الموضوع: سورة الأعراف
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2 صفر 1434هـ/15-12-2012م, 08:37 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي

قوله تعالى : {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}

قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (الآية الثانية: قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [199 مكية / الأعراف / 7] وهذه الآية من عجيب المنسوخ لأن أولها منسوخ وآخرها منسوخ وأوسطها محكم قوله: {خذ العفو} يعني الفضل من أموالهم والأمر بالمعروف محكم وتفسيره معروف وقوله: {وأعرض عن الجاهلين} منسوخ بآية السيف).[الناسخ والمنسوخ لابن حزم: 38]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (قال أبو جعفرٍ: لم نجد فيها ممّا يدخل في النّاسخ والمنسوخ إلّا آيةً واحدةً مختلفًا فيها قال جلّ وعزّ: {خذ العفو} [الأعراف: 199] . فيها خمسة أقوالٍ:
من العلماء من قال: إنّها منسوخةٌ بالزّكاة المفروضة
ومنهم من قال: هي منسوخةٌ بالأمر بالغلظة على الكفّار
ومنهم من قال: {خذ العفو} [الأعراف: 199] أي الزّكاة المفروضة، ومنهم من قال: هو حقٌّ في المال سوى الزّكاة
ومنهم من قال: هو أمرٌ بالاحتمال وترك الغلظة والفظاظة غير منسوخٍ
فممّن روي عنه أنّها منسوخةٌ بالزّكاة ابن عبّاسٍ قال: {خذ العفو} [الأعراف: 199] يقول: خذ ما عفا وما أتوك به، قال: وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرض الزّكاة وتفصيلها وجعلها في مواضعها
وقال الضّحّاك: «نسخت الزّكاة كلّ صدقةٍ في القرآن»
وحدّثنا جعفر بن مجاشعٍ، قال: حدّثنا إبراهيم الحربيّ، قال: حدّثنا حسين الأسود، عن عمرٍو، عن أسباط، عن السّدّيّ، {خذ العفو} [الأعراف: 199] قال: «الفضل من المال نسخته الزّكاة»
والقول الثّاني: إنّها منسوخةٌ بالغلظة قول ابن زيدٍ قال: {خذ العفو} [الأعراف: 199] فأقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمكّة عشر سنين لا يعرض عن أحدٍ ولا يقاتله ثمّ أمره اللّه تعالى أن يقعد لهم كلّ مرصدٍ وأن لا يقبل منهم إلّا الإسلام وأنزل {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم} [التوبة: 73] وقال تعالى: {قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظةً} [التوبة: 123] فنسخ هذا العفو
والقول الثّالث: إنّ العفو الزّكاة قول مجاهدٍ وكان إبراهيم بن محمّد بن عرفة يميل إلى هذا القول قال:
لأنّ الزّكاة يسيرٌ من كثيرٍ
والقول الرّابع: إنّ العفو شيءٌ في المال سوى الزّكاة قول القاسم، وسالمٍ قالا: هو فضل المال ما كان عن ظهر غنًى
والقول الخامس قول عبد اللّه، وعروة ابني الزّبير
كما قرئ على أحمد بن شعيبٍ، عن هارون بن إسحاق، قال: حدّثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزّبير، قال: " إنّما أنزل اللّه تعالى {خذ العفو} [الأعراف: 199] من أخلاق النّاس "
وهذا أولى ما قيل في الآية لصحّة إسناده وأنّه عن صحابيٍّ يخبر بنزول الآية وإذا جاء الشّيء هذا المجيء لم يسع أحدًا مخالفته والمعنى عليه {خذ العفو}[الأعراف: 199] أي السّهل من أخلاق النّاس ولا تغلظ عليهم ولا تعنّف بهم، وكذا كانت أخلاقه صلّى الله عليه وسلّم أنّه ما لقي أحدًا قطّ بمكروهٍ في وجهه ولا ضرب أحدًا بيده
وقيل لعائشة رضي اللّه عنها ما كان خلق رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم الّذي مدحه اللّه تعالى به، فقال: {وإنّك لعلى خلقٍ عظيمٍ} [القلم: 4] فقالت: كان خلقه القرآن
وزعم محمّد بن جريرٍ " أنّ هذا أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الكفّار أمره بالرّفق بهم واستدلّ على أنّه في المشركين أنّ ما قبله وما بعده فيهم قال لأنّ قبله احتجاجًا عليهم {قل ادعوا شركاءكم ثمّ كيدون فلا تنظرون} [الأعراف: 195] وبعده {وإخوانهم يمدّونهم في الغيّ} [الأعراف: 202] "
وخالفه غيره فقال أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالأخلاق السّهلة اللّينة لجميع النّاس، بل هذا للمسلمين أولى، وقد قال ابن الزّبير وهو الّذي فسّر الآية: واللّه لأستعملنّ الأخلاق السّهلة ما بقيت كما أمر اللّه تعالى
وفي الآية {وأمر بالعرف} [الأعراف: 199]
قال عروة، والسّدّيّ: «العرف المعروف»
قال أبو جعفرٍ: والّذي قالاه معروفٌ في اللّغة يقال أولاني فلانٌ معروفًا وعرفًا وعارفةً ، وفي الحديث «العرف أن تعفو عمّن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك» . وهذا من كلام العرب ومن اختصار القرآن المعجز لأنّه قد اجتمع في قوله تعالى وأمر بالعرف هذه الخصال الثّلاث، ويدخل فيه الأمر بالمعروف والقبول عن اللّه تعالى ما أمر به وما ندب إليه هذا كلّه من العرف
وفيها {وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199] زعم ابن زيدٍ أنّ هذا منسوخٌ بالأمر بالقتال وقال غيره ليست بمنسوخةٍ وإنّما أمر باحتمال من ظلم
وما بعد هذه الآية أيضًا يدلّ على أنّ القول كما قال ابن الزّبير وأنّه صلّى الله عليه وسلّم أمر بالسّهل من الأخلاق وترك الغلظة لأنّ بعدها {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ} [الأعراف: 200] أي وإمّا يغضبنّك من الشّيطان وسوسةٌ وتحميلٌ على ترك الاحتمال {فاستعذ باللّه} [الأعراف: 200] أي فاستجر به ممّا عرض لك {إنّه سميعٌ} [الأعراف: 200] لاستجارتك وغيرها {عليمٌ} [الأعراف: 200] بما يزيل عنك ما عرض لك
وبعدها أيضًا ما يدلّ على ما قال، قال اللّه تعالى: {إنّ الّذين اتّقوا} [الأعراف: 201] أي اتّقوا اللّه تعالى بأداء فرائضه وترك معاصيه {إذا مسّهم طائفٌ من الشّيطان} [الأعراف: 201] أي عارضٌ ووسواسٌ منه {تذكّروا} [الأعراف: 201] وعد اللّه ووعيده وعقابه {فإذا هم مبصرون} [الأعراف: 201] الحقّ آخذون بما أمرهم اللّه تعالى به من التّحامل عند الغضب والغلظة على من قد نهوا عن الغلظة عليه ). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 2/360-364]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الآية الثّانية قوله تعالى {خذ العفو} هذا منسوخ يعني الفضل من أموالهم
نسخ بآية الزّكاة وهذه الآية من أعجب المنسوخ لأن أولها منسوخ وآخرها منسوخ وأوسطها محكم وآخرها قوله {وأعرض عن الجاهلين} نسخ بآية السّيف ووسطها محكم وهو قوله {وأمر بالعرف} والعرف المعروف هذا محكم وقد روي عن النّبي (صلى الله عليه وسلم) أن جبريل عليه السّلام أتاه فقال يا محمّد إنّي جئتك بمكارم الأخلاق من ربك قال وما ذلك يا جبريل؟ قال إن الله يأمرك أن تقرأ {خذ العفو وأمر بالعرف} الآية قال وما ذلك يا جبريل؟ قال إن الله يقول لك صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمّن ظلمك
وقد روى عن عبد الله بن الزبير أنه قال أمر أن نأخذ العفو من أخلاق النّاس فهذا ما ورد فيها والله أعلم).
[الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 91]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}:
روي عن ابن عباسٍ أن قوله: {خذ العفو وأمر بالعرف} منسوخٌ بالزكاة.
وقال ابن زيد: نسخت بالأمر بالغلظة عليهم والقتال.
وقال مجاهدٌ: هي محكمةٌ، والمراد بها الزكاة لأنّها قليلٌ من كثير.
وقال القاسم وسالم: هي محكمةٌ يراد بها غير الزكاة عن ظهر غنى، فكأنها عندهما على النّدب.
وقال عبد الله وعروة ابنا الزّبير: هي محكمةٌ، ومعناها: خذ العفو من أخلاق الناس.
وقال ابن زيد في قوله: {وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199] هو منسوخٌ بالأمر بالقتال والقتل.
والصحيح عند أهل النظر: أنها محكمةٌ، ومعناها: أعرض يا محمد عن مخالطتهم ومجالستهم. وهذا لا ينسخ إلاّ بالأمر بمخالطتهم، وهذا لا يجوز). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 292-293]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ):(ذكر الآية الثّالثة: قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}. العفو (الميسور) وفي الّذي أمر بأخذ العفو ثلاثة أقوال:
أحدها: أخلاق الناس، قاله ابن عمر، وابن الزّبير والحسن ومجاهدٌ. فعلى هذا يكون المعنى: اقبل الميسور من أخلاق النّاس ولا تستقص عليهم فتظهر منهم البغضاء، فعلى هذا هو محكمٌ.
والقول الثّاني: أنّه المال، ثمّ فيه قولان:
أحدهما: أنّ المراد (بعفو المال) : الزّكاة، قاله مجاهدٌ في رواية الضّحّاك.
والثّاني: أنّها صدقةٌ كانت تؤخذ قبل فرض الزّكاة، ثمّ نسخت بالزّكاة روي عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال القاسم وسالم:
العفو شيءٌ (في) المال سوى الزّكاة، وهو فضل المال ما كان عن ظهر غنى.
والثالث: أنّ المراد به (مساهلة) المشركين والعفو عنهم، ثمّ نسخ بآية السّيف، قاله ابن زيدٍ.
وقوله: {وأعرض عن الجاهلين} فيهم قولان:
أحدهما: أنّهم المشركون أمر بالإعراض عنهم، ثمّ نسخ ذلك بآية السّيف.
والثّاني: أنّه عامٌّ فيمن جهل، أمر بصيانة النّفس عن (مقابلتهم
على) سفههم، وأنّ واجب الإنكار عليهم. وعلى هذا تكون الآية محكمة وهو الصحيح). [نواسخ القرآن: 341-342]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ):(الثانية: {خذ العفو} ذهب قوم إلى أنه الزكاة فتكون محكمة وقال آخرون هي صدقةٌ كانت تؤخذ قبل فرض الزّكاة ثمّ نسخت بالزكاة وقال ابن زيد المراد بذلك مساهلة المشركين والعفو عنهم ثمّ نسخ بآية السيف
{وأعرض عن الجاهلين} قيل نسخ بآية السيف وقيل المراد وأعرض عن مقاتلتهم لسفههم وذلك لا يمنع قتالهم فتكون محكمة).
[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 36]
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (والثاني: قوله عز وجل: {خذ العفو..} الآية [الأعراف: 199]
قالوا: هي من أعجب الآيات: أولها منسوخ وآخرها منسوخ وأوسطها محكم.
قالوا: قوله تعالى: {خذ العفو} الآية [الأعراف: 199] منسوخ بآية الزكاة.
وقال ابن زيد: منسوخ بآية السيف بالأمر بالغلظة والقتال، والصحيح أنها محكمة.
قال مجاهد: {خذ العفو} الآية [الأعراف: 199] يعني به الزكاة؛ لأنها قليل من كثير.
وقال سالم والقاسم: هي محكمة، والمراد بالعفو غير الزكاة وهو ما كان عن ظهر غنى وذلك على الندب، وقال عروة بن الزبير وأخوه عبد الله: (هي محكمة، والعفو من أخلاق الناس)
وقال ابن زيد: {وأعرض عن الجاهلين} الآية [الأعراف: 199] منسوخ بآية السيف، وليس كما قال.
قال العلماء: أعرض عن مودتهم والانبساط إليهم في المجالسة والمخالطة، وهذا لا ينسخ). [جمال القراء:1/309]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس