عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 10:02 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (37) إلى الآية (44) ]

{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}

قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37)}

قوله تعالى: {لَٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بربّي أحدا (38)، (فعسى ربّي أن (40)
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/109] (م)
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لكنّا هو اللّه ربّي)
قرأ يعقوب وابن عامر والمسيبي عن نافع (لكنّا هو اللّه ربّي) يثبتون الألف، في الوصل والوقف.
وقرأ الباقون ونافع في رواية قالون وورش وإسماعيل وابن جمازٍ (لكنّا) بألف في الوقف، وحذفها في الوصل، واتفقوا على إثبات الألف في الوقف من أجل أن الأصل فيه (لكن أنا)، فحذفوا الألف التي بين النونين، وأدغموا النون الأولى في الثانية، فصار (لكنّا).
قال أبو منصور: من قرأ (لكنّا) فأثبت الألف في الوصل كما كان يثبتها في الوقف فهو على لغة من يقول - (أنا قمت) فأثبت الألف كما قال الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني... حميداً قد تذّرّيت السّناما
وفي (أنا) في الوصل ثلاث لغات، أجودها (أن قلت ذاك) بغير ألف، كقوله:
[معاني القراءات وعللها: 2/110]
(أنا ربكم) بغير ألف في اللفظ.
ويجوز (أنا قلت) بإثبات الألف في اللفظ، كما قال الشاعر، وهو ضعيف عند النحويين وفيه لغة ثالثة: (أن قلت) بإسكان النون، وهو أضعف من إثبات الألف.
فأما قوله: (لكنّا هو اللّه ربّي) فالأجود في القراءة إثبات الألف، لأن الهمزة قد حذفت من (أنا) فصارت إثبات الألف عوضا من الهمزة، وكل ما قرئ به فهو جائز). [معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {لكنا هو الله ربي} [38].
قرأ ابن عامر والمسيبي عن نافع {لكنا} بالألف في الوصل والوقف.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
وقرأ الباقون {لكن} بغير ألف، وأجمعوا كلهم على الوقف بالألف؛ لأنها كذلك في المصحف، والأصل: لكن أنا هو الله ربي، وقد قرأ بذلك الحسن وأُبَيٌّ فحذفوا الهمزة اختصارًا فصار: لكننا، ثم أدغموا النون في النون فالتشديد من جلل ذلك. وكان أبو عمرو يقف في رواية لكنه بالهاء وأنشدني ابن مجاهد وجماعة:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب = وتقلينني لكن إياك لا أقلي). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/394]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في إسقاط الألف من قوله: لكنا هو الله ربي [الكهف/ 38] وإثباتها.
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: (لكن هو الله ربي) بإسقاط الألف في الوصل، وإثباتها في الوقف.
وقرأ نافع في رواية المسيّبي: لكنا هو الله ربي يثبت الألف في
[الحجة للقراء السبعة: 5/144]
الوصل والوقف، وقال ابن جمّاز وإسماعيل بن جعفر وورش عن قالون عن نافع: بغير ألف في الوصل، ويقف بالألف.
وقرأ ابن عامر: لكنا هو الله ربي، يثبت الألف في الوصل والوقف.
قال أبو بكر أحمد: ولم يختلف في الوقف أنه بألف، وإنما اختلف في الوصل.
قال: القول فيمن قرأ: (لكن هو الله ربّي) فلم يثبت الألف في الوصل أنه كان: لكن أنا، فخفّف الهمزة وألقى حركتها على النون، فصار لكننا، فاجتمع مثلان، فأدغم المثل الأول في الثاني بعد أن أسكنها، فصار في الدّرج: (لكن هو الله ربي)، فلم يثبت الألف في الوصل كما لم تثبت الهاء في الوصل في نحو: ارمه واغزه، لأنها إنما تلحق في الوقف لتبين الحرف الموقوف عليه، فإذا وقف قال: لكنا، فأثبت الألف في الوقف كما كان يثبت الهاء فيه. ومثل ذلك في الإدغام ما حكاه أبو زيد من قول من سمعه يقرأ: (أن تقع علرض) [الحج/ 65] خفّف الهمزة، وألقى حركتها على لام المعرفة فصار على الرض. وخفّفها على قول من قال: الحمر، فأثبت همزة الوصل لأن اللام في تقدير
السكون، فلمّا كان في تقدير السكون حذف الألف من على، كما يحذفها إذا كانت اللام ساكنة، فاجتمع لامان مثلان فأدغم الأولى في الثانية، ولو خفّفها على قول من قال: لحمر، لم يجز الإدغام لأن الألف في على تثبت ولا تحذف كما حذفت في القول الأول، لما كانت اللام في تقدير سكون، فلم يجز الإدغام لفصل
[الحجة للقراء السبعة: 5/145]
الألف بين المثلين، فإذا وقف من أدغم لكنا أثبت الألف، وإذا لم يقف حذفها.
ومثل هذه الألف في أنها تثبت في الوقف وتسقط في الإدراج، الألف في حيهلا، تقول: حيّ هل بعمر، فتحذفها، فإن وقفت قلت:
حيّهلا، وقد تجيء هذه الألف مثبتة في الشعر في الإدراج، كقول الأعشى:
فكيف أنا وانتحالي القوافي وقول الآخر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني... حميد قد تذرّيت السّناما
ولا يكون هذا مختارا في القراءة، وقد جاء في غير هذا إجراء الوصل مجرى الوقف. نحو قوله:
ببازل وجناء أو عيهلي فأما من قرأ لكنا هو الله ربي في الوصل فإنه يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يجعل الضمير المتصل مثل المنفصل الذي هو: نحن، فيدغم النون من لكن لسكونها في النون من علامة الضمير، فيكون على هذا في الوصل والوقف، لكنا بإثبات الألف لا غير، ألا ترى أن أحدا لا يحذف الألف في نحو: فعلنا.
وقوله: هو من: هو الله ربي علامة الحديث والقصة، كما أنه من قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا [الأنبياء/ 97]
[الحجة للقراء السبعة: 5/146]
وقوله: قل هو الله أحد [الإخلاص/ 1] كذلك والتقدير: الأمر الله أحد، لأن هذا الضمير يدخل على المبتدأ والخبر، فيصير المبتدأ والخبر في موضع خبر، كما أنّه في: إنّ، وكأن، وظننت، وما يدخل على المبتدأ والخبر كذلك، وعاد الضمير على الضمير الذي دخلت عليه لكن على المعنى، ولو عاد على اللفظ لكان: لكنا هو الله ربنا، ودخلت لكن على الضمير مخففة كما دخلت في قوله: إنا معكم [البقرة/ 14] وهذا وجه.
ويجوز فيه وجه آخر: وهو أن سيبويه حكى أنه سمع من العرب من يقول: أعطني أبيضه، فشدّد وألحق الهاء. والتشديد للوقف، وإلحاقه إياها، كإلحاقه الألف في: سبسبّا. والياء في: عيهلي.
فأجرى الهاء مجراهما في الإطلاق كما كانت مثلهما في قوله:
صفية قومي ولا تجزعي... وبكي النساء على حمزة
فهذا الذي حكاه سيبويه في الكلام، وليس في شعر، وكذلك الآية تكون الألف فيها كالهاء، ولا تكون الهاء للوقف، ألا ترى أنّ هاء الوقف لا يبين بها المعرب، ولا ما ضارع المعرب، فعلى أحد هذين الوجهين يكون قول من أثبت الألف في الوصل أو عليهما جميعا. ولو كانت فاصلة لكان مثل فأضلونا السبيلا [الأحزاب/ 76]). [الحجة للقراء السبعة: 5/147]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة أبي بن كعب والحسن: [لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي].
وقرأ: [لَكِنْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي] -ساكنة النون من ألف- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: قراءة أبي هذه هي أصل قراءة أبي عمرو وغيره: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}، فخففت همزة "أنا" بأن حذفت وألقيت حركتها على ما قبلها، فصارت [لكنَنَا]، ثم التقت النونان متحركتين، فأسكنت الأولى، وأدغمت في الثانية، فصارت "لكنَّ" في الإدراج. فإذا وقفت ألحقت الألف لبيان الحركة، فقلت: "لكنَّا"، فـ "أنا" على هذا مرفوع بالابتداء وخبره الجملة، وهي مركبة من متبدأ وخبر، فالمبتدأ "هو"، وهو ضمير الشأن والحديث، والجملة بعده خبر عنه، وهي مركبة من مبتدأ وخبر، فالمبتدأ "الله"، والخبر "ربي"، والجملة خبر عن "هو"، و"هو" وما بعده من الجملة خبر عن "أنا"، والعائد عليه من الجملة بعده الياء في "ربي"، كقولك: أنا قائم غلامي.
فإن قلت: فما العائد على "هو" من الجملة بعده التي هي خبر عنه؟ فإنه لا عائد على المبتدأ
[المحتسب: 2/29]
أبدا إذا كان ضمير الشأن والقصة، كقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فـ"الله أحد" خبر عن "هو"، و"هو" ضمير الشأن والحديث، ولا عائد عليه من الجملة بعده التي هي "الله أحد"، وإنما كان كذلك من قبل أن المبتدأ إنما احتاج إلى العائد من الجملة بعده إذا كانت خبرًا عنه؛ لأنها ليست هي المبتدأ، فاحتاجت إلى عود ضمير منها عليه؛ ليلتبس بذلك الضمير بجملته.
وأما "هو" من قولنا: {هُوَ اللَّهُ رَبِّي} ونحوه فهو الجملة نفسها، ألا تراه ضمير الشأن، وقولنا: الله ربي شأن وحديث في المعنى؟ فلما كانت هذه الجملة هي نفس المبتدأ لم يحتج إلى عائد عليه منها، وليس كذلك: زيد قام أخوه؛ لأن زيدا ليس بقولك: قام أخوه في المعنى، فلم يكن له بد من أن يعود عليه ضمير منه ليلتبس به؛ فيصير خبرا عنه. ومن قرأ: [لَكِنْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي] فـ"هو" ضمير الشأن، والجملة بعده خبر عنه على ما مضى آنفا، وهذا واضح). [المحتسب: 2/30]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({لكن هو الله ربّي ولا أشرك بربي أحدا}
قرأ نافع في رواية إسماعيل وابن عامر (لكنا هو الله ربّي) بإثبات الألف في الوصل
وقرأ الباقون {لكن} بغير ألف في الوصل وأجمعوا كلهم على الوقف بالألف
أصل الكلمة لكن أنا أقول هو الله ربّي فطرحت الهمزة على النّون فتحركت بالفتح فصار لكننا فاجتمع حرفان من جنس واحد فأدغمت النّون الأولى في الثّانية فصار (لكنا هو الله)
حجّة من لم يثبت الألف في الوصل قولك أن قلت محذوفة الألف فإذا وقفت عليها أثبت الألف فقلت أنا وتحذف في الوصل في أجود اللّغات نحو أن قمت بغير ألف ويجوز أنا قمت بإثبات الألف وهو ضعيف ومن قرأ {لكنا} بإثبات الألف في الوصل ف على لغة من قال أنا قمت قال الشّاعر:
أنا شيخ العشيرة فاعرفوني ... حميدا قد تذريت السناما
[حجة القراءات: 417]
فكذلك لكنا تحذف الألف في الوصل وتثبتها في الوقف لأنهم زادوا الألف للوقف فإذا أدرجوا القراءة طرحوها لزوال السّبب الّذي من أجله زادوها ومن أثبت الألف في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف
قال الزّجاج إثبات الألف جيد لأن الهمزة قد حذفت من أنا فصار إثبات الألف عوضا من الهمزة). [حجة القراءات: 418]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (19- قوله: {لكنا هو الله ربي} قرأه ابن عامر بألف في الوصل، أجرى الوصل مجرى الوقف، وكأنه جعله «أنا» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون، وكأنه «جعل» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون في الوصل، وكلهم وقف بألف وقد مضت علة ذلك في سورة البقرة، ونزيد ذلك بيانًا في هذا الموضع.
فحجة من حذف الألف في الوصل بأنها عنده كهاء السكت أتى بها لبيان حركة النون في الوقف، والاسم من «أنا» عند البصريين «أن» والألف زيدت في الوقف كهاء السكت لبيان الحركة، فكما أنه قبيح إثبات هاء السكت في الوصل كذلك قبيح إثبات الألف من «أنا» في الوصل، إلا أن إثبات الألف في الوقف من «أنا» آكد من إثبات الهاء لقلة حروف الكلمة، فصار إثبات الألف في «أنا» في الوقف أمرا لازمًا، فإن لم تثبت الألف جيء بالهاء، فقلت: «أنه» وذلك في الكلام، ولا يجوز في القرآن لمخالفة الخط، والأصل فيه «لكن أنا هو الله ربي» فألقيت حركة الهمزة من «أنا» على النون الساكنة من «لكن» فتحركت، وبعدها نون متحركة، فاجتمع مثلان متحركان، فأدغم الأول في الثاني، فصارت نونًا مشددة، وحذفت الألف في الوصل، على ما ذكرنا،
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/61]
وثبتت في الوقت لبيان الحركة، ولتقوية الكلمة.
2- وحجة من أثبت الألف في الوصل أنها لغة حكاها الكوفيون، يجعلون الألف من أصل الاسم المضمر، يقولون «أنا» بكماله الاسم، ويقولون: من حذف الألف في الوصل فإنما حذفها استخفافًا لدلالة الفتحة عليها، وقد قيل، إن من قرأ في الوصل في {لكنا} إنما قرأه على أنه جعل «لكن» المخففة من الثقيلة، دخلت على «أنا» هو ضمير المخبر عن نفسه، كما تدخل «إن» الخفيفة والثقيلة على «نا» فنقول: «إنا وإننا» ويكون {هو} في الآية إضمار الحديث أو الأمر، ويكون {ربي} راجعا على المعنى؛ لأن «نا» لواحد مخبر عن نفسه، فرجع {ربي} على المعنى، ولو رجع على اللفظ لقيل: {ربنا} ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (16- {لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي} [آية/ 38] بإثبات الألف في {لكِنا} في الوصل والوقف:
قرأها ابن عامر ويعقوب يس- و-ان-.
والوجه أنه يجوز أن يكون أصله لكن أنا، فخففت همزة أنا، وتخفيفها أن تنقل حركتها إلى الساكن الذي قبلها وتحذف الهمزة فبقي لكننا بنونين مفتوحتين، ثم أُدغمت النون الأولى في الثانية فبقي لكنا، والألف الساكنة الأخيرة من أنا تكون مثبتة في حال الوقف، محذوفة في حال الوصل، وهذه مثبتةٌ على الأحوال كلها إجراءً للوصل مجرى الوقف، وقد جاء على إجراء الوصل مجرى الوقف قول الشاعر:
82- أنا سيف العشيرة فاعرفوني = حميدًا قد تذريت السناما
وأكثر ذلك إنما يأتي في الشعر.
[الموضح: 782]
ويجوز أن تكون كلمة لكن المخففة قد لحقها النون والألف التي في نحو ضربنا، فاجتمع نون لكن الساكنة مع نون الضمير فأُدغمت فيها فبقي {لكِنَّا} بالتشديد، وكان ينبغي على هذا أن يُجمع الضمير العائد إلى ضمير {لكِنَّا} فيقال: لكنّا هو الله ربنا، لكنه حمل على المعنى؛ لأن الرجل الواحد قد يقول فعلنا وهو وحده فعله.
وقرأ الباقون و-ح- عن يعقوب {لكِنَّ} بتشديد النون من غير ألف في الوصل، وكالقراءة الأولى في الوقف.
والوجه أن الأصل لكن أنا على ما تقدم، فألقيت حركة الهمزة على النون الساكنة فحُذفت الهمزة فبقي لكننا، ثم أُدغمت النون في النون فبقي: لكنا، فألف لكنا ألف أنا، وهي تسقط في الوصل وتثبت في الوقف، وهذا هو القياس في ذلك). [الموضح: 783]

قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39)}

قوله تعالى: {فَعَسَىٰ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (بربّي أحدا (38)، (فعسى ربّي أن (40)
فتحها ابن كثير ونافع وأبو عمرو، وأرسلها الباقون). [معاني القراءات وعللها: 2/109] (م)

قوله تعالى: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41)}

قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (10- وقوله تعالى: {وأحيط بثمره} [42].
قرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم.
وقرأ عاصم {بثمره} بفتح الثاء والميم.
وقرأ الباقون بضم الثاء والميم، وقد مرَّت علة ذلك مُستقصاة في (الأنعام) فأغنى عن الإعادة هاهنا). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/393]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (وقرأ أبو عمرو: (ثمر) [الكهف/ 34] و (بثمره) [42] بضم الثاء وسكون الميم.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي: (ثمر) و (بثمره) مضمومة الثاء والميم.
علي بن نصر، وحسين الجعفي، عن أبي عمرو: (ثمر) مثل نافع.
وقرأ عاصم: ثمر وبثمره، بفتح الثاء والميم فيهما.
الثمرة: ما يجتنى من ذي الثمرة، وجمعه: ثمرات، ومثله: رحبة، ورحبات ورقبة ورقبات، قال: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا [النحل/ 67]. وقال: كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا [البقرة/ 25]. ويجوز في جمع ثمرة ضربان: أحدهما: أن يجمع على ثمر، كبقرة وبقر. والآخر: على التكسير: ثمار، كرقبة ورقاب، وهذا على تشبيه المخلوقات بالمصنوعات، وقد يشبّه كل واحد منهما بالآخر. ويجوز في القياس أن يكسّر ثمار، الذي هو جمع ثمرة، على ثمر، فيكون ككتاب وكتب، ويكون تكسيره على فعل، كتكسيره على فعائل في نحو قوله:
[الحجة للقراء السبعة: 5/142]
وقرّ بن بالزّرق الجمائل بعد ما... تقوّب عن غربان أوراكها الخطر
فقراءة ابن عامر: (وكان له ثمر) إذا خفّف يجوز أن يكون جمع: ثمار، ككتاب وكتب، ويخفّف كما يخفّف كتب، ويجوز أن يكون ثمر جمع ثمرة، كبدنة وبدن، وخشبة وخشب، ويجوز أن يكون ثمر واحدا كعنق وطنب، فعلى أيّ هذه الوجوه كان جاز إسكان العين منه وساغ، وكذلك قوله: (وأحيط بثمره) [الكهف/ 42].
وقال بعض أهل اللغة: الثّمر: المال، والثّمر: المأكول. وجاء في التفسير قريب من هذا، قالوا: الثمر: النخل والشجر، ولم يرد به الثمرة. والثمر على ما روي عن عدة من السلف: الأصول التي تحمل الثمرة، لا نفس الثمر، بدلالة قوله: فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها، أي: في الجنة، والنفقة: إنما تكون على ذوات الثمر في أغلب العرف. وكأن الآفة التي أرسلت عليها، اصطلمت الأصول واجتاحتها، كما جاء في صفة الجنة الأخرى: فأصبحت كالصريم [ن- 20] أي: كالليل في سواده لاحتراقها، أو كالنهار في بياضها، وما بطل من خضرتها بالآفة النازلة بها.
وحكي عن أبي عمرو: (الثمر)، والثمر: أنواع المال، وإذا أحيط بالثمر فاجتيح، دخلت فيه الثمرة ولا يكون أن يصاب الأصل ولا تصاب الثمرة، وإذا كان كذلك، فمن قرأ: (بثمره) و (بثمره) كان قوله أبين ممّن قرأ بالفتح. وقد تجوز القراءة بالفتح، فأخبر عن بعض ما أصيب، وأمسك عن بعض، وهو قراءة عاصم.
وفي الثمرة لغة أخرى ولم يحك عمن ذكر من القراء في هذا
[الحجة للقراء السبعة: 5/143]
الكتاب، قال سيبويه: تقول: ثمرة وثمرات، وسمرة وسمرات، قال أبو علي: يجوز في جمع ثمرة ثمر كما جاز السّمر، وقالوا: ثمرة وثمر، وثمار، فثمار جمع ثمرة كما أن إضاء جمع أضا، وكسّروه على فعال كما كسّروه على فعول في قولهم: صفا وصفيّ). [الحجة للقراء السبعة: 5/144] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({وكان له ثمر} {وأحيط بثمره} 34 و42
قرأ عاصم {وكان له ثمر} و{وأحيط بثمره} بفتح الثّاء والميم في الحرفين جمع ثمرة وثمر ك بقرة وبقر الفرق بين الواحد والجمع إسقاط الهاء وحجته قوله قبلها {كلتا الجنتين آتت أكلها} يعني ثمرها
وقرأ أبو عمرو {ثمر} و(أحيط بثمره) بضم الثّاء وسكون الميم جمع ثمرة ك بدنة وبدن وخشبة وخشب وثمرة وثمر ويجوز أن يكون جمع ثمار كما يخفف كتب ويجوز أن يكون ثمر واحدة ك عنق وطنب فعلى أي هذه الوجوه جاز إسكان العين منه
وقرأ الباقون {ثمر} بضم الثّاء والميم جمع ثمار وثمر كقولك كتاب وكتب وحمار وحمر). [حجة القراءات: 416] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} [آية/ 34] {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [آية/ 42] بفتح الثاء والميم:
قرأها عاصم ويعقوب ح- و-ان-.
والوجه أن الثمر جمع ثمرةٍ كبقر في جمع بقرة.
وقال بعض أهل العلم: الثمر بالفتح المأكول يريد حمل الشجرة، والثُمُرُ بالضم أصل المال.
وقرأ ابن كثير ونافعٌ وابن عامر وحمزة والكسائي {وَكَانَ لَهُ ثُمُر}، و{وَأُحِيطَ بِثُمُره} بضم الثاء والميم فيهما.
[الموضح: 780]
والوجه أنه يجوز أن يكون ثُمُرٌ بالضم جمع ثمار ككتابٍ وكتب وجدارٍ وجدرٍ.
ويجوز أن يكون جمعًا لثمرةٍ كبدنةٍ وبُدُنٍ وخشبةٍ وخشبٍ.
ويجوز أن يكون واحدًا كعنقٍ وطنبٍ.
ومن ذهب إلى الثُمُر بالضم أصل المال استدل عليه بقوله تعالى {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا}، والإنفاق في الأغلب إنما يكون على ذوات الثمار، فإذا اصطلمت الآفة الأصل دخلت فيه الثمرة.
وقرأ أبو عمر {ثُمْر} بضم الثاء وتسكين الميم فيهما جميعًا.
والوجه أنه مخفف منن ثُمُر بالضم على أي وجهٍ يُحمل عليه). [الموضح: 781] (م)

قوله تعالى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (ولم تكن له فئةٌ (43)
قرأ حمزة والكسائي (ولم يكن له فئةٌ) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
قال أبو منصور: من قرأ بالياء فذكّر ذهب به إلى الجمع مع تقدم الفعل؛ لأن الفئة يقع عليها اسم الجمع، ولفظ الجمع مذكر.
ومن قرأ بالتاء ذهب به إلى لفظ الفئة، وهي: (الفرقة) ). [معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (13- وقوله تعالى: {ولم تكن له فئة} [43].
قرأ حمزة والكسائي بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الفئة، والفئة: الجماعة وقد يسمى الرجل الواحد فئة، كما أن الطائفة تكون جمعًا وتكون واحدًا. قال ابن عباس في قوله تعالى: {وليشهد عذابهما طائفة} قال: الطائفة: الرجل الواحد.
ومن قرأ بالياء فلقوله: {ينصرونه} ولم يقل: تنصرونه، وأن التأنيث غير حقيقي.
فإن سأل سائل فقال: مائة وفئة وزنهما واحد فلم زادوا في المائة ألفًا؟
فقل: لئلا يلتبس مائة بمنة.
فإن قيل: فإن فئة تلتبس بفية؟
فالجواب في ذلك: أنهم فعلوا للفرقان في مائة لكثرة استعمال الكتاب له. و(فئة) قليلة الاستعمال. والساقط من فئة ومائة لام الفعل، والاختيار أن
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/395]
يجعل الساقط من فئة عينُ الفعلِ؛ وأما دية [ف] الساقط فاء الفعل؛ لأنه من وَدَى يدي مثل وعد يعد، وزنة من وزن يزن والأصل: وعدة ووزنة فاستثقلوا الكسرة على الواو فجعلوا الكسرة فيما بعد الواو، وحذفوا الواو، قال سيبويه رضي الله عنه: الهاء عوض من الواو). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله عز وجل: ولم تكن له فئة [الكهف/ 43].
[الحجة للقراء السبعة: 5/148]
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر- فيما أرى-: ولم تكن بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي (ولم يكن) بالياء.
الياء والتاء كلاهما حسن وقد مضى ذلك في غير موضع). [الحجة للقراء السبعة: 5/149]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله}
قرأ حمزة والكسائيّ (ولم يكن له فئة) بالياء وحجتهما قوله {ينصرونه} ولم يقل تنصره كما قال في موضع آخر {فئة تقاتل في سبيل الله} وكان تذكير ما تقدم من فعلهم من أجل تذكير ما تأخّر من فعلهم أولى ليأتلف الفعلان على لفظ واحد وقيل إنّه قد حيل بين الفعل والاسم بحائل وهو قوله له والحائل صار كالعوض من التّأنيث
وقرأ الباقون ولم تكن بالتّاء لتأنيث الفئة وقد سقط السّؤال). [حجة القراءات: 418]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (21- قوله: {ولم تكن له فئة} قرأه حمزة والكسائي بالياء، على التذكير، لأنه فرّق بين المؤنث وفعله بالظرف، ولأنه تأنيث غير حقيقي، وقد مضى ذكر نظائره بأشبع من هذه العلة. وقرأ الباقون بالتاء على تأنيث لفظ الفئة، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه ولأنه حمل على ظاهر اللفظ). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (17- {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِئَةٌ} [آية/ 43] بالياء:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أن الفعل متقدم، وتأنيث الفاعل غير حقيقي، ووقد فُصل بين الفعل وفاعله بالجار والمجرور وهو {لَهُ}، فلذلك حسن التذكير.
وقرأ الباقون {وَلَمْ تَكُنْ} بالتاء.
والوجه أن فاعل الفعل مؤنثٌ، فأُنِّث الفعل لذلك، وقد مضى مثله). [الموضح: 783]

قوله تعالى: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (هنالك الولاية للّه الحقّ (44)
قرأ حمزة والكسائي (الولاية) بكسر الواو، وفتحها الباقون.
وقرأ أبو عمرو والكسائي (الحقّ)، وقرأ الباقون خفضًا.
[معاني القراءات وعللها: 2/111]
قال أبو منصور: من قرأ (الولاية) بكسر الواو فهو مصدر الوالي، يقال: والٍ بيّن الولاية - ومن فتح فقرأ (الولاية) فهو مصدر الولي، يقال: وليٌّ بيّن الولاية.
ومن النحويين من زعم أن الولاية والولاية لغتان بمعنى واحد.
ومن قرأ (الحقّ) خفضًا جعله نعتا (لله الحق)، ومن قرأ (الحقّ) جعله
نعتًا للولاية، كأنه قال: هنالك الولاية الحقّ للّه). [معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (وخيرٌ عقبًا (44)
قرأ عاصم وحمزة (عقبًا) ساكنة القاف، وقرأ الباقون (عقبًا) بضمتين قال أبو منصور: العقب والعقب واحد، معناهما: العاقبة – وانتصاب (عقبا) على التمييز). [معاني القراءات وعللها: 2/112]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (14- وقوله تعالى: {هنالك الولاية} [44].
قرأ حمزة والكسائي {الولاية} بالكسر.
وقرأ الباقون بفتح الواو، وهما لغتان مثل الوكالة والوكالة والادلة والدلالة.
وقال آخرون: هما مصدران فالمكسور مصدر الوالي يقال: هذا وال بين الولاية يعني: في الإمارة، والمفتوح مصدر الولي يقال: ها ولي بين الولاية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (15- وقوله تعالى: {لله الحق} [44].
قرأ أبو عمرو والكسائي {الحق} بالضم.
وقرأ الباقون بالكسر، فمن جر قال: الحق: هو الله فخفض نعتًا لله تعالى واحتج بقراءة ابن مسعود، وهو في قراءته: {هنالك الولاية لله وهو الحق} وفي قراءة أُبَيٍّ: {هنالك الولاية الحق لله}، ومن فرعه جعله نعتًا بمعنى أحق ذلك الحق، وأحق الحق. وسمعت محمد بن عبد الواحد يقول: الحق: رب العزة، والحق الصدق. ومن الحديث: الحق الملك باستحقاق. والحق: التبين بعد لاشك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/396]
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (16- وقوله تعالى: {وخير عقبا} [44].
قرأ عاصم وحمزة {عقبا}.
والباقون {عقبا} بضمتين، وهما لغتان بمعنى العاقبة تقول العرب: للكافر عقبى الدار وعقب وعقب وعاقبة الدار بمعنى واحد.
فإن قيل: بما انتصب {عقبا}؟
فقل على التمييز، كما تقول: زيد خير منك أبا.
فإن قيل: فما معنى قوله: {هنا لك الولاية لله الحق}؟
فقل: معناه: هنالك، أي: في يوم القيامة تبين نصرة الله أولياءه. وقال الحارثي: يقال: جئت في عقب رمضان، أي: بعد ما مضى، وجئت في عقبه أي: جئت وقد بقيت منه بقية). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/397]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في قوله عز وجل: هنالك الولاية لله الحق [الكهف/ 44].
فقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم في الروايتين: الولاية بفتح الواو لله الحق خفضا.
وقرأ حمزة: (هنا لك الولاية لله الحقّ) بكسر الواو والقاف.
وقرأ أبو عمرو: (هنا لك الولاية لله الحقّ) بفتح الواو وضم القاف.
وقرأ الكسائي: (هنا لك الولاية) كسرا (لله الحقّ) بضم القاف.
قال أبو علي: قال أبو عبيدة: الولاية: أي التوالي، قال: وهو مصدر الوليّ، وحكي عن أبي عمرو والأصمعي أنّ الولاية هنا لحن، والكسر يجيء في فعالة فيما كان صنعة ومعنى، متقلّدا كالكتابة والإمارة والخلافة وما أشبه ذلك، وليس هنا معنى تولّي أمر إنّما هو الولاية من الدين وكذلك التي في الأنفال: ما لكم من ولايتهم من
[الحجة للقراء السبعة: 5/149]
شيء [72]، وقد كسر قوم من القراء ذلك أيضا، وحكى ابن سلام عن يونس في قوله: (هنا لك الولاية لله الحق) قال يونس: ما كان لله عزّ وجل فهو ولاية مفتوح من الولاية في الدين، وما كان من ولاية الأمور فبالكسر: ولاية. وقال بعض أهل اللغة: الولاية: النصر. يقال: هم أهل ولاية عليك، أي: متناصرون عليك، والولاية: ولاية السلطان، قال: وقد يجوز الفتح في هذه والكسر في تيك، كما قالوا: الوكالة والوكالة، والوصاية والوصاية بمعنى واحد، فعلى ما ذكر هذا الذاكر يجوز الكسر في الولاية في هذا الموضع.
وأما من قال: هنالك الولاية لله الحق فكسر القاف فإنه جعله من وصف الله سبحانه، ووصفه بالحق وهو مصدر كما وصفه بالعدل وبالسلام، والمعنى: أنه ذو الحق وذو السلام، وكذلك الإله معناه: ذو العبادة، يدلّ على ذلك قوله: ويعلمون أن الله هو الحق المبين [النور/ 25] وقوله: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق [الأنعام/ 62].
ومن رفع (الحقّ) جعله صفة للولاية، ومعنى وصف الولاية بالحق أنه لا يشوبها غيره، ولا يخاف فيها ما يخاف في سائر الولايات من غير الحق). [الحجة للقراء السبعة: 5/150]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في التخفيف والتثقيل من قوله جل وعز: عقبا [الكهف/ 44].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: (عقبا) مضمومة القاف.
وقرأ عاصم وحمزة: عقبا ساكنة القاف.
[الحجة للقراء السبعة: 5/150]
أبو عبيدة: خير عقبا، وعاقبة، وعقبى، وعقبة، والمعنى واحد وهي الآخرة. قال أبو علي: ما كان على فعل جاز تخفيفه نحو العنق، والطنب وقد تقدم ذكر ذلك). [الحجة للقراء السبعة: 5/151]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابًا وخير عقبا}
قرأ حمزة والكسائيّ {هنالك الولاية} بكسر الواو أي السّلطان والقدرة لله
وقرأ الباقون {هنالك الولاية} بالفتح أي النّصرة لله
قال الفراء من فتح الواو يقول النّصرة يقال هم أهل ولاية عليك أي متناصرون عليك وكان تأويل الكلام هنالك النّصرة
[حجة القراءات: 418]
لله جلّ وعز ينصر أولياءه ويعزه ويكرمهم وهما مصدران فالكسر مصدر الوالي تقول وليت الشّيء ولاية وهو بين الولاية والمفتوح مصدر للوليّ تقول هذا ولي بين الولاية
قرأ أبو عمرو والكسائيّ {هنالك الولاية لله الحق} بالضّمّ جعلا الحق نعتا للولاية أي الولاية الحق لله أي لا يستحقها غيره
وقرأ الباقون {لله الحق} بالكسر جعلوا نعتا لله وهو مصدر كما وصفه بالعدل والسّلام والمعنى ذو الحق وذو السّلام وكذلك الإله معناه ذو العبادة وحجتهم قوله {ثمّ ردوا إلى الله مولاهم الحق}
قرأ عاصم وحمزة {وخير عقبا} ساكنة القاف وقرأ الباقون بضمها وهما لغتان وبمعنى العاقبة). [حجة القراءات: 419]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (22- قوله: {الولاية} قرأ حمزة والكسائي بكسر الواو، وفتحها الباقون.
[الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/62]
وحجة من كسر أنه جعله كالجباية والكتابة والإمارة والخلافة.
23- وحجة من فتح أنه جعله مصدر الولي، ومعناه عند أبي عبيد التولي، قال يونس: ما كان لله جل ذكره فهو «ولاية» بالفتح، من الولاية في الدين، وما كان من ولاية الأمر فهو بالكسر، يقول: هو وال متمكن الولاية، وهو ولي يبين الولاية، وقال بعض أهل اللغة: الولاية بالفتح النصر، فقال: هم أهل ولاية عليك، أي: متناصرون عليك، و«الولاية» بالكسر ولاية السلطان، وقيل: هما لغتان بمعنى، كالوكالة والوكالة والوَصاية والوِصاية، والاختيار الفتح، لأن عليه الأكثر، وقد ذكرنا نحو هذا من العلل في آخر الأنفال). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (24- قوله: {لله الحق} قرأ أبو عمرو والكسائي بالرفع، جعلاه صفة لـ «الولاية» لأن ولاية الله جل ذكره لا يشوبها نقص ولا خلل، وقرأ الباقون بالخفض، جعلوه صفة لله جل ذكره، وهو مصدر وصف به كما وصف بالعدل وبالسلام، وهما مصدران، والمعنى: ذو الحق وذو العدل وذو السلام. ويقوي كونه صفة لله جل ذكره قوله: {ويعلمون أن الله هو الحق} «النور 25»، وقوله: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق} «الأنعام 62» والاختيار الخفض لأن الجماعة عليه). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (25- قوله: {وخير عقبًا} قرأ عاصم وحمزة بإسكان القاف، وضمها الباقون، والأصل الضم، والإسكان تخفيف كالعُنْق والعُنُق والطُنْب والطُنُب، قال أبو عبيد: عقبا وعاقبة وعُقبى وعقبه واحد كله في المعنى، وهي الآخرة. فالقراءتان بمعنى). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/63]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (18- {هُنَالِكَ الْوِلَايَةُ} [آية/ 44] بكسر الواو:
قرأها حمزة والكسائي.
والوجه أنه يُراد به السلطان وهو على وزن فعالة بكسر الفاء من الصناعات نحو الإمارة والخلافة والكتابة، وهي من تولي الأمر، وقال بعض أهل اللغة: يجوز فتح الواو فيها أيضًا في هذا المعنى.
وقرأ الباقون {الْوَلَايَةُ} بفتح الواو، وهي من ولاية الدين وهي الربوبية، وقيل النصرة، قال الله تعالى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} ). [الموضح: 784]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (19- {لِلَّهِ الْحَقُّ} [آية/ 44] بالرفع:
قرأها أبو عمرو والكسائي.
والوجه أن الحق صفة للولاية، يعني أنها ولاية لا يشوبها غير الحق مما يُخاف في غيرها من الولايات، أو أنها خالصةٌ من الشركة.
وقرأ الباقون {الحَقِّ} بالجر.
والوجه أنه صفة لله على معنى ذي الحق، كما قالوا عدلٌ ورضًى أي ذو عدلٍ وذو رضًى). [الموضح: 784]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (20- {وَخَيْرٌ عُقْبًا} [آية/ 44] ساكنة القاف:
قرأها عاصم وحمزة.
والباقون {عُقُبًا} مضمومة القاف.
والوجه أن ما كان على فُعُل بضم العين جاز تخفيفه نحو: العنُق والعنْق والطنُب والطنْب فهما جائزان، فالمضموم أصلٌ، والمسكن مخفف عنه). [الموضح: 785]

روابط مهمة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس