} لأنّه خبرٌ عن حالٍ لهم يحدث لم يكن. وكذلك تقول العرب لمن لم يمت: هو مائتٌ وميّتٌ عن قليلٍ، ولا يقولون لمن قد مات مائتٌ، وكذلك هو طمعٌ فيما عندك إذا وصف بالطّمع، فإذا أخبر عنه أنّه سيفعل ولم يفعل قيل هو طامعٌ فيما عندك غدًا، وكذلك ذلك في كلّ ما كان نظيرًا لما ذكرناه). [جامع البيان: 17/26]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون (15) ثمّ إنّكم يوم القيامة تبعثون}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ إنّكم أيّها النّاس من بعد إنشائكم خلقًا آخر وتصييرناكم إنسانًا سويًّا ميّتون وعائدون ترابًا كما كنتم، ثمّ إنّكم بعد موتكم وعودكم رفاتًا باليًا مبعوثون من التّراب خلقًا جديدًا كما بدأناكم أوّل مرّةٍ.
وإنّما قيل: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون} لأنّه خبرٌ عن حالٍ لهم يحدث لم يكن. وكذلك تقول العرب لمن لم يمت: هو مائتٌ وميّتٌ عن قليلٍ، ولا يقولون لمن قد مات مائتٌ، وكذلك هو طمعٌ فيما عندك إذا وصف بالطّمع، فإذا أخبر عنه أنّه سيفعل ولم يفعل قيل هو طامعٌ فيما عندك غدًا، وكذلك ذلك في كلّ ما كان نظيرًا لما ذكرناه). [جامع البيان: 17/26] (م)


رد مع اقتباس