عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 09:26 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}

تفسير قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين}
{وواعدنا موسى}: ووعدنا موسى.
{ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}
- قيل أمره الله أن يصوم ثلاثين يوما، وأن يعمل فيها بما يقربه إلى اللّه.
- وقيل في العشر أنزلت عليه التوراة وكلّم فيها.
- وقال بعضهم لما صام ثلاثين يوما أنكر خلوف فيه فاستاك بعود خرّوب، فقالت الملائكة إنا كنا نستنشئ من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك. فزيدت عليه عشر ليال.
وقد قال في موضع آخر: {وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة} فهذا دليل أن المواعدة كانت أربعين ليلة كاملة، واللّه جلّ وعزّ أعلم.
وقوله: {وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي}
يجوز (هارونَ) بالفتح وهو في موضع جر بدلا من أخيه، ويجوز (لأخيه هارونُ) بضم النون، ويكون المعنى: وقال موسى لأخيه، يا هارون {اخلفني في قومي}). [معاني القرآن: 2/ 372]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}
قال مجاهد: الثلاثون ذو القعدة والعشر عشر من ذي الحجة.
والفائدة في قوله: {فتم ميقات ربه أربعين ليلة}؛ أنه قد دل على أن العشر ليال وأنها ليست بساعات
- وقيل هو توكيد.
- وقيل هو بمنزلة فذلك أي فليس بعدها شيء يذكر). [معاني القرآن: 3/ 74]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({جعله دكّاً}؛ أي مستوياً مع وجه الأرض، وهو مصدرٌ جعله صفة، ويقال: ناقة دكّاء أي ذاهبة السّنام مستوٍ ظهرها أملس، وكذلك أرض دكّاء، قال الأغلب: هل غير غارٍ دكّ غاراً فانهدم). [مجاز القرآن: 1/ 228]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكّاً وخرّ موسى صعقاً فلمّا أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين}
وقال: {جعله دكّاً} لأنه حين قال: {جعله} كان كأنه قال "دكّه" ويقال: {دكّاء} وإذا أراد ذا فـ[قد] أجري مجرى {وسئل القرية} لأنه يقال: "ناقةٌ دكّاء" إذا ذهب سنامها.
وقال: {فلمّا تجلّى ربّه للجبل} يقول "تجلّى أمره" نحو ما يقول الناس: "برز فلان لفلان" وإنّما برز جنده.
وأمّا قوله: {ربّ أرني أنظر إليك} فإنما أراد علما لا يدرك مثله إلاّ في الآخرة فأعلم الله موسى أن ذلك لا يكون في الدنيا. وقرأها بعضهم {دكّاء} جعله "فعلاء" وهذا لا يشبه أن يكون. وهو في كلام العرب: "ناقةٌ دكّاء" أي: ليس لها سنام. والجبل مذكر إلا أن يكون "جعله مثل دكّاء" وحذف "مثل"). [معاني القرآن: 2/ 16-17]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو جعفر وشيبة ونافع {ولكن انظر} بالضم.
الحسن {جعله دكا} منون.
أبو عمرو بالتنوين.
العمش وغيره {جعله دكاء} على فعلاء؛ كأنه قال: فجعله أرضًا دكاء، أو بقعة على التأنيث، والفعل فيه: دكه يدكه دكًا؛ أي فته وديثه؛ وقالوا: هذه أرض دك، وأرضون دكوك؛ على قراءة الحسن وأبي عمرو.
قال الأعشى:
[معاني القرآن لقطرب: 572]
وإن أجلبت صهيون يوما عليكما = فإن رحى الحرب الدكوك رحاكما
وقال حميد الأرقط:
يدك أركان الجبال هزمه = يخطر بالبيض الرقاب بهمه). [معاني القرآن لقطرب: 573]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({جعله دكا}: مستويا يقال ناقة ذكاء إذا ذهب سنامها واستوى بظهرها). [غريب القرآن وتفسيره: 150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({تجلّى ربّه} أي ظهر. أو ظهر من أمره ما شاء. ومنه يقال: جلوت العروس: إذا أبرزتها. ومنه يقال: جلوت المرآة والسيف: إذا أبرزته من الصدأ والطبع، وكشفت عنه.
{جعله دكًّا} أي ألصقه بالأرض. يقال: ناقة دكّاء: إذا لم يكن لها سنام. كأنّ سنامها دكّ - أي ألصق - ويقال: إنّ دككت، ودققت فأبدلت القاف فيه كافا. لتقارب المخرجين.
{وخرّ موسى صعقاً} أي مغشيا عليه). [تفسير غريب القرآن: 172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه -حكاية عن النبي، صلّى الله عليه وسلم-: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}، وحكاية عن موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه). [تأويل مشكل القرآن: 281](م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الصّعق: الموت، قال تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} ، وقال تعالى: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} أي ميّتا، ثم ردّ الله إليه حياته). [تأويل مشكل القرآن: 501](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دكّا وخرّ موسى صعقا فلمّا أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين}
{ولمّا جاء موسى لميقاتنا}؛ أي للوقت الذي وقتنا له.
{وكلّمه ربّه} كلم الله موسى تكليما. خصّه اللّه أنه لم يكن بينه وبين الله جل ثناؤه وفيما سمع أحد، ولا ملك أسمعه اللّه كلامه، فلما سمع الكلام {قال ربّ أرني أنظر إليك} أي قد خاطبتني من حيث لا أراك، والمعنى أرني نفسك.
وقوله: {أرني أنظر}؛ مجزوم جواب الأمر.
{قال لن تراني}؛ ولن نفي لما يستقبل.
{ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مكانه فسوف تراني}.
{فلمّا تجلّى ربّه للجبل}؛ أي ظهر وبان.
{جعله دكّا}:
يجوز "دكّا" بالتنوين، ودكاء بغير تنوين، أي جعله مدقوقا مع الأرض؛ يقال دككت الشيء إذا دققته، أدكه دكّا، والدكّاء والدّكاوات الروابي التي مع الأرض ناشزة عنها، لا تبلغ أن تكون جبلا.
وقوله: {وخرّ موسى صعقا}
(صعقا) منصوب على الحال، وقيل إنه خرّ ميّتا، وقيل خرّ مغشيا عليه.
{فلما أفاق}: ولا يكاد يقال للميت قد أفاق من موته، ولكن للذي غشي عليه والذي يذهب عقله قد أفاق من علته، لأن الله جلّ ثناؤه قال في الذين ماتوا: {ثمّ بعثناكم من بعد موتكم}.
وقوله: {قال سبحانك} أي تنزيها لك من السوء.
جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قوله: " سبحان اللّه " تنزيه للّه من السوء.
وأهل اللغة كذلك يقولون من غير معرفة بما فيه.
عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن تفسيره يجمعون عليه.
وقوله: {وأنا أوّل المؤمنين} أي أوّل المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا.
هذا معنى {أرني انظر إليك} إلى آخره الآية، وهو قول أهل العلم وأهل السنة.
وقال قوم: معنى (أرني أنظر إليك)، أرني أمرا عظيما لا يرى مثله في الدنيا مما لا تحتمله بنية موسى، قالوا فأعلمه أنّه لن يرى ذلك الأمر، وأن معنى. {فلمّا تجلّى ربّه للجبل}: تجلى أمر ربّه.
وهذا خطأ لا يعرفه أهل اللغة، ولا في الكلام دليل أن موسى أراد أن يرى أمرا عظيما من أمر اللّه، وقد أراه اللّه من الآيات في نفسه ما لا غاية بعده.
قد أراه عصاه ثعبانا مبينا، وأراه يده تخرج بيضاء من غير سوء وكان أدم، وفرق البحر بعصاه. فأراه من الآيات العظام ما يستغنى به عن أن يطلب أمرا من أمر الله عظيما، ولكن لما سمع كلام الله قال: رب أرني أنظر إليك، سمعت كلامك فأنا أحب أن أراك. فأعلمه الله جل ثناؤه إنّه لن يراه.
ثم أمره الله أن يشكره، فقال: {يا موسى إنّي اصطفيتك على النّاس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشّاكرين}). [معاني القرآن: 2/ 372-374]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ولما جاء موسى لميقاتنا} أي للميقات الذي وقتناه له.
{وكلمه ربه} أي خصه بذلك.
وقوله جل وعز: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا}
- قال قتادة: دك بعضه بعضا.
- وقال عكرمة: إنما هو جعله دكاء من الدكاوات، والتقدير على هذه القراءة: جعله أرضا دكاء؛ وهي الناتئة لا تبلغ أن تكون جبلا.
قال عكرمة: لما نظر الله جل وعز إلى الجبل صار صحراء ترابا.
ثم قال جل وعز: {وخر موسى صعقا} قيل ميتا
وقال سعيد بن عروبة عن قتادة: مغشيا عليه {فلما أفاق قال سبحانك إني تبت إليك}
قال مجاهد: أي تبت من أن أسألك الرؤيا وأنا أول المؤمنين أي أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات؛ لأن سؤاله كان في الدنيا.
قال قتادة: لما أخذ الألواح فرأى فيها وصف أمة محمد وتقريظهم فقال: يا رب اجعلهم أمتي. فقال: تلك أمة أحمد، فقالك فاجعلني منهم، قال: إنك لن تدركهم، وقال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي. فرضي موسى). [معاني القرآن: 3/ 74-76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تَجَلَّى} ظهر. أي ظهر من أمره ما شاء الله عز وجل.
{جَعَلَهُ دَكّاً} أي ألصقه بالأرض). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({دَكًّا}: مستوياً). [العمدة في غريب القرآن: 137]


رد مع اقتباس