عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10 محرم 1436هـ/2-11-2014م, 11:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ({إنّ الّذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها أولئك هم شرّ البريّة * إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك هم خير البريّة * جزاؤهم عند ربّهم جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربّه}
حكم اللّه تعالى في هذه الآية بتخليد الكافرين من أهل الكتاب والمشركين - وهم عبدة الأوثان - في النار، وبأنهم شرّ البريّة.
و(البريّة): جميع الخلق؛ لأنّ اللّه تعالى برأهم، أي: أوجدهم بعد العدم.
وقرأ نافعٌ، وابن عامرٍ، والأعرج: (البريئة) بالهمزة، من (برأ)، وقرأ الباقون والجمهور: {البريّة} ـ بشدّ الياء بغير همزٍ ـ على التسهيل. والقياس الهمز، إلا أنّ هذا مما ترك همزه كالنبيّ والذّرّيّة. وقال بعض النّحويّين: البريّة مأخوذةٌ من البري، وهو التّراب. وهذا الاشتقاق يجعل الهمز خطأً وغلطًا، وهو اشتقاقٌ غير مرضيٍّ). [المحرر الوجيز: 8/ 664]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} شروطٌ تعمّ جميع أمة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن آمن بنبيّه من الأمم الماضية.
وقرأ جمهور الناس: {خير}. وقرأ بعض قرّاء مكّة: (خيار) بألفٍ.
وروي حديثٌ عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قرأ هذه الآية: {أولئك هم خير البريّة} ثمّ قال لعليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه:
«أنت يا عليّ وشيعتك». ذكره الطّبريّ، وفي الحديث أنّ رجلًا قال للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا خير البريّة. فقال له: «ذلك إبراهيم عليه السّلام» ). [المحرر الوجيز: 8/ 664]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {جزاؤهم عند ربّهم جنّاتٌ} فيه حذف مضافٍ، وتقديره: سكنى جناتٍ أو دخول جنّاتٍ.
والعدن: الإقامة والدّوام، عدن بالموضع: أقام، ومنه المعدن؛ لأنه رأسٌ ثابتٌ، قال ابن مسعودٍ: جنّات عدنٍ: بطنان الجنّة، أي: وسطها.
وقوله تعالى: {رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} قيل: ذلك في الدنيا، فرضاه عنهم هو ما أظهر عليهم من أمارات رحمته وغفرانه، ورضاهم عنه هو رضاهم بجميع ما قسم لهم من جميع الأرزاق والأقدار.
وقال بعض الصالحين:
«رضا العباد عن اللّه تعالى: رضاهم بما يرد من أحكامه، ورضاه عنهم: توفيقهم للرضا عنه».
وقال أبو بكر بن طاهرٍ:
«الرضا عن اللّه تعالى خروج الكراهية من القلب حتى لا يكون إلا فرحٌ وسرورٌ».
وقال سريٌّ السّقطيّ:
«إذا كنت لا ترضى عن اللّه فكيف تطلب منه أن يرضى عنك؟!»
وقيل: ذلك في الآخرة، فرضاهم عنه هو رضاهم بما منّ عليهم به من النّعم، ورضاه عنهم هو ما روي من أنّ اللّه تعالى يقول لأهل الجنة:
«هل رضيتم بما أعطيتكم؟ فيقولون: نعم يا ربّنا، وكيف لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من العالمين؟ فيقول: أفلا أعطيكم أفضل من كلّ ما أعطيتكم؟ رضواني، فلا أسخط عليكم أبدًا».
وخصّ اللّه تعالى بالذّكر أهل الخشية؛ لأنها رأس كلّ بركةٍ، الناهية عن المعاصي، الآمرة بالمعروف). [المحرر الوجيز: 8/ 665]


رد مع اقتباس