عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13 صفر 1440هـ/23-10-2018م, 10:18 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الحجر

[ من الآية (1) إلى الآية (9) ]
{الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}

قوله تعالى: {الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1)}

قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
وقوله جلّ وعزّ: (ربما يودّ الّذين كفروا)
قرأ نافع وعاصم (ربما) مخففة مفتوحة الباء، وقال الأعشى عن أبي بكر عن عاصم (ربما) بضم الباء مخففة، وقرأ الباقون (ربّما) مفتوحة الباء مشددة، وقال علي بن نصير سمعت أبا عمرو يقرؤها على الوجهين جميعا: خفيفا وثقيلا.
قال أبو منصور: العرب تقول: ربّ رجل جاءني.
ويخففون فيقولون: رب رجل.
فقال الحويدرة:
أسمّيّ ما يدريك أن رب فتيةٍ... باكرت لذتهم بادكن مترع
ويقولون: (ربما) و(ربّما). مخففًا ومثقلاً، ولغة أخرى لا تجوز القراءة بها (ربّتما).
وأنشد الأعرابي:
[معاني القراءات وعللها: 2/67]
ماويّ يا ربّتما غارةٍ... شعواء كاللّذعة بالميسم
و (ربّما) و(ربما) يوصلان بالفعل، و(ربّ، و(رب) يوصلان بالأسماء، تقول: ربّ رجل أصبت، وربّما جاءنى زيد، وإنما زيدت (ما) مع (ربّ) ليليها الفعل، وكل ذلك من كلام العرب). [معاني القراءات وعللها: 2/68]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (1- قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا} [2].
نافع وعاصم {ربما} مخففًا.
وقرأ الباقون مشددًا، وهما لتان فصيحتان غير أن الاختيار التشديد؛ لأنه الأصل، ولو صغرت لقلت: ريب، ومن خفف أسقط باء تخفيفًا، قال الشاعر شاهدًا لمن شدد:
يا رب سار بات [ما] توسدا
تحت ذراع العنس أو كف اليدا
اختلف النحويون في «اليد» وما موضعها؟ فقال أكثرهم: موضعها
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/339]
جر فأتى بها على الأصل، وذلك أن الأصل في يد يدي، آخرها ياء، تقول في الجمع أيدي. وتلخيص ذلك: كيف اليدي، ثم قلب الياء ألفًا فقال: اليدا كما تقلب العرب الألف ياء إذا اضطروا إليها لقافية شعر، وأنشد سيبويه:
* قواطنا مكة من ورق الحمى *
أراد: الحمام فأسقط الميم الأخيرة فبقى الحما، ثم خط الألف إلى الياء فقال: الحمى.
وقال الأصمعي: موضع «اليد» نصب، و«كف» فعل ماض، أو كف اليد، كما يقول: منع اليد.
وقال الآخر شاهدًا لنافع:
فسمى ما يدريك أن رب فتنة = باكرت سخرتهم بأدكن مترع
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/340]
فإن قال قائل إن «رب» للتقليل بمنزلة «كم» للتكثير فلم أتى به في هذا الموضع؟
فقل: إن القرآن نزل بلسان العرب، وهم يستعملون أحدهما في موضع الآخر كقولك إذا أنكرت على رجل فلم يقبل: ربما نهيت فلانًا فلم ينته.
فإن سأل سائل فقال: ما موضع «ما» في «ربما» فقل: فيه ثلاثة أجوبة:
- تكون «ما» نائبة عن اسم منكور في موضع جر.
- وتكون صلة، وذلك أن «إن» و«رب» لا يليهما إلا الأسماء فإذا وليتهما الأفعال وصلوها بـ «ما» كقوله: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ولا يجوز أن يخشى و(ربما يود ...) ولا تقل: رب يود.
وفي «رب» ست لغات: «رب» و«رب»، و«ربما» و«ربما»، و«ربما» مخففًا و«ربتما» مشددًا ومخففًا.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/341]
والجواب الثالث: أن «ما» مع يود مصدر، والتقدير: رب وداد الذين كفروا.
فأما التفسير فقال قوم: إذا عاين الكافر الموت يود لو كان مسلمًا. وقال آخرون: إذا عاين أهوال يوم القيامة.
وقال آخرون: إن الله تعالى يأذن في الشفاعة للموحدين من أمة محمد الذين أدخلتهم ذنوبهم النار فيخرجون من النار فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.
وقال بعض العلماء: إنما الكيس والفقير والغنى بعد العرض على الله). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/342]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الياء وتخفيفها من قوله: ربما [2].
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي: (ربّما) مشدّدة. عليّ بن نصر قال: سمعت أبا عمرو يقرؤها على الوجهين جميعا، خفيفا وثقيلا.
وقرأ نافع وعاصم: ربما خفيفة.
قال أبو علي: أنشد أبو زيد:
ماويّ بل ربّتما غارة... شعواء كالّلذعة بالميسم
[الحجة للقراء السبعة: 5/35]
وأنشد أيضا:
يا صاحبا ربّت إنسان حسن يسأل عنك اليوم أو يسأل عن وقال السكري: ربّما، وربّتما، وربما، وربتما، وربّ:
حرف جر عند سيبويه، وتلحقها (ما) على وجهين: أحدهما أن تكون نكرة بمعنى شيء وذلك كقوله:
ربّما تكره النفوس من الأم... ر له فرجة كحلّ العقال
ف «ما» في هذا البيت اسم لما يقدّر من عود الذكر إليه من الصفة، والمعنى: ربّ شيء تكرهه النّفوس، وإذا عاد إليه الهاء كان اسما، ولم يجز أن يكون حرفا، كما أنّ قوله:
(أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) [المؤمنون/ 55]، لمّا عاد الذكر إليه علمت بذلك أنّه اسم.
فأمّا قوله: «له فرجة كحلّ العقال»، فإنّ فرجة يرتفع
[الحجة للقراء السبعة: 5/36]
بالظرف في قول الناس جميعا، ولا يرتفع بالابتداء. وأما قوله:
«كحلّ العقال» فإن موضع الكاف يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون في موضع نصب على الحال من له، والآخر: أن يكون في موضع رفع على أنه صفة لفرجة.
ويدلّك على أنّ ما تكون اسما إذا وقعت بعد ربّ، وقوع من بعدها في نحو قوله:
ألا ربّ من يهوى وفاتي ولو دنت... وفاتي لذلّت للعدوّ مراتبه
وقال:
يا ربّ من يبغض أذوادنا... رحن على بغضائه واغتدين
وقال:
ألا ربّ من تغتشّه لك ناصح ومؤتمن بالغيب غير أمين
[الحجة للقراء السبعة: 5/37]
فكما دخلت على من، وكانت نكرة، كذلك تدخل على ما على الحدّ الذي دخل في من، فهذا ضرب.
والضرب الآخر: أن تدخل كافّة نحو الآية، ونحو قول الشاعر:
ربّما أوفيت في علم... ترفعن ثوبي شمالات
والنحويّون يسمّون ما هذه الكافّة، يريدون أنّها بدخولها كفّت الحرف عن العمل الذي كان له، وهيّأته لدخوله على ما لم يكن يدخل عليه. ألا ترى أنّ رب إنما تدخل على الاسم المفرد، ربّ رجل يقول ذاك، وربّه رجلا يقول ذاك، ولا تدخل على الفعل، فلمّا دخلت ما عليها هيّأتها للدّخول على الفعل، فمن ذلك قوله: ربما يود الذين كفروا [الحجر/ 2]، فوقع الفعل بعدها في الآية، وهو على لفظ المضارع، ووقع في قوله:
ربّما أوفيت في علم على لفظ المضيّ، وهكذا ينبغي في القياس، لأنّها تدلّ
[الحجة للقراء السبعة: 5/38]
على ما قد مضى وإنّما وقع في الآية على لفظ المضارع لأنّه حكاية لحال آتية، كما أن قوله: وإن ربك ليحكم بينهم [النحل/ 124] حكاية لحال آتية أيضا.
ومن حكاية الحال قول القائل:
جارية في رمضان الماضي... تقطّع الحديث بالإيماض
ومن زعم أن الآية على إضمار كان، وتقدير: ربّما كان يودّ الذين كفروا، فقد خرج بذلك عن قول سيبويه، ألا ترى أنّ كان لا تضمر عنده، ولم يجز: عبد الله المقتول، وأنت تريد:
كن عبد الله المقتول.
فأمّا إضمارها بعد إن في قوله: إن خيرا فخير، فإنّما جاز ذلك لاقتضاء الحرف له، فصار اقتضاء الحرف له كذكره.
فأمّا ما أنشده ابن حبيب لنبهان بن مشرق:
لقد رزئت كعب بن عوف وربّما... فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها
فإن قوله: فتى، في «ربّما فتى» يحتمل ضروبا، أحدها:
أن يكون لمّا جرى ذكر رزئت، استغنى بجري ذكره عن أن يعيده،
[الحجة للقراء السبعة: 5/39]
فكأنّه قال: ربّما رزئت فتى، فيكون انتصاب فتى برزئت هذه المضمرة، كقوله: آلآن وقد عصيت قبل [يونس/ 91]، فاستغنى بذكر (آمنت) المتقدّم عن إظهاره بعد، ويجوز أن ينتصب فتى برزئت هذه المذكورة، كأنّه قال: لقد رزئت كعب ابن عوف فتى، وربّما لم يكن يرضى، أي: رزئت فتى لم يكن يضام، ويكون هذا الفصل في أنه أجنبيّ بمنزلة قوله:
أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه ويجوز أن يكون مرتفعا بفعل مضمر، كأنّه قال: ربّما لم يرض فتى، وكقوله:
... وقلّما وصال على طول الصّدود يدوم
[الحجة للقراء السبعة: 5/40]
ويجوز أن تكون «ما» نكرة بمنزلة شيء، ويكون فتى وصفا لها، لأنّها لما كانت كالأسماء المبهمة في إبهامها، وصفت بأسماء الأجناس، كأنه: ربّ شيء فتى لم يكن، فكان كذا وكذا، هذه الأوجه فيها ممكنة.
ويجوز في الآية أن تكون ما بمنزلة شيء، و (يودّ) صفة له وذلك أن ما لعمومها تقع على كلّ شيء، فيجوز أن يعنى بها الودّ، كأنه قال: ربّ ودّ يودّه الذين كفروا، ويكون يودّ في هذا الوجه أيضا حكاية حال، ألا ترى أنه لم يكن بعد، وهذه الآية في المعنى كقوله: فارجعنا نعمل صالحا [السجدة/ 12]، وكقوله: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون [المؤمنون/ 99] وكتمنيّهم الردّ في قوله: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا [الأنعام/ 27].
وأمّا قول من قال: (ربما) بالتخفيف، فلأنه حرف مضاعف، والحروف المضاعفة قد تحذف وإن لم يحذف غير المضاعف.
فمن المضاعف الذي حذف قولهم: إنّ، وأنّ، ولكنّ، قد حذف كلّ واحد من هذه الحروف، وليس كلّ المضاعف يحذف، لم أعلم الحذف في ثمّ.
وأمّا دخول التاء في «ربّتما» فإنّ من الحروف ما يدخل عليه حرف التأنيث نحو: ثمّ وثمّت، ولا ولات، قال:
[الحجة للقراء السبعة: 5/41]
ثمّت لا تجزونني عند ذاكم ولكن سيجزيني الإله فيعقبا فكذلك ألحقت التاء في ربّ في قوله: ربّتما). [الحجة للقراء السبعة: 5/42]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ربما يود الّذين كفروا لو كانوا مسلمين}
قرأ نافع وعاصم {ربما يود الّذين كفروا} بالتّخفيف وقرأ الباقون بالتّشديد
قال الكسائي هما لغتان والأصل التّشديد لأنّك لو صغرت رب لقلت ربيب فرددت إلى أصله فإن قال قائل فما موضع ما في ربما قيل فيه وجهان أحدهما أن تكون ما نائبة عن اسم منكور في موضع جر بمعنى شيء وذلك كقوله الشّاعر:
ربما تكره النّفوس من الأم ... ر له فرجة كحل العقال
فـ ما في هذا البيت اسم لما تقدم من عود الذّكر إليه من الصّفة المعنى رب شيء تكرهه النّفوس
[حجة القراءات: 380]
قال البصريّ تقديره رب ود يود الّذين كفروا والوجه الآخر أن تدخل كافّة نحو هذه الآية وذلك أن إن ورب لا يليهما إلّا الأسماء فإذا وليتهما الأفعال وصلوهما ب ما كقوله إنّما يخشى الله من عباده العلماء). [حجة القراءات: 381]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (1- قوله: {ربما} قرأ نافع وعاصم بتخفيف الباء، وشدد الباقون، وهما لغتان مشهورتان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (1- {رُبَمَا يَوَدُّ} [آية/ 2] بتخفيف الباء من {رُبَمَا}:
قرأها نافع وعاصم.
والوجه أن رُبَّ حرفٌ مضاعفٌ مثل إنّ وأنّ ولكنّ، والحروف المضاعفة قد يُخفف كثيرٌ منها استثقالًا للإدغام فيها، ألا ترى أن كل واحدة من إن وأن ولكن يجوز أن يُخفف، وتخفيفها بحذف الآخر من المثلين، فتصير ساكنة الأواخر، ورُبَّ خُففت بحذف الأول من المثلين، فصارت متحركة الآخر، وقد كثر مجيء رُبَ مخففًا في كلامهم، قال الحويدرة:
70- أسُمي ما يدريك أن رُبَ فتيةٍ = باكرت لذتهم بأدكن مترع
[الموضح: 716]
وما في {رُبَما} كافة لها عن العمل قد هيأتها للدخول على الفعل؛ إذ لولاها لم يُجز لرُبَّ أن تدخل على الفعل.
ويجوز عند أبي علي أن تكون ما نكرةً ويُراد بها الود، والمعنى رُبَّ ودٍ يوده الذين كفروا.
وقرأ الباقون {رُبَّما} بتشديد الياء.
والوجه أنه هو الأصل؛ لأن رُبّ على ثلاثة أحرف مثل ثمَّ، فما كان مخففًا فقد نُقص حرفٌ منه، وما كان مشددًا فهو الأصل). [الموضح: 717]

قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3)}

قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4)}

قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}

قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)}

قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}

قوله تعالى: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ما ننزّل الملائكة إلّا بالحقّ)
قرأ حفص وحمزة والكسائي (ما ننزّل الملائكة) بالنون، و(الملائكة) نصبًا.
وقرأ الباقون (ما تنزّل الملائكة) بفتح التاء، و(الملائكة) رفع؛ لأن الفعل لها.
قال أبو منصور: من قرأ (ما ننزّل الملائكة) فالفعل لله - عزّ وجلّ -، والملائكة مفعول بها، ومن قرأ (ما تنزل الملائكة) فالفعل للملائكة، و(تنزل) كان في الأصل (تتنزل) فحذفت إحدى التاءين استثقالاً للجمع بينهما.
وروى أبو بكر عن عاصم (ما تنزّل الملائكة) على ما لم يسم فاعله). [معاني القراءات وعللها: 2/68]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (2- وقوله تعالى: {ما ننزل الملائكة} [8].
قرأ عاصم في رواية أبي بكر: {ما تنزل الملائكة} بالتاء والضم على ما لم يُسم فاعله، وإنما أنث، لأن الملائكة جميع، وتأنيث الجماعة غير حقيقي، فلك أن تؤنث على اللفظ وتذكر كما قال تعالى: {فنادته الملائكة} و{فناديه} وكان ابن مسعود يقول: إذا اختلفتم في الياء والتاء فاجعلوها ياء.
وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم {وما ننزل الملائكة} بالنون وبنصب {الملائكة}، لأنهم مفعولون، الله تعالى المُنزل والمُخبر عن نفسه كما قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [9].
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/342]
وقرأ الباقون: {وما تنزل الملائكة} بالتاء مفتوحة ورفع {الملائكة} و{تنزل} في هذه القراءة وفي اللتين قبلها فعل مضارع و{الملائكة} رفع بفعلهم، لأن الله لما أنزل الملائكة نزلت الملائكة، وتصديق ذلك {نزل به الروح الأمين} و{نزل به الروح الأمين} فالمصدر من نزل ينزل نزولاً فهو نازل، ومن أنزل يُنزل إنزالاً فهو منزل ومن نزل ينزل تنزيلاً فهو منزل، ومن تنزل يتنزل تنزلاً فهو متنزل). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/343]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: (ما تنزل الملائكة إلا بالحق) [8].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: (ما تنزل الملائكة إلا بالحق) مفتوحة التاء والنون، والزاي مشدّدة، (الملائكة) رفع، فاعله.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (ما تنزل الملائكة) مضمومة [التاء] مفتوحة النون، (الملائكة) رفع لم يسمّ فاعله.
وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم: ما ننزل الملائكة بالنون مشدّدة الزاي، (الملائكة) نصبا، مفعول به، والأولى لم يختلفوا فيها.
حجّة من قرأ: (ما تنزّل) قوله: (تنزل الملائكة والروح فيها) [القدر/ 4]، وحجة من قال: (ما تنزل الملائكة) قوله: (ونزل الملائكة تنزيلا) [الفرقان/ 25].
وحجة من قال: (ننزل) قوله: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى [الأنعام/ 111]). [الحجة للقراء السبعة: 5/42]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ما ننزل الملائكة إلّا بالحقّ}
قرأ عاصم في رواية أبي بكر (ما تنزل) بضم التّاء مفتوحة الزّاي {الملائكة} رفع على ما لم يسم فاعله حجّته قوله {ونزل الملائكة تنزيلا}
قرأ حمزة والكسائيّ وحفص {ما ننزل} بالنّون {الملائكة} نصب يخبر الله عن نفسه وحجتهم قوله {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة} {وقال الّذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة} فلمّا كانت الملائكة مفعولين منزلين بإجماع رد ما اختلف فيه إلى ما أجمع عليه
وقرأ الباقون {تنزل} بالتّاء مفتوحة {الملائكة} رفع وحجتهم إجماعهم على قوله {تنزل الملائكة والروح فيها} {وما نتنزّل إلّا بأمر ربك} على أن التّنزيل مسند إليهم والمعنيان يتداخلان لأن الله لما أنزل الملائكة نزلت وإذا نزلت الملائكة فبإنزال الله نزلت وتنزل). [حجة القراءات: 381]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (2- قوله: {ما ننزل الملائكة} قرأه حفص وحمزة والكسائي بنونين الأولى مضمومة والثانية مفتوحة، وكسر الزاي، ونصب {الملائكة}، وقرأ أبو بكر بتاء مضمومة، وفتح النون والزاي، ورفع {الملائكة} وقرأ الباقون كذلك إلا أنهم فتحوا التاء.
وحجة من قرأ بنونين أنه أتى به على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، وهو الأصل، لأن كل شيء تكون فيه يكون، وعن إرادته يتكون، وقد قال: {إنا نحن نزلنا الذكر} «الحجر 9»، وقال: {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة} «الأنعام 111» ويقوي ذلك أن قبله إخبارًا من الله عن نفسه في قوله: {وما أهلكنا} «4» فجرى الإخبار على ذلك.
3- وحجة من قرأ بضم التاء ورفع {الملائكة} أنه جعله فعلًا لم يُسم فاعله، فأقام {الملائكة} مقام الفاعل، كما قال: {ونزل الملائكة تنزيلًا} «الفرقان 25» لأن {الملائكة} لا تنزل حتى تنزل، والأمر ليس لها في النزول، إنما ينزلها غيرها، وهو الله لا إله إلا هو.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/29]
4- وحجة من فتح التاء أنه جعله فعلًا مستقبلًا سمي فاعله، وأضاف الفعل إلى {الملائكة} فرفعها به، وفي الفعل حذف تاء، لاجتماع تاءين بحركة واحدة، وأصله «تتنزل» ويقوي ذلك قوله: {تنزل الملائكة والروح فيها} «القدر 4» فهو مثله، وهو إجماع، وهو الاختيار، لأنه قد فُهم أنها تتنزل بأمر الله لها بالنزول). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/30]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (2- {مَا نُنَزِّلُ الملائكةَ} [آية/ 8] بالنون من {نُنَزِّلُ} وكسر الزاي وتشديدها، ونصب {الملائكةَ}:
قرأها حمزة والكسائي و-ص- عن عاصم.
والوجه أنه نُفعِّل من التنزيل، تقول: نزلنا نحن الشيء ننزل، وقد ورد في القرآن، قال الله تعالى {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ}.
وقرأ عاصم ياش- {تُنَزَّلُ} بالتاء مضمومة وبفتح الزاي وتشديدها ورفع {الملائكةُ}.
[الموضح: 717]
والوجه أنه مضارع نُزلت بإسناد الفعل إلى المفعول به، تقول نُزلت الملائكة تُنزل، كما قال تعالى {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا}.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعامر ويعقوب {تَنَزَّلُ} بفتح التاء والنون وتشديد الزاي، ورفع {الملائِكَةُ}.
والوجه أن الأصل تتنزل مضارع تنزلت تتنزل، قال الله تعالى {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا}، وإحدى التاءين من تتنزل محذوفة للتخفيف). [الموضح: 718]

قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس