عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 ذو الحجة 1435هـ/27-09-2014م, 11:00 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: سبّح للّه ما في السّماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم (1) يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتاً عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون (3) إنّ اللّه يحبّ الّذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنّهم بنيانٌ مرصوصٌ (4) وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أنّي رسول اللّه إليكم فلمّا زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم واللّه لا يهدي القوم الفاسقين (5)
قد تقدم القول غير مرة في تسبيح الجمادات، والعزيز في سلطانه وقدرته، والحكيم في أفعاله وتدبيره). [المحرر الوجيز: 8/ 291]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في السبب الذي نزلت فيه: يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فقال ابن عباس وأبو صالح: نزلت بسبب أن جماعة قالوا: لوددنا أن نعرف أحب الأعمال إلى ربنا حتى نفنى فيه، ففرض الله الجهاد وأعلمهم بفضله لديه وأنه يحب المقاتلين في سبيله كالبنيان المرصوص، وكان إذ فرض قد تكرهه قوم منهم، وفر من فر يوم أحد فعاتبهم الله بهذه الآية بسبب أن جماعة من شباب المسلمين كانوا يتحدثون عن أنفسهم في الغزو بما لم يفعلوا ويقولون فعلنا وصنعنا وذلك كذب، فنزلت الآية في ذلك. وقال ابن زيد: نزلت في المنافقين لأن جملة منهم كانوا يقولون للمؤمنين نحن منكم ومعكم ثم يظهر من أفعالهم خلاف ذلك، فنزلت الآية عتابا لهم، وحكم هذه الآية باق غابر الدهر، وكل من يقول ما لا يفعل، فهو ممقوت مذق الكلام، والقول الآخر في المنافقين إنما يتوجه بأن يكونوا غير مجلحين بالنفاق فلذلك خوطبوا بالمؤمنين أي في زعمكم وما تظهرون، والقول الأول يترجح بما يأتي بعد من أمر الجهاد والقتال). [المحرر الوجيز: 8/ 291-292]

تفسير قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و«المقت»: البغض من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة يصنعها الممقوت، وهذا حد المقت فتأمله، ومقتاً نصب على التمييز، والتقدير كبر فعلكم مقتاً، والمراد كبر مقت فعلكم فحذف المضاف إليه ونصب المضاف على التمييز، وهذا كما تريد تفقأ شحم بطنك فتقول: تفقأ بطنك شحما، وأن تقولوا، يحتمل أن يكون بدلا من المقدر، ويحتمل أن يكون فاعلا ب كبر، وقول المرء ما لا يفعل موجب مقت الله تعالى، ولذلك فر كثير من العلماء عن الوعظ والتذكير وآثروا السكوت). [المحرر الوجيز: 8/ 292]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم وكد تعالى الإخبار بمحبته للمقاتلين صفًّا، ومحبة الله تعالى هي ما يظهر عليهم من نصره وكرامته وهي صفة فعل وليست بمعنى الإرادة، لأن الإرادة لا يصح أن يقع ما يخالفها، ونحن نجد المقاتلين على غير هذه الصفة كثيرا، وقال بعض الناس: قتال الرجالة أفضل من قتال الفرسان لأن التراص فيه يتمكن، وهذا ضعيف خفي على قائله مقصد الآية، وليس المراد نفي التصاف وإنما المقصد الجد في كل أوطان القتال وأحواله، وقصد بالذكر أشد الأحوال وهي الحالة التي تحوج إلى القتال صفًّا متراصا، ونابت هذه الحال المذكورة مناب جميع الأحوال، وقضت الآية بأن الذين يبلغ جدهم إلى هذه الحال حريون بأن لا يقصروا عن حال، و «المرصوص» المصفوف المتضام، وقال أبو بحرية رحمه الله: إذا رأيتموني ألتفت في الصف فجبوا فؤادي ومنه قول الشاعر [ابن أبي العنبس الثقفي]: [مجزوء الكامل]
وبالشعب بين صفائح = صم ترصص بالجنوب
وقال منذر بن سعيد والبراء وغيره: «المرصوص» المعقود بالرصاص، وهذا يحتمل أن يكون أصل اللفظة). [المحرر الوجيز: 8/ 292-293]


رد مع اقتباس