عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 15 صفر 1440هـ/25-10-2018م, 06:55 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

سورة الفرقان

[ من الآية (61) إلى الآية (67) ]
{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) }


قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {سراجًا وقمرًا منيرًا} [61].
قرأ حمزة والكسائي: {سرجًا} بالجمع.
وقرأ الباقون {سراجاً} بالتوحيد، فمن وحد أراد بالسراج: الشمس، كما قال تعالى: {وجعل الشمس سرجًا} بالتوحيد، ومن جمع جاز أن يريد المصابيح من النجوم وهي المضيئة العظام الدراري. ويجوز أن يكون أراد النجوم
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/123]
الكبار مع الشمس والقر، واتفقوا على {وقمرًا} إلا الحسن فإنه قرأ {وقمر منيرًا} فيجوز أن يكون جعله جمعا، ويجوز أن يكون لغتين مثل ولد وولد. والقمر: جمعه الذي لا تعرف العرب غيره أقمار، أنشدني ابن عرفة:
دع الأقمار تخبوا أو تنير = لنا بدر تقر له البدور
وتصغيره: قمير، ويقال للقمر: هلال وزيرقان وبدر. والسواد الذي في القمر: المحو. وضوء القمر: الضحت. وظل القمر: السمر. وليلة عفراء: ليلة ثلاث عشرة. والساهرون: غلاف القمر. والدارة التي حول القمر: الهالة. وقد حجر القمر: إذا استدار. وليلة قمراء ومقمرة وبيضاء وأضحيان: بمعنى واحدة. والليلة المقمرة يقال لها: ابن نمير. والليلة المظلمة فحمة بن جمير). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/124]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في كسر السين وإثبات الألف وضمها وإسقاط الألف
[الحجة للقراء السبعة: 5/346]
من قوله تعالى: سراجا [الفرقان/ 61] فقرأ حمزة والكسائي: (سرجا) بضم السين وضم الراء وإسقاط الألف. وقرأ الباقون: سراجا بكسر السين وإثبات الألف.
قال أبو علي: حجّة قوله: سراجا والإفراد قوله تعالى: وجعل فيها سراجا وقمرا [الفرقان/ 61] وحجّة حمزة والكسائي: (سرجا)، قوله تعالى: ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح [الملك/ 5] فشبّهت الكواكب بالمصابيح، كما شبّهت المصابيح بالكواكب في قوله تعالى: الزجاجة كأنها كوكب دري [النور/ 35] وإنّما المعنى: مصباح الزجاجة كأنّه كوكب درّيّ، وكذلك قول الشاعر:
سموت إليها والنجوم كأنّها... مصابيح رهبان تشبّ لقفّال
فإن قلت: كيف يجوز أن تكون المصابيح زينة مع قوله تعالى: وجعلناها رجوما للشياطين [الملك/ 5] فالقول: إنّها إذا جعلت رجوما لهم لم تزل فتزول زينتها بزوالها، ولكن يجوز أن ينفصل منها نور يكون رجما للشياطين كما ينفصل من السّرج، وسائر ذوات الأنوار ما لا يزول بانفصاله منها صورتها كما لا تزول صورة ما ذكرنا). [الحجة للقراء السبعة: 5/347]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تبارك الّذي جعل في السّماء بروجا وجعل فيها سراجًا وقمرا منيرا}
قرأ حمزة والكسائيّ (وجعل فيها سرجا) على الجمع وقرأ الباقون {سراجًا} على التّوحيد أرادوا الشّمس وحجتهم {وجعل الشّمس سراجًا} بالتّوحيد فردّوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه والهاء في {فيها} عائدة على السّماء وأرادوا بالبروج النّجوم الكبار ويجوز أن تكون الهاء عائدة على البروج فيكون حينئذٍ السراج يؤدّي عن معنى الجمع كما قال {يخرجكم طفلا} ويكون التّقدير وجعل في البروج سراجًا فيؤدّي السراج عن معنى الجمع ومن قرأ سرجا الشّمس والقمر والكواكب العظام معها والهاء في {فيها}
[حجة القراءات: 512]
عائدة على البروج ويكون تقدير الكلام جعل في البروج سرجا وقمرا منيرا وإذا وجهت القراءة على هذا الوجه أخذت المعنيين الجمع والتوحيد لأن البروج منازل الشّمس والقمر والنجوم فهي كلها في البروج والشّمس داخلة معها). [حجة القراءات: 513]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (8- قوله: {سراجا} قرأه حمزة والكسائي بالجمع على إرادة الكواكب؛ لأن كل كوكب سراج، وهي تطلع من القمر، فذكرها كما ذكر القمر، وأخبر عنها بالجمع لكثرة الكواكب، والقمر والكواكب من آيات الله، وقد قال: {زينا السماء الدنيا بمصابيح} «فصلت 12» يعني الكواكب، والمصابيح هي السروج، وقرأ الباقون بالتوحيد على إرادة الشمس، لأن القمر إذا ذكر في أكثر المواضع ذكرت الشمس معه، فحمل هذا على الأكثر أولى، وأيضًا فقد ذكر النجوم في قوله: {جعل في السماء بروجا} فهي النجوم والكواكب، فلم يحتج إلى تكرير ذلك في قوله: {سراجا}، وهو الاختيار؛ لأن الأكثر عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/146]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (12- {سُرُجًا} [آية/ 61] بضم السين والراء من غير ألف على الجمع:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه جمع سراج، وأراد به الكواكب، فشبهها بالسرج، كما قال الله تعالى {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}.
وقرأ الباقون {سِرَاجًا} بالألف على الوحدة.
والوجه أنه أراد بالسراج: الشمس، فوحده لذلك، وجعل الشمس سراجًا على التشبيه كما قال سبحانه {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}). [الموضح: 932]

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)}
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ حمزة وحده: (لمن أراد أن يذكر) [الفرقان/ 62] خفيفة الذال مضمومة الكاف، وقرأ الباقون: يذكر مشددة الذال.
[قال أبو علي]: المعنى في قراءة حمزة: أن (يذكر): يتذكر، وقد تقدّم ذكر ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/348]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وهو الّذي جعل اللّيل والنّهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا}
قرأ حمزة {لمن أراد أن يذكر} بإسكان الذّال وضم الكاف أي لمن أراد الذّكر قال الفراء يذكر ويتذكر بمعنى واحد يقال ذكرت حاجتك وتذكرتها وفي التّنزيل {إنّه تذكرة فمن شاء ذكره}
وقرأ الباقون {يذكر} بالتّشديد أي يتعظ ويتفكر ويعتبر في اختلافهما والأصل يتذكّر ثمّ أدغموا التّاء في الذّال وحجتهم قوله {إنّما يتذكّر أولوا الألباب} ). [حجة القراءات: 513]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (9- قوله: {أن يذكر} قرأه حمزة وحده بالتخفيف، وضم الكاف، على معنى: الذكر لله، وقرأ الباقون بالتشديد وفتح الكاف على معنى: التذكر والتدبر والاعتبار مرة بعد مرة، وهو الاختيار، وقد تقدم ذكر «الريح، وثمود»). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/147]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ} [آية/ 62] بسكون الذال وضم الكاف مخففة:
قرأها حمزة وحده.
وقرأ الباقون {يَذَّكَّرَ} بفتح الذال والكاف مشددتين.
وقد تقدم القول في وجههما). [الموضح: 932]

قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65)}
قوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لم يسرفوا ولم يقتروا (67)
[معاني القراءات وعللها: 2/217]
قرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرو والحضرمي (لم يقتروا) بفتح الياء وكسر التاء.
وقرأ نافع وابن عامر (لم يقتروا) وكذلك روى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم.
وقرأ الكوفيون (لم يقتروا) بفتح الياء وضم التاء.
قال أبو منصور: وهي كلها لغات جائزة، قتر يقتر، ويقتر، وأقتر، يقتر إذا قتّر النفقة ولم يوسعها، وقتر وقتّر وأقتر إذا ضيّق النفقة، والمعنى: أن الله - عزّ وجلّ - وصفهم بأنهم ينفقون نفقة قصدًا لا إسراف فيه حتى يضطروا إلى تكفف الناس، ولا يضيقونها تضييقًا يضرّ بهم وبمن يعولون). [معاني القراءات وعللها: 2/218]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {لم يسرفوا ولم يقتروا} [67].
فيه ثلاث قراءات:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {ولم يقتروا} من قتر يقتر مثل ضرب يضرب.
وقرأ وابن عامر: {يقتروا} من اقتر يقتر.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/124]
وقرأ الباقون: {ولم يقتروا} بضم التاء من قتر يقتر فالأول مثل ضرب يضرب. والثاني مثل أكرم يكرم. والثالث مثل قتل يقتل. ولو قرئ: ولم يقتروا بالتشديد- جاز لأن كل ما جاز فيه فعل وأفعل صلح أن تعرض عليه يفعل، قال الشاعر حجة لنافع في الإقتار:
تالله لولا صبية صغار
كأنما وجهوههم أقمار
تضمهم من العتيك دار
أخاف أن يمسهم إقتار
أو لاطم بكفه أسوار
لما رآني ملك جبار
ببابه ما وضح النهار
واختلف الناس في السرف في النفقة، فقال قوم: الإسراف: كل ما أنفق في غير طاعة الله كقولة: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} وقال على رضي الله عنه: «ليس في المأكول والمشروب سرف وإن كان كثيرا».
وقال الآخرون: الإسراف في الحلال فقط؛ لأن الحرام لا يجوز منه الذرة
[إعراب القراءات السبع وعللها: 2/125]
فما فوقها، واحتجوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن جارية أتته وهو في منزله عليه السلام فقالت: إن أمي تقرأ عليك السلام يا رسول الله وتقول: أعطنا مما رزقك الله، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فلم يجد شيئًا، فقال: قولي لها: ليس عندنا شيء قالت: فإنها تقول لك: فأعطنا قميصك حتى نبيعه، فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه وجلس في البيت عريانًا. فأنزل الله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا} فأمره الله تعالى بالاقتصاد، وأن ينفق من فضل، وأخذ بأدب الله ثم أتته سائلة أخرى ففعل بها مثل ذلك فأنزل الله تعالى: {وإنك لعي خلق عظيم}»). [إعراب القراءات السبع وعللها: 2/126]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في ضم الياء وكسر التاء وفتح الياء وضم التاء من قوله تعالى: ولم يقتروا [الفرقان/ 67]. فقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ولم يقتروا) مفتوحة الياء مكسورة التاء. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: يقتروا بفتح الياء وضم التاء، وقرأ نافع وابن عامر: (يقتروا): بضم الياء وكسر التاء، روى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم بضم الياء وكسر التاء مثله.
قال أبو علي: يقال: أقتر يقتر، خلاف أيسر، وفي التنزيل على الموسع قدره وعلى المقتر قدره [البقرة/ 236] وقال الشاعر:
لكم مسجدا الله المزوران والحصا... لكم قبصه من بين أثرى وأقترا
[الحجة للقراء السبعة: 5/348]
تقديره: من بين رجل أثرى ورجل أقتر، فأقام الصفة مقام الموصوف. وفي التنزيل: ومن أهل المدينة مردوا على النفاق [التوبة/ 101] فيجوز أن يكون على قبيل مردوا على النفاق مثل قوله تعالى: ومن آياته يريكم البرق [الروم/ 24] فأما قتر يقتر ويقتر فمثل: فسق يفسق ويفسق، وعكف يعكف ويعكف، وحشر يحشر ويحشر، فمعنى لم يسرقوا: لم يخرجوا من إنفاقهم من السّطة والاقتصاد، [ومنه:
وقد وسطت مالكا.
من التوسط بين الشيئين] ولم يقتروا: لم يمسكوا ولم ينقصوا عن الاقتصاد كما قال: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا [الإسراء/ 29].
فأمّا من ضمّ فقال: (لم يقتروا) فكأنّه أراد: لم يفتقروا في إنفاقهم، لأنّ المسرف مشف على الافتقار لسرفه في إنفاقه. فأمّا من قال: (لم يقتروا) أو لم يقتروا فمعناه: لم يضيّقوا في الإنفاق فيقصّروا عن التوسط، فمن كان في هذا الظرف فهو مذموم، كما أنّ من جاوز الاقتصاد كان كذلك، ويبين هذا قوله: وكان بين ذلك قواما [الفرقان/ 67] أي كان إنفاقهم بين ذلك لا إسرافا يدخل به في حدّ التبذير، ولا تضييقا يصير به في حدّ المانع لما يجب). [الحجة للقراء السبعة: 5/349]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة حسان بن عبد الرحمن صاحب عائشة رضي الله عنه، وهو الذي يروى عنه قتادة: [وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قِوَامًا].
قال أبو الفتح: القَوَامُ، بفتح القاف: الاعتدال في الأمر، ومنه قولهم: جارية حسنة القوام: إذا كانت معتدلة الطول والخلق. وأما "القِوَام" بكسر القاف فإنه ملاك الأمر وعصامه، يقال: مِلَاك أمرك وقِوَامه أن تتقي الله في سرك وعلانيتك، فكذلك قوله: [كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قِوَامًا]، أي: مِلاكا للأمر ونظاما وعصاما.
ولو اقتُصر فيه على قوله: [وكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ] لكان كافيا؛ لأنه كان بين الإسراف والتقتير فإنه قصد ونظام للأمر؛ "فَقِوَام" إذًا تأكيد وجارٍ مجرى الصفة، أي: توسطا مقيما للحال وناظما. ومعلوم أنه إذا كان متوسطا فإنه قوام ومساك، وأقل ما فيه أن يكون صفة مؤكدة، كقوله: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}، فالأخرى توكيد كما ترى). [المحتسب: 2/125]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({والّذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا}
قرأ نافع وابن عامر {ولم يقتروا} بضم الياء وكسر التّاء من أقتر يقتر مثل أكرم يكرم وحجتهما قوله {وعلى المقتر قدره}
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {يقتروا} بفتح الياء وكسر التّاء
[حجة القراءات: 513]
وقرأ أهل الكوفة {يقتروا} بضم التّاء من قتر يقتر وهما لغتان تقول قتر يقتر ويقتر مثل عرش يعرش ويعرش وعكف يعكف ويعكف وحجتهم قوله وكان الإنسان قتورا). [حجة القراءات: 514]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (10- قوله: {ولم يقتروا} قرأه نافع وابن عامر بضم الياء وكسر التاء، جعلاه من «أقتر الرجل» إذا أقتر، دليله: {وعلى المقتر قدره} «البقرة 236» فالمقتر من «أقتر» وقرأ أبو عمرو وابن كثير بفتح الياء وكسر التاء، وكذلك قرأ الباقون غير أنهم ضموا التاء، وهاتان القراءتان لغتان في الثلاثي منه، يقال: قتر يقتِر ويقتُر، كعكف يعكِف ويعكُف). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/147]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَلَمْ يُقْتِرُوا} [آية/ 67] بضم الياء وكسر التاء:
قرأها نافع وابن عامر.
والوجه أنه من أقتر يُقتر إذا افتقر، قال الله تعالى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} والمعنى: لم يُقتروا في إنفاقهم؛ لأن المسرف في
[الموضح: 932]
الإنفاق مُشفٍ على الافتقار.
وقال بعض أهل اللغة أقتر في النفقة مثل قتر، والإقتار والتقتير واحدٌ، وهو التضييق في النفقة، فعلى هذا يكون مثل قراءة من قرأ بفتح الياء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب {يَقْتِرُوا} بفتح الياء وكسر التاء.
وقرأ الكوفيون {يَقْتُرُوا} بفتح الياء وضم التاء.
والوجه أن قتر مضارعه يقتُر ويقتِر بضم التاء وكسرها، مثل فسَقَ يَفسُق ويفسِق وعكف يعكُف ويعكِف، والمعنى لم يضيقوا في الإنفاق، والقتر والتقتير تقليل النفقة وتضييقها، وهو من قُتْرة الصائد، وهو الحفرة الضيقة التي يستتر فيها). [الموضح: 933]


روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس