عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29 ربيع الثاني 1435هـ/1-03-2014م, 05:53 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

مَعْنَى الرُّقْيَةِ

قالَ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ (ت: 370هـ): (يُقَالُ: رَقَى الرَّاقِي رُقْيَةً وَرَقْيًا، إذا عَوَّذَ ونَفَثَ فِي عُوذَتِهِ، وَصَاحِبُهَا رقَّاء، وَالمَرْقِيُّ يَسْتَرْقِي، وَهُمُ الرَّاقُونَ، وَقَالَ النَّابغَةُ: تَنَاذَرَها الرَّاقُونَ مِن سُوءِ سُمِّهَا). [تهذيب اللغة: رقى]
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (وبنحْوِ مَا قَالَ أَبو مَنْصُورٍ قَالَ جَمَاعَةٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ بلِسَانِ العَرَبِ، وَمَا اسْتَشْهَدَ بهِ هُو مِنْ أَبْيَاتٍ للنَّابغَةِ مِنْهَا:
فبتُّ كأني سَاوَرَتْنِي ضَئِيلةٌ.....من الرُّقْشِ في أنيابِهَا السُّمُّ ناقِعُ
يُسَهَّدُ من لَيلِ التّمامِ سَليمُها.....لحَلْيِ النسَاءِ في يَدَيْهِ قَعَاقِعُ
تَنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سُمِّهَا.....تُطلِّقُهُ طَورًا وطَورًا تُراجِعُ


وقالَ سَلَمَةُ بنُ الخُرْشُبِ الأَنْمَارِيُّ يَمْدَحُ فَرَسَهُ:
تُعَوَّذُ بالرُّقَى مِن غيرِ خَبْلٍ.....وتُعْقَدُ في قَلائدِهَا التَّمِيمُ
وقال عَلْقَمَةُ بنُ عَبْدَةَ التَّمِيميُّ:

وقد أغتَدي والطَّيرُ في وُكُناتِها.....وماءُ النَّدى يجري على كلِّ مِذنَبِ
بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأوابِدِ لاحَهُ.....طِرادُ الهَوادي كلَّ شأوٍ مُغرِّبِ
بغَوجٍ لَباناهُ يُتَمُّ بَريمُهُ.....على نَفْثِ راقٍ خَشيَةَ العينِ مُجلِبِ

قالَ الخَلِيلُ: (الغَوْجُ: الوَاسِعُ جِلْدِ الصَّدْر، والبَريمُ خَيْط يُعْقَدُ عَلَيْهِ عُوذَةٌ، ويُتَمُّ بَريمُهُ أَيْ يُطَالُ إِطَالَةً لِسَعَةِ صَدْرِه).
وَقَال أَبُو مَنصُورٍ الأَزْهَرِيُّ: (والمُجلِبُ: الَّذِي يَجْعَلُ العُوذَةَ فِي جِلْبٍ ثُمَّ يُخَاطُ عَلَى الفَرَسِ).
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: اختُلِفَ فِي تَفْسِيرِ المجْلِبِ فِي هَذَا البَيْتِ عَلَى أَقْوالٍ هَذَا أَحَدُهَا.

وَلِتَأْثِيرِ الرُّقْيَةِ عَلَى الرُّوحِ شَبَّهَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ كَلامَ بَعْضِ مَن يُحِبُّ بالرُّقْيَةِ كَمَا قَالَ سُويدُ بنُ كَاهِلٍ اليَشْكُرِيُّ:
فَدَعانِي حُبُّ سَلْمَى بَعْدَ ما.....ذَهَبَ الجِدَّةُ مِنِّي والرَّيَعْ
خَبَّلَتْني ثُمَّ لمَّا تشفِنِي.....فَفُؤَادِي كلَّ أَوْبٍ ما اجتَمَعْ
ودَعَتْنِي برُقَاهَا إِنَّهَا.....تُنزِلُ الأَعْصَمَ مِن رَأْسِ اليَفَعْ
تُسْمِعُ الحُدَّاثَ قولاً حَسَنًا.....لو أَرَادُوا غَيرَهُ لم يُسْتَمَعْ
الأَعْصَمُ هُو الثَّورُ الوَحْشِيُّ الَّذِي في يَدَيْهِ بَيَاضٌ، مَنَازِلُهُ فِي المرتَفَعَاتِ، سَرِيعُ الجَرْيِ شَدِيدُ الحَذَرِ، يَقُولُ: إِنَّ حَدِيثَها كَالرُّقْيَةِ للنَّفْسِ مِن حُسْنِه وَقُوَّةِ تَأْثِيرِهِ وَاسْتِمَالَتِهَا بهِ مَن تُحَدِّثُهُ فَلا يَمْلِكُ إِلا أَن يَمِيلَ إِلَيهَا، حَتَّى لَو أَنَّهَا حدَّثَتِ الثَّوْرَ الأَعْصَمَ المعروفَ بشدَّةِ حَذَرِهِ وَنُفُورِهِ مِنَ الإِنسِ لَنَزَلَ مِن أَعْلَى الجبَلِ؛ فَكَيْفَ لا أَسْتَجِيبُ لَهَا وَلا يَسْتَمِيلُنِي حَدِيثُهَا.

قالَ الخليلُ بنُ أَحْمَدَ: (الرَّاقُونَ إِذَا رَقَوا الحيَّةَ لِيَأْخُذُوهَا فَفَرَغَ أَحَدُهُم مِن رُقْيَتِهِ قَالَ لهَا: أُسْ فَتَخْضَعُ وتَلِينُ).
فالرُّقْيَةُ لهَا مَعْنًى مَعْهُودٌ في لِسَانِ العَرَبِ يُعْرَفُ مِمَّا أُثِرَ عَنْهُم، وَهُو نَوْعٌ مِن الكَلامِ مِنْهُ مَا لَهُ تَأْثِيرٌ عَلَى الأَرْوَاحِ وَالأَبْدَانِ يُسْتَعْمَلُ لأَغْرَاضٍ مَعْرُوفَةٍ كَالاستِشْفَاءِ وَدَفْعِ العَيْنِ وَمَسِّ الجِنِّ وَتَرْوِيضِ الحَيَوَانِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ نَفْثٌ وَقَدْ يَخْلُو مِنَ النَّفْثِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي عُقَدٍ وَتَمَائِم وَقَدْ يَكُونُ بغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَكْثَرُ الرُّقَى الَّتِي كَانَت تَسْتَعْمِلُهَا العَرَبُ فِيهَا شِرْكٌ وَاسْتِغَاثَةٌ بالشَّيَاطِينِ، وَبَعْضُهَا خُرَافَاتٌ وَأَوْهَامٌ، وَمِنْهَا مَا يَخْلُو مِنَ الشِّرْكِ وَعُرِفَ معناهُ، وَهُوَ مَا أُذِنَ فِيهِ).

رد مع اقتباس