الموضوع: حرف الهاء
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 11:54 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب: مواضع "هاء" التأنيث
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: مواضع هاء التأنيث
اعلم أن "هاء" التأنيث تدخل آخر الكلمة على ثمانية عشر وجهًا:
أحدها: للفرق بين المذكر والمؤنث: وتكون
"الهاء" علامة للمؤنث، نحو: «قائمٌ» و«قائمة» و«مرءٌ» و«امرأة»، «وفتى» و«فتاة»، وما أشبه ذلك.
والثاني: للفرق بين المذكر والمؤنث: وتكون
"الهاء" علامة للمذكر، وسقوطها علامة للمؤنث، وذلك في العدد نحو: «ثلاثة رجالٍ» و«ثلاث نسوة»، وما أشبه ذلك.
والثالث: للفرق بين الواحد والجمع، وتكون
"الهاء" علامة للواحد، نحو «تمرة» و«تمر»، و«بطة» و«بط»، و«حمامة» و«حمام»، وما أشبه ذلك.
والرابع: للفرق بين الواحد والجمع، وتكون
"الهاء" علامة الجمع كقولهم: «هذا كمءٌ» للواحد، فإذا أرادوا جمعه قالوا: «هذه كمأة»، ومثله: «هذا حمار»، و«هؤلاء حمارة»، و«بغال» و«بغالة»، و«جمال» و«جمالة»، قال الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة ..... شلا كما تطرد الجمالة الشردا
«الجمالة»: جمع جمالٍ.
والوجه الخامس: تدخل
"الهاء" لتأنيث الكلمة لغير فرقٍ، نحو «قرية»، و«غرفة»، و«برمة»، و«شقة»، و«عمامة»، و«إداوة»، و«نهاية»، و«بهيمة»، و«مدينة»، و«بلدة»، و«موماة»، و«مرضاة»، و«التوراة»، و«المنجاة» و«المرقاة»، وما أشبه ذلك، "الهاء" فيها لتأنيث الكلمة، وليس لشيءٍ منها مذكر يفرق "بالهاء" بينه وبين مؤنثه.
والوجه السادس: تدخل
"الهاء" لتوكيد التأنيث في الجمع الذي على «فعالٍ» و«فعولٍ»، ولا يلزمها في كل موضعٍ، وذلك قولهم في جمع «جمل»: «جمالة»، وفي «حجر: حجارة»، وفي «ذكر: ذكارة وذكورة»، وفي «فحل: فحالة، وفحولة»، وفي «صقر: صقورة»، وفي «بعل: بعولة»، وفي «عمٍ وخالٍ: عمومة وخؤولة»، "الهاء" في هذه الجموع لتأكيد التأنيث، قال الله تعالى: {كأنه جمالةٌ صفر}، وقال: {ترميهم بحجارة من سجيلٍ}، وقال: {وبعولتهن أحق بردهن}، وكذلك قولهم في جمع «ملك: ملائكة»، أدخلوا "الهاء" لتوكيد التأنيث، وكان حقه أن يجمع على «ملائك»، كما تقول: «مصنع ومصانع»، وللنحويين في أصل «ملك» قولان: قال بعضهم: أصله: «ملأك» واحتج بقول الشاعر:
فلست لإنسي ولكن لملأك ..... تنزل من جو السماء يصوبُ
وقال آخرون: أصله: «مألك» لأنه مأخوذ من «الألوك»، و«المألكة» وهي الرسالة، وقول الشاعر: «ولكن لملأك» كان الوجه أن يقول: ولكن لمألك، ولكنه قلب فقدم اللام وأخر "الهمزة".
والوجه السابع: تدخل
"الهاء" للمبالغة في المدح والذم، كقولهم في المدح: «رجل علامة» و«نسابة» و«راوية للأخبار» و«باقعة» و«بصيرة» وكأنهم أرادوا به «داهية» وقالوا في الذم: «رجل لحانة» و«هلباجة فقاقة جخابة» كأنهم أرادوا به «بهيمة» وقد قيل إن "الهاء" في قوله تعالى: {بل الإنسان على نفسه بصيرة}، وقوله تعالى: {ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا}، وقوله: {وذلك دين القيمة}، هي "هاء" المبالغة، وكذلك "الهاء" في قولهم: «خليفة» هي للمبالغة، والأصل فيه: «خليف».
والوجه الثامن: تدخل
"الهاء" للنسب في الجمع الذي على زنة «مفاعل» نحو: «المهالبة» و«الأشاعثة» و«الأشاعرة» في جمع «المهلب، وأشعث، وأشعر» بمعنى: مهلبين، وأشعثيين، وأشعريين، ينسبون إلى «المهلب، وأشعث، وأشعر» واحدهم: «مهلبي، وأشعثي، وأشعري» وكذلك «الأزارقة» ينسبون إلى نافع بن الأزرق، و«المسامعة»، ينسبون إلى «مسمع» و«المناذرة» ينسبون إلى «منذر» واحدهم: «أزرقي، ومسمعي، ومنذري»، وكذلك «السبابحة» و«البرابرة» بمعنى السبجيين، والبربريين، واحدهم: سبجي وبربري، وقد انضم في هذا النسب الذي في «المهالبة» ونحوها إذا أردت «المهلبيين» إلى العجمة، فاجتمع مع "الهاء" النسب والعجمة، و«السبابجة»: قوم من السند يستأجرون ليكونوا في السفينة كالمندرقة.
والوجه التاسع: تدخل
"الهاء" للعجمة في الجمع الذي على زنة «مفاعل» نحو قولهم: «الجواربة» و«الموارجة» جمع «جورب ومورج» وهو الخف، وهما اسمان أعجميان قد أعربا، وزيدت "الهاء" في الجمع للدلالة على أنه أعجمي، وكذلك «الطيالسة» جمع «طيلسان»، و«الصوالجة» جمع «صولجان»، و«الصوابحة» جمع «الصوبح» وهو عود يمد به العجين للرقاق، وكذلك «الكرابجة» جمع «الكربج» وهو الحانوت، والأصل فيه بالفارسية: «كربه» وقد أدخلوها في العربي الذي على هذا الوزن أيضًا فقالوا: «صيرف وصيارفة» و«صيقل وصياقلة».
والوجه العاشر: تدخل
"الهاء" عوضًا من حرف محذوف في الجمع الذي على زنة «مفاعيل» نحو: «زناديق وزنادقة» و«فرازين وفرازنة»، «وجحاجيح وجحاجحة»، "الهاء" في هذا الجمع للعوض من "الياء"، وهي لازمة لا تحذف لأنها عوض، فإن حذفتها أتيت "بالياء" لأنهما يتعاقبان، وكذلك قولهم: «أناسية» في جمع «إنسان»، الهاء عوضٌ من "الياء" المحذوفة لأنه كان يجب «أناسي» كما قال الله عز وجل: {وأناسي كثيرًا}.
والوجه الحادي عشر: تدخل
"الهاء" على المصدر عوضًا من حرف محذوفٍ، كقولهم: «أقام إقامة»، و«استقام استقامة» و«وزن زنة»، وما أشبه ذلك زادوا "الهاء"، لأنه كان ينبغي أن يكون: «أقوم إقوامًا، واستقوم استقوامًا، ووزن وزنًا» فلما أسقطوا "الواو" جعلوا "الهاء" كأنها عوض من ذلك الحرف، وتكملة لما سقط من الكلمة.
والوجه الثاني عشر: تدخل
"الهاء" على المصدر لتبين عدد المرات كقولك: «ضربت ضربة»، و«جلست جلسة»، و«أكلت أكلة».
والثالث عشر: تدخل
"الهاء" في الوقف، لبيان الحرف أو الحركة قبلها، نحو دخولها بعد "ألف" الندبة لبيان "الألف" في قولك: «وازيداه»، ونحو دخولها في الوقف لبيان الحركة في قوله عز وجل: {فبهداهم اقتده}، و{لم يتسنه}، {وما أدراك ما هيه} وبعد "ياء" الإضافة نحو: {كتابيه}، و{حسابيه}، و{ماليه}، و{سلطانيه}، هي في أربعة مواضع في القرآن، وهي تسمى "هاء" الاستراحة، و"هاء" الوقف، ومن أثبت "الهاء" في الوصل في هذه المواضع فإن ذلك على نية الوقف، وإن كان الفصل بين النطقين في هذا قصير الزمان، ومنه قول الشاعر وهو عمرو بن ملقط:
مهما لي الليلة مهما ليه ..... أودى بنعلي وسرباليه
وقال آخر:
أنا سحيم ومعي مذرايه ..... أعددته لفيك ذي الدوايه
أراد: مذراي، فلما وقف أدخل "الهاء".
والرابع عشر: تدخل
"الهاء" لإمكان النطق بالكلمة، وذلك في فعل الأمر إذا صار إلى حرفٍ واحدٍ كقولك: "عه" و"شه" و"قه" و"ره"، وما أشبه ذلك، زيدت "الهاء" في الوقف لإمكان النطق به، لأنه لا يمكن الوقف على حرفٍ ويبتدأ به، لأنه لا يبتدأ إلا بمتحركٍ ولا يوقف إلى على ساكنٍ.
والخامس عشر: تدخل
"الهاء" للوقف على الفعل المعتل "اللام" في حال الجزم عوضًا من حذف "اللام"، وذلك في لغة بعض العرب، يقولون في الوقف على «ارم، ولا ترم»: «ارمه، ولا ترمه» فيدخلون "الهاء" عوضًا من حذف "اللام" ولتبقى الحركة على حالها، وكذلك يقولون: «ادعه، ولا تدعه» و«اخشه، ولا تخشه»، وكذلك ما أشبهه.
والسادس عشر: تدخل
"الهاء" في الوقف لبيان الحركة وكراهية اجتماع الساكنين كقولهم في الوقف على «"ثم": "ثمه"» وعلى «"هلم": "هلمه"»، وعلى "إن" بمعنى "نعم": "إنه"، قال الراجز على هذه اللغة:
يا أيها الناس ألا هلمه.
وقال آخر وهو ابن قيس الرقيات واسمه عبيد الله:
يكسر العواذل في الصبو ..... ح يلمنني وألومهنه
ويقلن: شيب قد علا ..... ك وقد كبرت فقلت: إنه
والسابع عشر: تدخل "الهاء" عوضًا من "الياء"كقولهم: «هذه» والأصل: «هذي» فأبدلت "الهاء" من "الياء".
والوجه الثامن عشر: تدخل
"الهاء" لازدواج الكلمة الثانية مع الأولى، كقولهم: «لكل ساقطةٍ لاقطة»، قال أبو بكر بن الأنباري: معناه: لكل كلمةٍ ساقطةٍ، أي: يسقط بها الإنسان، لاقطٌ لها، أي متحفظ لها ... وإنما أدخلت "الهاء" في «اللاقطة» لتزدوج الكلمة الثانية مع الأولى، كما قالوا: «إن فلانًا يأتينا بالعشايا»). [الأزهية: 249 - 258]


رد مع اقتباس