عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 22 رجب 1440هـ/28-03-2019م, 03:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

باب في ترقيق اللام وتغليظها
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (باب في ترقيق اللام وتغليظها
اعلم أن اللام حرف، يلزمه تفخيم وتغليظ، لمشاركته الراء في المخرج، والراء حرف تفخيم، ولمشاركته النون في المخرج، والنون حرف غنة، فاللام تفخم للتعظيم، وتفخم أحرف الإطباق، وحرف الإطباق مفخم، يأتي بعدها ليعمل اللسان عملًا واحدًا في التفخيم.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/218]
فأما تفخيمها للتعظيم فنحو اللام من اسم «الله» جل ذكره، هي مفخمة أبدًا للتعظيم، تقول: «الله ربي، قال الله، ولا إله إلا الله» لا تزال اللام مفخمة، إلا أن يأتي قبلها كسرة فترقق للكسرة، فإن زالت الكسرة رجعت اللام إلى التفخيم، تقول: «بالله أثق، وفي الله عوض، ولاسم الله حلاوة» فترقق اللام للكسرة التي قبلها، فإن زالت الكسرة رجعت اللام إلى أصلها ففخمت، تقول: «اسم الله عظيم، الله ثقتي، الله يعوض خيرًا» وهذا لا اختلاف فيه بين القراء، إنه على ما ذكرت لك.
وأما تفخيمها لحرف الإطباق قبلها فتفرد به ورش عن نافع في بعض المواضع وذلك إذا كان قبل اللام طاء أو صاد أو ظاء، ما لم تنكسر اللام أو تنضم أو تنكسر أو تنضم الظاء، فالذي يفخم نحو: «ظلموا، ومن أظلم، والصلاة، ومصلى، والطلاق، وطلقتم» وشبهه، قرأه ورش وحده بالتفخيم، ورققه باقو القراء، وعلة من فخم هذا النوع أنه، لما تقدم اللام حرف مفخم مطبق مستعل، أراد أن يقرب اللم نحو لفظه، فيعمل اللسان في التفخيم عملًا واحدًا، وهذا هو معظم مذاهب العرب في مثل هذا يقربون الحرف من الحرف، ليعمل اللسان عملًا واحدًا، ويقربن الحركة من الحركة ليعمل اللسان عملًا واحدًا، وعلى هذا أتت الإمالات في عللها، وعلى هذا أبدلوا من السين صادًا إذا أتى بعدها طاء أو قاف أو غين، أو خاء، ليعمل اللسان في الإطباق عملًا واحدًا، فذلك أخف عليهم من أن يسفل اللسان بالحرف، ثم يتصعد إلى ما بعده، وعلة من رقق أن اللام حرف كسائر الحروف، فأجراها مع حروف الإطباق قبلها كسائر الحروف، وأيضًا فإن الترقيق هو الأصل، ألا ترى أنه لا يجوز تفخيم كل لام،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/219]
ولا يجوز ترقيق كل لام، فالأعم هو الأصل، والتفخيم في اللام داخل فيها، لما ذكرت لك من مقاربتها للراء وللنون في المخرج، وأيضًا فإن الترقيق عليه كل القراء، فإجماعهم حجة.
فإن انكسرت اللام أو انضمت، أو أسكنت، أو انضمت الطاء، رقق ورش اللام كسائر القراء نحو: «لظلوم، وفطل، ويصلون، ومن يظلم، وفظلتم، وظلمات، ويصلي، وفصلناه»، وعلته في ذلك أنه إنما فخم اللام إذا كانت مفتوحة؛ لأن الفتحة مؤاخية للتفخيم ولأنها من الألف، ولأن الفتحة مستعلية في المخرج كحروف الاستعلاء؛ لأنها من الألف، والألف حرف يخرج من هواء الفم، فعامل اللام بالتفخيم مع الفتح، وحرف الإطباق قبله، ليعمل اللسان عملًا واحدًا، فلما تغيرت اللام عن الفتح رجع إلى الأصل، وهو الترقيق.
وأيضًا فإن اللام، إذا انكسرت في نفسها امتنع فيها التفخيم؛ لأن التفخيم إشباع فتح، ومحال أن يُشبع الفتح في حرف مكسورة أو مضموم، وكذلك فعل في الطاء، لما انكسرت بعد وقوع التفخيم بعد الكسر، لأن فيه تكلفًا وخروجًا من تسفل إلى تعصد، وذلك صعب قليل في الكلام، فرد اللام للترقيق لكسرة الطاء قبلها، وكان ذلك أليق وأسهل في اللفظ، ألا ترى أنه لو فخم اللام في «يصلي، ويظلم» لقبح اللفظ، وخرج عن حده؛ لأنه يفخم حرفًا مكسورًا، والكسر ضد التفخيم، فكان يجمع بين الشيء وضده، وليس هذا في كلام العرب، ولو فخم في نحو: «ظلال» لوجب أن يخرج من تسفل الكسر إلى تصعد التفخيم، وذلك مكروه صعب، واللام المشددة المفتوحة حكمها حكم المخففة
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/220]
المفتوحة، ففخم لورش بعد الحروف المذكورة نحو: «طلقتم، وظللنا، وصلى» وشبهه.
وقد قرأت في المشددة بعد الطاء لورش بالترقيق كالجماعة، والتغليظ أقيس، وهو ظاهر النص، فأما اللام الساكنة فهي مرققة لجميع القراء على كل حال، وهو الأصل، سوى «صلصال» فقد روي عن ورش تغليظ اللام الأولى فيه؛ لأجل كون اللام بين حرفي الإطباق، ولا نظير له، فذلك مما يقوي التغليظ، ليعمل اللسان عملًا واحدًا، وروي عنه ترقيقها، وبالوجهين آخذ، والترقيق هو الأصل، وعليه جماعة القراء، وقد كان يلزم من غلظ «صلصال» أن يغلظ اللام من «خلق» لوقوعها بين حرفي استعلاء، وقد روي، ولم أقرأ به، وبالترقيق قرأت فيه لقوة اللام بالحركة وضعفها بالسكون في «صلصال» فاعرفه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 1/221]


رد مع اقتباس