عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:37 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وجعل للّه أندادًا}
- أخبرنا محمّد بن عبد الله بن عبد الرّحيم، قال: حدّثنا عبد الله بن الزّبير بن عيسى الحميديّ، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا عمر بن سعيدٍ الثّوريّ، عن الأعمش، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، يقول: «ليس أحدٌ أصبر على أذًى يسمعه من الله، يدعون له ندًّا، ثمّ هو يرزقهم ويعافيهم»، قال الأعمش: فقلت له: ممّن سمعته يا أبا عبد الله؟، قال: حدّثناه أبو عبد الرّحمن السّلميّ عند أبي موسى الأشعريّ، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/237]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا مسّ الإنسان ضرٌّ دعا ربّه منيبًا إليه ثمّ إذا خوّله نعمةً منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل للّه أندادًا ليضلّ عن سبيله قل تمتّع بكفرك قليلاً إنّك من أصحاب النّار}.
يقول تعالى ذكره: وإذا مسّ الإنسان بلاءٌ في جسده من مرضٍ، أو عاهةٍ، أو شدّةٍ في معيشته، وجهدٌ وضيقٌ {دعا ربّه} يقول: استغاث بربّه الّذي خلقه من شدّة ذلك، ورغّب إليه في كشف ما نزل به من شدّة ذلك.
وقوله: {منيبًا إليه} يقول: تائبًا إليه ممّا كان من قبل ذلك عليه من الكفر به، وإشراك الآلهة والأوثان به في عبادته، راجعًا إلى طاعته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا مسّ الإنسان ضرٌّ} قال: الوجع والبلاء والشّدّة {دعا ربّه منيبًا إليه} قال: مستغيثًا به.
وقوله: {ثمّ إذا خوّله نعمةً منه} يقول تعالى ذكره: ثمّ إذا منحه ربّه نعمةً منه، يعني عافيةً، فكشف عنه ضرّه، وأبدله بالسّقم صحّةً، وبالشّدّة رخاءً والعرب تقول لكلّ من أعطى غيره من مالٍ أو غيره: قد خوّله؛ ومنه قول أبي النّجم العجليّ:
أعطى فلم يبخل ولم يبخّل = كوم الذّرا من خول المخوّل
- وحدّثت عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى أنّه قال: سمعت أبا عمرٍو يقول في بيت زهيرٍ:
هنالك إن يستخولوا المال يخولوا = وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
قال معمرٌ: قال يونس: إنّما سمعناه:
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
قال: وهي بمعناها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ثمّ إذا خوّله نعمةً منه}: إذا أصابته عافيةٌ أو خيرٌ.
وقوله: {نسي ما كان يدعو إليه من قبل} يقول: ترك دعاءه الّذي كان يدعو إلى اللّه من قبل أن يكشف ما كان به من ضرٍّ {وجعل للّه أندادًا} يعني: شركاء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {نسي} يقول: ترك، هذا في الكافر خاصّةً.
ولـ(ما) الّتي في قوله: {نسي ما كان} وجهان: أحدهما: أن يكون بمعنى الّذي، ويكون معنى الكلام حينئذٍ: ترك الّذي كان يدعوه في حال الضّرّ الّذي كان به، يعني به اللّه تعالى ذكره، فتكون (ما) موضوعةً عند ذلك موضع (من) كما قيل: {ولا أنتم عابدون ما أعبد} يعني به اللّه، وكما قيل: {فانكحوا ما طاب لكم من النّساء} والثّاني: أن يكون بمعنى المصدر على ما ذكرت وإذا كانت بمعنى المصدر، كان في الهاء الّتي في قوله: {إليه} وجهان: أحدهما: أن يكون من ذكر ما والآخر: من ذكر الرّبّ.
وقوله: {وجعل للّه أندادًا} يقول: وجعل للّه أمثالاً وأشباهًا.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في المعنى الّذي جعلوها فيه له أندادًا، قال بعضهم: جعلوها له أندادًا في طاعتهم إيّاه في معاصي اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وجعل للّه أندادًا} قال: الأنداد من الرّجال: يطيعونهم في معاصي اللّه.
وقال آخرون: عنى بذلك أنّه عبد الأوثان، فجعلها للّه أندادًا في عبادتهم إيّاها.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: عنى به أنّه أطاع الشّيطان في عبادة الأوثان، فجعل له الأوثان أندادًا، لأنّ ذلك في سياق عتّاب اللّه إيّاهم له على عبادتها.
وقوله: {ليضلّ عن سبيله} يقول: ليزيل من أراد أن يوحّد اللّه ويؤمن به عن توحيده، والإقرار به، والدّخول في الإسلام.
وقوله: {قل تمتّع بكفرك قليلاً} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد لفاعل ذلك: تمتّع بكفرك باللّه قليلاً إلى أن تستوفي أجلك، فتأتيك منيّتك {إنّك من أصحاب النّار}: أي إنّك من أهل النّار الماكثين فيها.
وقوله: {تمتّع بكفرك}: وعيدٌ من اللّه وتهدّدٌ). [جامع البيان: 20/170-173]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 8.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {دعا ربه منيبا إليه} قال: أي مخلصا إليه). [الدر المنثور: 12/636]

تفسير قوله تعالى: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {آناء اللّيل} قال: جوف اللّيل). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 242]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة} قال: يحذر عذاب الآخرة). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 481]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب}.
اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {أمّن} فقرأ ذلك بعض المكّيّين وبعض المدنيّين وعامّة الكوفيّين: (أمن) بتخفيف الميم؛ ولقراءتهم ذلك كذلك وجهان: أحدهما: أن يكون الألف في أمّن بمعنى الدّعاء، يراد بها: يا من هو قانتٌ آناء اللّيل، والعرب تنادي بالألف كما تنادي بيا، فتقول: أزيد أقبل، ويا زيد أقبل؛ ومنه قول أوس بن حجرٍ:
أبني لبينى لستم بيدٍ = إلاّ يدٌ ليست لها عضد
وإذا وجّهت الألف إلى النّداء كان معنى الكلام: قل تمتّع أيّها الكافر بكفرك قليلاً إنّك من أصحاب النّار، ويا من هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا إنّك من أهل الجنّة، ويكون في البيان عمّا للفريق الكافر عند اللّه من الجزاء في الآخرة، الكفاية عن بيان ما للفريق المؤمن، إذ كان معلومًا اختلاف أحوالهما في الدّنيا، ومعقولاً أنّ أحدهما إذا كان من أصحاب النّار لكفره بربّه أنّ الآخر من أصحاب الجنّة، فحذف الخبر عمّا له، اكتفاءٌ بفهم السّامع المراد منه من ذكره، إذ كان قد دلّ على المحذوف بالمذكور والثّاني: أن تكون الألف الّتي في قوله: أمّن ألف استفهام، فيكون معنى الكلام: أهذا كالّذي جعل للّه أندادًا ليضلّ عن سبيله، ثمّ اكتفى بما قد سبق من خبر اللّه عن فريق الكفر به من أعدائه، إذ كان مفهومًا المراد بالكلام، كما قال الشّاعر:
فأقسم لو شيءٌ أتانا رسوله.. سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
فحذف (لدفعناه) وهو مرادٌ في الكلام إذ كان مفهومًا عند السّامع مراده.
وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: {أمّن} بتشديد الميم، بمعنى: أم من هو؟ ويقولون: إنّما هي {أمّن} استفهامٌ اعترض في الكلام بعد كلامٍ قد مضى، فجاء بأم؛ فعلى هذا التّأويل يجب أن يكون جواب الاستفهام متروكًا من أجل أنّه قد جرى الخبر عن فريق الكفر، وما أعدّ له في الآخرة، ثمّ أتبع الخبر عن فريق الإيمان، فعلم بذلك المراد، فاستغنى بمعرفة السّامع بمعناه من ذكره، إذ كان معقولاً أنّ معناه: هذا أفضل أم هذا؟
والقول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان قرأ بكلّ واحدةٍ علماء من القرّاء مع صحّة كلّ واحدةٍ منهما في التّأويل والإعراب، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين، والصّواب من القول عندنا فيما مضى قبل في معنى القانت، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع؛ غير أنا نذكر بعض أقوال أهل التّأويل في ذلك في هذا الموضع، ليعلم النّاظر في الكتاب اتّفاق معنى ذلك في هذا الموضع وغيره، فكان بعضهم يقول: هو في هذا الموضع قراءة القارئ قائمًا في الصّلاة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى، عن عبيد اللّه، أنّه قال: أخبرني نافعٌ، عن ابن عمر، أنّه كان إذا سئل عن القنوت، قال: لا أعلم القنوت إلاّ قراءة القرآن وطول القيام، وقرأ: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا}.
وقال آخرون: هو الطّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أمّن هو قانتٌ} يعني بالقنوت: الطّاعة، وذلك أنّه قال: {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} إلى {كلٌّ له قانتون} قال: مطيعون.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا} قال: القانت: المطيع.
وقوله: {آناء اللّيل} يعني: ساعات اللّيل.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل} ساعات الليل أوّله، وأوسطه، وآخره.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {آناء اللّيل} قال: ساعات اللّيل.
وقد مضى بياننا عن معنى (الآناء) بشواهده، وحكاية أقوال أهل التّأويل فيها بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {ساجدًا وقائمًا} يقول: يقنت ساجدًا أحيانًا، وأحيانًا قائمًا، يعني: يطيع؛ والقنوت عندنا الطّاعة، ولذلك نصب قوله: {ساجدًا وقائمًا} لأنّ معناه: أمّن هو يقنت آناء اللّيل ساجدًا طورًا، وقائمًا طورًا، فهما حالٌ من قانتٍ.
وقوله: {يحذر الآخرة} يقول: يحذر عذاب الآخرة.
- كما حدّثنا عليّ بن الحسن الأزديّ، قال: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {يحذر الآخرة} قال: يحذر عذاب الآخرة.
{ويرجو رحمة ربّه} يقول: ويرجو أن يرحمه اللّه فيدخله الجنّة.
وقوله: {قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون} يقول تعالى ذكره: قل يا محمّد لقومك: هل يستوي الّذين يعلمون ما لهم في طاعتهم لربّهم من الثّواب، وما عليهم في معصيتهم إيّاه من التّبعات، والّذين لا يعلمون ذلك، فهم يخبطون في عشواء، لا يرجون بحسن أعمالهم خيرًا، ولا يخافون بسيّئها شرًّا؟ يقول: ما هذان بمتساويين.
- وقد روي عن أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ في ذلك ما: حدّثني محمّد بن خلفٍ، قال: حدّثني نصر بن مزاحمٍ، قال: حدّثنا سعدان الجريريّ، عن سعد أبي مجاهدٍ، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ، رضوان اللّه عليه {هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون} قال: نحن الّذين يعلمون، وعدوّنا الّذين لا يعلمون.
وقوله: {إنّما يتذكّر أولو الألباب} يقول تعالى ذكره: إنّما يعتبر حجج اللّه، فيتّعظ، ويتفكّر فيها، ويتدبّرها أهل العقول والحجى، لا أهل الجهل والنّقص في العقول). [جامع البيان: 20/174-178]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله آناء الليل يعني ساعات الليل أوله وأوسطه وآخره). [تفسير مجاهد: 556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 9
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه تلا هذه الآية {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} قال: ذاك عثمان بن عفان، وفي لفظ نزلت في عثمان بن عفان). [الدر المنثور: 12/636-637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد في طبقاته، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما} قال: نزلت في عمار بن ياسر.
وأخرج جويبر عن عكرمة، مثله). [الدر المنثور: 12/637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية في ابن مسعود وعمار وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه). [الدر المنثور: 12/637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يحذر الآخرة} يقول: يحذر عذاب الآخرة). [الدر المنثور: 12/637]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه، أنه كان يقرأ أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر عذاب الآخرة والله تعالى أعلم، أما قوله تعالى: {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} ). [الدر المنثور: 12/637-638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الترمذي والنسائي، وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال كيف تجدك قال: أرجو وأخاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو وأمنه الذي يخاف). [الدر المنثور: 12/638]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حسابٍ}
- أخبرنا هنّاد بن السّريّ، عن أبي الأحوص، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " يقول الله تبارك وتعالى: من أذهبت كريمتيه، فاحتسب وصبر لم أجعل له ثوابًا دون الجنّة "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/237]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل يا عباد الّذين آمنوا اتّقوا ربّكم للّذين أحسنوا في هذه الدّنيا حسنةٌ وأرض اللّه واسعةٌ إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حسابٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل} يا محمّد لعبادي الّذين آمنوا: {يا عباد الّذين آمنوا} باللّه، وصدّقوا رسوله {اتّقوا ربّكم} بطاعته واجتناب معاصيه {للّذين أحسنوا في هذه الدّنيا حسنةٌ}.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: للّذين أطاعوا اللّه حسنةٌ في هذه الدّنيا؛ وقال في من صلة حسنةٌ، وجعل معنى الحسنة: الصّحّة والعافية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {للّذين أحسنوا في هذه الدّنيا حسنةٌ} قال: العافية والصّحّة.
وقال آخرون: (في) من صلة (أحسنوا)، ومعنى الحسنة: الجنّة.
وقوله: {وأرض اللّه واسعةٌ} يقول تعالى ذكره: وأرض اللّه فسيحةٌ واسعةٌ، فهاجروا من أرض الشّرك إلى دار الإسلام.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وأرض اللّه واسعةٌ} فهاجروا واعتزلوا الأوثان.
وقوله: {إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حسابٍ} يقول تعالى ذكره: إنّما يعطي اللّه أهل الصّبر على ما لقوا فيه في الدّنيا أجرهم في الآخرة. {بغير حسابٍ} يقول: ثوابهم بغير حسابٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حسابٍ} لا واللّه ما هناكم مكيالٌ ولا ميزانٌ.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {إنّما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حسابٍ} قال: في الجنّة). [جامع البيان: 20/178-180]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأرض الله واسعة يقول فهاجروا واعتزلوا عبادة الأوثان). [تفسير مجاهد: 556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 10 - 14.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأرض الله واسعة} قال: أرضي واسعة فهاجروا واعتزلوا الأوثان). [الدر المنثور: 12/638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال: لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان). [الدر المنثور: 12/638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال: بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم ولكن يزادون على ذلك). [الدر المنثور: 12/638]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا أحب عبدا أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صبا ويحثه عليه حثا فإذا دعا قالت الملائكة عليهم السلام: صوت معروف قال جبريل عليه السلام: يا رب عبدك فلان اقض حاجته، فيقول الله تعالى: دعه إني أحب أن أسمع صوته، فإذا قال يا رب،، قال الله تعالى لبيك عبدي وسعديك، وعزتي لا تدعوني بشيء إلا استجبت لك ولا تسألني شيئا إلا أعطيتك، إما أن أعجل لك ما سألت وإما أن أدخر لك عندي أفضل منه وإما أن أدفع عنك من البلاء أعظم منه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتنصب الموازين يوم القيامة فيأتون بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصيام فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية أنهم كانوا في الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل، وذلك قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ). [الدر المنثور: 12/639]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن عساكر، وابن مردويه عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة فلا يرفع لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان يصب عليهم الأجر صبا، وقرأ {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ). [الدر المنثور: 12/639-640]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: يود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض). [الدر المنثور: 12/640]