عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 11:00 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الزخرف

[من الآية (81) إلى الآية (89)]
{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)}


قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)}
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن اليماني: [فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِينَ].
قال أبو الفتح: معناه -والله أعلم- أول الأنفين. يقال: عبدت من الأمر أعبد عبدا، أي: أنفت منه. وهذا يشهد لقول من قال في القراءة الأخرى: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين}، أي: الأنفين. ولم يذهب إلى أنه أول العابدين؛ لأني لا أذهب إلى ما يذهبون إليه من أن معناه: أن كان للرحمن عندكم أنتم ولد فأنا أول من يعبده، لأن الأمر بخلاف ما قدرتموه أنتم.,
ألا ترى أن العبدين من عبد يعبد؟ فإن قلت: فقد قال:
أصبح قلبي صردا ... لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا ... وصليانا بردا
وعنكثا ملتبدا
يريد عاردا وباردا، كما قال العجلي:
كأن في الفرش القتاد العاردا
قيل: إنما جاز في الضرورة؛ لأن القافية غير مؤسسة، فحذف الألف ضرورة كما حذفها الآخر من قوله:
مثل النقا لده ضرب الطلل
يريد الطلال، كما قال القحيف العقيلي:
ديار الحي يضربها الطلال ... بها أهل من الخافي ومال
[المحتسب: 2/257]
وكذلك مذهب ابن عباس في قوله: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين}، أي: الأنفين.
ووجه ثالث مقول أيضا، وهو أن تكون "إن" بمعنى ما، أي: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين له؛ لأنه لا ولد له. قال الفرزدق:
وأعبد أن تهجى كليب بدارم
أي: آنف من ذلك.
وروينا عن قطرب أن العابد العالم، والعابد الجاحد، والعابد الأنف الغضبان، قال: ومعنى هذه الآية يحتمل كل هذه المعاني، وفيه ما ذكرته أنا لك). [المحتسب: 2/258]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} 81
[حجة القراءات: 654]
قرأ حمزة والكسائيّ {قل إن كان للرحمن ولد} بضم الواو وسكون اللّام وقرأ الباقون بفتح الواو وهما لغتان مثل البخل والبخل والحزن والحزن كذا قال الفراء وقال الزّجاج الولد واحد والولد بالضّمّ جمع مثل أسد واسد). [حجة القراءات: 655]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (23- {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [آية/ 81] بضم الواو وسكون اللام:-
قرأها حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون {وَلَدٌ} بفتحتين.
والوجه أن الولد والولد لغتان، كالصلب والصلب، ويجوز أن يكون الولد جمع ولد كالأسد لجمع الأسد). [الموضح: 1157]

قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82)}
قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)}
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84)}
قوله تعالى: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وعنده علم السّاعة وإليه ترجعون (85)
قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم (وإليه ترجعون).
وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي والحضرمي (وإليه يرجعون) بالياء). [معاني القراءات وعللها: 2/369]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (18- وقوله تعالى: {وإليه ترجعون} [85].
قرأ أبو عمرو عاصم ونافع وابن عامر: {ترجعون} بالتاء.
والباقون بالياء، خطاب عن غيب ولم يختلفوا في الضم). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/304]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عزّ وجلّ: وإليه يرجعون [الزخرف/ 85] في الياء والتاء.
[الحجة للقراء السبعة: 6/158]
فقرأ نافع وأبو عمرو وعاصم: وإليه ترجعون بالتاء مضمومة. وقرأ الباقون بالياء مضمومة حجّة الياء أنّ قبله غيبة، وهو قوله: فذرهم يخوضوا ويلعبوا [الزخرف/ 83، المعارج/ 42].
ووجه التاء على: قل لهم: وإليه ترجعون، أو أريد به مع الغيبة مخاطبون، فجعلت الخطاب على الغيبة، فيكون الغيب مرادين مع غيرهم). [الحجة للقراء السبعة: 6/159]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وعنده علم السّاعة وإليه ترجعون}
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ {وإليه يرجعون} بالياء وحجتهم أنه عقيب الخبر عنهم في قوله {فذرهم يخوضوا ويلعبوا} فأجروا الكلام على لفظ ما تقدمه إذ كان في سياقه ليأتلف على نظام واحد
وقرأ الباقون {وإليه ترجعون} بالتّاء على الخطاب وحجتهم قوله قبلها {لقد جئناكم بالحقّ} ). [حجة القراءات: 655]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {وإليه ترجعون} قرأه ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء، ردوه على لفظ الغيبة التي قبله، وهو قوله: {فذرهم يخوضوا ويلعبوا«} 83» وقرأ الباقون بالتاء على المخاطبة، على معنى: قل لهم يا محمد: إلى الله ترجعون، ويجوز أن يراد به الغيب والمخاطبون، فيغلب الخطاب على الغيبة، والتاء الاختيار لأن التاء تشتمل على المعنيين). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/262]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (24- {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آية/ 85] بالياء:-
قرأها ابن كثير وحمزة والكسائي ويعقوب يس-.
[الموضح: 1157]
والوجه أنه على الغيبة؛ لأن ما قبله كذلك، وهو قوله تعالى {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا}.
وقرأ الباقون ويعقوب ح- {تُرْجَعُونَ} بالتاء.
والوجه أنه على تقدير قل، كأنه قال: قل لهم: وإليه ترجعون.
ويجوز أن يراد به مخاطبون وغائبون، فغلب حكم الخطاب.
وكان يعقوب وحده يفتح أوله ويكسر الجيم.
والباقون يضمون أوله ويفتحون الجيم.
وقد مضى الكلام في مثله). [الموضح: 1158]

قوله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)}
قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)}
قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88)}

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وقيله يا ربّ (88)
قرأ عاصم وحمزة (وقيله يا ربّ) خفضا.
وقرأ الباقون والمفضل عن عاصم (وقيله يا ربّ) نصبًا.
قال أبو منصور: من قرأ (وقيله يا ربّ) بالخفض فهو على معنى: وعنده علم الساعة وعلم قيله.
ومن نصب (وقيله) فإن الأخفش زعم أنه معطوف على قوله: (أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم... وقيله)، أي: ولا نسمع قيله.
ويجوز أن يكون على معنى الفعل: وقال قيله.
[معاني القراءات وعللها: 2/369]
وقال أبو إسحاق الزجاج: الذي أختاره أن يكون نصبًا على معنى: وعنده علم الساعة ويعلم قيله، فيكون المعنى: إنّه يعلم الساعة ويعلم قيله.
ومعنى الساعة: الوقت الذي تقوم فيه القيامة.
وقال أبو العباس فيما روى عنه ابن الأنباري وسأله عنه فقال: أنصب (وقيله) على (عنده علم السّاعة... ويعلم قيله).
قال أبو منصور: وهذا هو القول الصحيح). [معاني القراءات وعللها: 2/370]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (19- وقوله تعالى: {وقيله يا رب} [88].
قرأ عاصم وحمزة: {وقيله} خفضًا على معنى وعنده علم الساعة، وعلم قيله.
وقرأ الباقون بالنصب ردًا على قوله: {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم} [80].
وقال آخرون: نصب على المصدر. فالأول قول الأخفش والثاني قول سائر الناس.
وفيها قول ثالث: {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم} [80] بعلمهم، وقيله: لأنه لما قال: {وعنده علم الساعة} [85] كان التقدير: ويعلم قيله.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/304]
وفيها قراءة ثالثة: {وقيله} بالرفع. روي عن قتادة جعله الله ابتداء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/305]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله: وقيله [الزخرف/ 88] في فتح اللّام وكسرها.
فقرأ عاصم وحمزة: وقيله يا رب [الزخرف/ 88] بكسر اللّام. المفضل عن عاصم: وقيله منصوبة اللّام.
الباقون: قيله.
قال أبو علي: وجه الجرّ في قوله: وقيله، على قوله: وعنده علم الساعة [الزخرف/ 85]، أي: يعلم الساعة، ويصدّق بها، ويعلم قيله، ومعنى يعلم قيله، أي: يعلم أنّ الدعاء مندوب إليه بنحو قوله: ادعوني استجب لكم [غافر/ 60] وادعوا ربكم تضرعا وخفية [الأعراف/ 55].
[الحجة للقراء السبعة: 6/159]
فأمّا نصب قيله فعلى الحمل على موضع: وعنده علم الساعة لأنّ الساعة مفعول بها، وليست بظرف، فالمصدر مضاف إلى المفعول به، ومثل ذلك قوله:
قد كنت داينت بها حسّانا مخافة الإفلاس واللّيانا يحسن بيع الأصل والقيانا فكما أن القيان واللّيان محمولان على ما أضيف إليه المصدر من المفعول به، كذلك قوله: وعنده علم الساعة لما كان معناه: يعلم الساعة، حملت قيله على ذلك. ويجوز أن تحمله على: يقول قيله، فيدلّ انتصاب المصدر على فعله، وكذلك قول كعب:
يسعى الوشاة حنانيها وقيلهم إنّك يا ابن أبي سلمى لمقتول ووجه ثالث: أن يحمل على قوله: أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم [الزخرف/ 80] وقيله [الزخرف/ 88].
وقرأ ناس من غير السبعة: وقيله يا رب بالرفع، ويحتمل ضربين: أحدهما: أن تجعل الخبر: وقيله قيل يا ربّ، فيحذف، والآخر: أن تجعل الخبر قيله يا ربّ مسموع ومتقبّل، فيا ربّ منصوب
[الحجة للقراء السبعة: 6/160]
الموضع بقيله المذكور، وعلى القول الآخر بقيله المضمر، وهو من صلته، ولا يمتنع ذلك من حيث امتنع أن يحذف بعض الموصول، ويبقى بعضه، لأنّ حذف القول قد أضمر حتى صار بمنزلة المذكور.
وقد يحتمل بيت كعب الرفع على الوجهين اللّذين ذكرناهما فيمن رفع قيله في الآية). [الحجة للقراء السبعة: 6/161]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الأعرج ورويت عن أبي قلابة وعن مجاهد أيضا: [وَقِيلُهُ]، رفعا.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون ارتفاعه عطفا على "علم" من قوله: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَة}، و[قِيلُهُ]، أي: وعلم قيله، فجاء على حذف المضاف، كما أن من جره {وقِيلِهِ} فهو معطوف عنده على {الساعة}. فالمعنيان -كما تراه- واحد، والإعرابان مختلفان.
فمن نصب فقال: [وقِيلَهُ] كان معطوفا على {الساعة} في المعنى، إذ كانت مفعولا بها في المعنى، أي: عنده أن يعلم الساعة وقيله. وهذا كقولك: عجبت من أكل الخبز والتمر، أي: من أن أكلب هذا وهذا. وروينا عن أبي حاتم، قال: [وقيله] نصب معطوف على [يَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ]، و[قِيلَهُ]. قال: قال ذلك جماعة، منهم يعقوب القارئ. وبعد، فليعم أن المصدر الذي هو "قيل" مضاف إلى الهاء، وهي مفعولة في المعنى لا فاعله؛ وذلك أن وعنده عطفا
[المحتسب: 2/258]
علم أن يقال له: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فالمصدر هنا مضاف إلى المفعول لا إلى الفاعل، وإنما هو من باب قول الله سبحانه: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ}، أي: بسؤاله إياك نعجتك. ومثله قوله تعالى : {لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}، أي: من دعائه الخير، لا بد من هذا التقدير.
ألا ترى أنه لا يجوز أن تقدره على أنه: وعنده علم أن يقول الله: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون؟ لأن هذا إنما يقال لله تعالى دون أن يكون سبحانه يقول: يا رب إن هؤلاء كذا، فتم الكلام على "يؤمنون"، ثم قال الله: يا محمد، فاصفح عنهم، وليس يريد تعالى الصفح الذي هو المساهلة والعفو؛ إنما المراد فأعرض عنهم بصفح وجهك، كما قال تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} .
وقوله: {قل سلام}، أي: أمرنا وأمركم متاركة وتسلم، كما قال: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} .
وقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُون} من كلام الله أيضا، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول لله سبحانه: [فَسَوْفَ تعْلَمُون]؟ لأن هذا إعلام، والله أحق المعلمين بهم). [المحتسب: 2/259]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون}
قرأ عاصم وحمزة {وقيله يا رب} بكسر اللّام على معنى {وعنده علم السّاعة} وعلم قيله
وقرأ الباقون بالنّصب قال الأخفش منصوب من وجهين أحدهما على العطف على قوله {أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم} وقيله أي ونسمع قيله وعلى قوله وقال قيله
قال الزّجاج الّذي اختاره أنا أن يكون نصبا على معنى {وعنده علم السّاعة}
[حجة القراءات: 655]
ويعلم قيله فيكون المعنى أنه يعلم الغيب ويعلم قيله). [حجة القراءات: 656]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (23- قوله: {وقيله يا رب} قرأه عاصم وحمزة «وقيله» بالخفض، وقرأ الباقون بالنصب.
وحجة من قرأ بالنصب أنه ينصب {قيله} على أحد خمسة أوجه: الأول أنه معطوف على مفعول {يكتبون} المحذوف، تقديره: ورسلنا لديهم يكتبون ذلك وقيله، أي: ويكتبون قيله يا رب، والوجه الثاني أن يكون معطوفًا على مفعول {تعلمون} المحذوف، تقديره: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون الحق
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/262]
وقيله، أي: يعلمون قيله يا رب، والوجه الثالث أن يكون معطوفًا على قوله: {سرهم ونجواهم} «80» أي: نسمع سرهم ونجواهم ونسمع قيله يا رب. والوجه الرابع أن يكون معطوفًا على موضع الساعة، في قوله: {وعنده علم الساعة} «85» لأن معناه: ويعلم الساعة ويعلم قيله، والوجه الخامس أن ينتصب على المصدر كأنه قال: ويقول قيله.
24- وحجة من خفضه أنه على لفظ الساعة، أي: وعنده علم الساعة، وعلم قيله يا رب، أي: ويعلم وقت قيام الساعة، ويعلم قوله وتضرعه، والنصب الاختيار؛ لأن الأكثر عليه، ولتمكنه، وكثرة وجوهه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/263]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (25- {وَقِيلِهِ يَا رَبِّ} [آية/ 88] بالجر من {وَقِيلِهِ}:-
قرأها عاصم وحمزة.
والوجه أن {وَقِيلِهِ} عطف على {السَّاعَةِ} من قوله {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} و{السَّاعَةِ} جر بالإضافة، فما عطف عليه جر أيضًا، والتقدير: وعنده علم الساعة وعلم قيله، والمعنى إنه يعلم وقت قيام الساعة ويعلم قول محمد صلى الله عليه وسلم يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون، وقيل: بل قوم عيسى عليه السلام.
وقرأ الباقون {وَقِيلِهِ} بالنصب.
والوجه أنه منصوب؛ لأنه معطوف على موضع {السَّاعَةِ} فإن موضعها نصب؛ لأن العلم مصدر أضيف إلى المفعول به، والتقدير: وعنده أن يعلم
[الموضح: 1158]
الساعة وأن يعلم قيله، كما قال:
155- مخافة الإفلاس والليانا
ويجوز أن يكون محمولاً على العطف على قوله {سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}، كأنه قال: أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ونسمع قيله.
وقرئ في الشواذ وقارئه الأعرج: {وَقِيلِهِ} بالرفع.
وارتفاعه بالابتداء، وخبره يجوز أن يكون محذوفًا، أي قيله مسموع متقبل، ويجوز أن يكون ما بعده خبره، والتقدير: وقيله قيل يا رب.
ويجوز أن يكون معطوفًا على قوله {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} والتقدير: وعنده علم الساعة وعنده قيله، أي علم قيله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه). [الموضح: 1159]

قوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (فسوف يعلمون (89)
قرأ نافع وابن عامر (فسوف تعلمون) بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء.
وروى الخفّاف عن أبي عمرو الياء والتاء، وقال: هما سيّان). [معاني القراءات وعللها: 2/370]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (20- وقوله تعالى: {وقل سلام فسوف تعلمون} [89].
قرأ نافع وابن عامر بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء و{سلام} رفع بإضمار: وعليكم سلام، قال الفراء: ولو قرأ قارئ: قل سلامًا بالنصب جاز). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/305]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (قال قرأ نافع وحده وقل سلام فسوف تعلمون [الزخرف/ 89] بالتاء، وقال ابن ذكوان عن ابن عامر بالياء، وقال هشام بالتاء.
وقرأ الباقون بالياء وقال الخفّاف: عن أبي عمرو: الياء والتاء عندي سواء وجه الياء أن يحمل على الغيبة التي هي: فاصفح عنهم...
فسوف يعلمون [الزخرف/ 89].
ووجه التاء على الخطاب على قل المظهر في الكلام: قل لهم سوف تعلمون، وكلاهما قريب المتناول كما خبّر أبو عمرو فيه). [الحجة للقراء السبعة: 6/161]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} 89
قرأ نافع وابن عامر {فسوف تعلمون} بالتّاء على الخطاب وقرأ الباقون بالياء إخبارًا عن غائبين وحجتهم قوله {فاصفح عنهم}). [حجة القراءات: 656]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {فسوف يعلمون} قرأه نافع وابن عامر بالتاء على الخطاب، ويقوي ذلك ظهور لفظ {قل} قبله، والتقدير: قل لهم يا محمد: سلام فسوف تعلمون، وقرأ الباقون بالياء على لفظ الغيبة؛ لأن قبله: {فاصفح عنهم} وهو الاختيار، لمشاكلته ما قبله، ولأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/263]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (26- {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [آية/ 89] بالتاء:-
قرأها نافع وابن عامر.
والوجه أنه على الخطاب حملاً له على القول المتقدم ذكره في قوله {وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.
وقرأ الباقون {يَعْلَمُونَ} بالياء.
والوجه أنه على الغيبة لموافقة قوله {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} بضمير الغيبة). [الموضح: 1160]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين



رد مع اقتباس