الموضوع: كأنَّ
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 11:40 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "الكاف" المركبة
باب "كأن"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "الكاف" المركبة
اعلم أن "الكاف" تتركب مع "الهمزة" و"النون" مشددة: "كأن"، ومع "اللام" المشددة و"الألف"، "كلا"، ومع "الميم" و"الألف": "كما"، ومع "الياء": "كي".

باب "كأن"
اعلم أنه قد اختلف أئمة النحويين في "كأن": هل هي حرفٌ مركبةٌ أو بسيطةٌ، فذهب الخليل وبعض البصريين المتأخرين إلى أنه مركبٌ، وذهب أكثرهم إلى أنه بسيط، وعضد أبو الفتح ابنُ جني المذهب الأول لوجود "كاف" التشبيه وحدها، ولوجود "أن" التي للتوكيد وحدها [ومنع التركيب].
وقد قلنا في مواضع من الكتاب: إنه إذا وجد المعنى الذي كان في الإفراد مع التركيب صح ادعاؤه، ولكن هنا يعضد في البساطة مذهب الأكثرين لوجوه:
منها: أن الألفاظ في الأصل بسيطةٌ والتركيب طارئ فالالتفات إلى الأصل أحسن، إذ لا ضرورة توجب التركيب ولا قطع بموجبه.
ومنها: – وهو الأقوى – أنه لو كان مركبًا لكانت "الكافُ" حرف جر، فيلزمها: بم تتعلق قبلها، إذ ليس زائدةً، ألا ترى أن المعنى عند الخليل ومن عضد مذهبه في نحو:
"كأن" زيدًا الأسد: إن زيدًا كالأسد، وهذا وإن كان المعنى عليه "فالكاف" [لها] في التأخر متعلقٌ، وليس لها ذلك في التقديم.
ومنها: أن "الكاف" إذا كانت داخلةً على "أن" لزم أن تكون وما عملت فيه في موضع مصدرٍ مخفوضٍ "بالكاف"، فترجع الجملة التامة جزء جملةٍ فيكون التقدير في:
"كأن" زيدًا قائمٌ: كقيام زيد، فيحتاج إلى ما يتم الجملة، و«"كأن" زيدًا قائم» كلامٌ قائمٌ بنفسه لا محالة.
ومنها: أنه لا تتقدر بالتقديم والتأخير في بعض المواضع، فتقول:
"كأن" زيدًا قام، و"كأن" زيدًا في الدار، و"كأن" زيدًا عندك، و"كأن" زيدًا أبوه قائمٌ، ولو كان على التقديم والتأخير لكنت تقول: إن أصل ذلك: أن زيدًا كقام، وأن زيدًا كفي الدار، وأن زيدًا كعندك، وأن زيدًا كأبوه قائم، وذلك لا يجوزُ لأن "الكاف" التي للتشبيه الجارة لا يصح دخولها إلا على الأسماء لا غير، فدل ذلك على أنها ليست مركبة كما ذهبوا إليه، وإن كان المعنى يعطي ما يعطي التركيب من التشبيه والتوكيد الموجودين قبل التركيب، ولا حجة في العمل رفعًا أو نصبًا لأنه قد وجد ذلك في "لعل" و"ليت" وهما غيرُ مركبين من "أن" فاعلم ذلك.
فإذا ثبتت البساطة فإن
"كأن" تكون مشددةً وتخفف، فإذا كانت مشددةً فإنها تعمل عمل "أن" المفتوحة المشددة، ولا فرق بينهما في أكثر الأحكام المذكورة في بابها، إلا أنها لا تكون في موضع معمولٍ بخلاف "أن" إذ هي مصدرية كما ذُكر، وهذه مع ما بعدها كلامٌ قائمٌ بنفسه، فتكون في ابتداء الكلام كقولك: "كأن" زيدًا قائمٌ.
ويجوز وقوعها في موضع وقوع الجمل إذا كان المعنى على التشبيه، والجمل تقع صفة لموصوفٍ، وصلةً لموصولٍ، وخبرًا لذي خبرٍ، وحالًا لذي حالٍ، فتقول في الصفة: مررتُ برجلٍ
"كأنه" قائمٌ، وفي الصلة: جاء الذي "كأنه" قائمٌ، وفي الخبر: زيدٌ "كأنه" قائمٌ، وفي الحال: رأيت زيدًا "كأنه" قائمٌ، ومن الحال قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ}، ومن الخبر قول الشاعر:
وهو كأنهن نعاجُ رملٍ ..... يسوين الذيول على الخدام
ومن أحكامها: أنها يجوز أن تعمل في الحال لوجود معنى التشبيه فيها كقوله:
كأنه خارجًا من جنب صفحته ..... سفودُ شربٍ نسوه عند مفتأد
وإذا كانت مخففة يُحكم أيضًا عليها بما يحكم على "أن" المشددة من الأحكام المذكورة في بابها، إلا أنها يجوز أن يكون اسمها ظاهرًا وضمير أمرٍ وشأنٍ، كقوله:
.... .... .... .... ..... كأن وريديه رشاءُ خُلب
وقول الآخر:
.... .... .... .... .....كأن ظبيةً تعطو إلى وارق السلم
على رواية من نصب «ظبية»، وروي فيها الرفع على أن يكون اسمها مضمرًا خُفف اختصارًا، أراد: «"كأنها" ظبية»، وروي فيها الخفض على أن تكون "الكاف" جارةً و"أن" زائدةً وهو شاذ.
وقد تقدم إحالةُ ما تجتمع "إن" المكسورة مع "أن" المفتوحة من الأحكام في بابيها، فقس أحكام
"كأن" على أحكام المفتوحة في غير ما استثني هنا تصب). [رصف المباني: 208 - 211]


رد مع اقتباس